logo



أدوات الموضوع
قديم 21-11-2013, 10:40 PM
  المشاركه #13
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



14 وروى أبو الحسن بن البراء في كتاب الروضة عن عبد الله بن محمد بن منصور حدثني إبراهيم الحفار قال حفرت قبرا فبدت لبنة فشممت رائحة المسك حين إنفتحت اللبنة فإذا بشيخ جالس في قبره يقرأ القرآن
15 وقال إبن رجب وحدثني المحدث أبو الحجاج يوسف بن محمد السرمري حدثنا شيخنا أبو الحسن علي بن الحسين السامري خطيب سامراء وكان رجلا صالحا وأراني موضعا من قبور سامراء فقال هذا الموضع لا نزال تسمع منه سورة { تبارك الذي بيده الملك }
16 وروى الحافظ أبو بكر الخطيب بسنده عن عيسى بن محمد الطوماري قال رأيت أبا بكر بن مجاهد المقرىء في النوم كأنه يقرأ وكأني أقول له أنت ميت وتقرأ فكأنه يقول لي كنت أدعو الله في دبر كل صلاة وعند ختم القرآن أن يجعلني ممن يقرأ في قبره فأنا أقرأ في قبري
17 وأخرج الخلال في كتاب السنة من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان وفيه ضعف عن أبيه عن عكرمة قال قال إبن عباس المؤمن يعطى مصحفا في قبره يقرأ فيه وأخرجه إبن البراء في الروضة من طريق حفص بن عمر العدني وفيه ضعف أيضا عن الحكم بن أبان
18 ورؤي الحافظ أبو العلاء الهمداني في النوم بعد موته وهو في مدينة جدرانها وحيطانها كلها كتب فسئل عن ذلك فقال سألت الله تعالى أن يشغلني بالعلم كما كنت أشتغل به فأنا أشتغل بالعلم في قبري إنتهى ما أورده

19 وأخرج إبن منده وأبو أحمد والحاكم في الكنى بسند ضعيف عن طلحة بن عبيد الله قال أردت مالي بالغابة فأدركني الليل فأويت إلى قبر عبد الله بن عمرو بن حرام فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال ذلك عبد الله ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت ثم علقها وسط الجنة فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم فلا تزال كذلك حتى إذا طلع الفجر ردت أرواحهم إلى مكانها الذي كانت فيه
20 وأخرج النسائي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نمت فرأيتني في الجنة ولفظ النسائي دخلت الجنة فسمعت صوت قارىء يقرأ فقلت من هذا قالوا حارثة بن النعمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذك البر كذاك البر كذاك البر وكان أبر الناس بأمه
21 وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أراني في الجنة فبينا أنا فيها سمعت صوت رجل يقرأ بالقرآن فقلت من هذا قالوا حارثة بن النعمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كذاك البر كذاك البر
22 وأخرج إبن أبي الدنيا عن يزيد الرقاشي قال بلغني أن المؤمن إذا مات وقد بي عليه شيء من القرآن لم يتعلمه بعث الله إليه ملائكة يحفظونه ما بقي عليه منه حتى يبعثه الله من قبره
23 وأخرج عن الحسن قال بلغني أن المؤمن إذا مات ولم يحفظ القرآن أمر حفظته أن يعلموه القرآن في قبره حتى يبعثه الله يوم القيامة مع أهله
24 وأخرج إبن أبي الدنيا وإبن منده عن عطية العوفي قال بلغني أن العبد إذا لقي الله تعالى ولم يتعلم كتابه علمه الله تعالى في قبره حتى يثيبه الله عليه

25 وفي الفردوس للديلمي ولم يسنده ولده من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا مثله
ثم وقفت عليه مسندا في الجزء الأول من فوائد أبي الحسن بن بشران فأخرجه من طريق عطية العوفي عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن ثم مات قبل أن يستظهره أتاه ملك يعلمه في قبره ويلقى الله وقد إستظهره
وأخرجه أيضا أبو القاسم الأزهري في كتاب فضائل القرآن والسلفي في إنتخابه لحديث القراء
26 وأخرج إبن منده عن عكرمة قال يعطى المؤمن مصحفا في قبره يقرأ فيه
27 وأخرج إبن منده عن عاصم السقطي قال حفرنا قبرا ببلخ فنفذ في قبر فنظرت فإذا شيخ في القبر متوجه إلى القبلة وعليه إزار أخضر واخضر ما حوله وفي حجره مصحف وهو يقرأ
28 وأخرج إبن منده عن أبي النضر النيسابوري الحفار وكان صالحا ورعا قال حفرت قبرا فانفتح في القبر قبر آخر فنظرت فيه فإذا أنا بشاب حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح جالسا متربعا في حجره كتاب مكتوب بخضرة أحسن ما رأيت من الخطوط وهو يقرأ القرآن فنظر الشاب إلي فقال أقامت القيامة قلت لا فقال أعد المدرة إلى موضعها فأعدتها إلى موضعها
29 وفي تاريخ إبن النجار في كتاب تاريخ بغداد قال قرأ كتاب بخط بعض الأصبهانيين من طلاب العلم لا أعرف إسمه قال سمعت خطلع مولى الراشد بالله قال قلت لمصعب بن عبد الله الحفار هل رأيت في الحفر شيئا قال لا ولكن سمعت أبي يقول حفرت قبرا فلما وصلت إلى اللحد وأخذت اللبن رأيت تحته رجلا قاعدا وفي يديه مصحف يقرأ فيه فقال لي هل قامت القيامة فقلت لا ثم غطيت عليه

30 وأخرج أبو نعيم عن مجاهد في قوله تعالى { فلأنفسهم يمهدون } قال في القبر
31 وأخرج إبن أبي الدنيا في القبور عن بشر بن الحارث قال نعم المنزل القبر لمن أطاع الله
32 وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده والوائلي في الإبانة والعقيلي عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتباهون ويتزاورون في قبورهم
33 وفي صحيح مسلم من حديثه إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه
34 قال العلماء المراد بتحسينه بياضه ونظافته وسبوغه وكثافته لا كونه ثمينا لحديث النهي عن المغالاة فيه
35 وأخرج إبن أبي شيبة في المصنف عن إبن سيرين قال كان يحب حسن الكفن ويقال إنهم يتزاورون في أكفانهم
36 وأخرج إبن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتزاورون في قبورهم
37 وأخرج العقيلي والخطيب في التاريخ عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه فإنهم يتزاورون في أكفانهم
38 وأخرج الترمذي وإبن ماجه ومحمد بن يحيى الهمداني في صحيحه وإبن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه فإنهم يتزاورون في قبورهم
39 قال البيهقي بعد تخريجه وهذا لا يخالف قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الكفن إنما هو للمهملة يعني الصديد لأن ذلك كذاك في

رؤيتنا ويكون كما شاء الله في علم الله كما قال في الشهداء { أحياء عند ربهم يرزقون } وهم كما نراهم يتشحطون في الدماء ثم يتفتتون وإنما يكونون كذلك في رؤيتنا ويكونون في الغيب كما أخبر الله عنهم ولو كانوا في رؤيتنا كما أخبر الله عنهم لارتفع الإيمان بالغيب
40 وأخرج إبن أبي الدنيا في كتاب المنامات حدثنا القاسم بن هشام قال حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي حدثنا محمد بن سليمان بن أبي ضمرة القاص حدثني راشد بن سعد أن رجلا توفيت إمرأته فرأى نساء في المنام ولم ير إمرأته معهن فسألهن عنها فقلن إنكم قصرتم في كفنها فهي تستحي أن تخرج معنا فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره قال النبي صلى الله عليه وسلم أنظر هل إلى ثقة من سبيل فأتى رجلا من الأنصار قد حضرته الوفاة فأخبره فقال الأنصاري إن كان أحد يبلغ الموتى بلغت فتوفي الأنصاري فجاءه بثوبين مصبوغين بالزعفران فجعلهما في كفن الأنصاري فلما كان الليل رأى النسوة ومعهن إمرأته وعليها الثوبان الأصفران وهذا مرسل لا بأس بإسناده فإن إبن أبي ضمرة مقبول وراشد بن سعد ثقة كثير الإرسال
41 وأخرج إبن الجوزي في كتاب عيون الحكايات بسنده عن محمد بن يوسف الفريابي قال كانت إمرأته بقية فتوفيت فرأته إبنة لها في المنام فقالت لها يا بنية كفنتموني بكفن ضيق وأنا بين صواحباتي أستحي منهن وفلانة تأتينا يوم كذا وكذا ولي في موضع كذا أربعة دنانير فاشتروا بها كفنا وابعثوا به معها قالت البنت ولم أعلم أن لها في الموضع الذي ذكرت دنانير قالت فنظرت فإذا الدنانير كما ذكرت ولم يكن بالمرأة التي ذكرت بأس فلما كانت بعد اعتلت قال الفريابي فجاؤوني فقالوا يا أبا عبد الله ما تقول وقصوا علي القصة وذكرت الحديث الذي ورد أنهم يتزاورون في أكفانهم فقلت إشتروا لها كفنا وذهبت البنت إلى المرأة فقالت إن حدث بك حادث الموت فإني أبعث إلى أمي بشيء تبلغيه فماتت في ذلك اليوم الذي ذكرت ووضعوا الكفن معها في كفنها فرأت البنت أمها في المنام فقالت يا بنية قد أتتنا فلانة ووصل إلي الكفن ما أحسنه جزاك الله خيرا


42 وأخرج السلفي في المشيخة البغدادية عن محمد بن سيرين قال كانوا يستحبون أن يكون الكفن ملفوفا مزرورا وقال إنهم يتزاورون في قبورهم
43 وأخرج إبن أبي شيبة عن عمير بن الأسود السكوني أن معاذ بن جبل أوصى لإمرأته وخرج فماتت فكفناها في ثياب لها خلقان فقدم وقد رفعنا أيدينا عن قبرها ساعتئذ فقال في كم كفنتموها قلنا في ثيابها الخلقان فنبشها وكفنها في ثياب جدد وقال أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يحشرون فيها
44 وأخرج إبن أبي الدنيا عن الشعبي قال إن الميت إذا وضع لحده أتاه أهله وولده فيسألهم عمن خلف بعده كيف فعل فلان وما فعل فلان
45 وأخرج عن مجاهد قال إن الرجل ليبشر بصلاح ولده في قبره
46 وقال السدي في قوله تعالى { ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم } الآية يؤتى الشهيد بكتاب فيه ذكر من يقدم عليه من إخوانه يبشر به فيستبشر به كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا
47 وأخرج إبن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي هريرة قال يقال للمؤمن في قبره ارقد رقدة المتقين
48 وأخرج إبن عساكر عن سعيد بن جبير قال مات إبن عباس رضي الله عنه بالطائف فشهدت جنازته فجاء طائر أبيض لم ير على خلقته فدخل في نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لم يدر من تلاها { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك } الآية
49 وأخرج نحوه عن عكرمة وأبي الزبير ولفظه جاء طائر من السماء أبيض فدخل في أكفانه فما رؤي بعد فكانوا يرون أنه عمله
وأخرج مجاهد وعبد الله بن يامين وبحر بن عبيد ولفظه طائر أبيض عظيم من قبل وج وعن غيلان بن عمر وميمون بن مهران ولفظه فالتمس فلم يوجد فلما سوي

عليه سمعنا صوتا نسمع صوته ولا نرى شخصه { يا أيتها النفس } إلى آخر الآية
50 وأخرج إبن عساكر أيضا من طريق ميمون بن مهران عن إبن عباس رضي الله عنه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم رأيتك تناجي دحية الكلبي فكرهت أن أقطع مناجاتكما قال وقد رأيته قلت نعم قال هو جبريل أما إنه سيذهب بصرك ويرده الله عليك في موتك قال فلما قبض إبن عباس ووضع على سريره جاء طائر شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه فقال عكرمة ما تصنعون هذا بشرى النبي صلى الله عليه وسلم فلما وضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر { يا أيتها النفس المطمئنة } إلى قوله { جنتي }
51 وأخرج نحوه من طريق المهدي أمير المؤمنين حدثني أبي عن أبيه عن جده عن إبن عباس رضي الله عنه وفي آخره كنا نتحدث أنه رد على عبد الله بن عباس بصره حين مات
52 وأخرج سعيد بن منصور وإبن أبي شيبة وإبن أبي الدنيا والحاكم عن حذيفة بن اليمان أنه قال عند موته إبتاعوا لي ثوبين ولا عليكم أن لا تغالوا فإن يصب صاحبكم خيرا يكسى خيرا منهما وإلا سلبهما سلبا سريعا
53 وأخرج إبن سعد والبيهقي من طرق عنه أنه قال عند موته إشتروا لي ثوبين أبيضين فإنهما لن يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما أو شرا منهما
54 وأخرج إبن أبي الدنيا عن يحيى بن راشد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في وصيته إقتصدوا في كفني فإنه إن كان لي عند الله خير بدلني ما هو خير منه وإن كنت على غير ذلك سلبني وأسرع سلبي واقتصدوا في حفرتي فإنه إن كان لي عند الله خير وسع في قبري مد بصري وإن كنت على غير ذلك ضيقها علي حتى تختلف أضلاعي


55 وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبادة بن نسي قال لما حضرت أبا بكر رضي الله عنه الوفاة قال لعائشة رضي الله عنها إغسلي ثوبي هذين وكفنيني بهما فإنما أبوك أحد رجلين إما مكسوا أحسن الكسوة وإما مسلوبا أسوأ السلب
56 وأخرج سعيد بن منصور عن عديسة بنت أهبان الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أوصاني أبي أن لا نكفنه في قميص قالت لما أصبحنا من الغد من يوم دفناه إذا نحن بالقميص الذي كفناه فيه على المشجب
57 وأخرج أبو بكر البرقي في معرفة الصحابة عن أبي عمرو البسملي عن إبنة أهبان قالت لما ثقل أهبان أمر أهله أن يكفنوه ولا يلبسوه قميصا قالت فألبسناه فأصبحنا والقميص على المشجب
58 وأخرج الطبراني عن عديسة بنت أهبان قالت حين حضرت أبي الوفاة قال لا تكفنوني في ثوب مخيط فحيث قبض وغسل أرسلوا إلي أن أرسلوا بالكفن فأرسلت إليهم بالكفن قالوا قميص قلت إن أبي قد نهاني أن أكفنه في قميص مخيط قالت فأرسلت إلى القصار ولأبي قميص في القصار فأتي به فألبس وذهب به فأغلقت بابي وتبعته ورجعت والقميص في البيت فأرسلت إلى الذين غسلوا أبي فقلت كفنتموه في قميص قالوا نعم قلت هو هذا قالوا نعم
59 وأخرج إبن النجار في تاريخه عن خلق البرقاني أن رجلا مات فأخرج له كفن من بيت الأكفان قال ففضل عن مقداره فقطعت ما فضل فلما كان الليل أتاني آت فقال لي بخلت علي ولي الله بطول الكفن قد رددنا عليك كفنك بكفنين من الجنة فقمت فزعا إلى بيت الأكفان فإذا الكفن فيه مطروح
60 وأخرج أبو نعيم عن مسلم الجندي قال قال طاووس لإبنه إذا قبرتني فانظر في قبري فإن لم تجدني فاحمد الله وإن وجدتني فإنا لله وإنا إليه راجعون فأخبر ولده أنه نظر فلم يجد شيئا ورؤي في وجهه السرور
61 وأخرج إبن أبي الدنيا في القبور وأبو بكر بن المقري في فوائده عن

حماد بن زيد قال حدثني رجل من الطفاوة قد سماه قال دفنا ميتا ولفظ إبن المقري فذهبت لأعالج شيئا من قبره فلم أره في قبره
62 وأخرج البيهقي في الدلائل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال جهز عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشا واستعمل عليهم العلاء بن الحضرمي وكنت في غزاته فلما رجعنا مات في الطريق فدفناه فأتى رجل بعد فراغنا من دفنه فقال من هذا فقلنا هذا من خير البشر هذا إبن الحضرمي فقال إن هذه الأرض تلفظ الموتى فلو نقلتموه إلى ميل أو ميلين إلى أرض تقبل الموتى فنبشناه فلما وصلنا إلى اللحد إذا صاحبنا ليس فيه وإذا اللحد مد البصر نور يتلألأ فأعدنا التراب إلى القبر ثم إرتحلنا ووردت هذه القصة أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه أخرجها أبو نعيم في الدلائل ولفظه فمات فدفناه في الرمل ثم قلنا يجيء سبع فيأكله فحفرنا فلم نره
وفي الجزء الأول من فوائد أبي الحسن بن بشران بسنده عن عبد العزيز بن أبي رواد قال كانت إمرأة بمكة تسبح كل يوم إثني عشر ألف تسبيحة فماتت فلما بلغ بها القبر أخذت من أيدي الرجال
63 وأخرج أبو نعيم عن رجل من أهل جرجان قال لما مات كرز بن وبرة الجرجاني رأى رجل فيما يرى النائم كأن أهل القبور جلوس على قبورهم وعليهم ثياب جدد فقيل لهم ما هذا فقيل أهل القبور كسوا ثيابا جددا لقدوم كرز عليهم
64 وأخرج إبن إبي الدنيا في كتاب الرقة والبكاء عن مسكين بن بكير أن ورادا العجلي لما مات فحمل إلى حفرته نزلوا ليدلوه في حفرته فإذا اللحد مفروش بالريحان فأخذ بعضهم من ذلك الريحان فمكث سبعين يوما طريا لا يتغير يغدو الناس ويروحون ينظرون إليه فأكثر الناس في ذلك فأخذه الأمير وفرق الناس خشية الفتنة ففقده الأمير من منزله لا يدري كيف ذهب
65 وأخرج الحافظ أبو بكر الخطيب عن محمد بن مخلد الدوري الحافظ قال ماتت أمي فنزلت ألحدها فانفرجت لي فرجة عن قبر بلزقها فإذا رجل عليه أكفان جدد وعلى صدره طاقة ياسمين طرية فأخذتها فشممتها فإذا هي أزكى من المسك وشمها جماعة كانوا معي ثم رددتها إلى موضعها وسددت الفرجة


66 وذكر الحافظ أبو الفرج بن الجوزي من طريق جعفر السراج عن بعض شيوخه قال كشف قبر بقرب الإمام أحمد وإذاعلى صدر الميت ريحانة تهتز
67 وذكر في تاريخه أن في سنة ست وسبعين ومائة إنفرج تل بالبصرة عن سبعة أقبر في مثل الحوض وفيها سبعة أنفس أبدانهم صحيحة وأكفانهم يفوح منها رائحة المسك أحدهم شاب له جمة وعلى شفتيه بلل كأنه شرب ماء وكأن عينيه مكتحلتان وبه ضربة في خاصرته فأراد بعض من حضر أن يأخذ من شعره شيئا فإذا هو قوي كشعر الحي
68 وأخرج إبن سعد في الطبقات عن أبي سعيد الخدري قال كنت ممن حفر لسعد بن معاذ قبره بالبقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا من قبره ترابا حتى إنتهينا إلى اللحد
69 وأخرج إبن سعد عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك
70 وأخرج إبن أبي الدنيا عن المغيرة بن حبيب أن رجلا رؤي في منامه فقيل له ما هذه روائح المسك التي توجد في قبرك قال تلك روائح التلاوة والظمأ
71 وأخرج الإمام أحمد بن جابر بن عبد الله قال قدم أعرابي ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فقال أعرض علي الإسلام الحديث وفيه فبينا نحن كذلك إذ وقع عن بعيره على هامته فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الذي تعب قليلا ونعم طويلا أحسب أنه مات جائعا إني رأيت زوجتيه من الحور العين وهما يدسان في فيه من ثمار الجنة
72 وأخرج الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت جعفرا يطير في الجنة مع الملائكة
73 وأخرج الحاكم عن إبن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها فإذا جعفر يطير مع الملائكة وإذا حمزة متكىء على سرير وذكر ناسا من أصحابه

74 وأخرج إبن أبي الدنيا عن إبن عمر رضي الله عنهما أنه نزل إلى جانب قبور قد درست فإذا جمجمة بادية فأمر رجلا فواراها ثم قال إن هذه الأبدان ليس يضرها هذا الثرى شيئا وإنما الأرواح التي تعاقب وتثاب إلى يوم القيامة
75 وأخرج إبن أبي شيبة وإبن أبي الدنيا في كتاب العزاء عن صفية بنت شيبة قالت كنت عند أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما حين صلب الحجاج إبنها عبد الله بن الزبير فأتاها إبن عمر يعزيها فيه فقال يا هذه إتقي الله واصبري فإن هذه الجثة ليست بشيء وإنما الأرواح عند الله قالت وما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا عليه السلام إلى بغي من بغايا بني إسرائيل
76 وأخرج إبن سعد عن خالد بن معدان قال لما انهزمت الروم يوم أجنادين إنتهوا إلى موضع لا يعبره إلا إنسان إنسان فجعلت الروم تقاتل عليه فتقدم هشام بن العاص فقاتلهم حتى قتل ووقع على تلك الثلمة فسدها فلما إنتهى المسلمون إليها هابوا أن يوطئوها الخيل فقال عمرو بن العاص إن الله قد إستشهده ورفع روحه وإنما هو جثة فأوطئوها الخيل ثم أوطأ هو وتبعه الناس حتى قطعوه
77 قال إبن رجب هذه الآثار لا تدل على أن الأرواح لا تتصل بالأبدان بعد الموت إنما تدل على أن الأجساد لا تتضرر بما ينالها من عذاب الناس لها ومن أكل التراب لها فإن عذاب القبر ليس من جنس عذاب الدنيا وإنما هو نوع آخر يصل إلى الميت بمشيئة الله وقدرته 37 باب فضل الشهيد
1 أخرج إبن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أضلتا فصيليهما في براح من الأرض وفي يد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها

الظئر المرضع
2 وأخرج الطبراني والبزار والبيهقي في الشعب عن يزيد بن شجرة رضي الله عنه قال أول قطرة من دم الشهيد تكفر عنه كل شيء عمله وتنزل إليه زوجتان من الحور العين تمسحان التراب عن وجهه ثم يكسى مائة حلة ليست من نسج بني آدم ولكن من نبت الجنة لو وضعت بين أصبعين لوسعن
3 وأخرج الحاكم وصححه عن أنس أن رجلا أسود أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أنا قاتلت حتى أقتل فأين أنا قال في الجنة فقاتل حتى قتل فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد بيض الله وجهك وطيب ريحك وقال لهذا أو لغيره لقد رأيت زوجته من الحور العين نازعته جبة له من صوف تدخل بينه وبين جبته
4 وأخرج البيهقي بسند حسن عن إبن عمر رضي الله عنهما أن أعرابيا إستشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم فقعد النبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه مسرورا يضحك ثم أعرض عنه فسئل عن ذلك فقال أما سروري فلما رأيت من كرامة روحه على الله وإما إعراضي عنه فإن زوجته من الحور العين الآن عند رأسه
5 وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر محمد بن أحمد بن حمدويه التميمي قال سمعت قاسم بن عثمان بن الجوعي قال رأيت في الطواف حول البيت رجلا فتقدمت منه فإذا هو لا يزيد على قوله اللهم قضيت حاجة المحتاجين وحاجتي لم تقض فقلت له ما لك لا تزيد على هذا الكلام فقال أحدثك كنا سبعة رفقاء من بلدان شتى غزونا أرض العدو فاستأسرونا كلنا فاعتزل بنا لتضرب أعناقنا فنظرت إلى السماء فإذا سبعة أبواب مفتحة عليها سبع جوار من الحور العين على كل باب جارية فتقدم رجل منا فضربت عنقه فرأيت جارية في يدها منديل قد هبطت إلى الأرض حتى ضربت أعناق ستة وبقيت أنا وبقي باب وجارية فلما قدمت لتضرب عنقي إستوهبني بعض رجاله فوهبني له فسمعتها تقول أي شيء فاتك يا محرون وأغلقت الباب وأنا يا أخي متحسر على ما فاتني قال قاسم بن عثمان أراه أفضلهم لأنه رأى ما لم يروا وترك يعمل على الشوق

38 باب زيارة القبور وعلم الموتى بزوارهم ورؤيتهم لهم
1 أخرج إبن أبي الدنيا في كتاب القبور عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا إستأنس ورد عليه حتى يقوم
2 وأخرج أيضا والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال إذا مر الرجل بقبر يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام وعرفه وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام
3 وأخرج إبن عبد البر في الإستذكار والتمهيد عن إبن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام صححه عبد الحق
4 وأخرج إبن أبي الدنيا في القبور والصابوني في المائتين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يمر على قبر رجل يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام
5 وأخرج العقيلي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال أبو رزين يا رسول الله إن طريقي على الموتى فهل من كلام أتكلم به إذا مررت عليهم قال قل السلام عليكم يا أهل القبور من المسلمين والمؤمنين أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع وإنا إن شاء الله بكم لاحقون قال أبو رزين يا رسول الله يسمعون قال يسمعون ولكن لا يستطيون أن يجيبوا قال يا أبا رزين ألا ترضى أن يرد عليك بعددهم من الملائكة
قوله لا يستطيعون أن يجيبوا أي جوابا يسمعه الجن والإنس فهم يردون حيث لا يسمع
6 وأخرج أحمد والحاكم عن عائشة قالت كنت أدخل البيت فأضع ثوبي وأقول إنما هو أبي وزوجي فلما دفن عمر معهما ما دخلته إلا وأنا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر رضي الله
7 وأخرج الطبراني في الأوسط عن إبن عمر قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على

قبر مصعب بن عمير حين رجع من أحد فوقف عليه وعلى أصحابه فقال أشهد أنكم أحياء عند الله فزوروهم وسلموا عليهم فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة
8 وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف على قبر مصعب بن عمير حين رجع من أحد فوقف عليه وعلى أصحابه فقال أشهد أنكم أحياء عند الله فزوروهم وسلموا عليهم فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة
وفي الأربعين الطائية روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال آنس ما يكون الميت في قبره إذا زاره من كان يحبه في دار الدنيا
9 وأخرج إبن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن محمد بن واسع قال بلغني أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده
10 وأخرجا أيضا عن الضحاك قال من زار قبرا يوم السبت قبل طلوع الشمس علم الميت بزيارته قيل له وكيف ذلك قال لمكان يوم الجمعة تنبيه
11 قال السبكي عود الروح إلى الجسد في القبر ثابت في الصحيح لسائر الموتى فضلا عن الشهداء وإنما النظر في إستمرارها في البدن وفي أن البدن يصير حيا بها كحالته في الدنيا أو حيا بدونها وهي حيث شاء الله فإن ملازمة الحياة للروح أمر عقلي فهذا أي أن البدن يصير بها حيا كحالته في الدنيا مما يجوزه العقل فإن صح به سمع اتبع وقد ذكره جماعة من العلماء وتشهد له صلاة موسى عليه السلام في قبره فإن الصلاة تستدعي جسدا حيا وكذلك الصفات المذكورة في الأنبياء ليلة الإسراء كلها صفات الأجسام ولا يلزم من كونها حياه حقيقة أن تكون الأبدان معها كما كانت في الدنيا من الإحتياج إلى الطعام والشراب وغير ذلك من صفات الأجسام التي نشاهدها بل يكون لها حكم آخر وأما الإدراكات كالعلم والسماع فلا شك أن ذلك ثابت لهم ولسائر الموتى
12 وقال غيره أختلف في حياة الشهداء هل هي للروح فقط أو للجسد معها بمعنى عدم البلى له على قولين وقال البيهقي في كتاب الإعتقاد إن

الأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء
13 وقال إبن القيم في مسألة تزاور الأرواح وتلاقيها الأرواح قسمان منعمة ومعذبة فأما المعذبة فهي في شغل عن التزاور والتلاقي وأما المنعمة المرسلة غير المحبوسة فتتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها وروح نبينا صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى قال الله تعالى { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا } وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي دار البرزخ وفي دار الجزاء والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاثة إنتهى
14 وقاله شيدله في كتاب البرهان في علوم القرآن فإن قيل قوله تعالى { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء } فكيف يكونون أمواتا أحياء قلنا يجوز أن يحييهم الله في قبورهم وأرواحهم تكون في جزء من أبدانهم يحس جميع بدنه بالنعيم واللذة لأجل ذلك الجزء كما يحس جميع بدن الحي في الدنيا ببرودة أو حرارة تكون في جزء من أجزاء بدنه
15 وقيل إن المراد أن أجسامهم لا تبلى في قبورهم ولا تنقطع أوصالهم فهم كالأحياء في قبورهم
16 وقال أبو حيان في تفسيره عند هذه الآية إختلف الناس في هذه الحياة فقال قوم معناها بقاء أرواحهم دون أجسادهم لأنا نشاهد فسادها وفناءها وذهب آخرون إلى أن الشهيد حي الجسد والروح ولا يقدح في ذلك عدم شعورنا به فنحن نراهم على ضفة الأموات وهم أحياء كما قال الله تعالى { وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب } وكما يرى النائم على هيئة وهو يرى في منامه ما يتنعم به أو يتألم قلت ولذلك قال تعالى { بل أحياء ولكن لا تشعرون } فنبه بقوله ذلك خطابا للمؤمنين على أنهم لا يدركون هذه الحياة بالمشاهدة والحس وبهذا يتميز الشهيد عن غيره ولو كان المراد حياة الروح فقط

لم يحصل له تميز عن غيره لمشاركة سائر الأموات له في ذلك ولعلم المؤمنين بأسرهم حياة كل الأرواح فلم يكن لقوله { ولكن لا تشعرون } معنى وقد يكشف الله لبعض أوليائه فيشاهد ذلك
17 نقل السهيلي في دلائل النبوة عن بعض الصحابة أنه حفر في مكان فانفتحت طاقة فإذا شخص على سرير وبين يديه مصحف يقرأ فيه وأمامه روضة خضراء وذلك بأحد وعلم أنه من الشهداء لأنه رأى في صفحة وجهه جرحا وأورد ذلك أيضا أبو حيان
18 ويشبه هذا ما حكاه اليافعي في روض الرياحين عن بعض الصالحين قال حفرت قبرا لرجل من العباد وألحدته فبينا أنا أسوي اللحد إذ سقطت لبنة من لحد قبر يليه فنظرت فإذا بشيخ جالس في القبر عليه ثياب بيض تقعقع وفي حجره مصحف من ذهب مكتوب بالذهب وهو يقرأ فيه فرفع رأسه إلي وقال لي أقامت القيامة رحمك الله قلت لا فقال رد اللبنة إلى موضعها عافاك الله فرددتها
19 وقال اليافعي أيضا روينا عمن حفر القبور من الثقات أنه حفر قبرا فأشرف فيه على إنسان جالس على سرير وبيده مصحف يقرأ فيه وتحته نهر يجري فغشي عليه وأخرج من القبر ولم يدروا ما أصابه فلم يفق إلا في اليوم الثالث
20 وحكي أيضا عن الشيخ نجم الدين الأصبهاني أنه حضر رجلا يدفن فقعد الملقن يلقنه فسمع الميت وهو يقول ألا تعجبون من ميت يلقن حيا
21 وقال إبن رجب روينا من طريق مراد بن جميل قال قال أبو المغيرة ما رأيت مثل المعافى بن عمران وذكر من فضله قال حدثني بعض إخواني أن غانما جاء المعافى بن عمران بعد ما دفن فسمعه وهو يلقن في قبره وهو يقول لا إله إلا الله فيقول المعافى لا إله إلا الله
22 وحكى اليافعي عن المحب الطبري أحد أئمة الشافعية وهو شارح التنبيه أنه كان مع الشيخ إسماعيل الحضرمي بمقبرة زبيد قال المحب فقال لي يا محب الدين أتؤمن بكلام الموتى قلت نعم قال إن صاحب هذا القبر يقول لي أنا من حشو الجنة


23 وحكي أيضا عن الشيخ إسماعيل المذكور أنه مر على بعض مقابر اليمن فبكى بكاء شديدا وعلاه حزن ثم ضحك ضحكا شديدا وعلاه سرور فسئل عن ذلك فقال كشف لي عن هذه المقبرة فرأيتهم يعذبون فبكيت ثم تضرعت إلى الله تعالى فيهم فقيل لي قد شفعناك فيهم فقالت صاحبة هذا القبر وأنا معهم يا فقيه إسماعيل أنا فلانة المغنية فقلت وأنت معهم فلذلك ضحكت
24 وحكى الشيخ عبد الغفار في التوحيد قال أخبرني القاضي بهاء الدين بن الصاحب شرف الدين الغاثري أن الشيخ أمين الدين جبريل مات معهم في الطريق قبل دخول القاهرة قال فلما وصلنا عند الباب وهم يمنعون الميت أن يدخل المدينة رفع الشيخ أصبعه ويده فدخلنا
25 وحكى أيضا قال حدثني فقير عن شخص أنه أراد أن يفعل الفاحشة مع شاب في تربة بالقرافة فقال له ذلك الشاب والله لا عصيت الله ها هنا أبدا لأني كنت مرة فعلت ذلك فانشق القبر وقال الميت أما تستحيون من الله تعالى
26 وحكى أيضا قال حكى لي زين الدين البوشي عن الفقيه عبد الرحمن النويري أنه لما كان في المنصورة وأسروا المسلمين وكان الفقيه عبد الرحمن النويري يقرأ القرآن فتلا { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } فلما قتل الفقيه عبد الرحمن حضر أحد الفرنج وفي يده حربة فلكزه بها وقال يا قسيس المسلمين أنت تقول قال ربكم إنكم أحياء ترزقون أين هو فرفع الفقيه رأسه قال حي ورب الكعبة مرتين فنزل الفرنجي عن فرسه وجعل يقبل وجهه وأمر غلامه بحمله معه إلى بلده
27 وفي الرسالة للقشيري بسنده عن الشيخ أبي سعيد الخراز قال كنت بمكة فرأيت بباب بني شيبة شابا ميتا فلما نظرت إليه تبسم في وجهي وقال لي يا أبا سعيد أما علمت أن الأحباء أحياء وإن ماتوا وإنما ينقلون من دار إلى دار
28 وفيها عن الشيخ أبي علي الروذباري أنه ألحد فقيرا فلما فتح رأس كفنه ووضعه على التراب ليرحم الله غربته قال ففتح لي عينيه وقال لي يا أبا علي لا تذللني بين يدي من يدللني فقلت يا سيدي أحياة بعد الموت فقال لي بل أنا حي وكل محب لله حي لأنصرنك بجاهي غدا

29 وفيها عن بعضهم أنه كان نباش فتوفيت إمرأة فصلى الناس عليها وصلى عليها هذا النباش أيضا ليعرف القبر فلما جن الليل نبش قبرها فقالت سبحان الله رجل مغفور يأخذ كفن مغفور لها قال فقلت إنه غفر لك فأنا مغفور فقالت إن الله غفر لي ولجميع من صلى علي وأنت قد صليت علي فتركها ورد التراب ثم تاب وحسنت توبته
30 وفيها بسنده عن إبراهيم بن شيبان قال صحبني شاب حسن الإرادة فمات فاشتغل قلبي به وتوليت غسله فبدأت بشماله من الدهشة فأخذها مني ثم ناولني يمينه فقلت صدقت يا بني أنا غلطت
31 وفيها بسنده عن أبي يعقوب السوسي قال غسلت مريدا فأمسك إبهامي وهو على المغتسل فقلت يا بني خل يدي فإني أدري أنك لست بميت وإنما هي نقلة فخلى عن يدي
32 وفيها عنه أيضا قال جاءني مريد بمكة فقال يا أستاذ غدا أموت وقت الظهر فخذ هذا الدينار فاحفر لي بنصفه وكفني بالنصف الآخر فلما كان الغد وجاء وقت الظهر جاء وطاف ثم تباعد ومات فلما وضعته في اللحد فتح عينيه فقلت أحياة بعد الموت فقال أنا محب وكل محب لله حي
33 وقال القشيري سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول مر أبو عمرو البيكندي يوما بمكة فرأى قوما أرادوا إخراج شاب لفساده وإمه تبكي فتشفع إليهم فقال هبوه مني هذه المرة فلما كان بعد أيام رأى أمه فسألها عن حاله فقالت إنه قد مات وأوصاني أن لا تخبري الجيران بموتي لئلا يشمتوا بي فإذا دفنتني فتشفعي لي إلى ربي قالت ففعلت فلما انصرفت عن رأس قبره سمعت صوته يقول إنصرفي يا أماه فقد قدمت على رب كريم
34 وقال اليافعي في كفاية المعتقد أخبرنا بعض الأخيار عن بعض الصالحين أنه كان يأتي قبر والده في بعض الأوقات ويتحدث معه
35 وقال ومن المشهور أن الفقيه الكبير الولي الشهير أحمد بن موسى بن عجيل سمعه بعض الفقهاء الصالحين من قرائه يقرأ سورة النور في قبره
36 وأخرج إبن أبي الدنيا في كتاب القبور بسند فيه مبهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر بالبقيع فقال السلام عليكم يا أهل القبور أخبار ما

عندنا أن نساءكم قد تزوجن ودياركم قد سكنت وأموالكم قد فرقت فأجابه هاتف يا عمر بن الخطاب أخبار ما عندنا أن ما قدمناه فقد وجدناه وما أنفقناه فقد ربحناه وما خلفناه فقد خسرناه
37 وأخرج الحاكم في تاريخ نيسابور والبيهقي وإبن عساكر في تاريخ دمشق بسند فيه من يجهل عن سعيد بن المسيب قال دخلنا مقابر المدينة مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فنادى يا أهل القبور السلام عليكم ورحمة الله تخبرونا بأخباركم أم تريدون أن نخبركم قال فسمعنا صوتا من داخل القبر يقول وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين خبرنا عما كان بعدنا فقال علي أما أزواجكم فقد تزوجن وأما أموالكم فقد إقتسمت وأولادكم فقد حشروا في زمرة اليتامى والبناء الذي شيدتم فقد سكنه أعداؤكم فهذه أخبار ما عندنا فما أخبار ما عندكم فأجابه ميت قد تخرقت الأكفان وإنتثرت الشعور وتقطعت الجلود وسالت الأحداق على الخدود وسالت المناخر بالقيح والصديد وما قدمناه وجدناه وما خلفناه خسرناه ونحن مرتهنون بالأعمال
38 وأخرج إبن أبي الدنيا في القبور عن يونس بن أبي الفرات قال حفر رجل قبرا فقعد يستظل فيه من الشمس فجاءت ريح باردة فأصابت ظهره فنظر فإذا ثقب صغير فوسعه بإصبعه فإذا قبر فنظر فيه مد البصر وإذا بشيخ مخضوب كأنما رفعت المواشط أيديها عنه
39 وأخرج إبن جرير في تهذيب الآثار وإبن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت والبيهقي في الدلائل عن العطاف بن خالد قال حدثتني خالتي قالت ركبت يوما إلى قبور الشهداء وكانت لا تزال تأتيهم قالت فنزلت عند قبر حمزة رضي الله عنه فصليت عنده وما في الوادي داع ولا مجيب فلما فرغت من صلاتي قلت السلام عليكم فسمعت رد السلام علي يخرج من تحت الأرض أعرفه كما أعرف أن الله خلقني وكما أعرف الليل والنهار فاقشعرت كل شعرة مني
40 وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل أيضا من طريق العطاف بن خالد المخزومي قال حدثني عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي بكر عن

عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبور الشهداء بأحد فقال اللهم إن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء وأن من زارهم أو سلم عليهم إلى يوم القيامة ردوا عليه قال العطاف وحدثتني خالتي أنها زارت قبور الشهداء قالت وليس معي إلا غلامان يحفظان علي الدابة فسلمت عليهم فسمعت رد السلام وقالوا والله إنا نعرفكم كما يعرف بعضنا بعضا قالت فاقشعررت وقلت يا غلام أدنني بغلي فركبت
41 وأخرج البيهقي عن الواقدي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور الشهداء بأحد في كل حول وإذا بلغ الشعب رفع صوته فيقول { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } ثم أبو بكر رضي الله عنه كل حول يفعل مثل ذلك ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان رضي الله عنهما وكانت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم تأتيهم وتدعو وكان سعد بن أبي وقاص يسلم عليهم ثم يقبل على أصحابه فيقول لقد رأيتني وغابت الشمس بقبور الشهداء ومعي أخت لي فقلت لها تعالي نسلم على قبر حمزة فقالت نعم فوقفنا على قبره فقلنا السلام عليك يا عم رسول الله فسمعنا كلاما رد علينا وعليكم السلام ورحمة الله قالت وما قربنا أحد من الناس
42 وقال البيهقي أيضا أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا علي حمزة بن محمد العلوي سمعت هاشم بن محمد العمري يقول أخذني أبي بالمدينة إلى زيارة قبور الشهداء في يوم جمعة بين طلوع الفجر والشمس فكنت أمشي خلفه فلما إنتهى إلى المقابر رفع صوته فقال { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } قال فأجيب وعليك السلام يا أبا عبد الله فالتفت إلى أبي وقال أنت المجيب يا بني فقلت لا فأخذ بيدي فجعلني عن يمينه ثم أعاد السلام عليهم ثم جعل كلما سلم عليهم يرد عليه حتى فعل ذلك ثلاث مرات فخر أبي ساجدا شكرا لله تعالى




 
 
قديم 21-11-2013, 10:41 PM
  المشاركه #14
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



3 وأخرج إبن أبي الدنيا عن عبد الواحد بن زيد قال كنا في غزاة فلقينا العدو فلما تفرقنا فقدنا رجلا من أصحابنا فطلبناه فوجدناه في أجمة مقتولا حواليه جوار يضربن على رأسه بالدفوف فلما رأيننا تفرقن في الغيضة فلم نرهن
44 وأخرج إبن سعد عن سعيد بن المسيب أنه كان يلازم المسجد أيام الحرة والناس يقتتلون قال فكنت إذا حانت الصلاة أسمع أذانا يخرج من قبل

القبر يعني القبر النبوي
45 وقال الزبير بن بكار في أخبار المدينة حدثني محمد بن عبد العزيز بن محمد وغيره عن بكر بن محمد أنه لما كان أيام الحرة ترك الأذان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام وخرج الناس إلى الحرة وجلس سعيد بن المسيب في المسجد قال فاستوحشت ودنوت من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما حضرت الظهر سمعت الأذان في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فصليت ركعتين ثم سمعت الإقامة فصليت الظهر ثم جلست حتى صليت العصر سمعت الأذان في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سمعت الإقامة ثم لم أزل أسمع الأذان والإقامة في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضت الثلاثة وقفل القوم ودخلوا المسجد وعاد المؤذنون فأذنوا فتسمعت الأذان في قبره فلم أسمعه
46 وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة من وجه آخر عن سعيد بن المسيب قال لقد رأيتني ليالي الحرة وما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري وما يأتي وقت صلاة إلا سمعت الأذان من القبر ثم أتقدم فأقيم وأصلي وإن أهل الشام يدخلون زمرا زمرا فيقولون أنظروا إلى هذا الشيخ المجنون
47 وأخرج اللالكائي في السنة عن يحيى بن معين قال قال لي حفار أعجب ما رأيت من هذه المقابر أني سمعت من قبر أنينا كأنين المريض وسمعت من قبر والمؤذن يؤذن وهو يجيبه من القبر
48 وأخرج عن الحارث بن أسد المحاسبي قال كنت في الجبانة فسمعت من قبر مرتين أوه من عذاب الله
49 وأخرج إبن عساكر في تاريخه بسنده من طريق الأعمش عن المنهال بن عمرو قال أنا والله رأيت رأس الحسين رضي الله عنه حين حمل وأنا بدمشق وبين يدي الرأس رجل يقرأ سورة الكهف حتى بلغ قوله تعالى { أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا } قال فأنطق الله الرأس ان ذرب فقال أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي


50 وفي تاريخ الحافظ الذهبي أن أحمد بن نصر الخزاعي أحد أئمة الحديث دعاه الواثق إلى القول بخلق القرآن فأبى فضرب عنقه وصلب رأسه ببغداد ووكل بالرأس من يحفظه ويصرفه عن القبلة برمح فذكر الموكل به أنه رآه بالليل يستدير إلى القبلة بوجهه فيقرأ سورة يس ان طلق قال الذهبي رويت هذه الحكاية من غير وجه ومن طرقها ما أخرجه الخطيب عن إبراهيم بن إسماعيل بن خلف قال كان أحمد بن نصر خالي فلما قتل في المحنة وصلب أخبرت أن الرأس يقرأ القرآن فمضيت فبت قريبا منه فلما هدأت العيون سمعت الرأس يقرأ { الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } فاقشعر جلدي
51 وأخرج إبن عساكر من طريق أبي صالح كاتب الليث عن يحيى بن أبي أيوب الخزاعي قال سمعت من يذكر أنه كان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شاب متعبد قد لزم المسجد وكان عمر به معجبا وكان له أب شيخ كبير فكان إذا صلى العتمة إنصرف إلى أبيه وكان طريقه على باب إمرأة فافتتنت به فكانت تنصب نفسها له على طريقه فمر بها ذات ليلة فما زالت تغويه حتى تبعها فلما أتى الباب دخلت وذهب يدخل فذكر الله وخلى عنه ومثلت هذه الآية على لسانه { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } فخر الفتى مغشيا عليه فدعت المرأة جارية لها فتعاونتا عليه فحملتاه إلى بابه واحتبس على أبيه فخرج أبوه يطلبه فإذا به على الباب مغشيا عليه فدعا بعض أهله فحملوه فأدخلوه فما أفاق حتى ذهب من الليل ما شاء الله فقال له أبوه يا بني ما لك قال خير قال فإني أسألك بالله فأخبره بالأمر قال أي بني وأي آية قرأت فقرأ الآية التي كان قرأها فخر مغشيا عليه فحركوه فإذا هو ميت فغسلوه وأخرجوه ودفنوه ليلا فلما أصبحوا رفع ذلك إلى عمر رضي الله عنه فجار عمر إلى أبيه فعزاه به وقال ألا آذنتني قال يا أمير المؤمنين كان ليلا قال عمر فاذهبوا بنا إلى قبره فأتى عمر ومن معه القبر فقال عمر يا فلان { ولمن خاف مقام ربه جنتان } فأجابه الفتى من داخل القبر يا عمر قد أعطانيهما ربي

في الجنة مرتين
52 وأخرج إبن أبي الدنيا والبيهقي في دلائل النبوة من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عن إبن ميناء قال دخلت الجبانة فصليت ركعتين خفيفتين ثم اضطجعت إلى قبر فوالله إني لنبهان إذ سمعت قائلا في القبر يقول قم فقد آذيتني إنكم لتعملون ولكن لا تعلمون ونحن نعلم ولا نعمل فوالله لأن أكون صليت مثل ركعتيك أحب إلي من الدنيا وما فيها
53 وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق عمرو بن واقد عن يونس بن حليس أنه كان يمر على المقابر بدمشق سحر يوم الجمعة فسمع قائلا يقول هذا يونس بن حليس قد هاجر يحجون ويعتمرون كل شهر ويصلون كل يوم خمس صلوات أنتم تعملون ولا تعلمون ونحن نعلم ولا نعمل قال فالتفت يونس فسلم فلم يردوا عليه قال سبحان الله أسمع كلامكم وأسلم عليكم فلا تردون قالوا قد سمعنا كلامك ولكنها حسنة وقد حيل بيننا وبين الحسنات والسيئات
54 وأخرج إبن عساكر عن الأوزاعي قال مر ميسرة بن حليس بمقابر باب توما وقائد يقوده وكان مكفوفا فقال السلام عليكم أهل القبور أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع فرحمنا الله وإياكم وغفر لنا ولكم فكأنا وقد صرنا إلى ما صرتم إليه فرد الله الروح في رجل منهم فأجابه فقال طوبى لكم يا أهل الدنيا تحجون في الشهر أربع مرات قال وإلى أين يرحمك الله قال إلى الجمعة أفما تعلمون أنها حجة مبرورة متقبلة قال ما خير ما قدمتم قال الإستغفار وقد غلقت رهوتنا فلا من حسنة تزيد ولا من سيئة تنقص
55 وأخرج إبن عساكر من طريق محمد بن إسحاق بن الحريص عن المسيب بن واضح عن عيسى بن كيسان عمن حدثه عن عمير بن الحباب السلمي قال أسرت أنا وثمانية معي في زمان بني أمية فأدخلنا على ملك الروم فأمر بأصحابي فضربت رقابهم ثم إني قدمت لتضرب عنقي فقام إليه بعض البطارقة فلم يزل يقبل رأسه ورجليه ويطلب إليه حتى وهبني له فانطلق بي إلى منزله فدعا إبنة له جميلة فقال لي هذه إبنتي أزوجك بها وأقاسمك مالي وقد رأيت منزلتي من الملك فادخل في ديني حتى أفعل بك هذا فقلت ما أترك ديني لزوجة ولا لدنيا

فمكث أياما يعرض علي ذلك فدعتني إبنته ذات ليلة إلى بستان لها فقالت ما يمنعك مما عرض عليك أبي فقلت ما أترك ديني لإمرأة ولا لشيء قالت فتحب المكث عندنا أو اللحاق ببلادك فقلت الذهاب إلى بلادي قال فأرتني نجما في السماء وقالت لي سر على هذا النجم بالليل واكمن بالنهار فإنه يبلغك إلى بلادك ثم زودتني وانطلقت فسرت ثلاث ليال أسير بالليل وأكمن بالنهار فبينما أنا اليوم الرابع مكمن فإذا الخيل فقلت طلبت فأشرفوا علي فإذا أنا بأصحابي المقتولين على دواب ومعهم آخرون على دواب شهب قالوا عمير قلت عمير فقلت أوليس قد قتلتم قالوا بلى ولكن الله بشر الشهداء وأذن لهم أن يشهدوا جنازة عمر بن عبد العزيز فقال لي بعض الذين معهم ناولني يدك يا عمير فناولته يدي فأردفني ثم سرنا يسيرا ثم قذف بي قذفة وقعت قرب منزلي بالجزيرة من غير أن يكون لحقني شيء
56 وأخرج إبن الجوزي في كتاب عيون الحكايات بسنده عن أبي علي الضرير وهو أول من سكن طرسوس حين بناها أبو مسلم قال إن ثلاثة إخوة من الشام كانوا يغزون وكانوا فرسانا شجعانا فأسرهم الروم مرة فقال لهم الملك إني أجعل فيكم الملك وأزوجكم بناتي وتدخلون في النصرانية فأبوا وقالوا يا محمداه فأمر الملك بثلاثة قدور فصب فيها الزيت ثم أوقد تحتها ثلاثة أيام يعرضون في كل يوم على تلك القدور ويدعون إلى دين النصرانية فيأبون فألقى الأكبر في القدر ثم الثاني ثم أدني الأصغر فجعل يفتنه عن دينه بكل أمر فقام إليه علج فقال أيها الملك أنا أفتنه عن دينه قال بماذا قال قد علمت أن العرب أسرع شيء إلى النساء وليس في الروم أجمل من إبنتي فادفعه إلي حتى أخليه معها فإنها ستفتنه فضرب له أجلا أربعين يوما ودفعه إليه فجاء به فأدخله مع إبنته وأخبرها بالأمر فقالت له دعه فقد كفيتك أمره فأقام معها نهاره صائم وليله قائم حتى مر أكثر الأجل فقال العلج لابنته ما صنعت قالت ما صنعت شيئا هذا رجل فقد أخويه في هذه البلدة فأخاف أن يكون إمتناعه من أجلهما كلما رأى آثارهما ولكن إستزد الملك في الأجل وانقلني وإياه إلى بلد غير هذا فزاده أياما فأخرجهما إلى قرية أخرى فمكث على ذلك أياما صائم النهار قائم الليل حتى إذا بقي من الأجل أيام قالت له الجارية ليلة يا هذا إني أراك تقدس ربا

عظيما وإني قد دخلت معك في دينك وتركت دين آبائي قال لها فكيف الحيلة في الهرب قالت أنا أحتال لك وجاءته بدابة فركباها فكانا يسيران بالليل ويكمنان بالنهار فبينما هما يسيران ليلة إذ سمعا وقع خيل فإذا هو بأخويه ومعهما ملائكة رسل إليه فسلم عليهما وسألهما عن حالهما فقالا ما كانت إلا الغطسة التي رأيت حتى خرجنا في الفردوس وإن الله أرسلنا إليك لنشهد تزويجك بهذه الفتاة فزوجوه إياها ورجعوا وخرج إلى بلاد الشام فأقام معها وكانا مشهورين بذلك معروفين بالشام في الزمن الأول وقد قال فيهما بعض الشعراء أبياتا منها
( سيعطي الصادقين بفضل صدق ** نجاة في الحياة وفي الممات )
57 وأخرج إبن عساكر عن أبي مطيع معاوية بن يحيى أن شيخا من أهل حمص خرج يريد المسجد وهو يرى أنه قد أصبح فإذا عليه ليل فلما صار تحت القبة سمع صوت جرس الخيل على البلاط فإذا فوارس قد لقي بعضهم بعضا قال بعضهم لبعض من أين قدمتم قالوا أو لم تكونوا معنا قالوا لا قالوا قدمنا من جنازة البديل خالد بن معدان قالوا وقد مات ما علمنا بموته فلما أصبح الشيخ حدث أصحابه فلما كان نصف النهار قدم البريد يخبر بموته
58 وأخرج إبن أبي الدنيا في القبور وإبن عساكر عن الشعبي قال كان صفوان بن أمية الصحابي رضي الله عنه ببعض المقابر إذ أقبلت جنازة وسمع صوتا من القبر حزينا موجعا يقول شعرا
( أنعم الله بالظعينة عينا ** وبمسراك يا أمين إلينا )
( جزعا ما جزعت من ظلمة القبر ** وإن مسك التراب أمينا )
قال فأخبر القوم بما سمع فبكوا حتى إخضلت لحاهم ثم قالوا هل تدري من أمينة قلت لا قالوا صاحبة السرير هذه أختها ماتت عام أول فقال صفوان قد علمت أن الميت لا يتكلم فمن أين هذا الصوت
59 وأخرج إبن أبي الدنيا أيضا عن سعيد بن هاشم السلمي قال أعرس رجل من الحي على إبنة فتخذ لذلك لهوا فكانت منازلهم إلى جانب المقابر قال فوالله إنهم لفي لهوهم ذلك ليلا إذ سمعوا صوتا منكرا أفزعهم فأصغوا

مطرقين فإذا هاتف يهتف من بين القبور
( يا أهل لذة لهو لا تدوم لهم ** إن المنايا تبيد اللهو واللعبا )
( كم قد رآيناه مسرورا بلذته ** أمسى فريدا من الأهلين مغتربا )
قال فوالله ما لبث بعد ذلك إلا أياما قلائل حتى مات الفتى المتزوج
60 وأخرج أيضا عن صالح المري قال دخلت المقابر يوما في شدة الحر فنظرت إلى القبور خامدة فقلت سبحان الله من يجمع بين أرواحكم وأجسادكم بعد إفترافها ثم يحييكم ثم ينشركم من بعد طول البلى قال فنادى مناد من بين تلك الحفر يا صالح { ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } قال فسقطت والله بوجهي فزعا من ذلك الصوت
61 وأخرج أيضا عن ثابت البناني أنه كان في مقبرة يحدث نفسه إذ هتف به هاتف يا ثابت إن تراهم ساكتين فكم فيهم من مغموم قال فالتفت فلم أر أحدا
62 وأخرج أيضا عن بشر بن منصور قال قال لي عطاء الأزرق إذا حضرت المقابر فليكن قلبك فيمن أنت بين ظهرانيهم فإني بينما أنا في المقابر إذ تفكرت في نفسي فإذا أنا بصوت إليك يا غافل إنما أنت بين ناعم في نعيمه مدلل أو معذب في سكراته مقلب
63 وأخرج عن سوار بن مصعب الهمداني عن أبيه أن أخوين كانا جارين له وكان كل واحد يجد لصاحبه وجدا لا يرى مثله فخرج الأكبر إلى أصفهان فمات الأصغر فاختلف الأكبر إلى قبره سبعة أشهر فإذا هاتف يهتف من خلفه يوما
( يا أيها الباكي على غيره ** نفسك أصلحها ولا تبكه )
( إن الذي تبكي على إثره ** يوشك أن تسلك في سلكه )
قال فالتفت فلم ير خلفه أحدا فاقشعر وحم فرجع إلى أهله فلم يلبث إلا

