logo

قديم 30-01-2014, 08:11 AM
  المشاركه #1
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 980
 



مثل المتصدق والبخيل

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ؛ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا, فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ إِلَّا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ, وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ. وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلَّا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا, فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ) (1).

شرح المفردات (2):

( عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ ): الْجُبَّة ثَوْب مَخْصُوص, وَلَا مَانِعَ مِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الدِّرْعِ.

( مِنْ ثُدَيِّهِمَا ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَة جَمْعُ ثَدْي.

( تَرَاقِيهِمَا ) بِمُثَنَّاة وَقَاف جَمْع تَرْقُوَة، وهي العَظْم الذي بين ثُغْرة النَّحر والعَاتِق . وهما تَرْقُوَتان من الجانِبَين.

( سَبَغَتْ ) أي: اِمْتَدَّتْ وَغَطَّتْ.

( حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ ) أي: تَسْتُرُ أَصَابِعه, وَبَنَانه بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَة: الْإِصْبَعُ.

( وَتَعْفُو أَثَره ) بِالنَّصْبِ أي: تَسْتُرُ أَثَره, يُقَالُ: عَفَا الشَّيْءُ وَعَفَوْتُهُ أَنَا, لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ, وَيُقَالُ: عَفَت الدَّار إِذَا غَطَّاهَا التُّرَاب.

شرح الحديث:

قَالَ الْخَطَّابِيّ وَغَيْره: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ, فَشَبَّهَهُمَا بِرَجُلَيْنِ أَرَادَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا أَنْ يَلْبَسَ دِرْعًا يَسْتَتِرُ بِهِ مِنْ سِلَاحِ عَدُّوِهِ, فَصَبَّهَا عَلَى رَأْسِهِ لِيَلْبَسهَا, وَالدُّرُوعِ أَوَّل مَا تَقَعُ عَلَى الصَّدْرِ وَالثَّدْيَيْنِ إِلَى أَنْ يُدْخِلَ الْإِنْسَان يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهَا, فَجَعَلَ الْمُنْفِقَ كَمَنْ لَبِسَ دِرْعًا سَابِغَة فَاسْتَرْسَلَتْ عَلَيْهِ حَتَّى سَتَرَتْ جَمِيعَ بَدَنِهِ, وَجُعِلَ الْبَخِيل كَمَثَلِ رَجُلٍ غُلَّتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ, كُلَّمَا أَرَادَ لُبْسهَا اِجْتَمَعَتْ فِي عُنُقِهِ فَلَزِمَتْ تَرْقُوَته, وَالْمُرَاد أَنَّ الْجَوَادَ إِذَا هَمَّ بِالصَّدَقَةِ اِنْفَسَحَ لَهَا صَدْرُهُ وَطَابَتْ نَفْسه فَتَوَسَّعَتْ فِي الْإِنْفَاقِ, وَالْبَخِيل إِذَا حَدَّثَ نَفْسه بِالصَّدَقَةِ شَحَّتْ نَفْسه فَضَاقَ صَدْرُهُ وَانْقَبَضَتْ يَدَاهُ.

وَقَالَ الْمُهَلَّب: الْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ يَسْتُرُ الْمُنْفِقَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, بِخِلَافِ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ يَفْضَحُهُ.

وَقِيلَ هُوَ تَمْثِيلٌ لِنَمَاءِ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ, وَالْبُخْلِ بِضِدِّهِ. وَقِيلَ تَمْثِيلٌ لِكَثْرَةِ الْجُودِ وَالْبُخْلِ, وَأَنَّ الْمُعْطِيَ إِذَا أَعْطَى اِنْبَسَطَتْ يَدَاهُ بِالْعَطَاءِ وَتَعَوَّدَ ذَلِكَ, وَإِذَا أَمْسَكَ صَارَ ذَلِكَ عَادَة. وَقَالَ الطِّيبِيّ: قَيَّدَ الْمُشَبَّهَ بِهِ بِالْحَدِيدِ إِعْلَامًا بِأَنَّ الْقَبْضَ وَالشِّدَّةَ مِنْ جِبِلَّة الْإِنْسَان, وَأَوْقَعَ الْمُتَصَدِّق مَوْقِع السَّخِيِّ لِكَوْنِهِ جَعَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبَخِيلِ إِشْعَارًا بِأَنَّ السَّخَاءَ هُوَ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِع وَنَدَبَ إِلَيْهِ مِن الْإِنْفَاقِ لا مَا يَتَعَانَاهُ الْمُسْرِفُونَ (3).

من فوائد الحديث:

1- في الحديث بيان لحال كل من المنفق والبخيل، فإن المتصدق ينشرح صدره للصدقة، ويهش لها ويفرح بها، أما البخيل فإنه يضيق بها وينقبض صدره لها، ويمسك يده عنها، فكأنه مقيد بغل يجمع يده إلى رقبته.

2- أن المتصدق يتسع ماله ويربو ويبارك له فيه، أما البخيل فيمحق ماله أو يصاب بالكوارث فيه، أو يكون سبباً لعنائه وشقائه.

3- مشروعية لبس الدرع في الحرب وأن لبسها لا ينافي التوكل، وقد ثبت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

4- فضل الصدقة والإنفاق في وجوه الخير، وذم البخل والإمساك، قال ابن القيم –رحمه الله-: (ولما كان البخيل محبوسا عن الإحسان ممنوعا عن البر والخير كان جزاؤه من جنس عمله، فهو ضيق الصدر ممنوع من الانشراح ضيق العطن صغير النفس قليل الفرح كثير الهم والغم والحزن، لا يكاد تقضى له حاجة ولا يعان على مطلوب، فهو كرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها وكلما أراد إخراجها أو توسيع تلك الجبة لزمت كل حلقه من حلقها موضعها وهكذا البخيل كلما أراد أن يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو .

والمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه وانفسح بها صدره فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه فكلما تصدق اتسع وانفسح وانشرح وقوي فرحه وعظم سروره، ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبد حقيقا بالاستكثار منها والمبادرة إليها، وقد قال تعالى:( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) [ الحشر: 9 ] (4).



(1) صحيح البخاري، برقم: (1443), وصحيح مسلم، برقم: (1021

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

القسم الإسلامي

 
 
قديم 30-01-2014, 01:08 PM
  المشاركه #2
ابو ماجد
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 78,512
 



بارك الله فيك





قديم 31-01-2014, 02:17 PM
  المشاركه #3
عضو موقوف
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 10,063
 



جزاك الله خيراَ



قديم 01-02-2014, 05:24 AM
  المشاركه #4
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 159,313
 



الله يبارك فيك



قديم 09-02-2014, 09:45 AM
  المشاركه #5
ابو ياسر
رئيس فريق المراقبة
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 43,260
 



جزاك الله خير الجزاء ورحم الله والديك



كلام جميل للصحابي معاذ بن جبل رضي الله عن كيفية النجاة من الفتن يقول فيه

(( ليتني أعرف أقواما من اهل ذلك الزمان (( يقصد آخر الزمان ووقت الفتن )) لأخبرهم كيف ينجون من الفتن وعندما سئل عن ذلك أجاب ببساطة
إن ما أنت عليه هو الصواب والقادم عليك فتنة فتمسك بما انت عليه وأترك القادم إليك وتجنبه فهو الفتنة

هذا مجمل كلامه رضي الله عنه وفيه النجاة بعد الله من الفتن ))




أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



09:49 PM