logo



قديم 23-12-2016, 05:50 PM
  المشاركه #1
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين،
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، و زدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين

ويقول الله تبارك وتعالى: { إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون}
أي هم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح، مشفقون من اللّه خائفون منه، وجلون من مكره بهم، ..
وكما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة،
وإن المنافق جمع إساءة وأمناً،
{ والذين هم بآيات ربهم يؤمنون} أي يؤمنون بآياته الكونية والشرعية، كقوله تعالى إخباراً عن مريم عليها السلام
{ وصدقت بكلمات ربها وكتبه} أي أيقنت أن ما كان إنما هو عن قدر اللّه وقضائه، وما شرعه اللّه فهو إن كان أمراً فمما يحبه ويرضاه، وإن كان نهياً فهو مما يكرهه ويأباه، وإن كان خيراً فهو حق،
كما قال اللّه: { والذين هم بربهم لا يشركون} أي لا يعبدون معه غيره بل يوحدنه ويعلمون أنه لا إله إلا اللّه، وأنه لا نظير له
ولا كفء. وقوله: { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} أي يعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإشفاق والإحتياط، كما قال الإمام أحمد عن عائشة أنها قالت: يا رسول اللّه يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف اللّه عزَّ وجلَّ؟ قال: (لبنت أبي بكر، يا بنت الصديق! ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق
وهو يخاف اللّه عزَّ وجلَّ ) ""ورواه الترمذي وابن أبي حاتم بنحوه (وقال: لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يتقبل منهم"".
{ أولئك يسارعون في الخيرات} )، وقد قرأ آخرون هذه الآية
{ والذين يأتون ما أتوا وقلوبهم وجلة} : أي يفعلون ما يفعلون
وهو خائفون، وروي هذا مرفوعاً إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قرأها كذلك، والمعنى على القراءة الأولى وهي قراءة الجمهور السبعة وغيرهم أظهر، لأنه قال:
{ أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} فجعلهم من السابقين، ولو كان المعنى على القراءة الأخرى لأوشك أن لا يكونوا من السابقين بل من المقتصدين أو المقصرين. واللّه أعلم.
تفسير الجلالين
{ أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون } في علم الله .
تفسير الطبري
وَقَوْله : { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره . هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ الصِّفَات صِفَاتهمْ , يُبَادِرُونَ فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَيَطْلُبُونَ الزُّلْفَة عِنْد اللَّه بِطَاعَتِهِ . كَمَا : 19345 - حَدَّثَنِي يُونُس ,
قَالَ , أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ , قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله :
{ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات } . وَقَوْله : { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره . هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ الصِّفَات صِفَاتهمْ , يُبَادِرُونَ فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَيَطْلُبُونَ الزُّلْفَة عِنْد اللَّه بِطَاعَتِهِ . كَمَا : 19345 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ , أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ , قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله :
{ولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات } . ' وَقَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } كَانَ بَعْضهمْ يَقُول . مَعْنَاهُ : سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّه السَّعَادَة , فَذَلِكَ سُبُوقُهُمُ الْخَيْرَات الَّتِي يَعْمَلُونَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19346 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ , ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } يَقُول : سَبَقَتْ لَهُمْ السَّعَادَة . 19347 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } , فَتِلْكَ الْخَيْرَات . وَكَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل ذَلِكَ بِمَعْنَى : وَهُمْ إِلَيْهَا سَابِقُونَ . وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ : وَهُمْ مِنْ أَجْلهَا سَابِقُونَ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ ابْن عَبَّاس , مِنْ أَنَّهُ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّه السَّعَادَة قَبْل مُسَارَعَتهمْ فِي الْخَيْرَات , وَلَمَّا سَبَقَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ سَارَعُوا فِيهَا . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْكَلَامِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعْنَيَيْهِ , وَأَنَّهُ لَا حَاجَة بِنَا إِذَا وَجَّهْنَا تَأْوِيل الْكَلَام إِلَى ذَلِكَ , إِلَى تَحْوِيل مَعْنَى " اللَّام " الَّتِي فِي قَوْله : { وَهُمْ لَهَا } إِلَى غَيْر مَعْنَاهَا الْأَغْلَب عَلَيْهَا .وَقَوْله : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } كَانَ بَعْضهمْ يَقُول . مَعْنَاهُ : سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّه السَّعَادَة , فَذَلِكَ سُبُوقُهُمُ الْخَيْرَات الَّتِي يَعْمَلُونَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19346 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ , ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله :
{ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } يَقُول : سَبَقَتْ لَهُمْ السَّعَادَة . 19347 -
حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله :
{ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } , فَتِلْكَ الْخَيْرَات . وَكَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل ذَلِكَ بِمَعْنَى : وَهُمْ إِلَيْهَا سَابِقُونَ . وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ : وَهُمْ مِنْ أَجْلهَا سَابِقُونَ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ ابْن عَبَّاس , مِنْ أَنَّهُ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّه السَّعَادَة قَبْل مُسَارَعَتهمْ فِي الْخَيْرَات , وَلَمَّا سَبَقَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ سَارَعُوا فِيهَا . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْكَلَامِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعْنَيَيْهِ , وَأَنَّهُ لَا حَاجَة بِنَا إِذَا وَجَّهْنَا تَأْوِيل الْكَلَام إِلَى ذَلِكَ , إِلَى تَحْوِيل مَعْنَى " اللَّام " الَّتِي فِي قَوْله : { وَهُمْ لَهَا } إِلَى غَيْر مَعْنَاهَا الْأَغْلَب عَلَيْهَا .'
تفسير القرطبي
قوله { أولئك يسارعون في الخيرات} أي في الطاعات، كي ينالوا بذلك أعلى الدرجات والغرفات. وقرئ { يسرعون في الخيرات}
أي يكونوا سراعا إليها. ويسارعون على معنى يسابقون من سابقهم إليها؛ فالمفعول محذوف. قال الزجاج : يسارعون أبلغ من يسرعون. { وهم لها سابقون} أحسن ما قيل فيه : أنهم يسبقون إلى أوقاتها. ودل بهذا أن الصلاة في أول الوقت أفضل؛ كما تقدم في - البقرة -وكل من تقدم في شيء فهو سابق إليه، وكل من تأخر عنه فقد سبقه وفاته؛ فاللام في { لها} على هذا القول بمعنى إلى؛ كما قال { بأن ربك أوحى لها} [الزلزلة- 5]أي أوحى إليها. وأنشد سيبويه : تجانف عن جو اليمامة ناقتي ** وما قصدت من أهلها لسوائكا وعن ابن عباس في معنى { وهم لها سابقون} سبقت لهم من الله السعادة؛ فلذلك سارعوا في الخيرات. وقيل : المعنى وهم من أجل الخيرات سابقون.