ثلاثا حتى مات فدفن إلى جنبه
64 وأخرج الإمام أحمد في الزهد وإبن أبي الدنيا من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن يزيد بن شريح الهيثمي أنه سمع صوتا من قبر
( إن تزوروا اليوم أمثالنا فقد ** كنا أمثالكم وفي الحياة كشكلكم )
( فتلك البيداء تسفي رياحها ** ونحن في مقصورة لا ننالكم )
( فمن يك منا فليس يراجع ** فتلك ديارنا وهي مصيركم )
65 وأخرج إبن أبي الدنيا عن سليمان بن يسار الخضرمي قال كان قوم يسيرون بالمقابر إذا سمعوا من قبر قائلا يقول
( يا أيها الركب سيروا ** من قبل أن لا تسيروا )
( فهذه الدار حقا ** فيها إلينا المصير )
( فكما كنتم كنا ** فغيرنا ركب المنون )
( وسوف كما كنا تكونون ** )
( كم منعم في نعيم ** وتسلبه الدهور )
( وآخر في عذاب ** لبئس ذاك المصير )
66 وأخرج إبن الجوزي في كتاب عيون الحكايات بسنده عن محمد بن العباس الوراق قال خرج رجل مع إبنه حتى إذا كانا ببعض الطريق مات الأب فدفنه بشجر الدوم ومضى في سفره ثم مر بذلك الموضع ليلا فلم ينزل إلى قبر أبيه فإذا هاتف يهتف ويقول شعرا
( أجدك تطوي الدوم ليلا ولا ترى ** عليك لأهل الدوم أن تتكلما )
( وبالدوم ثاو لو ثويت مكانه ** فمر بأهل الدوم عاج فسلما )
67 وأخرج أبو نعيم وإبن عساكر عن سلمة قال كان خالد بن معدان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من القرآن فلما مات ووضع على سريره ليغسل جعل بأصبعه كذا يحركها يعني بالتسبيح


68 وأخرج إبن عساكر عن أبي عبد الله بن الجلاء قال مات أبي فجعلناه على المغتسل فكشفنا عن وجهه فإذا هو يضحك فالتبس على الناس أمره وقالوا هو حي فجاؤوا بالطبيب وغطينا وجهه وقلنا خذ بمجسه فأخذ بمجسه فقال هذا ميت فكشفنا عن وجهه فنظر إليه ضاحكا فقال والله ما أدري ميت هو أم حي فكلما جاء إنسان يغسله يهابه ولا يقدر على غسله فقام الفضل بن الحسين وكان من كبار العارفين فغسله وصلى عليه ودفنه
69 وأخرج البيهقي في دلائل النبوة عن سعيد بن المسيب أن زيد بن خارجة الأنصاري ثم من بني حارثة بن الخزرج توفي زمن عثمان فسجي ثم إنهم سمعوا جلجلة في صدره ثم تكلم فقال أحمد أحمد في الكتاب الأول صدق صدق أبو بكر الصديق الضعيف في نفسه القوي في أمر الله في الكتاب الأول صدق صدق عمر بن الخطاب القوي الأمين في الكتاب الأول صدق صدق عثمان بن عفان على منهاجهم مضت أربع وبقيت ثنتان أتت الفتن وأكل الشديد الضعيف وقامت الساعة وسيأتيكم من جيشكم خبر أريس وما بئر أريس قال سعيد ثم هلك رجل من خطمة فسجي بثوبه فسمعت جلجلة في صدره ثم تكلم فقال إن أخا بني الحرث بن الخزرج صدق صدق قال البيهقي هذا إسناد صحيح وله شواهد
ثم أخرج هو وإبن أبي الدنيا وأبو نعيم في الدلائل وإبن النجار في تاريخه عن إسماعيل بن أبي خالد قال جاءنا يزيد بن النعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرحمن بكتاب أبيه النعمان بن بشير بسم الله الرحمن الرحيم من النعمان بن بشير إلى أم عبد الله بنت أبي هاشم سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو فإنك كتبت إلي لأكتب إليك بشأن زيد بن خارجة وإنه كان من شأنه أنه أخذه وجع في حلقه فتوفي بين الصلاة الأولى وصلاة العصر فأضجعناه وغشيناه فأتاني آت في منامي وأنا أسبح بعد العصر فقال إن زيدا قد تكلم بعد وفاته فانصرفت إليه مسرعا وقد حضره قوم من الأنصار وهو يقول الأوسط أجلد القوم الذي كان لا يبالي في الله لومة لائم كان لا يأمر الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم عبد الله عمر أمير المؤمنين صدق صدق كان ذلك في الكتاب الأول ثم قال عثمان أمير المؤمنين وهو يعافي الناس من ذنوب كثيرة خلت ليلتان وبقيت

أربع ثم اختلف الناس وأكل بعضهم بعضا فلا نظام وأبيحت الأحماء ثم ارعوى المؤمنون وقالوا كتاب الله وقدره أيها الناس أقبلوا على أميركم واسمعوا وأطيعوا فمن تولى فلا يعهدن دما وكان أمر الله قدرا مقدورا الله أكبر هذه الجنة وهذه النار وهؤلاء النبيون والصديقون سلام عليك يا عبد الله بن رواحة هل أحسست لي خارجة لأبيه وسعد من قتلا يوم أحد { كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى } ثم خفت فسألت الرهط عما سبق من كلامه فقالوا سمعناه يقول أنصتوا أنصتوا فنظر بعضنا إلى بعض فإذا الصوت من تحت الثياب فكشفنا عن وجهه فقال هذا أحمد رسول الله سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ثم قال أبو بكر الصديق الأمين خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ضعيفا في جسمه قويا في أمر الله صدق صدق وكان في الكتاب الأول
ثم أخرجه البيهقي من وجه آخر عن إسماعيل بن أبي خالد وزاد فيه وكان ذلك على تمام سنتين خلتا من إمارة عثمان فهما الليلتان قال ولم أزل أحفظ العدة للأربع البواقي وأتوقع ما هو كائن فيهن فكان فيهن إفتراء أهل العراق وخلافهم وإرجاف المرجفين وطعنهم على أميرهم الوليد بن عقبة قال البيهقي وهذا أيضا إسناد صحيح
وروى ذلك أيضا حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير وذكر فيه بئر أريس كما في رواية إبن المسيب والأمر فيها أن خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان في يد عثمان فوقع فيها لست سنين مضت من خلافته عند ذلك تغيرت عماله فظهرت أسباب الفتن كما سمع من زيد بن خارجة ثم
قال البيهقي وقد روي التكلم بعد الموت عن جماعة بأسانيد صحيحة
ثم أخرج هو وإبن أبي الدنيا وإبن عساكر عن عبد الله بن عبيد الأنصاري أن رجلا من قتلى مسيلمة تكلم فقال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق عثمان

الأمين اللين الرحيم لا أدري إيش قال لعمر
70 وأخرج البيهقي وإبن عساكر من وجه آخر عنه قال بينما هم يوارون القتلى يوم صفين أو يوم الجمل إذ تكلم رجل من الأنصار من القتلى فقال محمد رسول الله أبو بكر الصديق عمر الشهيد عثمان الرحيم ثم سكت
71 وأخرج البخاري في تاريخه وإبن منده عن عبد الله بن عبيد الله الأنصاري قال كنت فيمن دفن ثابت بن قيس بن شماس وكان أصيب يوم اليمامة فلما أدخلناه قبره سمعناه يقول محمد رسول الله أبو بكر الصديق عمر الشهيد وعثمان أمين رحيم فنظرنا إليه فإذا هو ميت
72 وقال الطبراني في الكبير حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بن عمير بن هانىء أن النعمان بن بشير حدثه قال مات رجل منا يقال له خارجة بن زيد فسجيناه بثوب وقمت أصلي إذ سمعت صوتا فانصرفت إليه فإذا أنا به يتحرك فقال أجلد القوم أوسطهم عبد الله عمر أمير المؤمنين القوي في جسمه القوي في أمر الله عثمان أمير المؤمنين العفيف المتعفف الذي يعفو عن ذنوب كثيرة خلت ليلتان وبقيت أربع واختلف الناس فلا نظام لهم يا أيها الناس أقبلوا على إمامكم واسمعوا له وأطيعوا هذا رسول الله وإبن رواحة ثم قال وما فعل زيد بن خارجة يعني أباه ثم قال أخذت بئر أريس خلفي ثم خفت الصوت أخرجه إبن عساكر
73 وأخرج إبن عساكر عن أنس قال لما مات زيد بن خارجة دخلنا عليه نغسله فلما ذهبنا نصب عليه الماء تكلم فقال مضت إثنتان وغبر أربع وأكل غنيهم فقيرهم فانفضوا لا نظام لهم أبو بكر لين رحيم بالمؤمنين وعمر رضي الله عنه شديد على الكفار لا يخاف في الله لومة لائم وعثمان لين رحيم بالمؤمنين وأنتم على منهاج عثمان فاسمعوا وأطيعوا ثم خفت صوته فإذا اللسان يتحرك وإذا الجسد ميت
74 وأخرج إبن أبي الدنيا من طريق يزيد بن سعيد القرشي عن أبي عبد الله الشامي قال غزونا الروم فخرج منا ناس يطلبون أثر العدو فانفرد منهم رجلان قال أحدهما فبينا نحن كذلك إذ لقينا شيخ من الروم فقال إبرزوا فحملنا عليه

فاقتتلنا ساعة فقتل صاحبي فرجعت أريد أصحابي فبينا أنا راجع إذ قلت لنفسي ثكلتني أمي سبقني صاحبي إلى الجنة وأرجع أنا هاربا إلى أصحابي فرجعت إليه فضربته وأخطأته فحملني فضرب بي الأرض وجلس على صدري وتناول شيئا معه ليقتلني فجاء صاحبي المقتول فأخذ بشعر قفاه فألقاه عني وأعانني على قتله فقتلناه جميعا وجعل صاحبي يمشي ويحدثني حتى إنتهينا إلى شجرة فاضطجع مقتولا كما كان فرجعت إلى أصحابي فأخبرتهم
75 وأخرج أيضا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال كان فيما مضى فتية يخرجون إلى أرض الروم ويصيبون منهم فقضي عليهم بالأسر فأخذوا جميعا فأتى بهم ملكهم فعرض عليهم دينه فأبوا فقعد على تل إلى جانب النهر فدعاهم فضرب عنق رجل منهم فوقع في النهر فإذا رأسه قد قام بحيالهم واستقبلهم بوجهه وهو يقول { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي }
76 وأخرج أيضا عن سعيد العمي قال خرج قوم غزاة في البحر فجاء شاب كان به رهق ليركب معهم فأبوا ثم إنهم حملوه معهم فلقوا العدو فكان الشاب من أحسنهم بلاء ثم إنه قتل فقام رأسه واستقبل أهل المركب وهو يتلو { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين }
77 وأخرج الحافظ أبو محمد الخلال في كتاب كرامات الأولياء بسنده عن أبي يوسف الغولي قال دخلت على إبراهيم بن أدهم بالشام فقال لي قد رأيت اليوم عجبا قلت وماذا قال وقفت على قبر من هذه المقابر فانشق لي عن شيخ خضيب فقال لي يا إبراهيم سل فإن الله أحياني من أجلك قلت ما فعل الله بك قال لقيت الله بعمل قبيح فقال لي لقد غفرت لك بثلاث لقيتني وأنت تحب من أحبني ولقيتني وليس في صدرك مثقال ذرة من شراب حرام ولقيتني وأنت خضيب وأنا أستحيي من شيبة الخضيب أن أعذبها بالنار قال والتأم القبر على الشيخ ثم قال إبراهيم ويحك يا غولي عامل الله يريك العجائب


78 وقال البيهقي في شعب الإيمان أنبأنا أبو عبد الله الحافظ حدثني إبو إسحاق إبراهيم بن نجيب بن إبراهيم حدثنا إسماعيل بن يحيى بن حازم السلمي حدثنا هشام المقسابادي عن أبيه عن جده أبي إبراهيم وكان قاضي نيسابور فدخل عليه رجل فقيل له إن عند هذا حديثا عجبا فقال له يا هذا وما هو قال إعلم أني كنت رجلا نباشا أنبش القبور فماتت إمرأة فذهبت لأعرف قبرها فصليت عليها فلما جن الليل ذهبت لأنبش عنها وضربت يدي إلى كفنها لأسلبها فقالت سبحان الله رجل من أهل الجنة يسلب إمرأة من أهل الجنة ثم قالت ألم تعلم أنك ممن صلى علي وأن الله عز وجل قد غفر لمن صلى علي
79 وأخرج المحاملي في أماليه عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة قال بينما رجل في أندر له بالشام ومعه زوجته وقد كان أستشهد له إبن قبل ذلك بما شاء الله إذ رأى الرجل فارسا قد أقبل فقال لإمرأته إبني وإبنك يا فلانة قالت له إخز عنك الشيطان إبنك قد أستشهد منذ حين وأنت مفتون فأقبل على عمله واستغفر الله ثم دنا الفارس فقال إبنك والله يا فلانة ونظرت فقالت هو والله فوقف عليهما فقال له أبوه أليس قد أستشهدت يا بني قال بلى ولكن عمر بن عبد العزيز توفي في هذه الساعة فاستأذن الشهداء ربهم في شهوده فكنت منهم واستأذنته في السلام عليكما ثم دعا لهما وانصرف ووجد عمر قد توفي تلك الساعة
فهذه آثار مسندة خرجها أئمة الحديث بأسانيدهم في كتبهم وأوردتها تقوية لما حكاه اليافعي وتصديقا له
80 وقال اليافعي رؤية الموتى في خير أو شر نوع من الكشف يظهره الله تبشيرا أو موعظة أو لمصلحة للميت من إيصال خير له أو قضاء دين أو غير ذلك ثم هذه الرؤية قد تكون في النوم وهو الغالب وقد تكون في اليقظة وذلك من كرامات الأولياء أصحاب الأحوال
وقال في موضع آخر مذهب أهل السنة أن أرواح الموتى ترد في بعض الأوقات من عليين أو من سجين إلى أجسادهم في قبورهم عند إرادة الله تعالى وخصوصا ليلة الجمعة ويجلسون ويتحدثون وينعم أهل النعيم ويعذب أهل العذاب

وقال وتختص الأرواح دون الأجساد بالنعيم أو العذاب ما دامت في عليين أو سجين وفي القبر يشترك الروح والجسد إنتهى
81 وقال إبن القيم الأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء علم به المزور وسمع كلامه وأنس به ورد سلامه عليه وهذا عام في حق الشهداء وغيرهم وأنه لا توقيت في ذلك قال وهو أصح من أثر الضحاك الدال على التوقيت قال وقد شرع صلى الله عليه وسلم لأمته أن يسلموا على أهل القبور سلام من يخاطبونه ممن يسمع ويعقل
82 وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون
83 وأخرج النسائي وإبن ماجه عن بريدة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر السلام عليكم أهل الديار من المسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع أسأل الله لنا ولكم العافية
84 وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت كيف أقول لهم يا رسول الله قال قولي السلام على أهل الديار من المسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون
85 وأخرج الترمذي عن إبن عباس رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم وأنتم سلفنا ونحن بالأثر
86 وأخرج الطبراني عن علي بن أبي طالب أنه دنا من القبور فقال السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين أنتم لنا سلف فارط ونحن لكم تبع عما قليل لاحق اللهم إغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم
87 وأخرج إبن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يرجع من ضيعته فيمر بقبور الشهداء فيقول السلام عليكم وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ثم يقول لأصحابه ألا تسلمون على الشهداء فيردوا عليكم
88 وأخرج إبن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يمر بليل ولا نهار

بقبر إلا سلم عليه
89 وأخرج عن أبي هريرة قال إذا مررت بالقبور وقد كنت تعرفهم فقل السلام عليكم أصحاب القبور وإذا مررت بالقبور لا تعرفهم فقل السلام على المسلمين
90 وأخرج عن الحسن قال من دخل المقابر فقال اللهم رب الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحا من عندك وسلاما مني أستغفر له كل مسلم مؤمن مات منذ خلق الله آدم
وأخرجه إبن أبي الدنيا بلفظ كتب الله له بعدد من مات من ولدان آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات
91 وأخرج إبن أبي الدنيا عن أبي هريرة قال من دخل المقابر واستغفر لأهل القبور وترحم على الأموات فكأنما شهد جنائزهم والصلاة عليهم
92 وأخرج عن أزهر بن مروان قال كان لبشر بن منصور غرفة فكان إذا صلى العصر دخلها وفتح بابها إلى الجبانات ينظر إلى القبور
93 وأخرج إبن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن إبن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا شهد جنازة مر على أهله في المقابر فدعا لهم واستغفر لهم
94 وأخرجا عن رجل من آل عاصم الجحدري قال رأيت عاصما الجحدري في النوم بعد موته بسنين فقلت أليس قد مت قال بلى قلت فأين أنت قال إنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها ألى بكر بن عبد الله المزني فنتلاقى أخباركم قلت أجسادكم أم أرواحكم فقال هيهات بليت الأجسام وإنما تتلاقى الأرواح قلت فهل تعلمون بزيارتنا إياكم قال نعلم بها عشية الجمعة ويوم الجمعة كله ويوم السبت إلى طلوع الشمس قلت وكيف ذلك دون الأيام كلها قال لفضل يوم الجمعة وعظمه
95 وأخرجا أيضا عن بشر بن منصور قال كان رجل يختلف إلى الجبانة فيشهد الصلاة على الجنائز فإذا أمسى وقف على باب المقابر فقال آنس الله وحشتكم ورحم الله غربتكم وتجاوز الله عن سيئاتكم وقبل الله حسناتكم لا يزيد على هؤلاء الكلمات قال ذلك الرجل فأمسيت ذات ليلة

فانصرفت إلى أهلي ولم آت المقابر فبينما أنا نائم إذا أنا بخلق كثير قد جاؤوني قلت من أنتم وما حاجتكم قالوا نحن أهل المقابر قلت ما جاء بكم قالوا إنك قد كنت عودتنا منك هدية عند إنصرافك إلى أهلك قلت وما هي قالوا الدعوات التي كنت تدعو بها قلت فإني أعود لذلك قال فما تركتها بعد
96 وأخرجا أيضا عن أبي التياح قال كان مطرف يبدو فإذا كان يوم الجمعة أدلج وكان ينور له في سوطه فأقبل ليلة حتى إذا كان عند المقابر هوم وهو على فرسه فرأى كأن أهل القبور كل صاحب قبر جالس على قبره فقالوا هذا مطرف أتى يوم الجمعة قلت أو تعلمون عندكم يوم الجمعة قالوا نعم ونعلم ما يقول فيه الطير قلت وما يقولون قالوا يقولون سلام سلام يوم صالح قال في الصحاح هوم الرجل إذا هز رأسه من النعاس
97 وأخرجا أيضا عن الفضل بن الموفق إبن خال سفيان بن عيينة قال لما مات أبي جزعت جزعا شديدا فكنت آتي قبره في كل يوم ثم إني قصرت عن ذلك فرأيته في النوم فقال يا بني ما أبطأ بك عني قلت وإنك لتعلم بمجيئي قال ما جئت مرة إلا علمتها وقد كنت تأتيني فأسر بك ويسر من حولي بدعائك قال فكنت آتيه بعد كثيرا
98 وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء هاشم بن محمد قال سمعت رجلا من أهل علم يقول إنه كان يزور قبر أبيه فطال عليه ذلك فقلت أزور التراب فرأيته في منامي فقال يا بني ما لك لا تفعل كما كنت تفعل فقلت أزور التراب فقال لا تفعل يا بني فوالله لقد كنت تشرف علي فيبشرني بك جيراني ولقد كنت تنصرف فما أزال أراك حتى تدخل الكوفة
99 وأخرج إبن أبي الدنيا والبيهقي عن عثمان بن سودة وكانت أمه من العابدات وكان يقال لها راهبة قال لما ماتت كنت آتيها في كل ليلة جمعة فأدعو لها وأستغفر لها ولأهل القبور قال فرأيتها ليلة في منامي فقلت يا أمه كيف أنت فقالت يا بني إن الموت لشديد كربه وأنا بحمد الله في برزخ محمود أفترش فيه الريحان وأتوسد فيه السندس والإستبرق فقلت ألك حاجة قالت نعم قلت ما هي قالت لا تدع ما تصنع من زيارتنا والدعاء لنا فإني آنس بمجيئك يوم

الجمعة إذا أقبلت من أهلك يقال يا راهبة قد أقبل من أهلك زائر فأسر ويسر بذلك من حولي من الأموات
100 وقال السلفي سمعت أبا البركات عبد الواحد بن عبد الرحمن بن غلاب السوسي بالإسكندرية يقول سمعت والدتي تقول رأيت أمي في المنام بعد موتها وهي تقول يا بنتي إذا جئتني زائرة فاقعدي عند قبري ساعة أتملى من النظر إليك ثم ترحمي علي فإنك إذا ترحمت علي صارت الرحمة بيني وبينك كالحجاب ثم شغلتني عنك
101 وقال الحافظ إبن رجب أنبأني علي بن عبد الصمد عن أحمد البغدادي عن أبيه قال أخبرني قسطنطين بن عبد الله الرومي سمعت الأسد بن موسى يقول كان لي صديق فمات فرأيته في النوم وهو يقول لي سبحان الله جئت إلى قبر فلان صديقك قرأت عنده وترحمت عليه وأنا ما جئت إلي ولا قربتني قلت له وما يدريك قال لما جئت إلى قبر صديقك فلان رأيتك قلت وكيف رأيتني والتراب عليك قال ما رأيت الماء إذا كان في الزجاج ما يتبين قلت بلى قال فكذلك نحن نرى من يزورنا
تنبيه
102 روى أبو داود والترمذي وصححه من حديث أبي تميمة الهجيمي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت عليك السلام يا رسول الله قال لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى
فهذا يشعر بأن السنة في السلام على الموتى أن يقال عليكم السلام بتقديم الصلاة وقد صح الحديث كما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم السلام عليكم دار قوم مؤمنين فيحتاج إلى الجمع حتى إن بعضهم قال هذا أصح من حديث النهي وذهب آخرون إلى أن السنة ما دل عليه حديث النهي وقد أجاب إبن القيم في البدائع بأن كلا من الفريقين إنما أتوا من عدم فهم مقصود الحديث فإن قوله صلى الله عليه وسلم عليك السلام تحية الموتى ليس تشريعا منه وإخبارا عن أمر شرعي وإنما هو إخبار عن الواقع المعتاد الذي جرى على ألسنة الناس في الجاهلية فإنهم كانوا يقدمون إسم الميت على الدعاء كما قال الشاعر
( عليك سلام الله قيس بن عاصم ** )

وقوله الذي يرثي عمر بن الخطاب رضي الله عنه
( عليك سلام من أمير وباركت ** يد الله في ذاك الأديم الممزق )
وهو في أشعارهم كثير والإخبار عن الواقع لا يدل على الجواز فضلا عن الإستحباب فتعين المصير إلى ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من تقديم لفظ السلام حين سلم على الأموات قال فإن تخيل متخيل في الفرق أن السلام على الأحياء يتوقع جوابه فقدم الدعاء على المدعو له بخلاف الميت قلنا والسلام على الميت يتوقع جوابه أيضا كما ورد به الحديث
قال ومن النكت البديعة أن الأحسن في دعاء الخير أن يقدم الدعاء على المدعو له نحو سلام على إبراهيم سلام على نوح سلام عليكم بما صبرتم ودعاء الشر الأحسن فيه تقدم المدعو عليه على المدعو به كقوله تعالى { وإن عليك لعنتي } و { عليهم دائرة السوء } و { فعليهم غضب } ثم ذكر ذلك سرا ذكرته في أسرار التنزيل 39 باب مقر الأرواح قال الله تعالى { وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع } وقال تعالى { ويعلم مستقرها ومستودعها } أحدهما في الصلب والآخر بعد الموت
1 أخرج مسلم عن إبن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل
2 وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي عن إبن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما أصيب أصحابكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير

خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش
3 وأخرج سعيد بن منصور عن إبن عباس قال أرواح الشهداء تجول في طير خضر تعلق من ثمر الجنة
4 وأخرج بقي بن مخلد وإبن منده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء يغدون ويروحون ثم يكون مأواهم إلى قناديل معلقة بالعرش فيقول لهم الرب تعالى هل تعلمون كرامة أفضل من كرامة أكرمتكموها فيقولون لا غير أنا وددنا أنك أعدت أرواحنا إلى أجسادنا حتى نقاتل مرة أخرى فنقتل في سبيلك
5 وأخرج هناد بن السري في كتاب الزهد وإبن منده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ترعى في رياض الجنة ثم يكون مأواها إلى قناديل معلقة بالعرش فيقول الرب وذكر نحوه
6 وأخرج أبو الشيخ عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يبعث الله الشهداء من حواصل طير بيض كانوا في قناديل معلقة بالعرش
7 وأخرج إبن منده عن سعيد بن سويد أنه سأل إبن شهاب عن أرواح المؤمنين قال بلغني أن أرواح الشهداء كطير خضر معلقة بالعرش تغدو ثم تروح إلى رياض الجنة تأتي ربها سبحانه وتعالى كل يوم تسلم عليه
8 وأخرج إبن أبي حاتم عن إبن مسعود قال إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة حيث شاءت ثم ترجع إلي قناديلها وإن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت
9 وأخرج عن أبي الدرداء أنه سئل عن أرواح الشهداء فقال هي طير خضر في قناديل معلقة تحت العرش تسرح في رياض الجنة حيث شاءت


10 وأخرج أحمد وعبد وإبن أبي شيبة والطبراني والبيهقي بسند حسن عن إبن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج إليهم رزقهم من الجنة غدوة وعشية
11 وأخرج هناد بن السري في كتاب الزهد وإبن أبي شيبة عن أبي بن كعب قال الشهداء في قباب في رياض بفناء الجنة يبعث إليهم ثور وحوت فيعتركان فيلهون بهما فإذا إحتاجوا إلى شيء عقر أحدهما صاحبه فيأكلون منه فيجدون فيه طعم كل شيء في الجنة
12 وأخرج البخاري عن أنس أن حارثة لما قتل قالت أمه يا رسول الله قد علمت منزلة حارثة مني فإن يكن في الجنة أصبر وإن يكن غير ذلك ترى ما أصنع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها جنان كثيرة وإنه في الفردوس الأعلى
13 وأخرج مالك في الموطأ وأحمد والنسائي بسند صحيح عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله تعالى إلى جسده يوم يبعثه
ورواه الترمذي بلفظ إن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمرة الجنة أو شجر الجنة قوله تعلق بضم اللام أي تأكل العلقة بضم المهملة وهو ما يتبلغ به من العيش
14 وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن أم هانىء أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون النسم طيرا تعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها
15 وأخرج إبن سعد من طريق محمود بن لبيد عن أم بشر بن البراء أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل تتعارف الموتى قال تربت يداك

النفس المطمئنة طير خضر في الجنة فإن كان الطير يتعارفون في رؤوس الشجر فإنهم يتعارفون
16 وأخرج إبن عساكر من طريق إبن لهيعة عن أبي الأسود عن أم فروة إبنة معاذ السلمية عن أم بشر إمرأة أبي معروف قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتزاور يا رسول الله إذا متنا يزور بعضنا بعضا فقال تكون النسم طيرا تتعلق بشجرة حتى إذا كان يوم القيامة دخلت في جثتها






قديم 21-11-2013, 10:43 PM
  المشاركه #15
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



17 وأخرج إبن ماجه والطبراني والبيهقي في البعث بسند حسن عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال لما حضرت كعبا الوفاة أتته أم بشر بنت البراء فقالت يا أبا عبد الرحمن إن لقيت فلانا فأقرئه مني السلام فقال لها يغفر الله لك يا أم بشر نحن أشغل من ذلك فقالت أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن نسمة المؤمن تسرح في الجنة حيث شاءت ونسمة الكافر في سجين قال قلت بلى هو ذاك
18 وأخرج إبن منده والطبراني وأبو الشيخ عن ضمرة بن حبيب مرسلا قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أرواح المؤمنين فقال في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت قالوا يا رسول الله وأرواح الكفار قال محبوسة في سجين
19 وأخرج البيهقي في الشعب وإبن أبي الدنيا في كتاب المنامات عن سعيد بن المسيب أن سلمان الفارسي وعبد الله بن سلام إلتقيا فقال أحدهما لصاحبه إن لقيت ربك قبلي فأخبرني ماذا لقيت فقال أو تلقى الأحياء الأموات قال نعم أما المؤمنون فإن أرواحهم في الجنة وهي تذهب حيث شاءت
20 وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال الجنة مطولة في قرون الشمس تنشر في كل عام مرة وأرواح المؤمنين في طير كالزرازير تأكل من ثمر الجنة
21 وأخرجه إبن منده عنه مرفوعا وأخرجه الخلال عنه موقوفا بلفظ أرواح المؤمنين في أجواف طير خضر كالزرازير يتعارفون فيها ويرزقون من ثمرها

