logo



أدوات الموضوع
قديم 26-05-2017, 05:57 AM
  المشاركه #1
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Jul 2013
المشاركات: 23,181
 



بسم الله الرحمن الرحيم



رب اشرح لي صدري ويسر لي امري



يقول المولى تبارك وتعالى في محكم تنزيله الكريم في سورة الذارايات15- 18
{{ انّ المتقين في جناتٍ وعيون * آخذين ما آتاهم ربهم, انهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالاسحار هم يستغفرون }}

هذه هي صفات المتقين كما وصفهم بها ربّ العزة تبارك وتعالى العالم ببواطن خلقه وعباده, عاملين بما آتاهم الله عزوجل من الفرائض, كانوا لا ينامون الليل الا قليلا, وكانت لا تمر بهم ليلة حتى يصلون ما تيسّر لهم من قيام الليل اما في أوله أو وسطه أو آخره, وقال الحسن البصري رحمه الله
كابدوا قيام الليل فلا ينامون منه الا أقله, ونشطوا فمدوا الى السحر حتى كان الاستغفار بسحر

وقال الأحنف بن قيس رضي الله عنه: كانوا لا ينامون من الليل الا قليلا ثم يقول أحدهم: لست من اهل هذه الآية

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رضي الله عنه: قال رجل من بني تميم لبي: يا أبا أسامة ! صفة لا أجدها فينا ذكر الله تعالى قوما فقال: كانوا قليلا من الليل ما يهجعون, ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم, فقال له أبي: طوبى لمن رقد اذا نعس, واتقى الله اذا استيقظ

وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة انجفل الناس اليه فكنت فيمن انجفل, فلما رأيت وجهه صلى الله عليه وسلم عرفت أنّ وجهه ليس بوجه كذاب, فكان أول ما سمعته صلى الله عليه وسلم يقول: يا أيها الناس! أطعموا الطعام , وصلوا الأرحام, وأفشوا السلام, وصلوا بالليل والناس نيام, تدخلوا الجنة بسلام
.
وروى الامام احمد رحمه الله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انّ في الجنة غرفا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها, فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: لمن هي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: لمن آلان الكلام, وأطعم الطعام, وصلى بالليل والناس نيام

وها هو ابن مسعود الصحابي الجليل الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم في ساقه أنها أثقل من جبل أحد يوم القيامة يحدد لنا سبعة صفات يجب توافرها فيمن حمل القرآن الكريم على عاتقه , فيقول رضي الله عنه: ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهارِه إذ الناس يُفطِرون، وببكائِه إذ الناس يَضحكون، وبِورعِه إذ الناس يخلطون، وبصمتِه إذ الناس يخوضون، وبخشوعه إذ الناس يختالون، وبحزنِه إذ الناس يفرحون

ولعلّ سفيان الثوري رحمه الله قد استنبط وصفته التي وصفها للرجل الذي جاءه يشكوه باصابته بمرض البعد عن الله, فقال له
يا هذا عليك بعروق الاخلاص وورق الصبر وعصير التواضع ، ضع هذا كله فى اناء التقوى وصب عليه ماء الخشية وأوقد عليه بنار الحزن على المعصية وصفه بمصفاة المراقبة ، وتناوله بكف الصدق وأشربه من كأس الاستغفار وتمضمض بالورع وابعد عن الحرص والطمع ، تشفَى من مرضك باذن الله

إن قيام الليل له لذة ، وفيه حلاوة وسعادة لا يشعر بها الا من صف قدميه لله فى ظلمات الليل يعبد ربه ويشكو ذنبه ، ويناجى مولاه ، ويطلب جنته ، ويرجو
رحمته ، ويخاف عذابه ، ويستعيذ من ناره

قال الفضيل بن عياض رحمه الله : إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار , فاعلم أنك محروم وقد كثرت خطيئتك, واعلم أن قيام الليل هو طريق الصالحين ، وسبيل العاملين, وتكفير لذنوب المذنبين, وهداية للعاصين.,
،
وحتى المرأة المسلمة في ذلك العصر الذهبي كان القرآن قرة عينها قُرَّة , وقد كان عند الحسن بن صالح رحمه الله جارية فباعها , فأيقظت اهل البيت بالليل, فقالوا : أأسفرنا؟ (اي هل طلع الفجر؟) فقالت: لا.. ألا تتهجدوا؟ فقالوا: لا نقوم الا الى صلاة الفجر ، فجاءت إلى الحسن تبكى ، وتقول له : ردنى, لقد بعتني لأناس لا يُصلون الا الفريضة, فردّها رحمة الله عليهم
وقد ثبت في الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
انّ الله تعالى ينزل كل ليلة الى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير, فيقول: هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ حتى يطلع الفجر.