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

القسم الإسلامي

 
 
قديم 23-12-2016, 05:53 PM
  المشاركه #2
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



إن للمسارعة في الخير حظوةً عند المولى - جل وعلا -؛
تجعل المؤمن يقف إزاءها متدبراً لحاله، ساعياً في كماله. فهي سبب لرضا ربه عنه، كما قال موسى - عليه السلام -:
﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]،
وظَفِرَ بذلك الرضا السابقون من المهاجرين والأنصار والتابعون لهم بإحسان. وتلك المسارعة سبيل لغفران الذنوب، كما قال تعالى:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [آل عمران: 133]، وكان ذا مطمعَ سحرة فرعون حين آمنوا: ﴿ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِين ﴾. والجنة جزاء من سارع في الخير:
﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِين ﴾. وليس دخول الجنة جزاء المسارعة فحسب، بل هو دخول صفوٍ وهناءٍ؛ من غير حساب، ولا عذاب؛ فقد قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الله - تعالى -: ﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾، وقال: " الذين سبقوا؛ فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب " رواه أحمد بأسانيد أحد رجالها رجال الصحيح - كما قال الهيثمي -. والمسارعة في الخيرات سبب لإجابة الدعاء؛ فقد ذكر الله - سبحانه - إجابته دعاءَ نبيّه إبراهيم ولوط ونوح وأيوب ويونس وزكريا - عليهم الصلاة والسلام -؛ وأن مسارعتَهم في الخير أولُ أسباب تلك الإجابة: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين ﴾. والمسارعة من أسباب تفاوت ثواب العمل الصالح، كما قال الله - تعالى -: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ﴾، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: « مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ » رواه البخاري. والمسارعة سبيل لنيل السعادة؛ فقد فسر ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61] بسبق السعادة لهم. والمسارعة شعار الصالحين على مَرِّ الزمان، يقول الله - تعالى - عن مؤمني أهل الكتاب:
﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾. فلا غرو أن أَمَرَ الله - سبحانه - بها في غير ما آية وقد بوّأها هذا القدر العلي. وذاك مشعر بنفاسة التحصيل وفدح الخسار، وتنبيه لما يعرض لها من المشاغل والصوارف، يقول خالد بن معدان: "
إذا فُتح لأحدكم باب خير فليسرع إليه؛ فإنه لا يدري متى يُغلق عنه ".






