السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الرحمن بن ملجم الخارجي
إسم عرفه الجميع وسمع به، فهو قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الخليفة الراشد والمبشر بالجنة، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره زوج الزهراء أبا الحسن والحسين سيدا شباب الجنة.
أغلبنا يظن أن هذا القبيح – عبد الرحمن بن ملجم – كان إنساناَ فاسقاً ضائعاً لا يفقه من الدين شيئا، أو أنه كان من المندسين ممن سعوا إلى تدمير الإسلام وأهله.
إن عبد الرحمن بن ملجم كان إنسانا تقيا زاهدا صالحا، فقد كانت علامة السجود ظاهرة في وجهه. لقد أرسله عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى مصر تلبية لطلب عمرو بن العاص رضي الله عنه، حيث قال: يا أمير المؤمنين أرسل لي رجلا قارئا للقرآن يقرئ أهل مصر القرآن.
فقال عمر بن الخطاب: أرسلت إليك رجلا هو عبد الرحمن بن ملجم من أهل القرآن آثرتك به على نفسي -يعني أنا أريده عندي في المدينة لكن آثرتك به على نفسي- فإذا أتاك فاجعل له دارا يقرئ الناس فيها القرآن وأكرمه.
نعم هذا هو عبد الرحمن بن ملجم ..قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه نعم هذا الرجل الزاهد العابد الورع، محفظ القران و حافظه.
لقد قتل أمير المؤمنين الخليفة علي بن ابي طالب رضي الله عنه بضربة سيف وهو يردد قول الله تعالى ((و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله و الله رءوف بالعباد))
قال عمران بن حطان السدوسي في مدح ابن ملجم ـ قبحه اللـه ـ لقتلـه أمير المؤمنين علياً رضي اللـه عنه:
يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيَ مَــــــا أَرَادَ بِهَا
إلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانا
إنِّي لأَذْكُــــرُهُ يَــــوْماً فَأَحْسَــــبُهُ
أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْــــدَ الله مِــــيزَانا
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ بُطُــونُ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ
لَمْ يَخْلِطُوا دِينَهُمْ بَغياً وَعُدْوَانا
فانبرى له من أهل التوحيد شاعر يرد عليه فقال:
قــــل لابن ملجم والأقــــدار غالبــــة
هدمــــت ويلــــك للإســــلام أركانـــا
قتلت أفضل من يمشي على قــــدم
وأول النــــاس إســــلاماً وإيمــــانا
وأعلم النــــاس بالقــــرآن ثـــم بمــا
سن الرســــول لنــا شــــرعاً وتبيانا
صهر النَّــــبي ومــــولاه وناصــــره
أضحت منــــاقبه نــــوراً وبرهــــانا
وكان منه على رغــــم الحســــود له
مكان هارون من موسى بن عمرانا
ذكــــرت قــــاتله والدمــــع منـــحدر
فقلت: سبحان رب العرش سبحانا
إنــــي لأحســــبه ما كان من بشــر
يخشى المعاد ولكن كان شيـــطانـا
الخلاصة ...
لم ينفع عبد الرحمن بن ملجم كل ما كان عليه من تقوى وعبادة فقد كانت سوء الخاتمة من نصيبه والعياذ بالله وكل ذلك لقلة العلم الشرعي وانجراره خلف الذي أفسدوا كثيرا من شباب المسلمين.
حين قيد عبد الرحمن بن ملجم للقصاص قال للسيّاف: لا تقتلني مرة واحدة -يعني قطعة رأس- قطّع أطرافي شيئا فشيئا حتى أرى أطرافي تعذب في سبيل الله
سبحان الله ... وهل قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قربة لله. هذا ما نراه اليوم في واقعنا الحالي الذي نعيشه والذي ظهر به من شباب المسلمين من يدعون التقرب لله عز وجل بقتل الأبرياء من المسلمين الآمنين، وأصبح التخويف والتشريد منهاجا لهم.
أؤلئك بعض الذين تبدوا علامات الهداية في وجوههم ويتلون القرآن في الليل والنهار، ولكنهم خابوا وخسروا فقد انطبق قول الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم (سيقرأ القرآن رجال لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
كل هذا وهم يصرون على جهلهم وبعدهم عن الحق ادعاء منهم أن ذلك باسم الدين ولمصلحته، وهم بالأصح يحاربون الدين وأهله.
أسأل الله أن يصلح شباب المسلمين ويردنا لدينه رداً جميلا ويرزقنا علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ولسانآ ذاكرا وعقلاً واعياً
وأن يثبتنا وإياكم على الحق ..انه مولى ذلك والقادر عليه .
...
..
.