22 وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي وإبن أبي داود في البعث وإبن أبي الدنيا في العزاء من طريق عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة
وتقدم شاهده في الصحيح في حديث سمرة في باب عذاب القبر
23 وأخرج إبن أبي الدنيا في كتاب العزاء عن إبن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد في الإسلام فهو في الجنة شبان ريان يقول يا رب أورد علي أبوي
24 وأخرج فيه أيضا عن خالد بن معدان قال إن في الجنة لشجرة يقال لها طوبى كلها ضروع فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضع من طوبى وحاضنهم إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه
25 وأخرج أيضا عن عبيد بن عمير قال إن في الجنة لشجرة لها ضروع كضروع البقر يغذى بها ولدان أهل الجنة
26 وأخرج سعيد بن منصور عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن ذراري المسلمين أرواحهم في عصافير خضر في شجر من الجنة يكفلهم أبوهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام
27 وأخرج إبن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى كلها ضروع ترضع صبيان أهل الجنة وإن سقط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى تقوم القيامة فيبعث إبن أربعين سنة
28 وأخرج إبن أبي شيبة والبيهقي من طريق إبن عباس عن كعب قال جنة المأوى فيها طير خضر ترتقي فيها أرواح الشهداء تسرح في الجنة وأرواح آل فرعون في طير سود تغدو على النار وتروح وإن أرواح أطفال المسلمين في عصافير في الجنة

29 وأخرج هناد بن السري في الزهد عن هذيل قال إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تروح وتغدو على النار فذلك عرضها وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحنث عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح
30 وأخرج إبن أبي شيبة عن عكرمة في قوله تعالى { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات } الآية قال أرواح الشهداء طير بيض فقاقيع في الجنة قال في الصحاح الفقاقيع الفقاعات التي ترتفع فوق الماء كالقوارير فكأنه شبه بها الأرواح أو الطير وقال في القاموس فقيع كسكيت الأبيض من الحمام
31 وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قال بلغنا أن أرواح الشهداء في صور طير بيض تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش
32 وأخرج إبن المبارك عن إبن عمرو قال أرواح المسلمين في صور طير بيض في ظل العرش وأرواح الكافرين في الأرض السابعة
33 وأخرج إبن منده عن أم كبشة بنت المعرور قالت دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فسألناه عن هذه الأرواح فوصفها صفة لكنه أبكى أهل البيت فقال إن أرواح المؤمنين في حواصل طير خضر ترعى في الجنة وتأكل من ثمارها وتشرب من مياهها وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش يقولون ربنا ألحق بنا إخواننا وآتنا ما وعدتنا وإن أرواح الكفار في حواصل طير سود تأكل من النار وتشرب من النار وتأوي إلى جحر في النار يقولون ربنا لا تلحق بنا إخواننا ولا تؤتنا ما وعدتنا
34 وأخرج البيهقي في الدلائل وإبن أبي حاتم وإبن مردويه في تفسيرهما عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم فلم ير الخلائق أحسن من المعراج ما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء فإن ذلك عجبه بالمعراج فصعدت أنا وجبريل فاستفتحت

باب السماء فإذا أنا بآدم تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة إجعلوها في عليين ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة إجعلوها في سجين
35 وأخرج أبو نعيم بسند ضعيف عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أرواح المؤمنين في السماء السابعة ينظرون إلى منازلهم في الجنة
36 وأخرج أبو نعيم أيضا في الحلية عن وهب بن منبه قال إن الله في السماء السابعة دارا يقال لها البيضاء تجتمع فيها أرواح المؤمنين فإن مات الميت من أهل الدنيا تلقته الأوراح يسألونه عن أخبار الدنيا كما يسأل الغائب أهله إذا قدم عليهم
37 وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن إبن عمر رضي الله عنهما أنه عزى أسماء بإبنها عبد الله بن الزبير وجثته مصلوبة فقال لا تحزني فإن الأرواح عند الله في السماء وإنما هذه جثة
38 وأخرج سعيد المروزي في الجنائز عن العباس بن المطلب قال ترفع أرواح المؤمنين إلى جبريل فيقال أنت ولي هذه إلى يوم القيامة
39 وأخرج سعيد بن منصور في سننه وإبن جرير الطبري في كتاب الأدب له عن المغيرة بن عبد الرحمن قال لقي سلمان الفارسي عبد الله بن سلام فقال له إن مت قبلي فأخبرني بما تلقى وإن مت قبلك أخبرتك بما ألقى قال وكيف وقد مت قال إن الروح إذا خرج من الجسد كان بين السماء والأرض حتى يرجع إلى جسده فقضي أن سلمان مات فرآه عبد الله بن سلام في المنام فقال أخبرني أي شيء وجدته أفضل قال رأيت للتوكل شيئا عجيبا
40 وأخرج إبن المبارك في الزهد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وإبن أبي الدنيا وإبن منده عن سعيد بن المسيب عن سلمان قال إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت ونفس الكافر في سجين قال إبن القيم البرزخ هو الحاجز بين الشيئين فكأنه أراد في أرض بين الدنيا والآخرة
41 وأخرج الحكيم الترمذي عن سلمان قال إن أرواح المؤمنين تذهب في برزخ من الأرض حيث شاءت بين السماء والأرض حتى يردها الله إلى أجسادها


42 وأخرج إبن أبي الدنيا عن مالك بن أنس قال بلغني أن أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت
43 وأخرج عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سئل عن أرواح المؤمنين إذا ماتوا أين هم قال صور طير بيض في ظل العرش وأرواح الكافرين في الأرض السابعة فإذا مات المؤمن مر به على المؤمنين ولهم أندية فيسألونه عن بعض أصحابهم فإن قال مات قالوا سفل به وإن كان كافرا أهوي به إلى الأرض السافلة فيسألونه عن الرجل فإن قال مات قالوا علي به
44 وأخرج المروزي وإبن منده في الجنائز وإبن عساكر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال إن أرواح الكفار تجمع ببرهوت سبخة بحضرموت وأرواح المؤمنين بالجابية برهوت باليمن والجابية بالشام
45 وأخرج إبن عساكر عن عروة بن رويم قال الجابية تجيء إليها كل روح طيبة
46 وأخرج أبو بكر النجاد في جزئه المشهور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال خير وادي الناس وادي مكة وشر وادي الناس وادي الأحقاق واد بحضرموت يقال له برهوت فيه أرواح الكفار
47 وأخرج إبن أبي الدنيا عن علي قال أرواح المؤمنين في بئر زمزم
48 وأخرج الحاكم في المستدرك وإبن منده عن الأخنس بن خليفة الضبي أن كعب الأحبار أرسل إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يسأله عن أرواح المسلمين أين تجتمع وأرواح أهل الشرك أين تجتمع فقال عبد الله بن عمرو أما أرواح المسلمين فتجتمع بأريحا وأما أرواح أهل الشرك فتجتمع بصنعاء فرجع رسول الله إليه فأخبره بالذي قال فقال صدق
وقال إبن جرير في تفسيره حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان قال سألت عامر بن عبد الله باليمن هل لأنفس المؤمنين مجتمع فقال إلى الأرض يقول الله تعالى { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون }

) قال هي الأرض التي تجتمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون البعث
49 وأخرج إبن أبي الدنيا عن وهب بن منبه قال أرواح المؤمنين إذا قبضت ترفع إلى ملك يقال له رميائيل وهو خازن أرواح المؤمنين
50 وأخرج عن أبان بن ثعلب عن رجل من أهل الكتاب قال الملك الذي على أرواح الكفار يقال له دومة
51 وأخرج العقيلي بسند ضعيف من طريق خالد بن معدان عن كعب قال الخضر على منبر من نور بين البحر الأعلى والبحر الأسفل وقد أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية
52 قال إبن القيم مسألة مقر الأرواح بعد الموت عظيمة لا تتلقى إلا من السمع وقد قيل إن أرواح المؤمنين كلهم في الجنة الشهداء وغيرهم إذا لم تحبسهم كبيرة لظاهر حديث كعب وأم هانىء وأم بشر وأبي سعيد وضمرة ونحوها ولقوله تعالى { فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم } قسم الأرواح عقب خروجها من البدن إلى ثلاثة مقربين وأخبر أنها في جنة النعيم وأصحاب يمين وحكم لها بالسلام وهو يتضمن سلامتها من العذاب ومكذبة ضالة وأخبر أن لها نزلا من حميم وتصلية جحيم وقال تعالى { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك } إلى قوله { وادخلي جنتي } قال جماعة من الصحابة والتابعين إنه يقال لها ذلك عند خروجها من الدنيا على لسان الملك بشارة ويؤيده قوله تعالى في مؤمن آل يس { قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون } وقيل الأحاديث مخصوصة بالشهداء كما صرح به في رواية أخرى ولقوله في غيرهم إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي الحديث ولحديث أبي هريرة السابق إنهم في السماء السابعة ينظرون إلى منازلهم في الجنة وحديث وهب مثله


53 وقال إبن حزم في طائفة مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها أي عن يمين آدم وشماله قال وهذا ما دل عليه الكتاب والسنة قال تعالى { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم } الآية وقال تعالى { ولقد خلقناكم ثم صورناكم } الآية فصح أن الله تعالى خلق الأرواح جملة ولذلك أخبر صلى الله عليه وسلم أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها إختلف وأخذ الله عهدها وشهادتها بالربوبية وهي مخلوقة مصورة عاقلة قبل أن تؤمر بالملائكة بالسجود لآدم وقبل أن يدخلها في الأجساد والأجساد يومئذ تراب وماء ثم أقرها حيث شاء وهو البرزخ الذي ترجع إليه عند الموت ثم لا يزال يبعث منها الجملة بعد الجملة فينفخها في الأجساد المتولدة من المني
قال فصح أن الأرواح أجسام حاملة لأعراضها من التعارف والتناكر وأنها عارفة مميزة فيبلوها الله في الدنيا كما يشاء ثم يتوفاها فترجع إلى البرزخ الذي رآها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى سماء الدنيا أرواح أهل السعادة عن يمين آدم وأرواح أهل الشقاوة عن يساره عند منقطع عناصر الماء والهواء والتراب والنار تحت السماء
ولا يدل ذلك على تعادلهم بل هؤلاء عن يمينه في العلو والسعة وهؤلاء عن يساره في السفل والسجن وتجعل أرواح الأنبياء والشهداء إلى الجنة قال وقد ذكر محمد بن نصر المروزي عن إسحاق بن راهويه أنه ذكر هذا الذي قلنا بعينه وقال على هذا أجمع أهل العلم
54 قال إبن حزم وهو قول جميع أئمة الإسلام وهو قول الله تعالى { فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم } وقوله { فأما إن كان }

من المقربين ) آخرها فلا تزال الأرواح هناك حتى يتم عددها بنفخها في الأجساد ثم برجوعها إلى البرزخ فتقوم الساعة فيعيدها عز وجل إلى الأجساد وهي الحياة الثانية هذا كله كلام إبن حزم
وقيل هي على أفنية قبورها قال إبن عبد البر وهذا أصح ما قيل قال وأحاديث السؤال وعرض المقعد وعذاب القبر ونعيمه وزيارة القبور والسلام عليها وخطابهم مخاطبة الحاضر العاقل دالة على ذلك
55 قال إبن القيم وهذا القول إن أريد به أنها ملازمة للقبور ولا تفارقها فهو خطأ يرده الكتاب والسنة وعرض المقعد لا يدل على أن الروح في القبر ولا على فنائه بل إن لها إتصالا به يصح أن يعرض عليها مقعدها فإن للروح شأنا آخر فتكون في الرفيق الأعلى وهي متصلة بالبدن بحيث إذا سلم المسلم على صاحبها رد عليه السلام وهي في مكانها هناك وهذا جبريل عليه السلام رآه النبي صلى الله عليه وسلم وله ستمائة جناح منها جناحان سد الأفق فكان يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يضع ركبتيه على ركبتيه ويديه على فخذيه وقلوب المخلصين تتسع للإيمان بأن من الممكن أنه كان يدنو هذا الدنو وهو في مستقره من السماوات
وفي الحديث في رؤية جبريل فرفعت رأسه فإذا جبريل صاف قدميه بين السماء والأرض يقول يا محمد أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جبريل فجعلت لا أصرف بصري إلى ناحية إلا رأيته كذلك وعلى هذا يحمل تنزله تعالى إلى سماء الدنيا ودنوه عشية عرفة ونحوه فهو منزه عن الحركة والإنتقال وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا أشغلت مكانا لم يمكن أن تكون في غيره وهذا غلط محض وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء موسى قائما يصلي في قبره ورآه في السماء السادسة فالروح كانت هناك في مثل البدن ولها إتصال بالبدن بحيث يصلي في قبره ويرد على من يسلم عليه وهو في الرفيق الأعلى ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان وقد مثل ذلك بعضهم بالشمس في السماء وشعاعها في الأرض وإن كان غير تام المطابقة من حيث أن الشعاع إنما هو عرض للشمس أما الروح فهي بنفسها تنزل

وكذلك رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء في ليلة الإسراء في السماوات الصحيح أنه رأى فيها الأرواح في مثل الأجسام مع ورود أنهم أحياء في قبورهم يصلون وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا بلغته أخرجه البيهقي في الشعب من حديث بأبي هريرة
وقال إن الله وكل بقبري ملكا أعطاه أسماء الخلائق فلا يصلي علي أحد إلى يوم القيامة إلا أبلغني بإسمه واسم أبيه أخرجه البزار والطبراني من حديث عمار بن ياسر
هذا مع القطع بأن روحه في أعلى عليين مع أرواح الأنبياء وهو في الرفيق الأعلى فثبت بهذا أنه لا منافاة بين كون الروح في عليين أو في الجنة أو في السماء وأن لها بالبدن إتصالا بحيث تدرك وتسمع وتصلي وتقرأ وإنما يستغرب هذا لكون الشاهد الدنيوي ليس فيه ما يشابه هذا وأمور البرزخ الآخرة على نمط غير هذا المألوف في الدنيا هذا كله كلام إبن القيم
وقال في موضع آخر للروح بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأول في بطن الأم الثاني بعد الولادة الثالث في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه الرابع في البرزخ فإنها وإن كانت قد فارقته بالموت فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لم يبق لها إليه إلتفات الخامس تعلقها به يوم البعث وهو أكمل أنواع التعلقات ولا نسبة لما قبله إليه إذ لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا
وقال في موضع آخر للروح من سرعة الحركة والإنتقال الذي كلمح البصر ما يقتضي عروجها من القبر إلى السماء في أدنى لحظة وشاهد ذلك روح النائم فقد ثبت أن روح النائم تصعد حتى تخترق السبع الطباق وتسجد لله بين يدي العرش ثم ترد إلى جسده في أيسر زمان
ثم حكى إبن القيم بعد ذلك بقية الأقوال وأنها بالجابية أو بئر زمزم وأن الكفار ببرهوت وأورد ما أخرجه إبن منده بسنده من طريق سفيان عن أبان بن ثعلب

قال قال رجل بت ليلة بوادي برهوت فكأنما حشرت فيه أصوات الناس وهم يقولون يا دومة يا دومة وحدثنا رجل من أهل الكتاب أن دومة هو الملك الموكل بأرواح الكفار قال سفيان سألنا عددا من الحضرميين فقالوا لا يستطيع أحد أن يبيت فيه بالليل وأخرج إبن أبي الدنيا في كتاب القبور عن عمرو بن سليمان قال مات رجل من اليهود وعنده وديعة لمسلم وكان لليهودي إبن مسلم فلم يعرف موضع الوديعة فأخبر شعيبا الجبائي فقال أئت برهوت فإن بها عينا تسبت فإذا جئت في يوم السبت فامش عليها حتى تأتي عينا هناك فادع أباك فإنه سيجيبك فسله عما تريد ففعل ذلك الرجل ومضى حتى أتى العين فدعا أباه مرتين أو ثلاثا فأجابه فقال أين وديعة فلان فقال تحت أسكفة الباب فادفعها إليه والزم ما أنت عليه
ثم قال إبن القيم ولا يحكم على قول من هذه الأقوال بعينه بالصحة ولا غيره بالبطلان بل الصحيح أن الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت ولا تعارض بين الأدلة فإن كلا منها وارد على فريق من الناس بحسب درجاتهم في السعادة أو الشقاوة فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى وهم الأنبياء وهم متفاوتون في منازلهم كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ومنها أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وهي أرواح بعض الشهداء لا جميعهم فإن منهم من يحبس عن دخول الجنة لدين أو لغيره كما في المسند عن محمد بن عبد الله بن جحش أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما لي إن قتلت في سبيل الله قال الجنة فلما ولى قال إلا الدين سارني به جبريل آنفا ومنهم من يكون على باب الجنة كما في حديث إبن عباس ومنهم من يكون محبوسا في قبره كحديث صاحب الشملة أنها تشتعل عليه نارا في قبره ومنهم من يكون محبوسا في الأرض لم تصل روحه إلى الملأ الأعلى فإنها كانت روحا سفلية أرضية فإن الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما أنها لا تجامعها في الدنيا فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأصحاب عملها فالمرء مع من أحب ومنها أرواح تكون في تنور الزناة وأرواح في نهر الدم إلى غير ذلك فليس

للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد وكلها على إختلاف محالها وتباين مقارها لها إتصال بأجسادها في قبورها ليحصل له من النعيم والعذاب ما كتب له إنتهى كلام إبن القيم
قلت ويؤيد ما ذكره من الإتصال بالأجساد والإشتراك في النعيم أو العذاب ما أخرجه الإمام أحمد في الزهد عن وهب بن منبه أن حزقيل عليه السلام قال أتاني ملك فاحتملني حتى وضعني بقاع من الأرض قد كانت معركة وإذا فيه عشرة آلاف قتيل قد تبددت لحومهم وتفرقت أوصالهم قال فدعوتهم فإذا كل عظم قد أقبل إلى مفصله ثم نبت عليها اللحم ثم إنبسطت الجلود وأنا أنظر فقيل لي أدع أرواحهم فدعوتها فإذا كل روح قد أقبل إلى جسده لما جلسوا سألتهم فيم كنتم قالوا إنما لما متنا وفارقتنا الحياة لقينا ملك يقال له ميكائيل فقال هلموا أعمالكم وخذوا أجوركم كذلك سنتنا فيكم وفيمن كان قبلكم وفيمن هو كائن بعدكم فنظر في أعمالنا فوجدنا نعبد الأوثان فسلط الدود على أجسادنا وجعلت الأرواح تألم وسلط الغم على أرواحنا وجعلت الأجساد تألم فلم نزل كذلك نعذب حتى دعوتنا
56 وقال القرطبي الأحاديث دالة على أن أرواح الشهداء خاصة في الجنة دون غيرهم وحديث كعب ونحوه محمول على الشهداء وأما غيرهم فتارة تكون في السماء لا في الجنة وتارة تكون على أفنية القبور وقد قيل إنها تزور قبورها كل جمعة على الدوام وقال إبن العربي حديث الجريدة يستدل به على أن الأرواح في القبور تنعم أو تعذب
ثم قال القرطبي وبعض الشهداء أرواحهم خارج الجنة أيضا كما في حديث إبن عباس رضي الله عنهما على بارق نهر بباب الجنة وذلك إذا حبسهم عنها دين أو شيء من حقوق الآدميين وروى أبو موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أعظم الذنوب عند الله يلقاه بها عبد بعد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء أخرجه أبو داود قال وذهب بعض العلماء إلى أن أرواح المؤمنين كلهم في جنة المأوى ولذلك سميت جنة المأوى لأنها تأوي إليها الأرواح وهي تحت العرش فيتنعمون بنعيمها ويتنسمون طيب ريحها قال والأول أصح


57 وقال الحافظ إبن حجر في فتاويه أرواح المؤمنين في عليين وأرواح الكافرين في سجين ولكل روح بجسدها إتصال معنوي لا يشبه الإتصال في الحياة الدنيا بل أشبه شيء به حال النائم وإن كان هو أشد من حال النائم إتصالا قال وبهذا يجمع بين ما ورد أن مقرها في عليين أو سجين وبين ما نقله إبن عبد البر عن الجمهور أيضا أنها عند أفنية قبورها قال ومع ذلك فهي مأذون لها في التصرف وتأوي إلى محلها من عليين أو سجين قال وإذا نقل الميت من قبر إلى قبر فالإتصال المذكور مستمر وكذا لو تفرقت الأجزاء إنتهى قلت ويؤيد كون المقر في عليين ما أخرجه إبن عساكر من طريق إبن إسحاق قال حدثني الحسين بن عبيد الله عن إبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد قتل جعفر لقد مر بي الليلة جعفر يقتفي نفرا من الملائكة له جناحان متخضبة قوادمها بالدم يريدون بيشة بلدا باليمن
58 وأخرج إبن عدي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عرفت جعفرا في رفقة من الملائكة يبشرون أهل بيشة بالمطر
59 وأخرج الحاكم عن إبن عباس رضي الله عنهما قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريب منه إذ رد السلام وقال يا أسماء هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مروا فسلموا علينا وأخبرني أنه لقى المشركين يوم كذا وكذا قال فأصبت في جسدي من مقاديمي ثلاثا وسبعين من طعنة وضربة ثم أخذت اللواء بيدي اليمنى فقطعت ثم أخذته بيدي اليسرى فقطعت فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل وأنزل من الجنة حيث شئت وآكل من ثمارها ما شئت قالت أسماء هنيئا لجعفر ما رزقه الله من خير لكن أخاف أن لا يصدق الناس فأصعد المنبر فأخبر به الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن جعفر بن أبي طالب مر مع جبريل وميكائيل وله جناحان عوضه الله من يديه فسلم علي ثم أخبرهم بما أخبره به
60 وقال القرطبي في حديث كعب نسمة المؤمن طائر وهو يدل على أن نفسها تكون طائرا أي على صورته لا أنها تكون فيه ويكون الطائر ظرفا لها

وكذا في رواية عن إبن مسعود عند إبن ماجه أرواح الشهداء عند الله كطير خضر وفي لفظ عن إبن عباس تجول في طير خضر وفي لفظ إبن عمرو في صور طير بيض وفي لفظ عن كعب أرواح الشهداء طير خضر
قال القرطبي وهذا كله أصح من رواية في جوف طير خضر
61 وقال القابسي أنكر العلماء رواية في حواصل طير خضر لأنها حينئذ تكون محصورة ومضيقا عليها ورد بأن الرواية ثابتة والتأويل محتمل بأن يجعل في بمعنى على والمعنى أرواحهم على جوف طير خضر كقوله تعالى { ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي على جذوع وجائز أن يسمى الطير جوفا إذ هو محيط به ومشتمل عليه قاله عبد الحق
وقال غيره لا مانع من أن تكون في الأجواف حقيقة ويوسعها الله لها حتى تكون أوسع من الفضاء
62 وقال إبن دحية في التنوير قال قوم من المتكلمين هذه رواية منكرة وقالوا لا يكون روحان في جسد واحد وإن ذلك محال وقولهم جهل بالحقائق وإعترض على السنة والجماعة الثابتة فإن معنى الكلام بين فإن روح الشهيد الذي كان في جوف جسده في الدنيا يجعل في جوف جسد آخر كأنه صورة طائر فيكون في هذا الجسد الآخر كما كان في الأول وذلك مدة البرزخ إلى أن يعيد الله يوم القيامة كما خلقه وإنما الذي يستحيل في العقل قيام حياتين بجوهر واحد فيحيا الجوهر بهما جميعا وأما روحان في جسد فليس بمحال إذ لم يقل بتداخل الأجسام فهذا الجنين في بطن أمه وروحه غير روحها وقد إشتمل عليهما جسد واحد وهذا أقرب لو قيل لهم إن الطائر له روح غير روح الشهيد وهما في جسد واحد وإنما قيل في أجواف طير خضر أي في صورة طير كما نقول رأيت ملكا في صورة إنسان وهذا في غاية البيان إنتهى
63 وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في أماليه في قوله تعالى { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء } فإن قيل الأموات كلهم كذلك فكيف خصص هؤلاء فالجواب أن الكل ليس كذلك لأن الموت عبارة

عن أن تنزع الروح عن الأجساد لقوله تعالى { الله يتوفى الأنفس حين موتها } أي يأخذها وافية من الأجساد والمجاهد تنقل روحه إلى طير خضر فقد إنتقل من جسد إلى آخر بخلاف غيره فإن أرواحهم تنفى من الأجساد
64 قال وأما حديث كعب نسمة المؤمن إلى آخره فهذا العموم محمول على المجاهدين لأنه قد ورد أن الروح في القبر يعرض عليها مقعدها من الجنة والنار ولأنا أمرنا بالسلام على القبور ولولا أن الأرواح تدرك لما كان فيه فائدة إنتهى
فاختار في أرواح الشهداء أنها كانت كائنة في طير لا أنها نفسها طير ويؤيده ما تقدم عن إبن عمر رضي الله عنهما وإنما تركب في جسد آخر وهو وإن كان موقوفا فله حكم المرفوع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي وقد رأيت له شاهدا مرفوعا
65 وأخرج 7 هناد بن السري في كتاب الزهد من طريق إبن إسحاق عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال حدثنا بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الشهداء ثلاثة فأدنى الشهداء عند الله منزلة رجل خرج منبوذا بنفسه وماله لا يريد أن يقتل ولا يقتل أتاه سهم غرب فأصابه فأول قطرة تقطر من دمه يغفر له ما تقدم من ذنبه ثم يهبط الله جسدا من السماء يجعل فيه روحه ثم يصعد به إلى الله فما يمر بسماء من السماوات إلا شيعته الملائكة حتى ينتهي إلى الله فإذا أنتهي به وقع ساجدا ثم يؤمر به فيكسى سبعين حلة من الإستبرق ثم يقال إذهبوا به إلى إخوانه من الشهداء فاجعلوه معهم فيؤتى به إليهم وهم في قبة خضراء عند باب الجنة يخرج عليهم غذاؤهم من الجنة فإذا إنتهى إلى إخوانه سألوه كما تسألون الراكب يقدم عليكم من بلادكم فيقولون ما فعل فلان ما فعل فلان فيقول أفلس فلان فيقولون ما فعل بماله فوالله إنه كان لكيسا جموعا تاجرا إنا لا نعد المفلس كما تعدون إنما المفلس من الأعمال
فيقولون ما فعل فلان بإمرأته فلانة فيقول طلقها فيقولون ما الذي جرى بينهما حتى طلقها فوالله إن كان بها لمعجبا فيقولون ما فعل فلان فيقول مات

قبلي بزمان فيقولون هلك والله ما سمعنا له بذكر إن لله طريقين أحدهما علينا والآخر مخالف به عنا فإذا أراد الله بعبد خيرا مر به علينا فعرفنا متى مات وإذا أراد الله بعبد شرا خولف به عنا فلم نسمع له بذكر الحديث
قال في الصحاح أصابه سهم غرب يضاف ولا يضاف يسكن ويحرك إذا كان لا يدرى من رماه
66 وأخرج إبن منده من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن حيان بن جبلة قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الشهيد إذا أستشهد أنزل الله له جسدا كأحسن جسد ثم يقال لروحه أدخلي فيه فينظر إلى جسده الأول ما فعل به ويتكلم فيظن أنهم يسمعون كلامه فينظر إليهم فيظن أنهم يرونه حتى يأتيه أزواجه يعني من الحور العين فيذهبن به
وقال صاحب الإفصاح المنعم على جهات مختلفة منها ما هو طائر في شجر الجنة ومنها ما هو في حواصل طير خضر ومنها ما يأوي في قناديل تحت العرش ومنها ما هو في حواصل طير بيض ومنها ما هو في حواصل طير كالزرازير ومنها ما هو في أشخاص صور من صور الجنة ومنها ما هو في صورة تخلق لهم من ثواب أعمالهم ومنها ما تسرح وتتردد إلى جثتها تزورها ومنها ما تلقى أرواح المقبوضين وممن سوى ذلك ما هو كفالة ميكائيل ومنها ما هو في كفالة آدم ومنها ما هو كفالة إبراهيم
قال القرطبي وهذا قول حسن لجمع الأخبار حتى لا تتدافع
قلت ويؤيده ما في حديث الإسراء عند البيهقي في الدلائل وإبن مردويه من رواية أبي سعيد الخدري ثم صعدت إلى السماء الثانية فإذا أنا بيحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما ثم صعدت إلى السماء الثالثة فإذا أنا بيوسف ومعه نفر من قومه ثم صعدت إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس ومعه نفر من قومه ثم صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ومعه نفر من قومه ثم صعدت إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى ومعه نفر من قومه ثم صعدت إلى السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم ومعه نفر من قومه فقيل لي هذا مكانك ومكان أمتك ثم تلا { إن أولى }