قديم 23-12-2016, 06:05 PM
  المشاركه #3
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



لعل ذالك يعود إلى غفلتنا عن قدرها وما لها من شأن و منزلة عند الله تعالى باعتبارها أهم وسيلة لتزكية النفس وتطهير القلب من درن المعاصي ودنس السيئات، بما يتم فيها من تدارس لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم و التدبر و التأمل في تعاليمها وقيمها و مثلها الربانية السامية.

لذلك كان حريا بنا، ونحن نستأنف اليوم جلساتنا التربوية، أن نقف وقفة تأمل في فضلها ومنزلتها عند الله تعالى. وفي فوائدها الدنيوية و الأخروية لعل ذلك يرجع بعض حماسنا لحضورها ويولد في نفوسنا الرغبة في المحافظة عليها.

ثانيا: فضائل الجلسة التربوية:

أما فضائل الجلسة التربوية (وهي من مجالس الذكر و الإيمان) جاءت عشرات الأحاديث تخبر عنها:
ورد حديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلا يتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء قال: فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم من أين جئتم؟ فيقولون جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألوك. قال وماذا يسألوني قال: يسألونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا لا أي رب قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا ويستجيرونك قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا من نارك يا رب قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا لا قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا ويستغفرونك قال: فيقول قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا قال: فيقولون رب فيهم فلان عبد خطاء، إنما مر فجلس معهم قال: فيقول وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ».

ومن تلك الأحاديث ما رواه مسلم و الترمذي و النسائي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذلك قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة ».

ومن تلك الأحاديث أيضا ما أخرج ابن أبي الدنيا والبزار وأبو يعلى والطبراني والحاكم وصححه البيهقي في الدعوات عن جابر قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر، فارتعوا في رياض الجنة. قالوا: وأين رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر الله وذكروه أنفسكم، من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر الله كيف منزلة الله عنده، فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه».

وأخرج أحمد و الطبراني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: « ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال: الجنة». رواه أحمد بسند حسن.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: مجالس الذكر محياة للعلم وتحدث للقلوب خشوعا.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( من حديث طويل): « ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه».

هذه جملة من الأحاديث التي تبرز الفضل العظيم و الثواب الجزيل لحضور جلسة الذكر و الإيمان لما يحصل فيها من تدارس و تدبر و تأمل لكتاب الله تعالى و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم.

وكل ذلك فضل من الله تعالى و رحمة منه سبحانه على عباده الذين يجتمعون في هذه الجلسات. فاجتماعهم لتدارس كتاب الله تعالى و التذاكر في تعاليمه و أوامره و نواهيه إنما ينتفعون به هم أنفسهم. فهم المحتاجون إلى تلك التعاليم التي تهديهم إلى الصراط المستقيم و تأخذ بأيديهم إلى سبل السلام، وتنور عقولهم وبصائرهم، وتخرجهم من ظلمات الشرك إلى نور توحيد الله و الحياة الكريمة الطيبة.. أما الله سبحانه فغني عن حضورهم تلك الجلسات وعن طاعتهم لأنه لا تنفعه و لا تضره معصيتهم...

ثالثا: الجلسة أول وسيلة نبوية للتربية:

ففضل الجلسة التربوية على الجالسين فيها كبير كما سمعنا ... و ذلك الفضل جزاء من الله و ترغيب منه سبحانه و تعالى في المواظبة عليها...ولقد كان لها هذا الفضل و الجزاء، لأنها الوسيلة الأولى التي استخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتربية المؤمنين برسالته منذ أوائل أيام بعثته في مكة المكرمة. حيث كانت دار الأرقم بن أبي الرقم هي التي احتضنت أول جلسة تربوية قي عهد رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد كانت تلك الجلسة بمثابة مدرسة إيمانية يتلقى فيها المؤمنون تعاليم الوحي وتوجيهات رسول الله صلى الله عليه و سلم ونصائحه... وقد أشار القرآن الكريم أن المواد التي كان يدرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الجلسة الأولى. وفي الجلسات التي أنشأها فيما بعد بالمساجد التي بناها في المدينة ثم في مكة في قول الله تعالى: « هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب و الحكمة وإن كانوا من قبل لفي ظلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم. وهو العزيز الحكيم. ذلك فضل الله يوتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم » سورة الجمعة الآيات 2-4.

