..وكان خطأ في الحساب ...
هدئ خفقان قلب خالد وأخذ يقبل رأس تفاحة ويمسح الدموع عن خديها ويحضنها ويردد وهل تعتقدين أنني أكره حملك .... والله أني أحب بناتي لأنهن قطعة منك قبل أن تكون مني ...
وأعتذر منك على ما سببته لك من ضيق فو الله أني لم أقصد أن أُضيّق عليك وأنا راضي بما كتبه الله لي ...؟؟
أرجهن قلب تفاحة بعد ذلك ولكنها هذه المرة كانت متاعب الحمل أكثر ، زادتها إعياء وتعب ، ومرت أيامها متعبة ، ومواعيدها مرهقة وتم إقرار موعد الإشاعة لحملها ، وصحبها خالد إلى المستشفى لشوقه الشديد لمعرفة ما تحمله في بطنها ...
وكانت المفاجأة تفاحة حامل بتوأم ... ولم تستطع المسئولة عن الأشعة معرفة جنس التوائم ...للتصاقهم الشديد ببعضهما ..؟؟؟
لكن خالد لم يقنعه ذلك وطلب طبيبة أخرى لتفحص الحمل والتعرف على جنس الجنينين ...ولكنها فشلت الطبيبة الأخرى في ذلك أيضا ...؟؟!
كم أرهقها ذلك نفسيا وأشعرها بالتكدير ... لا حيلة لها بالمقادير، أخذ الأمر من صحتها الكثير ... وأوكلت أمرها لله العليم ....فلم يبقى من فترة حملها إلا القليل ... وإلى الله الأمر يصير وكانت تردد اللهم اجعله تياسير .وكل من رآها عرف إنها تعاني و لم تكن تشتكي كانت تتحمل هذا الألم والثقل بصبر عجيب ، قرر الأطباء أن لا ينتظروا ساعة المخاض ، خوفا على صحتها وعدم قدرتها على احتمال ألم المخاض بسبب جسمها المنهك المتعب ، وإقرار عملية قيصرية لها ... بمجرد دخولها الشهر التاسع ..
قرب الموعد وبدأ قلب تفاحة يخفق على أزاهيرها ، وكانت الدموع تترقرق في عينيها على الدوام كلما نظرت إليهن ... وصدى دعائها يتردد بين الضلوع .. ربي لا تغيب شمسي وبلغني بهن .. آمين ...
جاء الموعد المحدد لدخول المستشفى ، كان يوم حافل بالمشاعر حنان على فلا ذات كبدها ،خوف من القادم ..
كانتمن الضعف بحيث أن لا بد أحد من مساعدتها أثناء الحركة والمشي ، حمل زوجها خالد الحقيبة بيد ، وأمسكها باليد الأخرى مساعد ا أيها للإتكأ عليه وضبط توازنها ... وصلت المستشفى واستقبلتها الممرضات وبدأت الإجراءات التي تسبق العملية ، وتوقيع خالد على الأوراق الرسمية ..
كانت نائمة على سرير العمليات وعلامات الإعياء ترسم خطوط على وجهها الملائكي ،عيون منهكة ،ترسل بسمة ذابلة لزوجها خالد، الذي كان ممسكا بيدها طوال فترة الانتظار يقرأ عليها آيات من القرآن يمازحها ويلاطفها ليشعرها بالأمان ..وهو من يحتاج إليه .. لم يرى خالد زوجته وحبيبته تفاحة بمثل هذا الضعف كان قلبه يخفق خوفا عليها وكان يكتم هذه المشاعر حتى لا يزيد خوفها متظاهرا بالقوة .. كان لسانه يلهج لها بالدعاء .. لا يدري ما الشعور الذي سيطر على خافقة ولكن يشعر بالخوف على تفاحة ..
أدخلت تفاحة غرفة العمليات وعند الباب قبل خالد جبينها ومسح على رأسها وعيونه تترقرق بالدموع .. غابت تفاحة عن ناظريه ، وبقي خارج الغرفة ينتظر وينتظر ..مرت الدقائق طوال ..والساعات أعوام ... استغرقت العملية وقتا طويلا ,, وكان ضعف جسدها يسبب إرباكا للأطباء ، تم استخراج الجنينين من أحشائها أنهم ذكور وبكامل صحتهم ما شاء الله ...
في اللحظات الأخيرة للعملية أصيبت بنزيف حاد كان الوضع حرج
وبدأت حركة غير طبيعة داخل غرفة العمليات للسيطرة على الوضع تمكن الأطباء من وقف النزيف ولكن لا زلت تفاحة تحت الخطر ... خرج أحد الأطباء مبشرا خالد أنها أنجبت طفلين جميلين كالبدر يوم تمامه .. ولكنها لا زالت ضعيفة .. وستنقل لغرفة العناية حتى تتحسن صحتها وتستعيد قواها... نقلت تفاحة إلى غرفة العناية المشددة ..ودخل خالد عليها وكان الكون لا يسع فرحته ..
قبل منها الجبين وهو يردد: .. ولدين يا تفاحة ربي أكرمني بولدين .. كانت تفاحة ترسم ابتسامة باهته كأشعة شمس غاربة..
وكانت تردد: أمانتك الأزاهير .. أمانتك الأزاهير ... كانت دقات قلبها تتسارع بغيرانتظام..وبدأت الأجهزة تعطي أصوات إنذار ..انتكاسة في حالة تفاحة ..ومعاودة النزيف لها مرة أخرى ولكنه هذه المرة أكثر شدة ..تجمع الأطباء وأخرجوا خالد من الغرفة .. وبدأت قوى تفاحة تخور والخافق يتسارع بين الضلوع خرجت عن السيطرة الأمور ..وبدأ يغيب عن ناظريها النور ، وبدأت روحها تنسل كما ينسل السيف من نصله بهدوء ... الغرفة تعمر بالضجيج ...ومحاولة إنعاش قلبها الضعيف ...لم تفلح المحاولات ، توقف ال ن ب ض ، الروح تميل للغمض وبدت تفاحة كأنها شجرة تقتلع من أرض ..أنه الأجل انقضى ..وانتقلت تفاحة إلى رحمة الرب ، بهدوء ...
وكان آخر ما سمعه الأطباء منها أشهد أن لا إله إلا اله محمد رسول الله .. ساد الغرفة هدوء قاتل ..لم يستطع جسمها الضعيف أن يقاوم ، الكل وقف واجم .. والدموع تترقق في المقل لا حول ولا قوة إلا بالله ..ليس هناك شيء دائم..
ماتت تفاحة ...وتركت بين الضلوع نار لها زفير يذكرنا بها أريج الأزاهير ..
تركت لنا أزاهير التفاح عبير...