الناس بإبراهيم للذين إتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ) وإذا بأمتي شطران شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب مدر الحديث فهذا يدل على تفاوت الأرواح في المراتب وأن في كل سماء قوما
67 وقال الحكيم الترمذي الأرواح تجول في البرزخ فتبصر أحوال الدنيا وأحوال الملائكة تتحدث في السماء عن أحوال الآدميين وأرواح تحت العرش وأرواح طيارة إلى الجنان إلى حيث شاءت على أقدارهم من السعي إلى الله أيام الحياة
68 وذكر البيهقي في كتاب عذاب القبر لما ذكر حديث إبن مسعود في أرواح الشهداء وحديث إبن عباس ثم أورد حديث البخاري عن البراء قال لما توفي إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا في الجنة ثم قال فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبنه إبراهيم بأنه يرضع في الجنة وهو مدفون بالبقيع في مقبرة المدينة
69 وقال إبن القيم لا منافاة بين حديث أنه طائر يعلق في شجر الجنة وبين حديث عرض المقعد بل ترد روحه أنهار الجنة وتأكل من ثمرها ويعرض عليه مقعده لأنه لا يدخله إلا يوم الجزاء بدليل أن منازل الشهداء يومئذ ليست هي التي تأوي إليها أرواحهم في البرزخ
فدخول الجنة التام إنما يكون للإنسان التام روحا وبدنا ودخول الروح فقط أمر دون ذلك




قديم 21-11-2013, 10:48 PM
  المشاركه #16
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



5 وأخرج الحكيم الترمذي في نوادره من حديث عبد الغفور بن عبد العزيز عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس على الله وتعرض على الأنبياء وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة فيفرحون بحسناتهم وتزداد وجوههم بياضا وإشراقا فاتقوا الله ولا تؤذوا أمواتكم
6 وأخرج الحكيم الترمذي وإبن أبي الدنيا في كتاب المنامات والبيهقي في شعب الإيمان عن النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله الله في إخوانكم من أهل القبور فإن أعمالكم تعرض عليهم
7 وأخرج إبن أبي الدنيا والأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفضحوا موتاكم بسيئات أعمالكم فإنها تعرض على أوليائكم من أهل القبور
8 وأخرج إبن أبي الدنيا وإبن منده وإبن عساكر عن أحمد بن عبد الله بن أبي الحواري قال حدثني أخي محمد بن عبد الله قال دخل عباد الخواص على إبراهيم بن صالح الهاشمي وهو أمير فلسطين فقال له إبراهيم عظني فقال قد بلغني أن أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم من الموتى فانظر ما تعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عملك
9 وأخرج إبن أبي الدنيا عن أبي الدرداء أنه كان يقول اللهم إني أعوذ بك أن يمقتني خالي عبد الله بن رواحة إذا لقيته
10 وأخرج إبن المبارك والأصبهاني عن أبي الدرداء قال إن أعمالكم تعرض على موتاكم فيسرون ويساؤون ويقول اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملا يخزى به عبد الله بن رواحة
11 وأخرج إبن المبارك عن عثمان بن عبد الله بن أوس أن سعيد بن جبير قال له إستأذن علي إبنة أخي وهي زوجة عثمان وهي إبنة عمرو بن أوس فاستأذن له عليها فدخل فقال كيف يفعل بك زوجك قالت إنه إلي لمحسن ما استطاع فقال يا عثمان أحسن إليها فإنك لا تصنع بها شيئا إلا جاء عمرو بن أوس فقلت هل تأتي الأموات أخبار الأحياء قال نعم ما من أحد له حميم إلا وتأتيه أخبار أقاربه فإن كان خيرا سر به وفرح وهنىء به وإن كان شرا إبتأس به

وحزن حتى إنهم يسألونه عن الرجل قد مات فيقال أو لم يأتكم فيقولون لا خولف به إلى أمه الهاوية
12 وأخرج إبن أبي الدنيا من طريق أبي بكر بن عياش عن حفار كان في بني أسد قال كنت في المقابر ليلة إذ سمعت قائلا يقول من قبر يا عبد الله قال ما لك يا جابر قال غدا تأتينا أمنا قال وما ينفعها لا تصل إلينا إن أبي قد غضب عليها وحلف أن لا يصلي عليها فلما كان من غد جاءني رجل فقال أحفر لي هنا قبرا بين القبرين للذين سمعت منهما الكلام فقلت إسم هذا جابر واسم هذا عبد الله قال نعم فأخبرته بما سمعت قال نعم وقد كنت حلفت أن لا أصلي عليها فلأكفرن عن يميني ولأصلين عليها
13 وأخرج أبو نعيم عن إبن مسعود قال صل من كان أبوك يصله فإن صلة الميت في قبره أن تصل من كان أبوك يواصله
14 وأخرج إبن حبان عن إبن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده
15 وأخرج أبو داود وإبن حبان عن أبي أسيد الساعدي قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هل بقي علي من بر والدي شيء أبرهما به بعد موتهما قال نعم أربع خصال بقين عليك الدعاء والإستغفار لهما وإنفاذ عهديهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما 42 باب ما يحبس الروح عن مقامها الكريم
1 أخرج الترمذي وإبن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه
قال العلماء معلقة أي محبوسة عن مقامها الكريم


2 وأخرج الطبراني عن أنس قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي برجل يصلى عليه فقال هل على صاحبكم دين قالوا نعم قال فما ينفعكم أن أصلي على رجل روحه مرتهن في قبره لا تصعد روحه إلى السماء فلو ضمن رجل دينه قمت فصليت عليه فإن صلاتي تنفعه
3 وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح فقال أها هنا أحد من بني فلان فإن صاحبكم قد إحتبس بباب الجنة بدين عليه فإن شئتم فافدوه وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله
4 وأخرج أحمد والبيهقي عن جابر أن رجلا مات وعليه دين ديناران فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم فتحملهما أبو قتادة فصلى عليه ثم قال له بعد ذلك بيوم ما فعل الديناران قال إنما مات أمس فعاد عليه من الغد فقال قد قضيتهما فقال الآن بردت عليه جلدته
5 وأخرج البزار والطبراني عن إبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الغداة ثم قال ها هنا أحد من هذيل إن صاحبكم محبوس على باب الجنة بدينه
6 وأخرج أحمد عن سعد بن الأطول قال مات أبونا وترك ثلثمائة درهم وعيالا ودينا فأردت أن أنفق على عياله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أباك محبوس بدينه فاقض عنه
7 وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صاحب الدين مأسور بدينه يشكو إلى الله الوحدة
8 وأخرج إبن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن شيبان بن جبير قال خرج أبي وعبد الواحد بن زيد إلى الغزو فهجموا على ركية واسعة عميقة فإذا بهمهمة فيها فدخل أحدهما الركية فإذا هو برجل على ألواح جالس وتحته الماء فقال أجني أم إنسي قال بل إنسي قال ما أنت قال أنا رجل من

أهل أنطاكية وإني مت فحبسني ربي هنا بدين علي وإن ولدي بأنطاكية ما يذكروني ولا يقضون عني
فخرج الذي كان في الركية فقال لصاحبه غزوة بعد غزوة إمش حتى نقضي عنه دينه فذهبوا حتى قضوا ذلك الدين ثم رجعا إلى موضع الركية فلم يروا ركية ولا شيئا فأمسوا وباتوا هناك فإذا الرجل قد أتاهم في منامهم فقال لهم جزاكما الله عني خيرا فإن ربي حولني إلى موضع كذا وكذا من الجنة حيث قضي عني ديني 43 باب الوصية
1 أخرج أبو الشيخ بن حبان في كتاب الوصايا عن قيس بن قبيصة مرفوعا من لم يوص لم يؤذن له في الكلام مع الموتى قيل يا رسول الله وهل تتكلم الموتى قال نعم ويتزاورون
2 وأخرج أبو أحمد الحاكم في الكنى عن جابر مرفوعا من مات على غير وصية لم يؤذن له في الكلام إلى يوم القيامة قالوا يا رسول الله ويتكلمون قبل يوم القيامة قال نعم ويزور بعضهم بعضا
3 وأخرج إبن أبي الدنيا من طريق سعيد بن خالد بن يزيد الأنصاري عن رجل من أهل البصرة كان يحفر القبور قال حفرت قبرا ذات يوم ووضعت رأسي قريبا منه فأتتني إمرأتان في منامي فقالت إحداهما يا عبد الله أنشدتك بالله إلا صرفت عنا هذه المرأة ولم تجاورنا
فاستيقظت فزعا فإذا بجنازة إمرأة قد جيء بها قلت القبر وراءكم فصرفتهم إلى غير القبر فلما كان الليل إذ أنا بالمرأتين تقول لي إحداهما جزاك الله عنا خيرا فلقد صرفت عنا شرا طويلا قلت ما بال صاحبتك لا تكلمني كما كلمتني أنت قالت هذه ماتت من غير وصية وحق لمن مات عن غير وصية أن لا يتكلم إلى يوم القيامة
4 وأخرج الديلمي من طريق أبي هدبة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت في المنام إمرأتين واحدة تتكلم والأخرى لا تتكلم كلتاهما من أهل


الجنة فقلت لها أنت تتكلمين وهذه لا تتكلم فقالت أما أنا فأوصيت وهذه ماتت بلا وصية فلا تتكلم إلى يوم القيامة 44 باب تلاقي أرواح الموتى وأرواح الأحياء في النوم تقدم فيه أثر سلمان وعبد الله بن سلام
1 قال إبن القيم وشواهد هذه المسألة وأدلتها أكثر من أن يحصيها إلا الله والحس الواقع من أعدل الشهود بها فتلتقي أرواح الأحياء والأموات كما تتلاقى أرواح الأحياء وقد قال الله تعالى { يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى }
2 وأخرج بقي بن مخلد وإبن منده في كتاب الروح والطبراني في الأوسط من طريق سعيد بن جبير عن إبن عباس في هذه الآية قال بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها
3 وأخرج إبن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى { والتي لم تمت في منامها } قال يتوفاها في منامها فتلتقي روح الحي وروح الميت فيتذاكران ويتعارفان فترجع روح الحي إلى جسده في الدنيا إلى بقية أجلها وتريد روح الميت أن ترجع إلى جسده فتحبس
4 وأخرج جويبر عن إبن عباس في الآية قال سبب ممدود ما بين المشرق والمغرب بين السماء والأرض فأرواح الموتى وأرواح الأحياء إلى ذلك السبب فتتعلق النفس الميتة بالنفس الحية فإذا أذن لهذه الحية بالإنصراف إلى جسدها لتستكمل رزقها أمسكت النفس الميتة وأرسلت الأخرى
وفي الفردوس ولم يسنده ولده من حديث أبي الدرداء الميت إذا مات دير به حول داره شهرا وحول قبره سنة ثم يرفع إلى السبب الذي تلتقي فيه أرواح الأحياء والأموات


قال إبن القيم ومن الدليل على تلاقي أرواحهم أن الحي يرى الميت في منامه فيخبره الميت بأمور غيب ثم توجد كما أخبر
قلت قال أبو محمد بن عمرو العكبري في فوائده حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن رافع بن دريج العكبري حدثنا إسماعيل بن بهرام حدثنا الأشجعي عن شيخ عن إبن سيرين قال ما حدثك الميت بشيء في النوم فهو حق لأنه في دار الحق
5 وأخرج إبن أبي الدنيا وإبن الجوزي في كتاب عيون الحكايات بسنده عن شهر بن حوشب أن الصعب بن جثامة وعوف بن مالك كانا متآخيين فقال الصعب لعوف أي أخي أينا مات صاحبه فليتراءى له قال أو يكون ذلك قال نعم فمات الصعب فرآه عوف في المنام فقال ما فعل بك قال غفر لي بعد المشاق قال ورأيت لمعة سوداء في عنقه قلت ما هذه قال عشرة دنانير إستلفتها من فلان اليهودي فهن في قرني فأعطوه إياها واعلم أنه لم يحدث في أهلي حدث بعد موتي إلا قد لحق بي خبره حتى هرة ماتت منذ أيام واعلم أن بنتي تموت إلى ستة أيام فاستوصوا بها معروفا
قال عوف فلما أصبحت أتيت أهله فنظرت إلى القرن وهو بالقاف محركا جعبة النشاب فأنزلته فإذا فيه عشرة دنانير في صرة فبعثت إلى اليهودي فقلت هل كان لك على صعب شيء قال رحم الله صعبا كان من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلفته عشرة دنانير فنبذتها إليه فقال هي والله بأعيانها فقلت هل حدث فيكم حدث بعد موت صعب قالوا نعم حدث فينا كذا وكذا فما زالوا يذكرون حتى ذكروا موت الهرة قلت أين إبنة أخي قال تلعب فأتيت بها فمسستها فإذا هي محمومة فقلت استوصوا بها معروفا فماتت لستة أيام
6 وأخرج إبن المبارك في الزهد عن عطية بن قيس عن عوف بن مالك الأشجعي أنه كان مؤاخيا لرجل يقال له محلم ثم إن محلما حضرته الوفاة فأقبل عليه عوف فقال يا محلم إذا أنت وردت فارجع إلينا فأخبرنا بالذي صنع بك قال محلم إن كان ذلك يكون لمثلي فعلت فقبض محلم ثم ثوى عوف بعده


عاما فرآه في منامه فقال يا محلم ما صنعت وما صنع بك فقال له وفينا أجورنا قال كلكم قال كلنا إلا الأحراض هلكوا في الشر الذين يشار إليهم بالأصابع والله لقد وفيت أجري كله حتى وفيت أجر هرة ضلت لأهلي قبل موتي بليلة فأصبح عوف فغدا إلى إمرأة محلم فلما دخل قالت مرحبا زور صعب بعد محلم
فقال عوف هل رأيت محلما منذ توفي قالت رأيته البارحة ونازعني في إبنتي ليذهب بها معه فأخبرنا عوف بالذي رآه وما ذكر من الهرة التي ضلت فقالت لا علم لي بذلك خدمي أعلم فدعت خدمها فسألتهم فأخبروها أنها ضلت لهم هرة قبل موت محلم بليلة ومحلم هو إبن جثامة أخو الصعب
7 وأخرج أبو الشيخ بن حبان في كتاب الوصايا والحاكم في مستدركه والبيهقي في الدلائل وأبو نعيم كلاهما عن عطاء الخراساني قال حدثتني إبنة ثابت بن قيس بن شماس أن ثابتا قتل يوم اليمامة وعليه درع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فأخذها فبينما رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت في منامه فقال أوصيك بوصية فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في أقصى الناس وعند خباءه فرس يستن في طوله وقد كفا على الدرع برمة وفوق البرمة رحل فأت خالد بن الوليد فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقل له إن علي من الدين كذا وفلان من رقيقي عتيق فلان فأتى الرجل خالدا فأخبره فبعث إلى الدرع فأتى بها وحدث أبا بكر الصديق برؤياه فأجاز وصيته قال ولا نعلم أحدا أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس


قال في الصحاح إستن الفرس قلص والطول بكسر الطاء وفتح الواو الحبل الذي يطول للدابة فترعى فيه
8 وأخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل عن كثير بن الصلت قال أغفى عثمان في اليوم الذي قتل فيه فاستيقظ فقال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي هذا فقال إنك شاهد معنا الجمعة
9 وأخرجه أيضا عن ابن عمر أن عثمان رضي الله عنه أصبح فحدث فقال إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم الليلة في المنام فقال يا عثمان أفطر عندنا فأصبح عثمان صائما فقتل من يومه فقال إنك شاهد معنا الجمعة
10 وأخرج الحاكم عن حسين بن خارجة قال لما جاءت الفتنة الأولى أشكلت علي فقلت اللهم أرني من الحق أمرا أتمسك به فأريت فيما يرى النائم الدنيا والآخرة وكان بينهما حائط غير طويل وإذ أنا تحته فقلت لو تسلقت هذا الحائط حتى أنظر إلى قتلى أشجع فيخبروني قال فانهبطت بأرض ذات شجر فإذا بنفر جلوس فقلت أنتم الشهداء قالوا نحن الملائكة قلت فأين الشهداء قالوا تقدم إلى الدرجات فارتفعت درجة الله أعلم بها من الحسن والسعة فإذا أنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وإذا إبراهيم شيخ وإذا هو يقول لإبراهيم إستغفر لأمتي وإذا إبراهيم يقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك أهرقوا دماءهم وقتلوا إمامهم فهلا فعلوا كما فعل سعد خليلي فقلت والله لقد رأيت رؤيا لعل الله أن ينفعني بها أذهب فأنظر كيف كان مكان سعد فأكون معه فأتيت سعدا فقصصت عليه القصة فما أكثر بها فرحا وقال لقد خاب من لم يكن إبراهيم خليله قلت مع أي الطائفتين أنت قال ما أنا مع واحدة منهما قلت فما تأمرني قال ألك غنم قلت لا قال فاشتر شياها وكن فيها حتى تنجلي
11 وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن سلمى قالت دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت ما يبكيك قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يبكي وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت ما لك يا رسول الله قال شهدت قتل الحسين آنفا


12 وأخرج الحاكم عن معمر قال حدثني شيخ لنا أن إمرأة جاءت إلى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت لها أدعي الله أن يطلق لي يدي قالت وما شأن يدك قالت كان لي أبوان فكان أبي كثير المال والمعروف ولم يكن عند أمي شيء من ذلك لم أرها تصدقت بشيء غير أنا نحرنا بقرة فأعطت مسكينا شحمة وألبسته خرقة فماتت أمي ومات أبي فرأيت أبي على نهر يسقي الناس فقلت يا أبتاه هل رأيت أمي قال لا فذهبت ألتمسها فوجدتها قائمة عريانة ليس عليها إلا تلك الخرقة وفي يدها تلك الشحمة وهي تضرب بها في يدها الأخرى ثم تمض أثرها وتقول واعطشاه فقلت يا أماه ألا أسقيك قالت بلى فذهبت إلى أبي فأخذت من عنده إناء فسقيتها فنبه بي بعض من كان عندها فأتى فقال من سقاها أشل الله يده فاستيقظت وقد شلت يدي
فصل
في تحقيق أن روح الحي تخرج في النوم وتسري إلى حيث شاء الله تعالى وتلاقي الأرواح وغيرها
13 أخرج الحاكم في المستدرك والطبراني في الأوسط والعقيلي عن إبن عمر رضي الله تعالى عنهما قال لقي عمر عليا فقال يا أبا الحسن الرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد ولا أمة ينام فيمتلىء نوما إلا يعرج بروحه إلى العرش فالذي لا يستيقظ إلا عند العرش فتلك الرؤيا التي تصدق والذي يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تكذب
14 وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال إن الأرواح يعرج بها في منامها إلى السماء وتؤمر بالسجود عند العرش فمن كان طاهرا يسجد عند العرش ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدا عن العرش
15 وأخرج إبن المبارك في الزهد عن أبي الدرداء قال إذا نام الإنسان عرج بروحه حتى يؤتى بها إلى العرش فإن كان طاهرا أذن لها بالسجود وإن كان جنبا لم يؤذن لها بالسجود
16 وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول بسند ضعيف عن

عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبد ربه في المنام
17 وأخرج النسائي عن خزيمة قال رأيت في المنام كأني أسجد على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال إن الروح لتلتقي بالروح
18 قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في روح اليقظة أجرى الله العادة أنها إذا كانت في الجسد كان الإنسان مستيقظا فإذا خرجت من الجسد نام الإنسان ورأت تلك الروح المنامات إذا فارقت الجسد فإذا رأتها في السماوات صحت الرؤيا إذ لا سبيل للشيطان إلى السماوات وإن رأتها دون السماوات كانت من إلقاء الشيطان فإن رجعت إلى الجسد إستيقظ الإنسان كما كان
19 وقال عكرمة ومجاهد إذا نام الإنسان كان له سبب يجري فيه الروح وأصله في الجسد فتبلغ حيث شاء الله فما دام ذاهبا فالإنسان نائم وإذا رجع إلى البدن إنتبه الإنسان وكان بمنزلة شعاع الشمس وهو ساقط بالأرض وأصله متصل بالشمس
وذكر إبن منده عن بعض العلماء أن الروح تمتد من منخره وأصله في بدنه فلو خرج بالكلية لمات كما أن السراج لو فرق بينه وبين الفتيلة لطفئت ألا ترى أن مركز النار في الفتيلة وضوؤها يملأ البيت فالروح تمتد من منخر الإنسان في منامه وتجول في البلدان ويريه الملك الموكل بأرواح العباد ما أحب ثم يرجعه إلى بدنه إنتهى
20 وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عكرمة أنه سئل عن الرجل في منامه كأنه بخراسان وبالشام وبأرض لم يطأها قال تلك الروح ترى الروح معلقة بالنفس فإذا إستيقظت جر النفس الروح
21 وأخرج من وجه آخر عن عكرمة في قوله { وهو الذي يتوفاكم بالليل } الآية قال ما من ليلة إلا والله يقبض الأرواح كلها فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار ثم يدعو ملك الموت فيقول إقبض هذا وهذا




قديم 21-11-2013, 10:52 PM
  المشاركه #17
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



وقفــــــــات رائعه من سلفنا الصالح ..

وأخرج إبن أبي الدنيا عن أبي كريمة قال جاءني رجل فقال رأيت كأني أدخلت الجنة فانتهيت إلى روضة فيها أيوب ويونس وإبن عون والتيمي قلت أين سفيان الثوري قال ما نرى ذلك إلا كما نرى الكوكب
وأخرج عن مالك بن دينار قال رأيت محمد بن واسع في الجنة ورأيت محمد بن سيرين في الجنة فقلت أين الحسن قال عند سدرة المنتهى
36 وأخرج عن يزيد بن هارون قال رأيت محمد بن يزيد الواسطي في المنام فقلت ما صنع الله بك قال غفر لي قلت بماذا قال بمجلس جلسه إلينا أبو عمرو البصري يوم جمعة بعد العصر فدعا وأمنا فغفر لنا منذ فارقناكم

37 وأخرج عن عقبة بن أبي ثبيت قال رأيت خليد بن سعيد في منامي بعد موته فقلت ما صنعت قال أفلتنا ولم نكد نتفلت قلت متى عهدكم بالقرآن قال لا عهد لنا به منذ فارقناكم
38 وأخرج الخطيب في تاريخ بغداد عن محمد بن سالم الخواص قال رأيت يحيى بن أكثم القاضي في النوم فقلت ما فعل الله بك قال أوقفني بين يديه وقال لي يا شيخ السوء لولا شيبتك لأحرقتك بالنار فأخذني ما يأخذ العبد بين يدي مولاه فلما أفقت قال لي يا شيخ السوء لولا شيبتك لأحرقتك بالنار فأخذني ما يأخذ العبد بين يدي مولاه فلما أفقت قال لي يا شيخ السوء فذكر الثالثة مثل الأوليين فلما أفقت قلت يا رب ما هكذا حدثت عنك فقال الله تعالى وما حدثت عني وهو أعلم بذلك
قلت حدثني عبد الرزاق بن همام قال حدثنا معمر بن راشد عن إبن شهاب الزهري عن أنس بن مالك عن نبيك صلى الله عليه وسلم عن جبريل عنك يا عظيم أنك قلت ما شاب لي عبد في الإسلام شيبة إلا إستحييت منه أن أعذبه بالنار فقال الله صدق عبد الرزاق وصدق معمر وصدق الزهري وصدق أنس وصدق نبيي وصدق جبريل وأنا قلت ذلك إنطلقوا به إلى الجنة
39 وأخرج إبن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي بكر الفزاري قال بلغني أن بعض إخوان أحمد بن حنبل رآه في النوم بعد موته فقال يا أحمد ما فعل الله بك فقال أوقفني بين يديه وقال لي يا أحمد صبرت على الضرب أن قلت ولم تتغير إن كلامي منزل غير مخلوق وعزتي لأسمعنك كلامي إلى يوم القيامة فأنا أسمع كلام ربي عز وجل
40 وأخرج عن محمد بن عوف قال رأيت محمد بن المصفى الحمصي في النوم فقلت إلام صرت قال إلى خير ومع ذلك فنحن نرى ربنا كل يوم مرتين فقلت يا عبد الله صاحب سنة في الدنيا وصاحب سنة في الآخرة فتبسم إلي
41 وأخرج عن محمد بن الفضل قال رأيت منصور بن عمار في النوم بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال أوقفني بين يديه وقال لي كنت تخلط ولكني قد غفرت لك لأنك كنت تحببني إلى خلقي قم فمجدني بين ملائكتي كما

كنت تمجدني في الدنيا فوضع لي كرسي فمجدت الله بين ملائكته
42 وأخرج عن أبي الحسن الشعراني قال رأيت منصور بن عمار في المنام بعد موته فقلت ما فعل الله بك فقال قال لي أنت منصور بن عمار قلت نعم يارب قال أنت الذي كنت تزهد الناس في الدنيا وترغبهم في الآخرة قلت قد كان ذلك ولكني ما اتخذت مجلسا إلا بدأت بالثناء عليك وثنيت بالصلاة على نبيك وثلثت بالنصيحة لعبادك قال صدقت ضعوا له كرسيا يمجدني في سمائي كما مجدني في أرضي بين عبادي
43 وأخرج عن سليم بن منصور بن عمار قال رأيت أبي في المنام بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال قربني وأدناني وقال لي يا شيخ السوء تدري لم غفرت لك قلت لا يا إلهي قال لأنك جلست للناس يوما مجلسا فبكيتهم فبكى فيهم عبد من عبادي لم يبك من خشيتي قط فغفرت له ووهبت له أهل المجلس كلهم ووهبتك فيمن وهبته له
44 وأخرج عن سلمة بن عفان قال رأيت وكيعا في المنام بعد موته فقلت ما صنع الله بك قال أدخلني الجنة قلت بأي شيء قال بالعلم
45 وأخرج عن أبي يحيى المستملي بن همام قال رأيت أبا همام في المنام بعد موته وعلى رأسه قناديل معلقة فقلت يا أبا همام بم نلت هذه القناديل قال هذا بحديث الحوض وهذا بحديث الشفاعة وهذا بحديث كذا
46 وأخرج عن سفيان بن عيينة قال رأيت الثوري في المنام فقلت أوصني قال أقل من مخالطة الناس قلت زدني قال سترد فتعلم
47 وأخرج عن أبي الربيع الزهراني قال حدثني جار لي قال رأيت إبن عوف في النوم بعد موته فقلت ما صنع الله بك قال ما غربت الشمس من يوم الإثنين حتى عرضت علي صحيفتي فرحمني وغفر لي وكان مات يوم الإثنين
48 وأخرج عن أبي عمرو الخفاف قال رأيت محمد بن يحيى الذهلي في النوم بعد موته فقلت فما فعل بك ربك قال غفر لي قلت فما فعل عملك قال كتب بماء الذهب ورفع في عليين
49 وأخرج عن الأستاذ أبي الوليد قال رأيت أبا العباس الأصم في المنام فقلت له ماذا إنتهى حالك أيها الشيخ فقال أنا مع أبي يعقوب البويطي