فكانت الجلسة الإيمانية وسيلة لتلقي القرآن الكريم ومدارسته من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقي توجيهاته الكريمة في الدين الجديد، تلك التوجيهات التي كان يصقل بها عليه الصلاة و السلام قلوب ونفوس و عقول المؤمنين من أدناس الجاهلية. ويطهرها من أدرانها و يزودها بقيم الوحي السامية ومثله النبيلة.

فالتزكية الواردة في الآيات السالفة الذكر وفي آيات أخرى مشابهة لها في مضمونها تعني التطهير من دنس المعاصي وأخلاق الجاهلية كما تعني تنمية الأوصاف الحميدة و الخصال الحسنة في نفوس المؤمنين.


رابعا: الأمر الإلهي للرسول صلى الله عليه و سلم بملازمة الجلسة التربوية:

ولما كان للجلسة التربوية كل هذا الدور، فإن الله عز وجل أمر رسوله بملازمتها و ملازمة الراغبين في حضورها احتسابا و إيمانا، فقال الله تعالى: « واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا» سورة الكهف الآية28.

و التعبير بقوله تعالى:« واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم ». تعبير قوي في تصوير الأمر بملازمة المجلس التربوي وملازمة المؤمنين الراغبين في حضوره ابتغاء وجه الله و الدار الآخرة.. إذ صور الحق سبحانه قوة الملازمة و ثباتها بحبس النفس و شدها.

و المراد بذلك لزوم المؤمنين الذين يقصدون المجلس التربوي للاستزادة من الإيمان ومعرفة الحق و التفقه في الدين و التذاكر و التدبر في تعاليم الوحي... وعدم الالتفات إلى غيرهم من أهل الوجاهة الذين كانوا يتظاهرون نفاقا برغبة حضور هذه المجالس ويطلبون من الرسول صلى الله عليه و سلم طرد المؤمنين المستضعفين منها حتى لا يؤذوهم برثاثة ألبستهم وروائح عرقهم.. والقصد هو الإيقاع بين الرسول صلى الله عليه و سلم و المؤمنين وتفكيك عرى الترابط الأخوي الإيماني بينه وبينهم. وتشتيت شمل الجماعة المسلمة الناشئة.

وقد أخرج الطبراني، وابن جرير، عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال : نزَلَتْ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَ الْعَشِيِّ } [الكهف : 28]، فخرج يلتمسهم، فوجد قوماً يذكرون الله تعالى، منهم ثائر الرأس، وجاف الجلد، وذو الثوب الواحد، فلمَّا رآهم جلس معهم، وقال : « الحمدُ لله الذي جعل في أمتي مَنْ أمرني أن أصبر نفسي معهم ».

فانظروا كيف استقبل النبي صلى الله عليه و سلم توجيهات ربه، وكيف حرص على تطبيقها بأن لزم مجالسة المستضعفين المتشوقين إلى الدار الآخرة و الراغبين في تعلم ما يقربهم من الجنة و يبعدهم عن النار.

خامسا: مواظبة الصحابة على الجلسة التربوية:

وكما استجاب رسول الله صلى الله صلى الله عليه و سلم لتوجيه ربه وأمره بملازمة الجلسة التربوية لتوجيه المؤمنين وتربيتهم، فإن صحابة الرسول صلى الله عليه و سلم قد استجابوا بدورهم لهذا التوجيه الإلهي و التوجيهات النبوية المتعلقة بالجلسة التربوية التعليمية الإيمانية... وقد نقلت كتب الحديث و سير الصحابة العشرات من الأحاديث و القصص المتعلقة بإقبالهم على حضور جلسات الذكر والتعلم و التفقه في الدين... أكتفي هنا بما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان عبد الله ابن رواحة إذا لقي الرجل من أصحابه يقول : تعال نؤمن ساعة . فقاله يوما لرجل ، فغضب ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله ، ألا ترى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة ، فقال : رحم الله ابن رواحة ؛ إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة» .

