من كتاب اخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي -رحمه الله-:
الباب الرابع الأحمق الرقيع المائق الأزبق الهجهاجة الهلباجة
الخطل الخرف الملغ الماج المسلوس المأفون المأفوك الأعفك الفقاقة الهجأة الألق الخوعم الألفت الرطيء الباحر الهجرع المجع الأنوك الهبنك الأهوج الهبنق الأخرق الداعك الهداك الهبنقع المدله الذهول الجعبس الأوره الهوف المعضل الفدم الهتور عياياء طباقاء.
فإذا كان يتجه لشيء في أسماء كثيرة وقريب هذه الأسماء على أحمق وقيل: لو لم يكن من فضيلة الأحمق إلا كثرة أسمائه لكفى.
أسماء النساء ذوات الحمق: ومن أسماء النساء ذوات الحمق: الورهاء الخرقاء الدفنس الخذعل الهوجاء القرئع .
الباب الخامس في ذكر صفات الأحمق
صفات الأحمق تقسم إلى قمسين: أحدهما: من حيث الصورة والثاني: من حيث الخصال والأفعال.
صفات الأحمق من حيث الصورة: ذكر القسم الأول: قال الحكماء: إذا كان الرأس صغيراً رديء الشكل دل على رداءة في هيئة الدماغ.
قال جالينوس: لا يخلو صغر الرأس البتة من دلالة على رداءة هيئة الدماغ وإذا قصرت الرقبة دلت على ضعف الدماغ وقلته ومن كانت بنيته غير متناسبة كان رديئاً حتى في همته وعقله مثل الرجل العظيم البطل القصير الأصابع المستدير الوجه العظيم القامة الصغير الهامة اللحيم الجبهة والوجه والعنق والرجلين فكأنما وجهه نصف دائرة.
صفة الرأس: كذلك إذا كان مستدير الرأس واللحية ولكن وجهه شديد الغلظ وفي عينيه بلادة وحركة فهو صفة العين: فإن كانت العين ذاهبة في طول البدن فصاحبها مكار لص وإذا كانت العين عظيمة مرتعدة فصاحبها كسلان بطال أحمق محب للنساء.
والعين الزرقاء التي في زرقتها صفرة كأنها زعفران تدل على رداءة الأخلاق جداً والعين المشبهة لأعين البقر تدل على الحمق وإذا كانت العين كأنها ناتئة وسائر الجفن لاطىء فصاحبها أحمق وإذا كان الجفن من العين منكسراً أو متلوناً من غير علة فصاحبها كذاب مكار أحمق والشعر على الكتفين والعنق يدل على الحمق والجرأة وعلى الصدر والبطن يدل على قلة الفطنة.
صفة العنق والشفة: ومن طالت عنقه ورقت فهو صياح أحمق جبان ومن كان أنفه غليظاً ممتلئاً فهو قليل الفهم ومن كان غليظ الشفة فهو أحمق غليظ الطبع.
ومن كان شديد استدارة الوجه فهو جاهل ومع عظمت أذنه فهو جاهل طويل العمر.
وحسن الصوت دليل على الحمق وقلة الفطنة واللحم الكثير الصلب دليل على غلظ الحس والفهم والغباوة والجهل في الطول أكثر.
عظم الهامة: وقال الأحنف بن قيس: إذا رأيت الرجل عظيم الهامة طويل اللحية فاحكم عليه بالرقاعة ولو كان أمية بن عبد شمس.
وقال معاوية لرجل عتب عليه: كفانا في الشهادة عليك في حماقتك وسخافة عقلك ما نراه من طول لحيتك.
وقال عبد الملك بن مروان: من طالت لحيته فهو كوسجٌ في عقله.
وقال غيره: من قصرت قامته وصغرت هامته وطالت لحيته فحقيقاً على المسلمين أن يعزوه في عقله.
وقال أصحاب الفراسة: إذا كان الرجل طويل القامة واللحية فاحكم عليه بالحمق وإذا انضاف إلى ذلك أن يكون رأسه صغيراً فلا تشك فيه.
وقال بعض الحكماء: موضع العقل الدماغ وطريق الروح الأنف وموضع الرعونة طويل اللحية.
وعن سعد بن منصور أنه قال: قلت لابن إدريس: أرأيت سلام بن أبي حفصة قال: نعم رأيته طويل اللحية وكان أحمق.
وعن ابن سيرين أنه قال: إذا رأيت الرجل طويل اللحية لم فاعلم ذلك في عقله.
قال زياد ابن أبيه: ما زادت لحية رجل على قبضته إلا كان ما زاد فيها نقصاً من عقله.
قال بعض الشعراء: متقارب: إذا عرضت للفتى لحيةٌ وطالت فصارت إلى سرته كلام الأحمق أدل شيء على حمقه: ومن صفات الأحمق صغر الأذن ويعرف الأحمق بمشيه وتردده وكلام الأحمق أقوى الأدلة على حمقه.