والربيع بن سليمان في جوار أبي عبد الله الشافعي نحضر كل يوم في ضيافته
50 وأخرج عن سهل أخي حزم قال رأيت مالك بن دينار بعد موته فقلت ماذا قدمت به على الله قال قدمت بذنوب كثيرة محاها عني حسن الظن بالله
51 وأخرج عن إمرأة من أهل اليمن قالت رأيت رجاء بن حيوة في النوم فقلت ألم تمت قال بلى ولكن نودي في أهل الجنة أن تلقوا الجراح بن عبد الله وذلك قبل أن يأتي خبر الجراح ثم جاء نعي الجراح فحسب فوجد قد أستشهد بأذربيجان ذلك اليوم
52 وأخرج عن عتبة بن أبي حكيم عن إمرأة من بيت المقدس قال كان رجاء بن حيوة جليسا لنا وكان نعم الجليس فمات فرأيته بعد شهر فقلت إلام صرتم قال إلى خير ولكنا فزغنا بعدكم فزعة ظننا أن القيامة قد قامت قلت وفيم ذلك قال دخل الجراح وأصحابه الجنة بأثقالهم حتى إزدحموا على بابها
53 وأخرج عن الأصمعي عن أبيه قال رأى رجل في المنام جريرا الخطفي بعد موته فقال له ما فعل بك ربك قال غفر لي قال بماذا قال بتكبيرة كبرتها في ظهر ماء بالبادية قال فما فعل أخوك الفرزدق قال إنما أهلكه قذف المحصنات
54 وأخرج عن ثور بن يزيد الشامي قال رأيت الكميت بن زيد في النوم بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي ونصب لي كرسيا وأجلسني عليه وأمرت بإنشاد طريب فما بلغت إلى قولي
( حنانيك رب الناس من أن يغرني ** كما غرهم شرب الحياة المصرد )
قال صدقت يا كميت إنه ما غرك ما غرهم فقد غفرت لك بصدقك في صفوتي من بريتي وخيرتي من خليقتي وجعلت لك بكل منشد أنشد بيتا من مدحك آل محمد رتبة أرفعها لك في الآخرة إلى يوم القيامة
55 وأخرج عن إبن الشعشاع المصري قال رأيت أبا بكر بن الناي أحد من قتله بنو عبيد على السنة بعد ما قتل في المنام وهو في أحسن هيئة

فقلت ما فعل بك ربك فقال
( حباني مالكي بدوام عز ** وواعدني بقرب الإنتصار )
( وقربني وأدناني إليه ** وقال إنعم بعيش في جواري )
56 وأخرج عن عبد الرحمن بن مهدي قال رأيت سفيان الثوري في النوم بعد موته فقلت له ما فعل الله بك فقال لم يكن إلا أن وضعت في اللحد ووقفت بين يدي الله فحاسبني حسابا يسيرا ثم أمر بي إلى الجنة فبينا أنا بين رياحينها وأشجارها لا أسمع حسا ولا حركة فإذا بصوت يقول يا سفيان بن سعيد هل تعلم أنك آثرت الله على نفسك فقلت إي والله فأخذتني صواني النثار من كل جانب
57 وأخرج عن أحمد بن حنبل قال رأيت الشافعي في النوم فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لي وتوجني وزوجني وقال لي بما لم تزه بما أرضيتك ولم تتكبر فيما أعطيتك
58 وأخرج عن الربيع بن سليمان قال رأيت الشافعي في النوم فقلت ما صنع الله بك قال أجلسني على كرسي من ذهب ونثر علي اللؤلؤ الرطب
59 وأخرج عن إسماعيل بن إبراهيم الفقيه قال رأيت الحافظ أبا أحمد الحاكم في النوم بعد موته فقلت أي الفرق أكثر نجاة عندكم قال أهل السنة
60 وأخرج عن خيثمة بن سليمان قال رأيت عاصما الطراي أحد الغزاة في النوم بعد ما توفي فقلت أي شيء حالك يا أبا علي فقال إنا لا نكتني بعد الموت ولم يجبني بعد هذا فقلت أي شيء حالك يا عاصم وإلام صرت قال صرت إلى رحمة واسعة وجنة عالية قلت بماذا قال بكثرة جهادي في البحر
61 وأخرج عن مالك بن دينار قال رأيت مسلم بن يسار في النوم فقلت له ماذا لقيت بعد الموت قال لقيت أهوالا وزلازل عظاما شدادا قلت فما كان بعد ذلك قال وما تراه يكون من الكريم قبل منا الحسنات وعفا لنا عن السيئات وضمن لنا التبعات


62 وأخرج عن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي العباسي قال رأيت أبا جعفر محمد بن جرير في النوم فقلت كيف رأيت الموت قال ما رأيت إلا خيرا قلت كيف رأيت هول المطلع قال ما رأيت إلا خيرا قلت كيف رأيت منكرا ونكيرا قال ما رأيت إلا خيرا فقلت إن ربك بك حفي اذكرنا عند ربك قال يا أبا علي تقول اذكرنا عند ربك ونحن نتوسل بكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
63 وأخرج عن حبيش بن مبشر قال رأيت يحيى بن معين في المنام فقلت ما فعل الله بك قال قربني وأدناني وأعطاني وحباني وزوجني ثلثمائة حوراء وأدخلني عليه مرتين فقلت بماذا فأخرج شيئا من كمه وقال بهذا يعني الحديث
64 وأخرج عن سليمان العمري قال رأيت أبا جعفر القارىء يزيد بن القعقاع في النوم بعد موته فقال أقرىء إخواني مني السلام وأخبرهم أن الله جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين وأقرىء أبا حازم مني السلام وقل له يقول لك أبو جعفر الكيس الكيس فإن الله تعالى وملائكته ينزلون مجلسك بالعشيات
65 وأخرج عن زكريا بن عدي قال رأيت إبن المبارك في النوم بعد موته فقلت له ما صنع الله بك قال غفر لي برحلتي
66 وأخرج عن محمد بن فضيل بن عياض قال رأيت إبن المبارك في النوم فقلت أي العمل وجدت أفضل قال الأمر الذي كنت فيه قلت الرباط والجهاد قال نعم
67 وأخرج عن يزيد بن مذعور قال رأيت الأوزاعي في منامي بعد موته فقلت يا أبا عمرو دلني على شيء أتقرب به إلى الله قال ما رأيت هناك درجة أرفع من درجة العلماء ومن بعدهم درجة المحزونين
68 وأخرج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال رأيت أبي في النوم بعد موته فقلت أي الأعمال وجدت أفضل قال الإستغفار يا بني
69 وأخرج عن عبد الله بن عبد الرحمن قال رأيت الخليفة المتوكل في النوم بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي قلت بم غفر لك وقد

عملت ما عملت قال بالقليل من السنة التي أظهرتها
70 وأخرج عن حجاج بن قبيلة قال شهدت الحسن والفرزدق عند قبر فقال الحسن للفرزدق ما أعددت لهذا اليوم قال شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة فسكت الحسن قال لبطة بن الفرزدق فرأيت أبي في النوم بعد موته فقال لي يا بني نفعتني الكلمة التي خاطبت بها الحسن
71 وأخرج عن عبد الله بن صالح الصوفي قال رؤي بعض أصحاب الحديث في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي قيل له بأي شيء قال بصلاتي في كتبي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
72 وأخرج عن يزيد بن نعامة قال رأى رجل حي ميتا فقال له الميت يا فلان أخبر الناس أن وجه عامر بن قيس يوم القيامة مثل القمر ليلة البدر
73 وأخرج عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال رأيت أبي في المنام بعد موته وعليه قلنسوة طويلة فقلت ما فعل الله بك قال زينني بزينة العلم قلت فأين مالك بن أنس قال مالك فوق فوق فلم يزل يقول فوق ويرفع رأسه حتى سقطت القلنسوة عن رأسه
74 وأخرج عن خشنام إبن أخت بشر الحافي قال رأيت خالي في النوم فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لي وجعل يذكر ما فعل الله به من الكرامة فقلت له قال لك شيئا قال نعم قال لي يا بشر وما استحييت مني تخاف ذلك الخوف كله على نفس هي لي
75 وأخرج عن الحسين بن إسماعيل المحاملي قال رأيت القاشاني في النوم فقلت ما فعل الله بك فأومأ إلي بأنه نجا بعد شدة قلت فما تقول في أحمد بن حنبل قال غفر الله له قلت فبشر الحافي قال ذاك تجيئه الكرامة من الله في كل يوم مرتين
76 وأخرج عن عاصم الحربي قال رأيت في المنام كأني دخلت في درب هشام فلقيني بشر الحافي فقلت من أين قال من عليين قلت ما فعل الله بأحمد بن حنبل قال تركت الساعة أحمد بن حنبل وعبد الوهاب الوراق

بين يدي الله يأكلان ويشربان ويتنعمان قلت فأين أنت قال علم الله قلة رغبتي في الطعام فأباحني بالنظر إليه عز وجل
77 وأخرج عن أبي جعفر السقاء قال رأيت بشرا الحافي ومعروفا الكرخي في النوم كأنهما جائيان فقلت من أين فقالا من جنة الفردوس وقد زرنا موسى كليم الرحمن عز وجل
78 وأخرج عن القاسم بن منبه قال رأيت بشرا الحافي في النوم فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي وقال يا بشر قد غفرت لك ولكل من تبع جنازتك فقلت يا رب ولكل من أحبني قال ولكل من أحبك إلى يوم القيامة
79 وأخرج عن أحمد الدوري قال مات جار لي فرأيته في النوم وعليه حلتان قلت إيش قصتك قال دفن في مقبرتنا بشر الحافي فكسي أهل المقبرة حلتين حلتين
80 وأخرج عن حجاج بن الشاعر قال رؤي بشر الحافي في النوم فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي وقال يا بشر ما عبدتني على قدر ما نوهت بإسمك
81 وأخرج عن رجل أنه رأى بشرا الحافي في النوم فقال له ما فعل الله بك قال غفر لي وقال لي يا بشر لو سجدت لي على الجمر ما كافأت ما جعلت لك في قلوب عبادي
82 وأخرج عن محمد بن خزيمة قال لما مات أحمد بن حنبل إغتممت غما شديدا فبت ليلتي فرأيته في المنام وهو يتبختر في مشيته فقلت يا أبا عبد الله أي مشية هذه فقال مشية الخدام في دار السلام فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي وتوجني وألبسني نعلين من ذهب وقال يا أحمد هذا بقولك إن القرآن كلامي ثم قال لي يا أحمد إدعني بتلك الدعوات التي كنت تدعو بها في دار الدنيا فقلت يا رب كل شيء فقال لي هيه فقلت بقدرتك على كل شيء فقال لي صدقت فقلت لا تسألني عن شيء وإغفر لي كل شيء قال قد فعلت ثم قال يا أحمد هذه الجنة فقم فادخل إليها فدخلت فإذا بسفيان الثوري وله جناحان أخضران يطير بهما من نخلة إلى نخلة ويقول { الحمد لله }

الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين ) قلت له ما فعل عبد الوهاب الوراق قال تركته في بحر من نور في زلال من نور بين يدي ربه الملك الغفور قلت له ما فعل بشر الحافي قال بخ بخ ومن مثل بشر تركته بين يدي الملك الجليل وبين يديه مائدة من الطعام والجليل يقبل عليه وهو يقول كل يا من لم يأكل واشرب يا من لم يشرب وانعم يا من لم ينعم في دار الدنيا
83 وأخرج عن دلف بن أبي دلف العجلي قال رأيت أبي في المنام في دار وحشة وعرة سوداء الحيطان وإذا في أرضها أثر الرماد وإذا أبي عريان واضع رأسه بين ركبتيه فقال لي كالمستفهم دلف قلت نعم أصلح الله الأمير فأنشأ يقول
( أبلغن أهلنا ولا تخف عنهم ** ما لقينا في البرزخ الخناق )
( قد سئلنا عن كل ما قد فعلنا ** فارحموا وحشتي وما قد ألاقي ) أفهمت قلت نعم ثم أنشأ يقول
( فلو أنا إذا متنا تركنا ** لكان الموت راحة كل حي )
( ولكنا إذا متنا بعثنا ** فنسأل بعده عن كل شيء )
إنصرف قال فانتبهت
84 وأخرج عن الأصمعي عن أبيه قال رأيت الحجاج في المنام فقلت ما فعل الله بك قال قتلني بكل قتلة قتلت بها إنسانا سبعين قتلة ثم رأيته بعد الحول فقلت ما صنع الله بك قال أما سألت عن هذا عام أول
85 وأخرج عن عمر بن عبد العزيز قال رأيت في المنام كأن جيفة ملقاة فقلت ما هذه قالوا إنك إن كلمته كلمك فوكزته برجلي فرفع رأسه

إلي وفتح عينيه فقلت له من أنت قال أنا الحجاج قدمت على الله فوجدته شديد العقاب فقتلني بكل قتلة قتلة وها أنا موقوف بين يدي الله أنتظر ما ينتظره الموحدون من ربهم إما إلى الجنة وإما إلى النار
86 وأخرج عن أشعث قال رأيت الحجاج في منامي بحال سيئة قلت ما صنع بك ربك قال ما قتلت أحدا قتلة إلا قتلني بها قلت ثم مه قال ثم أرجو ما يرجو أهل لا إله إلا الله
87 وأخرج عن أبي الحسن قال رأيت فيما يرى النائم كأني أدخلت موضعا واسعا وإذا رجل على سرير قاعد وإذا رجل يقلي بين يديه قلت من هذا القاعد قيل إن ذا يزيد النحوي وهذا أبو مسلم يعني الخراساني صاحب الدعوة يقلي بين يديه قلت فما حال إبراهيم الصائغ قال ذاك في أعلى عليين من يصل إليه قال أبو الحسين وقيل لي في المنام إن هذا الذي رأيته رآه رجل صالح في كور خراسان فكان يجيئنا بعد ذلك ويذكر أن ببلخ رجلا رأى هذه الرؤيا وبسمرقند وجورجان وكور خراسان
88 وأخرج عن أحمد بن عبد الرحمن المعبر قال رأيت صالح بن عبد القدوس ضاحكا مستبشرا فقلت ما فعل بك ربك وكيف نجوت مما كنت ترمى به من الزندقة قال إني وردت على ربي لا تخفى عليه خافية فاستقبلني برحمته قال قد علمت براءتك مما كنت ترمى به
89 وأخرج عن أبي يزيد طيفور البسطامي قال رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النوم فقلت يا أمير المؤمنين علمني كلمة تنفعني فقال ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء رجاء ثواب الله قلت زدني قال وأحس منه تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بما عند الله قلت زدني قال وأحسن منه ففتح كفه فإذا فيه مكتوب بماء الذهب
( قد كنت ميتا فصرت حيا ** وعن قليل تكون ميتا )
( فابن بدار البقاء بيتا ** واهدم بدار الفناء بيتا )
90 وأخرج عن بعض المكيين قال رأيت سعيد بن سالم القداح في النوم فقلت من أفضل من في هذه القبور قال صاحب هذا القبر قلت بم

فضلكم قال إنه أبتلي فصبر قلت ما فعل فضيل بن عياض قال هيهات كسي حلة لا تقوم لها الدنيا بحواشيها
91 وأخرج عن أبي الفرج غيث بن علي قال رأيت أبا الحسن العاقولي المقرىء في النوم في هيئة صالحة فسألته عن حاله فذكر خيرا قلت أليس قد مت قال بلى قلت كيف رأيت الموت قال حسن أو جيد وهو مستبشر قلت غفر لك دخلت الجنة قال نعم قلت فأي الأعمال أنفع قال ما ثم شيء أنفع من الإستغفار أكثر منه
92 وأخرج عن الحسن بن يونس الحراني قال رأيت الهاجور الأمير في النوم فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لي قلت بماذا قال بضبطي لطريق المسلمين وطريق الحاج
93 وأخرج عن أبي نصر بن ماكولا قال رأيت في المنام كأني أسأل عن حال أبي الحسن الدارقطني في الآخرة فقيل لي ذاك يدعى في الجنة الإمام
94 وأخرج عن أبي نصر خلف الوزان قال رؤي يوسف بن الحسين الرازي الصوفي في النوم فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي ورحمني قلت بماذا قال بكلمات قلتها عند الموت قلت اللهم نصحت الناس قولا وخنت نفسي فعلا فهب لي خيانة فعلي لنصيحة قولي
95 وأخرج عن عبد الله بن صالح قال رؤي أبو نواس في المنام وهو في نعمة كبيرة فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي وأعطاني هذه النعمة قيل بماذا وقد كنت مخلطا قال جاء بعض الصالحين إلى المقابر في ليلة من الليالي فبسط رداءه وصلى ركعتين قرأ فيهما ألفي مرة { قل هو الله أحد } وجعل ثوابها لأهل المقابر فغفر الله لأهل المقابر عن آخرهم فدخلت أنا في جملتهم
96 وأخرج عن محمد بن نافع قال رأيت أبا نواس وأنا بين النائم واليقظان فقلت أبو نواس قال لات حين كنيته قلت الحسن بن هانىء قال نعم قلت ما فعل الله بك قال غفر لي بأبيات قلتها هي تحت الوسادة فأتيت أهله فرفعت لي الوسادة فإذا برقعة فيها مكتوب


( يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ** فلقد علمت بأن عفوك أعظم )
( إن كان لا يرجوك إلا محسن ** فبمن يلوذ ويستجير المجرم )
( أدعوك رب كما أمرت تضرعا ** فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم )
( ما لي إليك وسيلة إلا الرجا ** وجميل عفوك ثم أني مسلم )
97 وأخرج عن أبي بكر الأصبهاني قال رؤي أبو نواس في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي بأبيات قلتها في النرجس وهي
( تأمل في نبات الأرض وانظر ** إلى آثار ما صنع المليك )
( عيون من لجين شاخصات ** بأحداق كما الذهب السبيك )
( على قضب الزبرجد شاهدات ** بأن الله ليس له شريك )
( وأن محمدا عبد رسول ** إلى الثقلين أرسله المليك )
98 وأخرج عن عبد الله بن محمد المروزي قال رأيت يعقوب بن سفيان الحافظ في النوم فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي وأمرني أن أحدث في السماء كما كنت أحدث في الأرض فحدثت في السماء الرابعة فاجتمع علي الملائكة واستملى على جبريل وكتبوا بأقلام من ذهب
99 وأخرج عن أبي عبيد بن حربويه أن رجلا حضر جنازة السري السقطي فلما كان في بعض الليل رآه في النوم فقال ما فعل الله بك قال غفر لي ولمن حضر جنازتي وصلى علي قال فإني ممن حضر جنازتك وصلى عليك فأخرج درجا فنظر فيه فلم ير فيه إسمه فقال بلى قد حضرت قال فنظر فإذا إسمه في الحاشية
100 وأخرج عن أبي القاسم ثابت بن أحمد بن الحسين البغدادي قال رأيت أبا القاسم سعد بن محمد الزنجاني في النوم يقول لي مرة بعد أخرى يا أبا القاسم إن الله يبني لأهل الحديث بكل مجلس يجلسونه بيتا في الجنة
101 وأخرج عن محمد بن مسلم بن داره قال رأيت أبا زرعة في المنام فقلت له ما حالك قال أحمد الله على الأحوال كلها إن أحضرت

فوقفت بين يدي الله فقال لي يا عبيد الله لم تدرعت في القول في عبادي قلت يا رب إنهم حاولوا دينك قال صدقت ثم أتي بطاهر الخلقاني فاستعديت عليه إلى ربي فضربه الحد مائة ثم أمر إلى الحبس ثم قالوا ألحقوا عبيد الله بأصحابه بأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله سفيان الثوري ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل
102 وأخرج عن حفص بن عبد الله قال رأيت أبا زرعة في النوم بعد موته يصلي في السماء الدنيا بالملائكة قلت بم نلت هذا قال كتبت بيدي ألف ألف حديث أقول فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى عليه بها عشرا
103 وأخرج عن يزيد بن مخلد الطرسوسي قال رأيت أبا زرعة بعد موته يصلي في السماء الدنيا بقوم عليهم ثياب بيض وعليه ثياب بيض وهم يرفعون أيديهم في الصلاة فقلت يا أبا زرعة من هؤلاء قال الملائكة قلت بأي شيء أدركت هذا قال برفع اليدين في الصلاة قلت فإن الجهيمة قد آذوا أصحابنا بالري قال أسكت فإن أحمد بن حنبل قد سد عليهم الماء من فوق
104 وأخرج عن أبي العباس المرادي قال رأيت أبا زرعة فقلت ما فعل الله بك قال لقيت ربي فقال لي يا أبا زرعة إني أوتى بالطفل فآمر به إلى الجنة فكيف بمن حفظ السنن على عبادي تبوأ من الجنة حيث شئت
105 وأخرج إبن عساكر عن صدقة بن يزيد قال نظرت إلى ثلاثة أقبر على شرف من الأرض بناحية طرا أو أنطا أحدها مكتوب عليه هذه
( وكيف يلد العيش من هو موقن ** بأن المنايا بغتة ستعالجه )
( وتسلبه ملكا عظيما ونحوه ** وتسكنه البيت الذي هو أهله )
وعلى القبر الثاني
( وكيف يلد العيش من هو عالم ** بأن إله الخلق لا بد سائله )
( فيأخذ منه ظلمه لعباده ** ويجزيه بالخير الذي هو فاعله
)




قديم 21-11-2013, 10:53 PM
  المشاركه #18
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



وعلى القبر الثالث
( وكيف يلد العيش من هو صائر ** إلى جدث تبلي الشباب منازله )
( ويذهب حسن الوجه من بعد ضوئه ** سريعا ويبلى جسمه ومفاصله )
فنزلت قرية بالقرب منها فقلت لشيخ بها لقد رأيت عجبا قال وما ذاك قلت رأيت هذه القبور قال حديثها أعجب مما رأيت عليها قلت فحدثني قال كانوا ثلاثة إخوة واحد يصحب السلطان ويؤمر على الجيوش والمدن وآخر تاجر موسر مطاع في تجارته وآخر زاهد قد تخلى وانفرد لعبادة ربه فحضرت الزاهد الوفاة فأتاه أخوه صاحب السلطان وكان عبد الملك بن مروان قد ولاه ببلاده وأتاه التاجر فقالا له توصي بشيء فقال والله ما لي مال أوصي به ولا علي دين أوصي به ولا أخلف من الدنيا عرضا ولكن أعهد إليكما عهدا فلا تخالفاه إذا مت فادفناني على نشز من الأرض واكتبا على قبري وكي يلذ العيش من هو عالم البيتين ثم زوروا قبري ثلاثة أيام لعلكما تتعظان
ففعلا ذلك فلما كان اليوم الثالث أتى أخوه صاحب السلطان القبر فلما أراد الإنصراف سمع من داخل القبر هدة أرعبته وأفزعته فانصرف مذعورا وجلا
فلما كان الليل رأى أخاه في المنام فقال أي أخي ما الذي سمعت في قبرك قال هدة تلك المقمعة قيل لي رأيت مظلوما فلم تنصره فأصبح فدعا أخاه وخاصته فقال إني أشهدكم أني لا أقيم بين ظهرانيكم أبدا فترك الأمارة ولزم العبادة وكان مأواه البراري والجبال وبطون الأودية فحضرته الوفاة فحضر أخوه فقال يا أخي ألا توصي بشيء قال ما لي مال ولا علي دين ولكن أعهد إليك إذا أنا مت فاجعل قبري إلى جنب قبر أخي واكتب عليه وكيف يلذ العيش من هو موقن البيتين ثم تعهد قبري ثلاثا
فلما مات فعل أخوه ذلك فلما كان في اليوم الثالث من إتيانه القبر أراد الإنصراف فسمع وجبة من القبر كادت تذهب عقله فرجع مرعوبا فلما كان

الليل رأى أخاه في منامه فقال كيف أنت قال بكل خير وما أجمع التوبة لكل خير فقال فكيف أخي قال مع الأئمة الأبرار قال فما أمرنا قبلكم قال من قدم شيئا وجده فاغتنم وجدك قبل فقرك فأصبح الأخ الثالث معتزلا للدنيا وفرق ماله وأقبل على طاعة الله تعالى ونشأ إبن له في المكاسب حتى أتت أباه الوفاة قال يا أبت ألا توصي لي بشيء قال يا بني ما لي مال فأوصي فيه ولكن أعهد إليك إذا أنا مت أن تدفني مع عميك وأن تكتب على قبري وكيف يلذ العيش من هو صائر البيتين ثم تعاهد قبري ثلاثا
ففعل الفتى ذلك فلما كان اليوم الثالث سمع من القبر صوتا هاله فانصرف مهموما فلما كان الليل رأى أباه في منامه قال له يا بني أنت عندنا عن قليل والأمر جد فاستعد وتأهب لرحيلك وطول سفرك وحول جهازك من المنزل الذي أنت عنه ظاعن إلى المنزل الذي أنت به قاطن ولا تغتر بما إغتر به البطالون من طول آمالهم فقصروا في أمر معادهم فندموا عند الموت وأسفوا على تضييع العمر فلا الندامة عند الموت تنفعهم ولا الأسف على التقصير أنقذهم
أي بني فبادر ثم بادر ثم بادر فقال الشيخ فدخلت على الفتى صبيحة الرؤيا فقصها علي وقال ما أرى الأمر الذي قال أبي إلا وقد أظلني ولا أحسب بقي من أجلي إلا ثلاثة أشهر أو ثلاثة أيام لأنه أنذرني بالمبادرة ثلاثا فلما كان آخر اليوم الثالث دعا أهله وولده فودعهم ثم إستقبل القبلة وتشهد ثم مات من الليل 45 باب تأذي الميت بما يبلغه عن الأحياء من القول فيه والنهي عنه سبه وأذاه
1 أخرج الديلمي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته
2 قال القرطبي يجوز أن يكون الميت يبلغ من أفعال الأحياء وأقوالهم ما

يؤذيه بلطيفة يحدثها الله تعالى لهم من ملك مبلغ أو علامة أو دليل أو ما شاء الله فذلك زجر عن سوء القول في الأموات
وقال يجوز أن يكون المراد به أذى الملك له من التغليظ والتقريع تمحيصا لما كان يأتيه من المعاصي
3 وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا
4 وأخرج النسائي عن صفية بنت شيبة قالت ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوء فقال لا تذكروا هلكاكم إلا بخير
5 وأخرج أبو داود والترمذي وإبن أبي الدنيا عن إبن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم
6 وأخرج إبن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تذكروا موتاكم إلا بخير إن يكونوا من أهل الجنة تأثموا وإن يكونوا من أهل النار فحسبهم ما هم فيه 46 باب تأذي الميت بالنياحة عليه
1 أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أنه قيل لها إن إبن عمر يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن الميت يعذب ببكاء الحي قالت وهل أبو عبد الرحمن إنما قال أهل الميت يبكون عليه وإنه ليعذب بجرمه
2 وأخرج إبن سعد عن يوسف بن ماهك قال رأيت إبن عمر حضر جنازة

رافع بن خديج فقال إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه فقال إبن عباس إن الميت لا يعذب ببكاء الحي
وقد ورد حديث الميت يعذب ببكاء الحي عليه أيضا من رواية أبي بكر الصديق رضي الله عنه أخرجه أبو يعلى بلفظ ينضح عليه الحميم ببكاء الحي وعمر بن الخطاب ولفظه إن الميت يعذب بالنياحة عليه في قبره أخرجه البخاري وأنس وعمران بن حصين عند إبن حبان في صحيحه وسمرة بن جندب عند الطبراني في الكبير وأبو هريرة عند أبي يعلى والمغيرة بن شعبة عند إبن منده
فاختلف العلماء في ذلك على مذاهب أحدها أنه على ظاهره مطلقا وهو رأي عمر بن الخطاب وإبنه الثاني لا مطلقا الثالث أن الباء للحال أي أنه يعذب حال بكائهم عليه والتعذيب بما له من ذنب لا بسبب البكاء الرابع أنه خاص بالكافر والقولان عن عائشة رضي الله عنها الخامس أنه خاص بمن كان النوح من سنته وطريقته وعليه البخاري
السادس أنه فيمن أوصى به كما قال القائل
( إذا مت فانعيني بما أنا أهله ** وشقي علي الجيب يا بنة معبد )
السابع أنه فيمن لم يوص بتركه فتكون الوصية بذلك واجبة إذا علم أن من شأن أكفله أن يفعلوا ذلك
الثامن أن التعذيب بالصفات التي يبكون بها عليه وهي مذمومة شرعا كما كان أهل الجاهلية يقولون يا مرمل النسوان يا ميتم الأولاد يا مخرب الدور
التاسع أن المراد بالتعذيب توبيخ الملائكة له بما يندبه به أهله لحديث الترمذي والحاكم وإبن ماجه مرفوعا ما من ميت يموت فتقوم نادبته تقول واجبلاه واسنداه أو شبه ذلك من القول إلا وكل به ملكان يلهزانه أهكذا كنت