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأخذ بيد الرجل و الرجلين من أصحابه فيقول قم بنا نزداد إيمانا فيذكرون الله عز وجل...
ومن حرصهم على حضور هذه المجالس كانوا أنهم إذا اضطروا للغياب عنها لضرورة العيش أناب بعضهم بعضا من أجل حضورها.

فقد أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه قال: «كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد - وهي من عوالي المدينة - وكنا نتناوب النزول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ينزل يوماً وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك... ».

هكذا كانت الجلسة التربوية هي المزودة الأولى لروح المؤمنين و عقولهم بزاد الإيمان والعلم والحكمة، فكانت مدرسة نموذجية في تخريج الرجال العظماء الذين لم يجد التاريخ بمثلهم في العلم و الكفاءة و الأمانة و الصدق وغيرها من القيم الأخلاقية العالية.




قديم 23-12-2016, 06:14 PM
  المشاركه #4
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



والباقيات الصالحات من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وحوقلة ،
والذكر ميزته انه يُجدد الإيمان في القلب " ألا بذكر الله تطمئن القلوب "
وفى الحديث عَنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو بن العَاص رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِنَّ الإِيمَانَ لَيخلق فِي جَوْفِ أَحَدكُمْ كَمَا يَخلقُ الثَّوْبُ فَاسْأَلُوا الله أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ " السلسلة الصحيحة، 4/ 113
فمرر على نفسك يوميا فوائد الذكر ،، بل مررها صباحاً ومساءاً،،
أتدرون لما صباحاً ومساءاً؟
لأن في الحديث قال صلى الله عليه وسلم : "يكون من بعدي فتنة يصبح الرجل فيها مؤمنأً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، " . رواه ابن ماجة وابن حبان

6- الصيام ، كالاثنين والخميس، و 13، 14، 15 فمَن صام يوما في سبيل الله باعد الله بينه وبنين النار 70 خريفا عسى أن يختم لنا بصيام فندخل الجنة.
7- وأعمال بر من صدقة شبه يومية، وبر الوالدين، وصلة رحم، وزيارة شهرية لمريض، ومسح رأس يتيم
8- الدعوة إلى الله وبث الخير بين الناس؛ لتضاعف أجرك فالدال على الخير كفاعله .
9- عبودية هجرة الذنوب :
وسُئل النبي صلى الله عليه و سلم : أخبرنا يا رسول الله بعمل نستقيم عليه ونعمله ، قال : " عليك بالهجرة فإنه لا مثل لها "
و المهاجر في حقنا هو مَن هجر الذنوب و المعاصي (كعقوق الوالدين و عن الغيبة وعن التبرج و عن الاختلاط وعن الغضب وعن إطلاق البصر وعن سوء معاملة الناس وعن نقض العهد وعن الغش والخداع والكذب والفتنة و التقصير في حق الله من صلاة لا يتحقق فيها خشوع أو أعمال صالحة يخالطها رياء )
ولنهجر أيضا المعازف ، فوالله أنها كالخمر تُذهب العقل ولقد جمعها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث مع الخمر فقال:" ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرا و الحرير و الخمر و المعازف"رواه البخاري في صحيحه ( 4 / 30 )
وقد علق على الحديث الشيخ بن باز فقال :وهو صريح في ذم مستحلي المعازف، حيث قرنهم مع مستحلي الزنا والخمر والحرير، وحجة ظاهرة في تحريم استعمال المعازف .
ليس هذا فحسب ... بل حرم المعازف الأئمة الأربعة .
وهذا كله ستجدوه في كتاب الإمام ابن القيم “إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان” فراجعوه

10- عبودية البر:
الله تعالي جعل بعد حقه عبودية البر للوالدين ، و سيدنا عمر ذهبوا إليه في القضاء فقالوا له انه يوجد واحد قتل نفس ماذا يصنع ليتوب ، قال هل له من أم فقالوا نعم ، قال فعليه ببرها فإني لم أري عملا يغفر ويكفر الذنوب مثل بر الوالدة هذا أعظم عمل فثم الجنة .
11- عبودية السعي لطلب الرزق:
قال صلى الله عليه وسلم : ما أكل احد طعام قط خير من أن يأكل من عمل يده ، وان نبي الله داود كان يعمل ويأكل من عمل يده "
12- عبودية تربية الأبناء:
قال النبي صلى الله عليه وسلم " مَن بلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار"
13- عبودية حسن المعاشرة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم " خيركم خيركم لأهله " ،، و الصبر علي عدم الزواج عبودية والصبر في الزواج وإحسان معاملة الزوج عبودية والصبر علي الحمل وتقاسي آلام الحمل عبودية .. فالصبر على أي شيء عبودية تتقربا بها إلى الله


