الفصل الثالث
وليد شاب مفعم بالحيوية و التفاؤل ، غير أنه مازال يحتفظ بشئ من طفولته الناظرة
فهو يحب أن يشاهد بعضاً ( من أفلام الكرتون ) و يمتلك جهاز ( البلاي ستيشن ) .
يدرس الجامعة خارج المدينة ، وعندما يأتي في إجازة نهاية الأسبوع لا تكاد الأسرة تراه ،
بسبب كثرة خروجه مع أصدقاءه تارةً للبر و تارة للبحر وتارةً أخرى لمسبح أو مطعم ،
فهو الآن في عنفوان شبابه يعيش حياته بحرية مطلقة ، ولم يدر في خلده أبداً أمر الزواج .
و مع اقتراب إجازة نهاية الأسبوع أخذت أم فواز تعد العدة لمفاتحة وليد و إقناعه
بالزواج من منى( أرملة أخيه فواز )
بأي ثمن حتى لو أضطرها الأمر للبكاء و الاستجداء إلى أن يوافق .
في ظهيرة يوم الأربعاء من الأسبوع نفسه قدم وليد حاملاً حقيبته المليئة بملابسه
المتسخة و حقيبة حاسبه المحمول .
تركها على الأرض و أقترب من والدته ليقبل يدها و رأسها .
قالت أم وفواز بنبرة حزن :
هلا بولدي اللي بقي لي من الدنيا ، كل ما دخلت علي أتذكر فواز .
قال وليد :
الله يرحمه و يغفر له . اللي مثل فواز ما ينخاف عليه
قالت أم فواز :
اطلع بدل ملابسك على بال ما أقول للشغالة تجهز الغداء .
تناولوا الغداء ثم استأذن وليد لأخذ قيلولة .
قالت له أم فواز : نام وارتاح يا حبيبي لأني العصر أبي أفاتحك بموضوع .
مع بدء ميلان الشمس باتجاه الغروب ، أعدت أم فواز جلسة في فناء المنزل
بالقرب من النخلة التي زرعها فواز .
أحضرت القهوة و جنت بيديها حفنة رطبات من النخلة ذاتها .
أيقظت وليد ليحتسي معها القهوة و يبادلها أطراف الحديث .
قالت أم فواز :
اتصلت بي منى من لبنان يوم السبت اللي راح وتقول ولد خالتها
يبي يخطبها ، لا ، وتبي اللبناني يعيش عندنا في بيت فواز
ويربي البنات على كيفه .
قال وليد : معقول ! !
استرسلت أم فواز قائلة :
أنا لي أسبوع ما أنام أفكر في هذا الموضوع ، بنات فواز أمانة في رقبتنا،
ما أنسى لما وصاني عليهم و كأنه حس أنه ما رايح يخرج من غرفة العمليات ، عشان كذا قلت أستشيرك تتزوج منى تستر عليها و تربي بنات أخوك .
تفاجأ وليد من هذا الطلب فهو لا يفكر بالزواج الآن . ويتزوج من ؟
منى زوجة أخيه التي كانت تشرح له دروسه وتكتب له الواجب !
وليد يتذكر منى جيداً . يتذكر جمالها الفتان ورائحتها العطرة وملابسها المنتقاة بعناية
عندما تزوج فواز من منى كان عمر وليد ثلاثة عشر عاماً .
كان يلاحظ غمزات فواز لها وضحكاتهم المتعالية .
كيف ستصبح عروسه الآن ؟ ؟ ؟