3 وأخرج الطبراني عن إبن عمر قال أغمي على عبد الله بن رواحة فقامت النائحة فدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقد أفاق فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغمي علي فصاحت النساء واعزاه واجبلاه فقام ملك معه مرزبة فجعلها بين رجلي فقال أنت كما تقول قلت لا فلو قلت نعم ضربني بها
4 وأخرج الحاكم وصححه عن النعمان قال أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكي وتقول واأخياه واكذا واكذا تعدد عليه فقال حين أفاق ما قلت شيئا إلا قيل لي أنت كذلك
5 وأخرج الطبراني عن الحسن أن معاذ بن جبل أغمي عليه فجعلت أخته تقول واجبلاه فلما أفاق قال ما زلت لي مؤذية منذ اليوم قلت لقد كان يعز علي أن أؤذيك قال ما زال ملك شديد الإنتهار كلما واكذا قال أكذاك أنت فأقول لا
6 وأخرج إبن سعد عن المقدام بن معدي كرب قال لما أصيب عمر رضي الله عنه دخلت عليه حفصة قالت يا صاحب رسول الله ويا صهر رسول الله يا أمير المؤمنين فقال عمر إني أحرج عليك بما لي عليك من الحق أن لا تندبيني بعد مجلسك هذا إنه ليس من ميت يندب بما ليس فيه إلا كانت الملائكة تمقته
العاشر أن المراد به تألم الميت بما يقع من أهله لحديث الطبراني وإبن أبي شيبة عن بنت مخرمة أنها ذكرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدا لها مات ثم بكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيغلب أحدكم أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفا فإذا مات إسترجع فوالذي نفس محمد بيده إن أحدكم ليبكي فيستعبر إليه صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا موتاكم وهذا القول عليه إبن جرير واختاره جماعة من الأئمة آخرهم إبن تيمية
7 وأخرج أحمد عن أبي الربيع قال كنت مع إبن عمر في جنازة فسمع صوت إنسان يصيح فبعث إليه فأسكته فقلت له لم أسكته يا أبا عبد الرحمن قال إنه يتأذى به الميت حتى يدخل قبره

8 وأخرج سعيد بن منصور عن إبن مسعود أنه رأى نسوة في جنازة فقال إرجعن مأزورات غير مأجورات إنكن لتفتن الأحياء وتؤذين الأموات
وفي الجزء الأول من حديث يحيى بن معين بسنده عن الحسن إن من شر الناس للميت أهله يبكون عليه ولا يقضون دينه أخرجه يحيى بن معين في جزئه المشهور 47 باب تأذيه بسائر وجوه الأذى
1 وأخرج إبن أبي شيبة والحاكم عن عقبة بن عامر الصحابي رضي الله عنه قال لأن أطأ على جمرة أو على حد سيف حتى يخطف رجلي أحب إلي من أن أمشي على قبر رجل مسلم وما أبالي أفي القبور قضيت حاجتي أم في السوق بين ظهرانيه والناس ينظرون وأخرجه إبن ماجه عن حذيفة مرفوعا
2 وأخرج إبن أبي الدنيا في كتاب القبور عن سليم بن عمير أنه مر على مقبرة وهو حاقن قد غلبه البول فقيل له لو نزلت فبلت قال سبحان الله والله إني لأستحيي من الأموات كما أستحيي من الأحياء
3 وأخرج الطبراني والحاكم وإبن منده عن عمارة بن حزم قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا على قبر فقال يا صاحب القبر إنزل من على القبر لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك
4 وأخرج سعيد بن منصور عن إبن مسعود أنه سئل عن الوطء على القبر قال كما أكره أذى المؤمن في حياته فإني أكره أذاه بعد موته
5 وأخرج إبن أبي شيبة عنه قال أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته

6 وأخرج إبن منده عن القاسم بن مخيمر قال لأن أطأ على سنان رمحي حتى ينفذ من قدمي أحب إلي من أطأ على قبر وإن رجلا وطىء على قبر وإن قلبه ليقظان إذ سمع صوتا من القبر إليك عني يا رجل لا تؤذيني 48 باب ملازمة الحافظين قبر المؤمن
1 أخرج أبو نعيم عن أبي سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قبض الله روح عبده المؤمن صعد ملكاه إلى السماء قالا ربنا وكلتنا بعبدك المؤمن نكتب عمله وقد قبضته إليك فأذن لنا أن نسكن السماء فقال سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحوني فيقولان فأذن لنا أن نسكن الأرض فيقول أرضي مملوءة من خلقي يسبحوني ولكن قوما على قبر عبدي فسبحاني وهللاني وكبراني إلى يوم القيامة واكتباه لعبدي
2 وأخرجه البيهقي في الشعب وإبن أبي الدنيا من حديث أنس وإبن الجوزي في الموضوعات من حديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وزاد فيه وأما العبد الكافر إذا مات صعد ملكاه إلى السماء فيقال لهما إرجعا إلى قبره والعناه 49 باب ما ينفع الميت في قبره
1 وأخرج إبن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية عن ثابت البناني قال إذا وضع المؤمن في قبره إحتوشته أعماله الصالحة وجاء ملك العذاب فتقول له بعض أعماله الصالحة إليك عنه فلو لم يكن إلا أنا لما وصلت إليه
2 وأخرج إبن أبي الدنيا عن ثابت البناني قال إذا مات العبد الصالح فوضع في قبره أتي بفراش من الجنة وقيل له نم هنيئا لك قرة العين طبت

فرضي الله عنك ويفسح في قبره مد بصره ويفتح له باب إلى الجنة فينظر إلى حسنها ويجد ريحها وتحتوشه أعماله الصالحة الصيام والصلاة والبر فتقول له نحن أنصبناك وأظمأناك وأسهرناك فنحن لك اليوم بحيث تحب نحن أنساؤك حتى تصير إلى منزلك إلى الجنة
3 وأخرج البزار والطبراني والحاكم عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل إنسان ثلاثة أخلاء أما خليل فيقول له ما أنفقت فلك وما أمسكت فليس لك فذاك ماله وأما خليل فيقول أنا معك فإذا أتيت باب الملك تركتك ورجعت فذاك أهله وحشمه وأما خليل فيقول أنا معك حيث دخلت وحيث خرجت فذاك عمله فيقول إن كنت لأهون الثلاثة علي
4 وأخرج الشيخان عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات العبد تبعه ثلاثة فيرجع إثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله
5 وأخرج البزار والطبراني والحاكم عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الرجل ومثل الموت كرجل له ثلاثة أخلاء فقال أحدهم هذا مالي فخذ منه ما شئت ودع ما شئت وقال الآخر أنا معك أخدمك فإن مت تركتك وقال الآخر أنا معك أدخل معك وأخرج معك إن مت وإن حييت فأما الذي قال هذا مالي فخذ منه ما شئت ودع ما شئت فهو ماله والآخر عشيرته والآخر عمله يدخل معه ويخرج معه حيث كان
6 وأخرج إبن أبي الدنيا عن كعب قال إذا وضع العبد الصالح في قبره احتوشته أعماله الصالحة الصلاة والصيام والحج والجهاد والصدقة وتجيء ملائكة العذاب من قبل رجليه فتقول الصلاة إليكم عنه لا سبيل لكم عليه فقد أطال بي القيام لله فيأتونه من قبل رأسه فيقول الصيام لا سبيل لكم عليه فقد أطال ظمأه لله تعالى في دار الدنيا فيأتونه من قبل جسده فيقول الحج والجهاد إليكم عنه فقد أنصب نفسه وأتعب بدنه وحج وجاهد لله فلا سبيل لكم عليه فيأتونه من قبل

يديه فتقول الصدقة كفوا عن صاحبي فكم من صدقة خرجت من هاتين اليدين حتى وقعت في يد الله إبتغاء وجهه فلا سبيل لكم عليه فيقال هنيئا لك طبت حيا وطبت ميتا وتأتيه ملائكة الرحمة فتفرشه فراشا من الجنة ودثارا من الجنة ويفسح له في قبره مد بصره ويؤتى بقنديل من الجنة فيستضيء بنوره إلى يوم يبعثه الله من قبره
7 وأخرج إبن أبي الدنيا عن يزيد بن أبي منصور أن رجلا كان يقرأ القرآن فلما حضر جاءت ملائكة العذاب يقبضون روحه فخرج القرآن فقال يا رب سكني الذي كنت أسكنتني فقال دعوا للقرآن مسكنه
8 وأخرج إبن منده عن عمرو بن مرة قال إذا دخل الإنسان قبره فيجيء ملك عن شماله فيجيء القرآن فيمنعه فيقول ما لي ولك فوالله ما كان يعمل بك فيقول أو ليس كنت في جوفه فلا يزال حتى ينجي صاحبه
9 وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي المنهال قال ما جاور عبدا في قبره من جار أحب إليه من إستغفار كثير
10 وأخرج البخاري في الأدب ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات الإنسان إنقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له
11 وأخرج أحمد عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت مرابط في سبيل الله ومن علم علما ورجل تصدق بصدقة فأجرها له ما جرت ورجل ترك مكرر ولدا صالحا يدعو له
12 وأخرج مسلم عن جرير بن عبد الله مرفوعا من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء
13 وأخرج إبن سعد عن رجاء بن حيوة أنه قال لسليمان بن عبد الملك إنه مما يحفظ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح


14 وأخرج إبن عساكر من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا من علم آية من كتاب الله عز وجل أو بابا من علم أنمى الله أجره إلى يوم القيامة
15 وأخرج إبن ماجه وإبن خزيمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما يلحق المؤمن من عمله حسناته بعد موته علما علمه ونشره أو ولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لإبن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته
16 وأخرج أبو نعيم والبزار عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره من علم علما أو أجرى نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخلا أو بنى مسجدا أو ورث مصحفا أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته
17 وأخرج الطبراني عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها واجعلوا زيارتكم لها صلاة عليهم واستغفارا لهم
18 وأخرج أبو نعيم عن طاووس قال قلت لأبي ما أفضل ما يقال عند الميت قال الإستغفار
19 وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول يا رب أنى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ولفظ البيهقي بدعاء ولدك لك وأخرجه البخاري في الأدب عن أبي هريرة موقوفا
20 وأخرج أيضا عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع الرجل يوم القيامة من الحسنات أمثال الجبال فيقول أنى هذا فيقال باستغفار ولدك لك
21 وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والديلمي عن إبن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الميت في قبره إلا شبه الغريق المتغوث ينتظر دعوة تلحقه

من أب أو أم أو ولد أو صديق ثقة فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها
وإن الله تعالى ليدخل على أهل القبور من دعاء أهل الأرض أمثال الجبال وإن هدية الأحياء إلى الأموات الإستغفار لهم قال البيهقي قال أبو علي الحسين بن علي الحافظ حديث غريب من حديث عبد الله بن المبارك لم يقع عند أهل خراسان
22 وأخرج إبن أبي الدنيا عن سفيان قال كان يقال الأموات أحوج إلى الدعاء من الأحياء إلى الطعام والشراب
وقد نقل غير واحد الإجماع على أن الدعاء ينفع الميت ودليله من القرآن قوله تعالى { والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان }
23 وأخرج إبن أبي الدنيا عن بعض السلف قال رأيت أخا لي في النوم بعد موته فقلت أيصل إليك دعاء الأحياء قال إي والله يترفرف مثل النور ثم نلبسه
24 وأخرج عن عمرو بن جرير قال إذا دعا العبد لأخيه الميت أتاه بها إلى قبره ملك فقال يا صاحب القبر الغريب هذه هدية من أخ عليك شفيق
25 وأخرج إبن أبي الدنيا عن أبي قلابة قال أقبلت من الشام إلى البصرة فنزلت الخندق فتطهرت وصليت ركعتين بالليل ثم وضعت رأسي على قبر فنمت ثم إنتبهت فإذا بصاحب القبر يشتكي ويقول لقد آذيتني منذ الليلة ثم قال إنكم لا تعلمون ونحن نعلم ولا نقدر على العمل أن الركعتين اللتين ركعتهما خير من الدنيا وما فيها ثم قال جزى الله أهل الدنيا خيرا فأقرئهم مني السلام فإنه يدخل علينا من دعائهم نور مثل الجبال
26 وأخرج إبن أبي الدنيا عن بعض المتقدمين قال مررت بالمقابر فترحمت عليهم فهتف بي هاتف نعم فترحم عليهم فإن فيهم المهموم والمحزون


27 وقال إبن رجب روى جعفر الخلدي حدثنا العباس بن يعقوب بن صالح الأنباري سمعت أبي يقول رأى بعض الصالحين أباه في النوم فقال له يا بني لولا لم قطعتم هديتكم عنا قال يا أبت وهل تعرف الأموات هدية الأحياء قال يا بني لولا الأحياء لهلكت الأموات
28 وأخرج إبن النجار في تاريخه عن مالك بن دينار قال دخلت المقبرة ليلة الجمعة فإذا أنا بنور مشرق فيها فقلت لا إله إلا الله نرى أن الله عز وجل قد غفر لأهل المقابر فإذا أنا بهاتف يهتف من البعد وهو يقول يا مالك بن دينار هذه هدية المؤمنين إلى إخوانهم من أهل المقابر قلت بالذي أنطقك إلا أخبرتني ما هو قال رجل من المؤمنين قام في هذه الليلة فأسبغ الوضوء وصلى ركعتين وقرأ فيهما فاتحة الكتاب و { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } وقال اللهم إني قد وهبت ثوابها لأهل المقابر من المؤمنين فأدخل الله علينا الضياء والنور والفسحة والسرور في المشرق والمغرب
قال مالك فلم أزل أقرؤهما في كل ليلة جمعة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي يقول لي يا مالك بن دينار قد غفر الله لك بعدد النور الذي أهديته إلى أمتي ولك ثواب ذلك ثم قال لي وبنى الله لك بيتا في الجنة في قصر يقال له المنيف قلت وما المنيف قال المطل على أهل الجنة
29 وأخرج إبن أبي الدنيا عن بشار بن غالب قال رأيت رابعة في النوم وكنت كثير الدعاء لها فقالت لي يا بشار هداياك تأتينا على أطباق من نور مخمرة بمناديل الحرير
قلت وكيف ذاك قالت هكذا دعاء المؤمنين الأحياء إذا دعوا للموتى فاستجيب لهم جعل ذلك الدعاء على أطباق النور ثم خمر بمناديل الحرير ثم أتي به الذي دعي له من الموتى فقيل له هذه هدية فلان إليك
30 وأخرج الطبراني في الأوسط بسند رواه عن أنس مرفوعا أمتي أمة مرحومة تدخل قبورها بذنوبها وتخرج من قبورها لا ذنوب عليها يمحص

عنها باستغفار المؤمنين لها
31 وأخرج إبن أبي شيبة عن الحسن قال بلغني أن في كتاب الله إبن آدم ثنتان جعلتهما لك ولم يكونا لك وصية في مالك بالمعروف وقد صار الملك لغيرك ودعوة المسلمين لك وأنت في منزل لا تستعب فيه من سيىء ولا تزيد في حسن
32 وأخرج الدارمي في مسنده عن إبن مسعود قال أربع يعطاهن الرجل بعد موته ثلث ماله إذا كان فيه قبل ذلك لله مطيعا والولد الصالح يدعو له من بعد موته والسنة الحسنة يسنها الرجل فيعمل بها بعد موته والمائة إذا شفعوا للرجل شفعوا فيه
33 وأخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال يا رسول الله إن أمي إفتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها قال نعم إفتلتت أي ماتت بغتة
34 وأخرج البخاري عن إبن عباس أن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي ماتت وأنا غائب فهل ينفعها إن تصدقت عنها قال نعم قال فإني أشهدك أن حائطي صدقة عنها
35 وأخرج أحمد والأربعة عن سعد بن عبادة أنه قال يا رسول الله إن أمي ماتت فأي الصدقة أفضل قال الماء فحفر بئرا وقال هذه لأم سعد
36 وأخرج الطبراني عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة لتطفىء عن أهلها حر القبور
37 وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أنس رضي الله تعالى عنه أن سعدا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي توفيت ولم توص فهل ينفعها أن أتصدق عنها قال نعم وعليك بالماء
38 وأخرج أيضا عن سعد بن عبادة قال قلت يا رسول الله توفيت أمي

ولم توص ولم تتصدق فهل ينفعها إن تصدقت عنها قال نعم ولو بكراع شاة محرق
39 وأخرج أيضا عن إبن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تصدق أحدكم بصدقة تطوعا فليجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرها ولا ينتقص من أجره شيئا وأخرج الديلمي نحوه من حديث معاوية بن حيدة
40 وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من أهل بيت يموت منهم ميت فيتصدقون عنه بعد موته إلا أهداها له جبريل على طبق من نور ثم يقف على شفير القبر فيقول يا صاحب القبر العميق هذه هدية أهداها إليك أهلك فاقبلها فتدخل عليه فيفرح بها ويستبشر ويحزن جيرانه الذين لا يهدى إليهم شيء
41 وأخرج إبن أبي شيبة عن سعيد بن أبي سعيد قال لو تصدق عن الميت بكراع لتبعه
42 وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والأصبهاني في الترغيب بسند فيه مجهولان عن إبن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حج عن والديه بعد وفاتهما كتب الله له عتقا من النار وكان للمحجوج عنهما حجة تامة من غير أن ينقص من أجورهما شيء
وقال صلى الله عليه وسلم ما وصل ذو رحم رحمه بأفضل من حجة يدخلها عليه بعد موته في قبره
وأخرج أبو عبد الله الثقفي في الفوائد المرفوقة بالثقفيات عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حج عن أبويه ولم يحجا جزي عنهما وبشرت أرواحهما في السماء وكتب عند الله برا
43 وأخرج البزار والطبراني بسند حسن عن أنس رضي الله تعالى عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أبي قد مات ولم يحج حجة الإسلام فقال أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضيه عنه قال نعم قال فإنه دين عليه فاقضه


44 وأخرج الطبراني عن عقبة بن عامر أن إمرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أحج عن أمي وقد ماتت قال أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أليس كان مقبولا منك قالت بلى فأمرها أن تحج
45 وأخرج في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره
46 وأخرج إبن أبي شيبة عن عطاء وزيد بن أسلم قالا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعتق عن أبي وقد مات قال نعم
47 وأخرج عن عطاء قال يتبع الميت بعد موته العتق والحج والصدقة
48 وأخرج عن إبن جعفر أن الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما كانا يعتقان عن علي رضي الله عنه بعد موته
49 وأخرج إبن سعد عن القاسم بن محمد أن عائشة رضي الله تعالى عنها أعتقت عن أخيها عبد الرحمن رقيقا من تلاده ترجو أن ينفعه ذلك بعد موته
50 وأخرج أبو الشيخ إبن حبان في كتاب الوصايا عن عمرو بن العاص أنه قال يا رسول الله إن العاص أوصى أن يعتق عنه مائة نسمة فأعتق هشام منها خمسين قال لا إنما يتصدق ويحج ويعتق عن المسلم لو كان مسلما بلغه
51 وأخرج إبن أبي شيبة عن الحجاج بن دينار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البر بعد البر أن تصلي عليهما مع صلاتك وأن تصوم عنهما مع صيامك وأن تتصدق عنهما مع صدقتك
52 وأخرج مسلم عن بريدة أن إمرأة قالت يا رسول الله إنه كان على أمي صوم شهرين أفيجزىء أن أصوم عنها قال نعم قالت فإن أمي لم تحج قط أفيجزىء أن أحج عنها قال نعم

53 وأخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات وعليه صيام صام عنه وليه 50 باب في قراءة القرآن للميت أو على القبر
1 إختلف في وصول ثواب القراءة للميت فجمهور السلف والأئمة الثلاثة على الوصول وخالف في ذلك إمامنا الشافعي مستدلا بقوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى }
وأجاب الأولون عن الآية بأوجه
أحدها أنها منسوخة بقوله تعالى { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم } الآية أدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء
الثاني أنها خاصة بقوم إبراهيم وقوم موسى عليه السلام فأما هذه الأمة فلها ما سعت وما سعي لها قال عكرمة
الثالث أن المراد بالإنسان هنا الكافر فأما المؤمن فله ما سعى وما سعي له قاله الربيع بن أنس
الرابع ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل فأما من باب الفضل فجائز أن يزيده الله تعالى ما شاء قاله الحسين بن الفضل
الخامس أن اللام في { للإنسان } بمعنى على أي ليس على الإنسان إلا ما سعى
واستدلوا على الوصول بالقياس على ما تقدم من الدعاء والصدقة والصوم والحج والعتق فإنه لا فرق في نقل الثواب بين أن يكون عن حج أو صدقة أو وقف أو دعاء أو قراءة وبالأحاديث الآتي ذكرها وهي وإن كانت ضعيفة فمجموعها يدل على أن لذلك أصلا وبأن المسلمين ما زالوا في كل عصر يجتمعون ويقرؤون لموتاهم من غير نكير فكان ذلك إجماعا ذكر ذلك كله الحافظ شمس الدين بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي في جزء ألفه في المسألة

2 قال القرطبي وقد كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يفتي بأنه لا يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ له فلما توفي رآه بعض أصحابه فقال له إنك كنت تقول إنه لا يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ ويهدى إليه فكيف الأمر قال له كنت أقول ذلك في دار الدنيا والآن فقد رجعت عنه لما رأيت من كرم الله في ذلك وأنه يصل إليه ثواب ذلك وأما القراءة على القبر فجزم بمشروعيتها أصحابنا وغيرهم وقال الزعفراني سألت الشافعي رحمه الله عن القراءة عند القبر فقال لا بأس به وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب يستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن ويدعو لهم عقبها نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وزاد في موضع آخر وإن ختموا القرآن على القبر كان أفضل وكان الإمام أحمد بن حنبل ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع حين بلغه ومن الوارد في ذلك ما تقدم في باب ما يقال عند الدفن من حديث إبن العلاء بن اللجلاج مرفوعا كلاهما
3 وأخرج الخلال في الجامع عن الشعبي قال كانت الأنصار إذا مات لهم الميت إختلفوا إلى قبره يقرؤون له القرآن
4 وأخرج أبو محمد السمرقندي في فضائل { قل هو الله أحد } عن علي مرفوعا من مر على المقابر وقرأ { قل هو الله أحد } إحدى عشرة مرة ثم وهب أجره للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات
5 وأخرج أبو القاسم بن علي الزنجاني في فوائده عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل المقابر ثم قرأ فاتحة الكتاب و { قل هو الله أحد } و { ألهاكم التكاثر } ثم اللهم إني جعلت ثواب ما قرأت من كلامك لأهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات كانوا شفعاء له إلى الله تعالى

6 وأخرج القاضي أبو بكر بن عبد الباقي الأنصاري في مشيخته عن سلمة بن عبيد قال قال حماد المكي خرجت ليلة إلى مقابر مكة فوضعت رأسي على قبر فنمت فرأيت أهل المقابر حلقة حلقة فقلت قامت القيامة قالوا لا ولكن رجل من إخواننا قرأ { قل هو الله أحد } وجعل ثوابها لنا فنحن نقتسمه منذ سنة
7 وأخرج عبد العزيز صاحب الخلال بسنده عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم وكان له بعدد من فيها حسنات
8 وقال القرطبي في حديث إقرؤوا على موتاكم { يس } هذا يحتمل أن تكون هذه القراءة عند الميت في حال موته ويحتمل أن تكون عند قبره قلت وبالأول قال الجمهور كما تقدم في أول الكتاب وبالثاني قال إبن عبد الواحد المقدسي في الجزء الذي تقدمت الإشارة إليه وبالتعميم في الحالين قال المحب الطبري من متأخري أصحابنا وفي الإحياء للغزالي والعاقبة لعبد الحق عن أحمد بن حنبل قال إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين و { قل هو الله أحد } واجعلوا ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم
9 قال القرطبي وقد قيل إن ثواب القراءة للقارىء وللميت ثواب الإستماع ولذلك تلحقه الرحمة قال الله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } قال ولا يبعد في كرم الله تعالى أن يلحقه ثواب القراءة والإستماع معا ويلحقه ثواب ما يهدى إليه من القراءة وإن لم يسمع كالصدقة والدعاء وفي فتاوي قاضي خان من الحنفية من قرأ القرآن عند القبور فإن نوى بذلك أن يؤنسهم صوت القرآن فإنه يقرأ وإن لم يقصد ذلك فالله يسمع القراءة حيث كانت

فصل

10 قال القرطبي إستدل بعض علمائنا على نفع الميت بالقراءة عند القبر بحديث العسيب الذي شقه النبي صلى الله عليه وسلم إثنتين وغرسه وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا قال الخطابي هذا عند أهل العلم محمول على أن الأشياء ما دامت على خلقتها أو خضرتها وطراوتها فإنها تسبح حتى تجف رطوبتها أو تحول خضرتها أو تقطع عن أصلها
11 قال غير الخطابي فإذا خفف عنهما بتسبيح الجريد فكيف بقراءة المؤمن القرآن قال وهذا الحديث أصل في غرس الأشجار عند القبور
12 وأخرج إبن عساكر من طريق حماد بن سلمة عن قتادة أن أبا برزة الأسلمي رضي الله عنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على قبر وصاحبه يعذب فأخذ جريدة فغرسها في القبر وقال عسى أن يرفه عنه ما دامت رطبة وكان أبو برزة يوصي إذا مت فضعوا في قبري معي جريدتين قال فمات في مفازة بين كرمان وقومس فقالوا كان يوصينا أن نضع في قبره جريدتين وهذا موضع لا نصيبهما فيه فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم ركب من قبل سجستان فأصابوا معهم سعفا فأخذوا منه جريدتين فوضعوهما معه في قبره
13 وأخرج إبن سعد عن مورق قال أوصى بريدة أن تجعل في قبره جريدتان وفي تاريخ إبن النجار في ترجمة كثير بن سالم الهيتي أنه أوصى أن لا يعمر قبره إذا درس وأكد في ذلك وشدد وقال إن الله عز وجل ينظر إلى أصحاب القبور الدوارس فيرحمهم فأرجو أن أكون منهم قال إبن النجار وقد ورد مثل ما قال في الآثار ثم أخرج من طريق عبد بن حميد حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثنا عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال مر أرمياء النبي صلى الله عليه وسلم بقبور يعذب أهلها فلما أن كان بعد سنة مر بها فإذا العذاب قد سكن عنها

فقال قدوس مررت بهذه القبور عام أول وأهلها يعذبون ومررت في هذه السنة وقد سكن العذاب عنها فإذا النداء من السماء يا أرمياء يا أرمياء تمزقت أكفانهم وتمعطت شعورهم ودرست قبورهم فنظرت إليهم فرحمتهم وهكذا أفعل بأهل القبور الدارسات والأكفان المتمزقات والشعور المتمعطات 51 باب أحسن الأوقات للموت
1 وأخرج أبو نعيم عن إبن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وافق موته عند إنقضاء رمضان دخل الجنة ومن وافق موته عند إنقضاء عرفة دخل الجنة ومن وافق موته عند إنقضاء صدقة دخل الجنة
2 وأخرج أحمد عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله إبتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ومن صام يوما إبتغاء وجه الله ختم له به دخل الجنة ومن تصدق بصدقة إبتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة
3 وأخرج أبو نعيم عن خيثمة قال كان يعجبهم أن يموت الرجل عند خير يعمله إما حج وإما عمرة وإما غزوة وإما صيام رمضان
4 وأخرج الديلمي عن عائشة رضي الله عنها قال قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات صائما أوجب الله له الصيام إلى يوم القيامة
5 وأخرج أبو نعيم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء
6 وأخرج حميد في ترغيبه من طريق سعد بن طريف عن أبي جعفر قال ليلة الجمعة غراء ويومها يوم أزهر من مات ليلة الجمعة كتب الله له براءة من عذاب القبر ومن مات يوم الجمعة أعتق من النار

52 باب الأعمال التي توجب لصاحبها تعجيل الوصول إلى الجنة عقب الموت
1 أخرج النسائي وإبن حبان في صحيحه وإبن مردويه والدارقطني عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت
2 وأخرج البيهقي في الشعب من حديث علي مثله
3 وأخرج أيضا من حديث الصلصال بن الدلهمش بلفظ من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يكن بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت فإذا مات دخل الجنة 53 باب نتن الميت وبلاء جسده إلا الأنبياء ومن ألحق بهم
1 أخرج البخاري من حديث جندب البجلي أول ما ينتن من الإنسان بطنه
2 وأخرج أبو نعيم عن وهب بن منبه قال قرأت في بعض الكتب لولا أني كتبت النتن على الميت لحبسه الناس في بيوتهم
3 وأخرج إبن عساكر عن زيد بن أرقم مرفوعا يقول الله تعالى توسعت على عبادي بثلاث خصال بعث الدابة على الحبة ولولا ذلك لكنزها ملوكهم كما يكنزون الذهب والفضة وتغير الجسد من بعد الموت ولو لا ذلك لما دفن حميم حميمه وأسليت حزن الحزين ولو لا ذلك لم يكن يسلو
4 وأخرج عن أبي قلابة قال ما خلق الله شيئا أطيب من الروح ما نزع من شيء إلا أنتن
5 وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من الإنسان

شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة
6 وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل إبن آدم يأكله التراب إلا عظم الذنب منه خلق ومنه يركب
وقال شارح المواقف هل يعدم الله الأجزاء البدنية ثم يعيدها أو يفرقها ويعيد فيها التأليف الحق أنه لم يثبت في ذلك شيء فلا يجزم فيه نفيا ولا إثباتا لعدم الدليل على شيء من الطرفين وليس في قوله تعالى { كل شيء هالك إلا وجهه } دليل على الإعدام لأن التفريق هلاك كالإعدام فإن هلاك كل شيء خروجه عن صفاته المطلوبة منه وزوال التأليف كذلك ومثله يسمى فناء عرفا فلا يتم الإستدلال بقوله تعالى { كل من عليها فان } على الإعدام أيضا
7 وأخرج أبو داود والحاكم عن أوس بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يعني بليت فقال إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء
8 وأخرج إبن ماجه عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حين يفرغ منها قلت وبعد الموت قال وبعد الموت إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
9 وأخرج مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين كانا قد حفر السيل قبرهما وكان قبرهما مما يلي السيل وكانا في قبر واحد وهما ممن أستشهد يوم أحد فحفر ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فأميطت يده على جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعين سنة


10 وأخرج البيهقي في الدلائل من وجه آخر وزاد بعد قوله فأميطت يده عن جرحه فانبعث الدم فردت إلى مكانها فرد الدم وفي آخره ويقال إن معاوية لما أراد أن يجري كظامة نادى من كان له قتيل بأحد فليشهد فخرج الناس إلى قتلاهم فوجدوهم رطابا يتثنون فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فانبعث دما فقال أبو سعيد الخدري لا ينكر بعد هذا منكر ولقد كانوا يحفرون التراب فحفروا نثرة من تراب ففاح عليهم ريح المسك هكذا أخرجه عن الواقدي عن شيوخه
11 وأخرج إبن أبي شيبة في المصنف قال حدثنا عيسى بن يونس عن إبي إسحاق أخبرني أبي عن رجال من بني سلمة قالوا لما صرف معاوية عينه التي تمر على قبر الشهداء فأجريت عليهما يعني على قبر عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح فبرز قبراهما فاستصرخ عليهما فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كأنهما ماتا بالأمس عليهما بردتان قد غطي بهما على وجوههما وعلى أرجلهما شيء من نبات الأرض
12 وأخرج البيهقي في الدلائل موصولا عن جابر وزاد فأصابت المسحاة قدم حمزة فانبعث دما
13 وأخرج الطبراني عن إبن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه وإذا مات لم يدود في قبره قال القرطبي وظاهر هذا أن المؤذن المحتسب لا تأكله الأرض أيضا
14 وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مجاهد قال المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة ولا يدودون في قبورهم
15 وأخرج إبن منده عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات حامل القرآن أوحى الله إلى الأرض أن لا تأكلي لحمه فتقول الأرض أي رب كيف آكل لحمه وكلامك في جوفه قال إبن منده وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن مسعود
16 وأخرج المروزي عن قتادة قال بلغني أن الأرض لا تسلط على جسد الذي لم يعمل خطيئة




قديم 21-11-2013, 10:54 PM
  المشاركه #19
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



خاتمة

في فوائد تتعلق بالروح

لخصت أكثرها من كتاب الروح لإبن القيم
الأولى
1 وأخرج أخرج الشيخان عن إبن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في خرب المدينة وهو متكىء على عسيب فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح فقال بعضهم لا تسألوه فقالوا يا محمد ما الروح فما زال متكئا على العسيب فظننت أنه يوحي إليه فقال { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } فاختلف الناس في الروح على فرقتين فرقة أمسكت عن الكلام فيها لأنها سر من أسرار الله تعالى لم يؤت علمه البشر وهذه الطريقة هي المختارة
2 وأخرج قال الجنيد الروح شيء إستأثر الله تعالى بعلمه فلم يطلع عليه أحدا من خلقه فلا يجوز لعباده البحث عنه بأكثر من أنه موجود وعلى هذا إبن عباس وأكثر السلف وقد ثبت عن إبن عباس رضي الله عنهما أنه كان لا يفسر الروح
3 وأخرج إبن أبي حاتم عن عكرمة قال سئل إبن عباس عن الروح قال الروح من أمر ربي لا تتأولوا هذه المسألة فلا تزيدوا عليها قولوا كما قال الله تعالى وعلم نبيه { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }
4 وأخرج إبن جرير بسند مرسل أن الآية لما نزلت قالت اليهود هكذا نجده عندنا قلت فمسألة أبهمها الله تعالى في القرآن والتوراة وكتم عن خلقه علمها من أين للمتعمقين الإطلاع على حقيقة أمرها وقد نقل أبو القاسم القشيري

السعدي في الإيضاح أن أماثل الفلاسفة أيضا توقفوا عن الكلام فيها وقالوا هذا أمر غير محسوس لنا ولا سبيل للعقول إليه قال ووقوف علمنا عن إدراك حقيقة الروح كوقوفه عن إدراك سر القدر قال إبن بطال الحكمة في ذلك تعريف الخلق عجزهم عن علم ما لا يدركونه حتى يضطرهم إلى رد العلم إليه وقال القرطبي حكمته إظهار عجز المرء لأنه إذا لم يعلم حقيقة نفسه مع القطع بوجوده كان عجزه عن إدراك حقيقة الحق سبحانه وتعالى من باب أولى وقريب منه عجز البصر عن إدراك نفسه وفرقة تكلمت فيها وبحثت عن حقيقتها قال النووي وأصح ما قيل في ذلك قول إمام الحرمين إنها جسم لطيف مشتبك بالأجسام الكثيفة إشتباك الماء بالعود الأخضر الثانية إختلف أهل الطريقة الأولى هل علمها النبي صلى الله عليه وسلم
5 فقال إبن أبي حاتم في تفسيره حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن صالح بن حيان حدثنا عبد الله بن بريدة قال لقد قبض النبي صلى الله عليه وسلم وما يعلم الروح
6 وقالت طائفة بل علمها وأطلعه عليها ولم يأمره أن يطلع عليها أمته وهو نظير الخلاف في علم الساعة الثالثة أكثر المسلمين على أن الروح جسم وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع الصحابة لوصفها في الآيات والأحاديث بالتوفي والقبض والإمساك والإرسال والتناول والإخراج والخروج والتنعيم والتعذيب والرجوع والدخول والرضا والإنتقال والتردد في البرزخ وأنها تأكل وتشرب وتسرح وتأوي وتعلق وتنطق وتعرف وتنكر إلى غير ذلك مما هو من صفات الأجسام والعرض لا يتصف بهذه الصفات أيضا فلا شك أنها تعرف نفسها وخالقها وتدرك المعقولات وهذه علوم والعلوم أعراض فلو كانت عرضا والعلم قائم به لزم قيام العرض بالعرض وهو فاسد


7 قال الأستاذ أبو القاسم القشيري وكون الروح من الأجسام اللطيفة في الصورة ككون الملائكة والشياطين بصفة اللطافة الرابعة الصحيح أن الروح والنفس شيء واحد قال الله تعالى { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك } وقوله { ونهى النفس عن الهوى } ويقال فاضت نفسه أي ماتت وخرجت
8 وقال بعض أهل السنة إن الروح التي تقبض غير النفس ويؤيده ما أخرجه إبن أبي حاتم عن إبن عباس في قوله تعالى { الله يتوفى الأنفس حين موتها } الآية قال في جوف الإنسان نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس فيتوفى الله النفس في منامه ويدع الروح في جوفه تتقلب وتعيش فإن أراد الله أن يقبضه قبض الروح فمات وإن أخر أجله رد النفس إلى مكانها من جوفه
9 وقال مقاتل للإنسان حياة وروح ونفس فإذا نام خرجت نفسه التي يعقل بها الأشياء ولم تفارق الجسد بل تخرج كحبل ممتد له شعاع فيرى الرؤيا بالنفس التي خرجت منه وتبقى الحياة والروح في الجسد فيهما يتقلب ويتنفس فإذا حرك رجعت إليه أسرع من طرفة عين فإذا أراد الله أن يميته في المنام أمسك تلك النفس التي خرجت وقال أيضا إذا خرجت نفسه فصعدت فإذا رأت الرؤيا رجعت فأخبرت الروح وتخبر الروح القلب فيصبح ويعلم أنه قد رأى كيت وكيت
10 وأخرج أبو الشيخ في كتاب العظمة وإبن عبد البر في التمهيد عن وهب بن منبه قال إن نفس الإنسان خلقت كأنفس الدواب التي تشتهي وتدعو إلى الشر ومسكنها في البطن وفضل الإنسان بالروح ومسكنه في الدماغ فبه يستحيي الإنسان وهو يدعو إلى الخير ويأمر به ثم نفخ وهب على يده فقال ترون هذا

بارد وهو من الروح وتنهد على يده فقال هذا حار وهو من النفس ومثلهما كمثل الرجل وزوجته فإذا أبق الروح إلى النفس والتقيا نام الإنسان فإذا إستيقظ رجع الروح إلى مكانه وتفسير ذلك بأنك إذا كنت نائما واستيقظت كأن شيئا يثور إلى رأسك ومثل القلب كمثل الملك والأركان أعوانه فإذا أمرت النفس بالشر إشتهت وتحركت الأركان ونهاها الروح ودعاها إلى الخير فإن كان القلب مؤمنا أطاع الروح وإن كان كافرا أطاع النفس وعصى الروح فتنشط الأركان
11 وأخرج إبن سعد في طبقاته عن وهب بن منبه قال خلق الله إبن آدم من التراب والماء ثم جعلت فيه النفس فيه يقوم ويقعد ويسمع ويبصر ويعلم ما تعلم الدواب ويتقي ما تتقى ثم جعلت فيه الروح فبه عرف الحق عن الباطل والرشد من الغي وبه حذر وتقدم واستتر وتعلم ودبر الأمور كلها
12 وقال إبن عبد البر في التمهيد ذكر أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان أن عبد الرحمن بن القاسم بن خالد صاحب مالك قال النفس جسد مجسد كخلق الإنسان والروح كالماء الجاري واحتج بقوله تعالى { الله يتوفى الأنفس } الآية وقال ألا ترى أن النائم قد توفى الله نفسه وروحه صاعد ونازل وأنفاسه قيام والنفس تسرح في كل واد وترى ما تراه من الرؤيا فإذا أذن الله في ردها إلى الجسد عادت واستيقظ بعودها جميع أعضاء الجسد قال فالنفس غير الروح والروح كالماء الجاري في الجنان فإذا أراد الله إفساد ذلك البستان منع عنه الماء الجاري فيه فماتت جنانه فكذلك الإنسان قال إبن إسحاق قال عبيد الله بن أبي جعفر إذا حمل الميت على السرير كانت روحه بيد ملك يسير بها معه فإذا وضع للصلاة عليه وقف فإذا حمل إلى قبره سار معه فإذا ألحد ووري بالتراب أعاد الله نفسه حتى يخاطبه الملكان فإذا وليا عنه إختلع الملك نفسه فرمى بها إلى حيث أمر وهذا الملك من أعوان ملك الموتى إنتهى


13 وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كل جسد روحان أحدهما روح اليقظة التي أجرى الله العادة إنها إذا كانت في الجسد كان الإنسان مستيقظا فإذا خرجت من الجسد نام الإنسان ورأت تلك الروح المنامات والأخرى روح الحياة التي أجرى إليه الله العادة أنها إذا كانت في الجسد كان حيا فإذا فارقته مات فإذا رجعت إليه حيي وهاتان الروحان في باطن الإنسان لا يعرف مقرهما إلا من أطلعه الله على ذلك فهما كجنينين في بطن إمرأة واحدة
وقال بعض المتكلمين الذي يظهر أن الروح بقرب القلب قال إبن عبد السلام ولا يبعد عندي أن يكون الروح في القلب قال ويجوز أن تكون الأرواح كلها نورانية لطيفة شفافة ويجوز أن يختص ذلك بأرواح المؤمنين والملائكة دون أرواح الكفار والشياطين ويدل على روح الحياة قوله تعالى { قل يتوفاكم ملك الموت } الآية ويدل على وجود روحي الحياة واليقظة قوله تعالى { الله يتوفى الأنفس } الآية تقديره يتوفى الأنفس التي لم تمت أجسادها في نومها فيمسك الأنفس التي قضى عليها الموت عنده ولا يرسلها إلى أجسادها ويرسل الأنفس الأخرى وهي أنفس اليقظة إلى أجسادها إلى إنقضاء أجل مسمى وهو أجل الموت فحينئذ تقبض أرواح الحياة وأرواح اليقظة جميعا من الأجساد ولا تموت أرواح الحياة بل ترفع إلى السماء حية فتطرد أرواح الكافرين ولا تفتح لها أبواب السماء وتفتح أبواب السماوات لأرواح المؤمنين إلى أن تعرض على رب العالمين فيا لها من عرضة ما أشرفها إنتهى كلام الشيخ عز الدين
قلت وما ذكره من أن الروح في القلب قد جزم به الغزالي في كتابه الإنتصار وقد ظفرت له بحديث أخرجه إبن عساكر في تاريخه عن الزهري أن خزيمة بن حكيم السلمي ثم النميري قدم على النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة فقال يا رسول الله أخبرني عن ظلمة الليل وضوء النهار وحر الماء في الشتاء وبرده في الصيف ومخرج السحاب وعن قرار ماء الرجل وماء المرأة وعن موضع النفس من الجسد فذكر الحديث إلى أن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما موضع النفس ففي القلب إنقطع العرق الحديث بطوله وهذا مرسل وله طرق أخرى مرسلة

موصولة في المعجم الأوسط للطبراني وتفسير إبن مردويه وكتاب الصحابة لأبي موسى المديني وإبن شاهين قال الحافظ إبن حجر في الإصابة والحديث فيه غريب كثير وإسناده ضعيف جدا الخامسة أجمع أهل السنة على أن الروح محدثة مخلوقة ولم يخالف في ذلك إلا الزنادقة وممن نقل الإجماع عن حدوثها محمد بن نصر المروزي وإبن قتيبة ومن الأدلة على ذلك حديث الأرواح جنود مجندة والمجندة لا تكون إلا مخلوقة وكذا ما يأتي في الفائدة بعده السادسة أختلف في تقديم خلق الأرواح على الأجساد وتأخيرها عنها على قولين مشهورين
فبالأول قال الإمام محمد بن نصر وإبن حزم وادعى فيه الإجماع واستدل له بما أخرجه إبن منده من حديث عمرو بن عنبسة مرفوعا إن الله خلق أرواح العباد قبل العباد بألفي عام فما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها إختلف وسنده ضعيف جدا
وبأحاديث إخراج ذرية آدم من ظهره ومنها حديث لما خلق الله آدم مسح على ظهره فسقط منه كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة أمثال الذر أخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة والنسمة الروح وللحاكم أيضا عن أبي بن كعب في قوله تعالى { وإذ أخذ ربك } الآية قال جمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة فجعلهم أرواحا وصورهم واستنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق الحديث
واستدل للثاني بقوله تعالى { هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا } روي أنه مكث أربعين سنة قبل أن ينفخ فيه الروح وبحديث إبن مسعود إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك

ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح وأجيب بالفرق بين نفخ الروح وخلقه فالروح مخلوقة من زمن طويل وأرسلت بعد تصور البدن مع الملك لإدخالها في البدن السابعة ذهب أهل الملل من المسلمين وغيرهم إلى أن الروح تبقى بعد موت البدن وخالف فيه الفلاسفة دليلنا قوله تعالى { كل نفس ذائقة الموت } والذائق لا بد أن يبقى بعد المذوق وما تقدم في هذا الكتاب من الآيات والأحاديث في بقائها وتصرفها وتنعيمها وتعذيبها إلى غير ذلك وعلى هذا فهل يحصل لها عند القيامة فناء ثم تعاد توفية بظاهر قوله تعالى { كل من عليها فان } أولا بل تكون من المستثنى في قوله { إلا من شاء الله } قولان حكاهما السبكي في تفسيره المسمى بالدر النظيم وقال الأقرب أنها لا تفنى وأنها من المستثنى كما قيل في الحور العين إنتهى
وفي كتاب إبن القيم أختلف في أن الروح تموت مع البدن أم الموت للبدن وحده على قولين والصواب أنه إن أريد بذوقها الموت مفارقتها للجسد فنعم هي ذائقة الموت بهذا المعنى وإن أريد أنها تعدم فلا بل هي باقية بعد خلقها بالإجماع في نعيم أو عذاب وقد أخرج إبن عساكر في تاريخ دمشق بسنده إلى محمد بن وضاح أحد أئمة المالكية قال سمعت سحنون بن سعيد وذكر له عن رجل يذهب إلى أن الأرواح تموت بموت الأجساد فقال معاذ الله هذا قول أهل البدع الثامنة إختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها إختلف فقيل هو إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر

والصلاح والفساد وأن الخير من الناس يحن إلى شكله والشرير يميل إلى نظيره فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير أو شر فإذا إتفقت تعارفت وإذا إختلفت تناكرت وقيل المراد الإخبار عن بدء الخلق على ما ورد أن الأرواح خلقت قبل الأجساد بألفي عام فكانت تلتقي فتتشام فلما حلت الأجساد تعارفت بالمعنى الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم وقال بعضهم الأرواح وإن إتفقت في كونها أرواحا لكنها تتمايز بأمور مختلفة تتنوع بها فتتشاكل أشخاصا كل نوع يألف نوعها وتنفر من مخالفها وفي تاريخ إبن عساكر بسنده عن هرم بن حيان قال أتيت أويسا القرني فسلمت عليه ولم أكن رأيته قبل ذلك ولا رآني فقال لي وعليك السلام يا هرم بن حيان قلت من أين عرفت إسمي وإسم أبي ولم أكن رأيتك قبل اليوم ولا رأيتني قال عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك إن الأرواح لها أنفاس كأنفاس الأجساد وإن المؤمنين ليعرف بعضهم بعضا ويتحابون بروح الله وإن لم يلتقوا وأخرج الطوسي في عيون الأخبار عن عائشة رضي الله عنها أن إمرأة كانت بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهم فلما هاجرت إلى المدينة قدمت علي فقلت أين نزلت قالت على فلانة إمرأة كانت تضحك بالمدينة فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فلانة المضحكة عندكم قلت نعم قال على من نزلت قلت على فلانة المضحكة قال الحمد لله إن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها إختلف التاسعة قال إبن القيم فإن قيل بأي شيء تتمايز الأرواح بعد مفارقة الأشباح حتى تتعارف وهل تتشكل بشكل فالجواب على قاعدة أهل السنة كثرهم الله تعالى أن الأرواح ذات قائمة بنفسها تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل وتذهب وتجيء وتتحرك وتسكن وعلى هذا أكثر من مائة دليل مقررة منها قوله تعالى { ونفس وما سواها } فأخبر أنها مسواة كما قال الله تعالى عن البدن { الذي خلقك فسواك فعدلك }

) فسوى بدنه كالقالب لنفسه فتسوية البدن تابع لتسوية النفس قال ومن ها هنا يعلم أنها تأخذ من بدنها صورة تتميز بها عن غيرها فإنها تتأثر وتنفعل عن البدن كما يتأثر البدن وينفعل عنها فيكتسب البدن الطيب والخبيث منها كما تكتسبهما هي منه قال بل تميزها بعد المفارقة يكون أظهر من تميز الأبدان والإشتباه بينهما أبعد من إشتباه الأبدان فإن الأبدان تشتبه كثيرا وأما الأرواح فقلما تشتبه قال ويوضح هذا أنا لم نشاهد أبدان الأنبياء والأئمة وهم يتميزون في علمنا أظهر تميز وليس تميزا راجعا إلى مجرد أبدانهم بل هي بما عرفناه من صفات أرواحهم وأنت ترى أخوين شقيقين مشتبهين في الخلقة غاية الإشتباه وبين روحيهما غاية التباين وقل أن نرى بدنا قبيحا وشكلا شنيعا إلا وجدته مركبا على نفس تشاكله وتناسبه وقل أن ترى آفة في بدن وفي روح صاحبه آفة تناسبها ولهذا تأخذ أصحاب الفراسة أحوال الناس من أشكال الأبدان وقل أن ترى شكلا حسنا وصورة جميلة وتركيبا لطيفا إلا وجدت الروح المتعلقة به مناسبة له قال وإذا كانت الملائكة تتميز من غير أبدان تحملهم وكذلك الجن فالأرواح البشرية أولى إنتهى ووقع في كلام الغزالي في الدرة الفاخرة أن روح المؤمن على صورة النحلة وروح الكافر على صورة الجرادة وهذا شيء لا يعرف له أصل بل وقع في حديث الصور أن إسرافيل يدعو الأرواح فتأتيه جميعا أرواح المسلمين تتوهج نورا والأخرى مظلمة فيجمعها جميعا فيعلقها في الصور ثم ينفخ فيه فيقول الرب جل جلاله وعزتي ليرجعن كل روح إلى جسده فتخرج الأرواح من الصور مثل النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض فيأتي كل روح إلى جسده فتدخل فتمشي في الأجساد مثل السم في اللديغ فقوله مثل النحل ليس تشبيها في الهيئة والصور بل هو في الخروج وهيئته فقط ومثله قوله تعالى { يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر } وفي لفظ هذا الحديث في تفسير جويبر فتأتي أرواح المؤمنين من الجابية وأرواح الكفار من برهوت ولهن

أهدى إلى أجسادها من أحدكم إلى رحله والأرواح يومئذ سود وبيض فأرواح المؤمنين بيض وأرواح الكفار سود العاشرة
14 أخرج إبن منده عن إبن عباس قال ما تزال الخصومة بين الناس حتى تخاصم الروح الجسد فتقول الروح للجسد أنت فعلت ويقول الجسد للروح أنت أمرت وأنت سولت فيبعث الله ملكا يقضي بينهما فيقول لهما إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير وآخر ضرير دخلا بستانا فقال المقعد للضرير إني أرى ها هنا ثمارا ولكن لا أصل إليها فقال له الضرير إركبني فركبه فتناولها فأيهما المعتدي فيقولان كلاهما فيقول لهما الملك فإنكما قد حكمتما على أنفسكما يعني أن الجسد للروح كالمطية وهو راكبه
15 وأخرج الدارقطني في الأفراد من حديث أنس مرفوعا نحوه ولفظه يختصم الروح والجسد يوم القيامة فيقول الجسد إنما كنت بمنزلة الجذع ملقى لا أحرك يدا ولا رجلا لولا الروح ويقول الروح إنما كنت ريحا لولا الجسد لم أستطع أن أعمل شيئا وضرب لهما مثل أعمى ومقعد وحمل الأعمى المقعد فدله ببصره المقعد وحمله الأعمى برجله وله شاهد عن سلمان موقوفا أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ولفظه مثل القلب والجسد مثل أعمى ومقعد قال المقعد للأعمى إني أريد ثمرة ولا أستطيع أن أقوم إليها فاحملني فحمله فأكل وأطعمه وهذا يدل على أن القلب محل الروح والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله رب العالمين




قديم 21-11-2013, 10:57 PM
  المشاركه #20
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



رد: .. مقتطفات من الدار الاخره وماسيراه العبد يوم القيامه ..



قديم 21-11-2013, 10:58 PM
  المشاركه #21
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



ايها الاحبه هذا الموضوع كلفني من وقتي الكثير ولاكن والله ارت ان يكون هذا الموضوع هو التأمل والتفكر فيما عند الله عزوجل والنعيم الذي لاينفذ ,,



قديم 22-11-2013, 05:49 PM
  المشاركه #22
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ومعهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوانه ، قال فتخرج وتسيل كما تسيل القطرة من السقاء ، فيأخذونها فلا يدعونها في يده طرفة عين حتى يأخذونها فيجعلونها في ذلك الكفن والحنوط ، فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون : فلان بن فلان ، بأحسن أسمائه ، ثم ينتهون بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون لها فيفتح لهم فيستقبلها ويشيعها من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهو بها السماء السابعة فيقول الله تعالى : اكتبوا كتابه في عليين] .
وفي هذا الحديث يصف الرسول صلى الله عليه وسلم خروج الروح من جسد الكافر وكيف ينزعها ملك الموت من جسده كما ينزع السفود من الصوف المبلول ، يخرج منها رائحة كأنتن ريح جيفة ، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الخبيثة ؟ فيقولون : فلان بن فلان ، بأقبح أسمائه، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون ، فلا يفتح لها ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) (1) .
ثم يقول الله تعالى : اكتبوا اسمه في سٍجِّيْن ، ثم تطرح روحه طرحاً ، ثم قرأ (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) (2) ] (3) .
فيالها من رحلة للروح إما عروس تُزف إلى نعيم مقيم تحيط بها الملائكة تخترق السماوات وتقبل على باريها في موكب المتقين إلى الرحمن وفداً ، وإما أن تكون خبيثة كصاحبها تساق سوق المجرمين إلى جهنم ورداً كالأنعام تساق إلى الماء ، والله إن الأنعام حين ترد الماء خير من قدوم المجرمين كالعبد الآبق يجر إلى سيده جراً تكسوه علامات الخزي والذل والصغار (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) (4) .
وتقطع حبل خيالي يدٌ تهز كتفي تنبهني بأن الطائرة تستعد للهبوط فتعيدني من عالم الروح التي سافرت من الأرض ولن تعود إليها مرة أخرى إلا إلى نعيم أو عذاب إلى عالم الجسد الذي ودع الأرض لحظة ثم عاد إليها ليأخذ مهلة جديدة وفرصة أخرى قبل أن يرتفع فلا يعود ، يتذكر قول المولى عز وجل في أهل المعاصي يقولوا (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) (5) .
وعندما أخذت القلم أسجل به هذه الخاطرة تذكرت أعمالي من تلك اللحظة التي هبطت فيها إلى أرض المطار إلى لحظة كتابة الخاطرة فإذا هي خليط من الأعمال الحسنة والسيئة ، وإذا بصاحب الخاطرة لم يستفد على ما يبدو من هذا الدرس ، وتذكرت قول المولى عز وجل (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (6) ،

إن لم يستفد منها صاحبها ، فقد دونتها لعلك أن تستفيد منها أنت .




قديم 22-11-2013, 05:53 PM
  المشاركه #23
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



الروح تسكن في كل انحاء الجسد و تحيط به...
فعندما يأتي ملك الموت يجمعها من القدمين ومن الساقين إلى الفخذين
ثم إلى البطن ثم إلى الصدر حتى تصل الحلقوم ثم إلى التراقي، ثم عند ذلك ينزعها
ملك الموت لتفارق الجسد؛ لأن الموت عند العلماء هو مفارقة الروح للجسد،
العبد الكافر

أن الملائكة التي تأتي لقبض روحه، هم ملائكة سود الوجوه، وأنهم يقفون أمام المحتضر الذي ينازع الموت مدَّ بصره، وأن ملك الموت -عليه السلام- يقف عند رأس هذا العبد الكافر فيقول: أيتها الروح الخبيثة اخرجي إلى غضب من الله وسخطه، فتتفرق روحه في جسده من الخوف، فينتزعها نزعاً شديداً مؤلماً، فهذا قد ثبت من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسند وغيره، وقد أخبر الله جل وعلا أن الملائكة عند وفاة الكافر تقوم بضربه ضرباً شديد على وجهه وعلى دبره، قال الله تعالى: {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق * ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد}.
فهذه إشارة مختصرة إلى حال صاحب الروح الكافرة الفاجرة.

العبد المؤمن،

له شأناً آخر، فهو على النقيض من الكافر الفاجر.
أما الملائكة التي تحضره عند الممات، فهم ملائكة بيض الوجوه مستبشرين، مبشرين، معهم كفنٌ من الجنة وطيبٌ من الجنة، {يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية}.




قديم 22-11-2013, 11:37 PM
  المشاركه #24
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 159,313
 



بارك الله فيك








تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



06:30 AM