أخيراً :
أحذركم من التباطوء في الطاعات .. فهذا من أسباب عذاب القبر؛ لأن العمل الفاجر يأتي صاحبه في القبر فيقول " أنا عملك الخبيث كنت بطيئا عن طاعة الله سريعا في معصيته فجزاك الله بشر" صحيح الترغيب والترهيب
* وأحذركم أيضا من الغفلة .. فهي سبب هلاك القلب ، قال تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} الأعراف: 179
ولقد جاء علاج الغفلة في الآية التي تليها .. فقال تعالى" وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180] ..
فعلاج الغفلة إذاً أن تتعرَّف على ربك عز وجلَّ من خلال معرفة أسمائه وصفاته، لكي تتحطم الأقفال التي على قلبك وتُخرِّج الدنيا التي طبعت عليه ،،




قديم 23-12-2016, 08:15 PM
  المشاركه #5
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



ردد معي ثلاث مرات
"سبحان الله وبحمده عدد خلقه،ورضى نفسه،وزنة عرشه، ومداد كلماته"




قديم 23-12-2016, 10:05 PM
  المشاركه #6
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



إن في نبأ مسارعي الخيرات سَوْقاً للنفوس لاقتفاء الأثر والسموِّ
في تحصيل المنزلة، ومن غرر تلك الأخبار ما روى البخاري عن عُقْبَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِالْمَدِينَةِ العَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: «ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ (قطع ذهب من الصدقة) عِنْدَنَا؛ فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي؛ فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». وقال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -: " مَرَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ، عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَقْرَأُ، فَقَامَ فَتَسَمَّعَ قِرَاءَتَهُ، ثُمَّ رَكَعَ عَبْدُ اللهِ، وَسَجَدَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ "، قَالَ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ". قَالَ: فَأَدْلَجْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأُبَشِّرَهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَلَمَّا ضَرَبْتُ الْبَابَ - أَوْ قَالَ: لَمَّا سَمِعَ صَوْتِي - قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قُلْتُ: جِئْتُ؛ لِأُبَشِّرَكَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: قَدْ سَبَقَكَ أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: إِنْ يَفْعَلْ؛ فَإِنَّهُ سَبَّاقٌ بِالْخَيْرَاتِ، مَا اسْتَبَقْنَا خَيْرًا قَطُّ إِلَّا سَبَقَنَا إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ " رواه أحمد وصححه أحمد شاكر. ولما التقى المسلمون بالكافرين يوم بدر قال رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ»، فقال عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟! قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: بَخٍ بَخٍ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟» قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا»، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِل رواه البخاري. َوقال سفيان الثوري: " عَمْرُو بنُ قَيْسٍ هُوَ الَّذِي أَدَّبَنِي؛ عَلَّمَنِي قِرَاءةَ القُرْآنِ وَالفَرَائِضَ, وَكُنْتُ أَطْلُبُه فِي سُوْقِه, فَإِنْ لَمْ أَجِدْه, فَفِي بَيْتِهِ, إِمَّا يُصَلِّي, أَوْ يَقْرَأُ فِي المُصْحَفِ؛ كَأَنَّهُ يُبَادِرُ أَمراً يَفُوْتُه، فَإِنْ لَمْ أَجِدْه وَجَدْتُه فِي مَسْجِدٍ قَاعِداً يَبْكِي، وَأَجِدُه فِي المَقبَرَةِ يَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ ". وكان أبو بكر النهشلي صالحاً يثب إلى الصلاة في مرضه ولا يقدر؛ فيقال له، فيقول: أبادر طيَّ الصحيفة، وكذا قال الجنيد حين كان يقرأ القرآن لحظة خروج روحه. وقال أبو الحسن الجراحي: " ما جئتُ إبراهيم بن حماد إلا وجدته يقرأ أو يصلي ". وقال حماد بن سلمة: " ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يطاع الله - عز وجل - فيها إلا وجدناه مطيعاً؛ إن كان في ساعة صلاة وجدناه مصلياً، وإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه إما متوضئاً، أو عائداً مريضاً، أو مشيعاً لجنازة، أو قاعداً في المسجد؛ فكنا نرى (نظن) أنه لا يحسن يعصي الله - عز وجل -.