(وأنا لهذا ناقل لكلام عالم جليل ليس إلا وإن كنت في جزئيات لا أقره)
يعرف الأحمق من كنيته: وقد روي عن معاوية أنه قال لأصحابه: بأي شيء تعرفون الأحمق من غير مجاورة قال بعضهم: من قبل مشيته ونظره وتردده وقال بعضهم: لا بل يعرف حمق الرجل من كنيته ونقش خاتمه فبينما هو يخوضون في حديث الحمقى إذ صاح رجل لرجل: يا أبا الياقوت فدعا به معاوية فإذا رجل عليه بزة فحاوره ساعة ثم قال: ما الذي على فص خاتمك فقال: " ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين " فقالوا يا أمير المؤمنين: الأمر كما قلت.
وعن الشافعي أنه قال: إذا رأيت الرجل خاتمه كبير وفصه صغير فذاك رجل عاقل وإذا رأيت فضته قليلة وفصه كبير فذاك عاجز وإذا رأيت الكاتب دواته على يساره فليس بكاتب وإذا كانت على يمينه صفات الأحمق الخلقية: ذكر القسم الثاني: وهو المتعلق بالخصال والأفعال.
من ذلك ترك نظره في العواقب وثقته بمن لا يعرفه ولا يخبره ومنها أنه لا مودة له.
العجب وكثرة الكلام: ومنها العجب وكثرة الكلام قال أبو الدرداء: لا يغرنكم ظرف الرجل وفصاحته وإن كان مع ذلك قائم الليل صائم النهار إذا رأيتم فيه ثلاث خصال العجب وكثرة المنطق فيما لا يعنيه وإن يجد على الناس فيما يأتي مثله فإن ذلك من علامة الجاهل.
وقال الأصمعي: إذا أردت أن تعرف عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه بحديث لا أصل له فإن رأيته أصغى إليه وقبله فاعلم أنه أحمق وإن أنكره فهو عاقل.
يعرف الأحمق بست خصال: الغضب من غير شيء والإعطاء في غير حق والكلام من غير منفعة والثقة بكل أحد وإفشاء السر وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه ويتكلم ما يخطر على قلبه ويتوهم أنه أعقل الناس.
عن الحسن أنه يقول: خفق النعال خلف الأحمق قلما يلبث.
الباب السادس لا تؤاخ الأحمق
قال عليه السلام: " لا تؤاخي الأحمق فإنه يشير عليك ويجهد نفسه فيخطىء وربما يريد أن ينفعك فيضرك وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه وموته خير من حياته ".
وقال ابن أبي زياد: قال لي أبي: يا بني الزم أهل العقل وجالسهم واجتنب الحمقى فإني ما جالست أحمق فقمت إلا وجدت النقص في عقلي.
لا تغضب على الحمقى: عن عبد الله بن حبيق قال: أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام " لا تغضب على الحمقى فيكثر غمك ".
وعن الحسن قال: هجران الأحمق قربة إلى الله عز وجل.
الناس أربعة أصناف: وكذلك روينا عن الأحنف بن قيس أنه قال: قال الخليل بن أحمد: الناس أربعة رجل يدري ويدري أنه يدري فذاك عالم فخذوا عنه ورجل يدري وهو لا يدري أنه يدري فذاك ناسٍ فذكروه ورجل لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك طالب فعلموه ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فارفضوه.
وقال أيضاً: الناس أربعة فكلم ثلاثة ولا تكلم واحداً رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فكلمه ورجل يعلم ويرى أنه لا يعلم فكلمه ورجل لا يعلم ويرى أنه لا يعلم فكلمه ورجل لا يعلم ويرى أنه يعلم فلا تكلمه.
قال جعفر بن محمد: الرجال أربعة: رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فذاك عالم فتعلموا منه ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم فذاك نائم فأنبهوه ورجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم فذاك جاهل فعلموه ورجل لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم فذاك أحمق فاجتنبوه.
لا تجالس الأحمق: عن شعبة أنه قال: عقولنا قليلة فإذا جلسنا مع من هو أقل عقلاً منا ذهب ذلك القليل فإني لأرى الرجل يجلس مع من هو أقل عقلاً منه فأمقته.
قال بعض الحكماء: مؤنة العاقل على نفسه ومؤنة الأحمق على الناس ومن لا عقل له فلا دنيا له ولا آخرة.
وأخيراً ..
كيف يعامل الأحمق: قال حكيم آخر: ليس كل أحد يحسن يعامل الأحمق وأنا أحسن أعامله قيل له كيف قال: أبخسه حتى يطلب الحق بعينه إذ متى أعطيته حقه طلب ما هو أكثر منه.
وأنشدوا: المديد:
إتق الأحمق أن تصحبه
إنما الأحمق كالثوب الخلق
كلما رقعت منه جانباً
خرقته الريح وهناً فانخرق
كحمار السوق إن أقضمته
رمح الناس وإن جاع نهق
أو غلام السوء إن أسغبته
سرق الناس وإن يشبع فسق
وإذا عاتبته كي يرعوي
أفسد المجلس منه بالخرق