هؤلاء هم أهل القرآن وخاصته هكذا كانوا يعبدون الله عزوجل , هؤلاء هم أتباع القرآن وأهله, ولأنهم آمنوا بالله ربا وبالاسلام دينا وبالقرآن اماما وبمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رأيتهم وقد بدّل القرآن الكريم فيهم أشياء كثيرة, حتى باتوا يقومون بآياته الكريمات يتلونها آناء الليل وأطراف النهار, لا يقطعون ذكر الله عزوجل في جميع أحوالهم, بسرائرهم وضمائرهم والسنتهم, قياما وقعودا وعلى جنوبهم وهم يتفكرون في خلق السموات والأرض , وقد نعتهم الله تعالى في قرآنه المجيد بأولو الالباب والعقول فقال فيهم في سورة آل عمران 191
الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض

وقوله تعالى فيهم في سورة السجدة 16- 17
تتجافى جنوبهم عن المضاجع خوفا وطعمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم
نفس ما أُخفي لهم من قُرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون

هكذا بات القرآن شغلهم الشاغل حتى كأنه بات يسري دما في عروقهم, ورحم الله الامام الحسن البصري حيث قال: تفكر ساعة خير من قيام ليلة, والفكرة مرآة تـُريك حسناتك وسيئاتك
.
وقال الداراني رحمه الله: اني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء الا رأيت لله عليّ فيه نعمة ولي فيه عبرة

وعن عيسى عليه السلام قال: طوبى لمن كان قيله تذكرا, وصمته تفكرا, ونظره عبرا

وقال مغيث الأسود رحمه الله: زوروا القبور كل يوم تفكركم, وشاهدوا الموقف بقلوبكم, وانظروا الى المنصرف بالفريقين الى الجنة أو النار, وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها , وكان يبكي عند ذلك حتى يُرفع صريعا من بين أصحابه

وقال ابن المبارك رحمه الله: مرّ رجل براهب عند مقبرة ومزبلة فناداه فقال: يا راهب! انّ عندك كنزين من كنوز الدنيا لك فيهما معتبر: كنز الرجال, وكنز الأموال

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان اذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخربة فيقف على بابها فينادي بصوت حزين فيقول: أين أهلك؟ ثم يرجع الى نفسه فيقول قوله تعالى: كل شيء هالك الا وجهه

هكذا كان أهل القرآن وخاصته يتعاملون مع هذا الكتاب العظيم قائمين وقاعدين, مستلقين ومضطجعين يتلونه ويتدبرونه دون كلل أو ملل حتى استحفظوه عن ظهر قلب, لدرجة أنّ ابن مسعود رضي الله عنه قال: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله تعالى إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت".
ولكن ابن مسعود رضي الله عنه مهما وصفنا من سعة علمه فلم يكن الرجل الوحيد الذي أقسم هذه القسم من بين سائر الصحابة، فقد أقسم نحواً من قسمه علي رضي الله عنه أيضاً، وقد كان من الصحابة بلا ريب من أتيح له أن يشهد ما شهد هذان الصحابيان الجليلان، وربما رأى بعضهم أكثر مما رأيا هو رضي الله عنهم اجمعين .

روى الامام مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم

يؤمُّ القوم أقرؤهم لكتاب الله، وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواء، فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهِجرة سواء، فليؤمهم أكبرهم

وفي صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم
ولعله في حديث جابر رضي الله عنه هذا مباحث كثيرة يأتي استيفاؤها في غزوة أحد من المغازي ، إن شاء الله تعالى . وفيه جواز تكفين الرجلين في ثوب واحد ، لأجل الضرورة ، إما بجمعهما فيه ، وإما بقطعه بينهما ، وعلى جواز دفن اثنين في لحد واحد ، وعلى استحباب تقديم أفضلهما لداخل اللحد ، وعلى أن شهيد المعركة لا يغسل

نعم ولأنهم أهلا لذلك فقد كان صلوت ربي وسلامه عليه يشحذ فيهم هممهم العالية ويقوي من روح الايمان فيهم فيمر ببيوتهم ويوقظهم ليشغلوا أنفسهم بالصلاة والقرآن , وقد روى الامام البخاري رحمه الله من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم طَرَقَه وفاطمةَ بنتَ النبي عليه السلام ليلةً، فقال: ألا تصليان؟ فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا, فانصرف حين قلنا ذلك، ولم يرجع إليَّ شيئًا، ثم سمعته وهو مُوَلٍّ يضرب فَخِذَه، وهو يقول: وكان الانسانُ أكثر شيءٍ جدلا

وقد نقل الينا الشيخ عبد العظيم الزرقاني صاحب مناهل العرفان في علوم القرآن , كيف كان الصحابة رضوان الله عنهم أجمعين يتعاملون مع القرآن الكريم فيقول: لقد كان الذي يمرُّ ببيوت الصحابة في غشق الدجى يسمع فيها دويا كدوي النحل بالقرآن, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكي فيهم روح هذه العناية بالتنزيل, يبلغهم ما أُنزل اليه من ربه, ويبعث الى من كان بعيد الدار منهم من يعملهم ويقرئهم, كما بعث مصعب بن عمير وابن أم مكتوم الى أهل المدينة قبل هجرته يعلمانهم الاسلام ويقرئانهم القرآن, وكما أرسل معاذ بن جبل الى مكة بعد هجرته للتحفيظ والاقراء.

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال : كان الرجل إذا هاجر دفَعه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلى رجل منا يعلمه القرآن، وكان يُسمعُ لمسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ضجّة بتلاوة القرآن، حتى أمرهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يخفضوا أصواتَهم؛ لئلاَّ يتغالطوا


هذا هو حال الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أجمعين مع كتاب الله الكريم سواء عند تلاوتهم لكتاب الله أو عند سماعهم اليه, : خوفُ من الجليل وايمان بالتنزيل وبكاء العيون ومما تقدم فليقارن كل منا نفسه بهم حين نتلو كتاب الله أو نسمعه

سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين* والحمد لله رب العالمين


-------------

نقل لتعم الفائدة

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

ساحات الهوامير المفتوحة

 
 
قديم 26-05-2017, 01:33 PM
  المشاركه #2
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 159,313
 



جزيت خيرا








الكلمات الدلالية (Tags)

الكريم

,

القرآن

,

حملة

,

صفات




تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



09:25 AM