وبعد - أيها الموفق -، هذا فقه المسارعة في الخيرات؛ فشمّرْ عن ساعد الجد، واجتهد في سبل الخير، خاصة فيما يُفتح لك فيه.

اللهم...




قديم 24-12-2016, 06:40 AM
  المشاركه #7
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 159,313
 



بارك الله فيك



قديم 24-12-2016, 11:06 AM
  المشاركه #8
كاتب مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 329,320
 



لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْد

وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير




قديم 25-12-2016, 05:33 AM
  المشاركه #9
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 63,279
 



إنها والله لموعظة بليغة للغاية لمن كان له قلب أو ألقى الله وهو شهيد، اللهم ارزقنا الطاعات وبلوغ امنيات الجنات والنظر إلي وجهك ياكريم
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ! ما أعظمها وما أبلغها من موعظة... !
رحم الله الإمام ابن القيم رحمة واسعة ونفعنا بمعين علومه الغزيرة وفهومه الثاقبة !
---------------------------
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمهُ اللهُ في "الفوائد":
«لا تَتِمُّ الرَّغْبَةُ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، ولا يستقيمُ الزهدُ فِي الدنيا إلا بَعْدَ نَظَرَيْنِ صحيحينِ:

النَّظَرُ فِي الدنيا، وسرعةِ زوالِـها وفنائِها واضْمِحْلَالِـها ونَقْصِهَا وخِسَّتِهَا، وَأَلَـمِ الْمُزَاحَـمَةِ عليها، والْـحِرْصِ عليها، وما في ذلكَ مِنْ الْغَصَصِ وَالنَّغَصِ وَالْأَنْكَادِ، وَآخِرُ ذلكَ الزَّوَالُ وَالِانْقِطَاعُ، معَ ما يَعْقُبُ من الْـحَسْرَةِ وَالْأَسَفِ؛ فَطَالِبُهَا لَا يَنْفَكُّ مِنْ هَمٍّ قَبْلَ حُصُولِـها، وَهَمٍّ حَالَ الظَّفَرِ بِـهَا، وَغَمٍّ وَحُزْنٍ بعدَ فَوَاتِـهَا، فهذا أَحَدُ النَّظَرَيْنِ.

النَّظَرُ الثاني: النظرُ في الآخرةِ وإِقْبَالِـهَا وَمَـجِيئِهَا وَلَا بُدَّ، وَدَوَامِهَا وبَقَائِهَا، وشَرَفِ مَا فِيهَا من الْـخَيْرَاتِ وَالْمَسَرَّاتِ، وَالتَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَهُ وبَيْنَ مَا هُنَا، فَهِيَ كَمَا قالَ سُبْحَانَهُ ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾؛ فَهِيَ خيراتٌ كاملةٌ دائمةٌ، وهذه خيالاتٌ ناقصةٌ منقطعةٌ مضمحلةٌ.

فإذا تَـمَّ له هَذَانِ النَّظَرَانِ؛ آثَرَ ما يقتضي العقلُ إِيثَارَهُ، وَزَهِدَ فيما يقتضي الزُّهْدُ فيه.

فكلُّ أَحَدٍ مطبوعٌ على أَنْ لَا يَتْرُكَ النفعَ العاجلَ واللذةَ الـحاضرةَ الى النفعِ الآجلِ واللذةِ الغائبةِ الـمنتظرةِ إِلَّا إذا تَبَيَّنَ لهُ فضلُ الآجِلِ على العاجلِ، وقويتْ رغبتُهُ في الأعلى الأفضل.

فإذا آثَرَ الفانيَ الناقصَ كانَ ذلكَ إما لِعَدَمِ تَبَيُّنِ الفضلِ لَهُ، وأمَّا لعدمِ رغبتِهِ في الأَفْضَل، وكلُّ واحدٍ من الأمرينِ يَدُلُّ على ضعفِ الإيمانِ وضعفِ العقلِ والبصيرةِ، فإنَّ الراغبَ في الدنيا الـحريصَ عليها الـمُؤْثِرَ لـها: إِمَّا أَنْ يُصَدِّقَ بأنَّ ما هناك أشرفُ وأفضلُ وأَبْقَى، وَإِمَّا أنْ لَا يُصَدِّقَ.

فإنْ لـمْ يُصَدِّقْ بذلكَ كانَ عَادِماً للأيـمانِ رَأْساً، وَإِنْ صَدَّقَ بذلكَ ولـمْ يُؤْثِرْهُ؛ كانَ فَاسِدَ العقلِ، سَيِّءَ الِاخْتِيَارِ لِنَفْسِهِ.

وهَذَا تَقْسِيمٌ حَاضِرٌ ضَرُورِيٌّ لَا يَنْفَكُّ العبدُ مِنْ أحدِ الْقِسْمَيْنِ مِنْهُ؛ فَإِيثَارُ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ: إِمَّا مِنْ فَسَادٍ فِي الإيـمانِ، وَإِمَّا مِنْ فَسَادٍ فِي العقلِ، وَمَا أكثرَ مَا يكونُ مِنْهِمُا.

ولِـهَذَا نَبَذَهَا رسولُ اللهِ r وَرَاءَ ظَهْرِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَصَرَفُوا عنها قُلُوبَـهُمْ، وَاطَّرَحُوهَا ولـم يَأْلَفُوهَا، وَهَجَرُوهَا وَلَـمْ يَـمِيلُوا إِلَيْهَا، وَعَدُّوهَا سِجْناً لَا جَنَّةً، فَزَهِدُوا فِيهَا حَقِيقَةَ الزُّهْدِ، وَلَوْ أَرَادُوهَا لَنَالُوا مِنْهَا كُلَّ مَـحْبُوبٍ، وَلَوَصَلُوا مِنْهَا إِلَى كُلِّ مَرْغُوبٍ؛ فقدْ عُرِضَتْ عليهِ مفاتيحُ كُنُوزِهَا فَرَدَّهَا، وَفَاضَتْ على أصحابِهِ فَآثَرُوا بـها ولـم يَبِيعُوا حَظَّهُمْ من الآخرةِ بـها، وعَلِمُوا أنَّـها مَعْبَرٌ وَمَـمَرٌّ لَا دَارُ مُقَامٍ وَمُسْتَقَرٍّ، وَأَنَّـهَا دَارُ عُبُورٍ لَا دَارُ سُرُورٍ، وَأنَّـها سَحَابَةُ صَيْفٍ تَنْقَشِعُ عَنْ قَلِيلٍ، وخَيَالُ طَيْفٍ مَا اسْتَتَمَّ الزِّيَارَةَ حَتَّى آذَنَ بِالرَّحِيلِ.

قال النبي صلى الله عليه وسلم : «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟ إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا :كَمَثَلِ رَاكِبٍ قَالَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا».

وقال: «وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ».

وقالَ خَالِقُهَا سبحانَهُ: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[يونس:24-25].

فَأَخْبَرَ عنْ خِسَّةِ الدنيا وَزَهَّدَ فيها، وَأَخْبَرَ عنْ دَارِ السَّلَامِ وَدَعَا إِلَيْهَا.

وقالَ تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾[الكهف:45-46].

وقال تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾[الحديد:20].

وقال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾[آل عمران:14-15].

وقال تعالى: ﴿وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ﴾[الرعد:26].

وقدْ تَوَعَّدَ سبحانَهُ أَعْظَمَ الْوَعِيدِ لِمَنْ رَضِيَ بِالـحياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنَّ بـها، وَغَفَلَ عَنْ آيَاتِهِ ولـمْ يَرْجُ لِقَاءَهُ، فقالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[يونس:7-8].

وَعَيَّرَ سبحانَهُ مَنْ رَضِيَ بِالدُّنْيَا مِن الْمؤمنينَ، فقالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾[التوبة:38].

وَعَلَى قَدْرِ رَغْبَةِ العبدِ في الدنيا وَرِضَاهُ بـها يَكُونُ تَثَاقُلُهُ عنْ طَاعَةِ اللهِ وطَلَبِ الْآخِرَةِ.

وَيَكْفِي فِي الزُّهْدِ في الدنيا قولُهُ تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ [الشعراء:205-207].

وقولُهُ: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾[يونس:45].

وقولُهُ: ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾[الأحقاف:35].

وقولُهُ تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾[النازعات:42-46].

وقولُهُ: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ﴾[الروم:55].

وقولُهُ: ﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[المؤمنون:112-114].

وقولُهُ: ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا﴾[طه:102-104].

واللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ» اهـ كلام ابن القيم




قديم 25-12-2016, 07:47 AM
  المشاركه #10
كاتب مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 329,320
 



لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْد

وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير




قديم 25-12-2016, 07:53 AM
  المشاركه #11
كاتب مميز
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 329,320
 



اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ
إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد








أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



12:23 PM