logo



أدوات الموضوع
قديم 05-08-2018, 05:32 PM
  المشاركه #1
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



بسم الله الرحمن الرحيم

( مشروع المساجد العشرة )

المشروع تابع لجمعية فيضة المسعار الخيرية بحائل وهي جمعية رسمية مسجلة في وزارة العمل والتنمية الإجتماعية برقم 815

مفحص القطاة للمسجد الواحد 50 ريال فقط

مفحص القطاة للمساجد العشرة 500 ريال فقط
لتكون شريكاً في بناء 10 مساجد يصلي فيها الناس يومياً

قيمة المسجد كامل ب 250 الف ريال

ولاتنس والديك من الأجر

فرصة لاتعوض لتشارك في بناء 10 مساجد بأرخص سعر (صورة)

قال نبينا صلى الله عليه وسلم ( منْ بنى مسْجدا لله كمفْحص قطاةٍ بنى اللهُ لهُ بيْتا في الْجنة ) صححه الألباني

قال العلماء : إذا اشترك جماعة في بناء مسجد ، بحيث كان نصيب كل واحد منهم مفحص قطاة بنى الله لكل واحد بيتا في الجنة انظر " فتح الباري "
شرح حديث (450 )
وهذا رابط الفتوى
http://islamqa.info/ar/ref/146564

فرصة لاتعوض لتشارك في بناء 10 مساجد بأرخص سعر (صورة)

فمن شارك بمفحص قطاة في مسجد بنى له الله بيتاً في الجنة كما في الحديث فما بالك من يشارك في 10 مساجد

فرصة لاتعوض لتشارك في بناء 10 مساجد بأرخص سعر (صورة)

عند تبرعك ب 50 ريال تكون شريكاً في بناء مسجد واحد
عند تبرعك ب 500 ريال فأنت تكون شريكاً في بناء 10 مساجد

وإذا أردت ان تتبرع بمسجد كامل ب 250 الف ريال

ولاتنس والديك من الأجر

للاتصال والأستفسار/
جوال / 0505162377
جوال / 0505165906
جوال / 0503832563

للتبرع في حساب المساجد في الراجحي (حساب رسمي وسيخرج لك اسم الجمعية على شاشة الصراف)
484608010887177

رقم الآيبان للتحويل من جميع البنوك
SA7580000484608010887177

رقم الحساب خاص بالمشروع فقط فتستطيع الإيداع دون إرسال رسالة

أخواني أرجو نشر الموضوع في القروبات فالدال على الخير كفاعله وهذه تجارة رابحة مع الله فأين المشمر

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

ساحات الهوامير المفتوحة

 
 
قديم 05-08-2018, 05:33 PM
  المشاركه #2
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



فضل بناء المساجد ورعايتها


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد..


فقد وردت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تبين فضل المساجد، وبنائها، ورعايتها، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِين ﴾ [التوبة: 18].


روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عثمان ابن عفان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ»[1].


وروى البزار في مسنده من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ أَجْرَى نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ»[2].


والمساجد يجب أن تنظف، وتطيب، وتجنب الأقذار، والروائح الكريهة.


روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ»[3].


وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ امرَأَةً سَودَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسجِدَ، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلـم، فَسَأَلَ عَنهَا؟ فَقَالُوا: مَاتَتْ، فَقَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟» قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا»، فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ»[4]. وفي رواية: «كَانَتْ تَلْتَقِطُ الْخِرَقَ، وَالْعِيدَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ»[5].


وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ، وَالثُّومَ، وَالْكُرَّاثَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ»[6].


ويلحق بهذا الأطعمة ذات الروائح الكريهة، وأعظم من ذلك وأولى بالنهي التدخين، أو ما يسمى الشيشة، وقد جاء النهي أيضًا عن نشد الضالة، والبيع والشراء في المسجد. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا»[7].


وروى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ، أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ»[8].


ويلحق بذلك سؤال الناس أموالهم في المساجد، وإشغالهم عن التسبيح والتكبير، والتهليل، والذكر عمومًا بحجة الفقر والحاجة.


وقد اختلف أهل العلم في حكم التَّسَوُّل في المساجد؟ فذهب المالكية ومن وافقهم إلى تحريم السؤال، واستدلوا على ذلك بنهيه صلى الله عليه وسلم عن إنشاد الضوال في المسجد، ويلحق به ما في معناه من البيوع، والشراء، والإجارة ونحوها، وكراهة رفع الصوت في المساجد بالعلم، وغيره.


وذهب آخرون إلى الكراهة وهم الشافعية، واستدلوا بحديث عبد الله بن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم: «هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا بِسَائِلٍ، فَوَجَدتُّ كِسْرَةَ خُبْزٍ فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ[9].


سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذه المسألة؟ فأجاب بما نصه: «أصل السؤال محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة، فإن كان به ضرورة وسأل في المسجد، ولم يؤذ أحدًا بتخطيه رقاب الناس، ولا بغير تخطيه، ولم يكذب فيما يرويه، ويذكر من حاله، ولم يجهر جهرًا يضر الناس، مثل أن يسأل والخطيب يخطب، أو هم يسمعون علمًا يشغلهم به.. ونحو ذلك. جاز والله أعلم»[10]. اهـ


وقد وردت كذلك الأحاديث الكثيرة بالنهي عن زخرفة المساجد، والمبالغة في صرف الأموال في ذلك. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي المَسَاجِدِ»[11].


وروى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ»[12]. وقال ابن عباس: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى[13].


وروى سعيد بن منصور في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ، وَحَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ، فَالدَّمَارُ عَلَيْكُمْ»[14].


وكان مسجده عليه الصلاة والسلام متواضعًا، لم يكن به شيء من الزخارف والزينة، فروى البخاري في صحيحه من حديث نافع: أَنَّ عَبدَ اللَّهِ أَخبَرَهُ أَنَّ المَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا[15].


وفي صحيح البخاري: أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، وَقَالَ: أَكِنَّ[16] النَّاسَ مِنَ المَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ[17]. وَقَالَ أَنَسٌ: يَتَبَاهَوْنَ بِهَا، ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا[18].


وعمارة المساجد ليست مقتصرة على بنائها فقط، بل تكون بالصلاة والذكر، والدعاء، والاستغفار، وحلق العلم، قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَال * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَار ﴾ [النور: 36-37].


روى مسلم في صحيحه من حديث عقبة بن عامر قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ[19] فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: «أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل، خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ»[20].


وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»[21].


ومكانة المسجد في الإسلام عظيمة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى المدينة كان أول عمل عمله بناء المسجد، وهو ساحة العبادة، ومدرسة العلم، ومنطلق الجيوش لمقارعة الأعداء، ويجتمع الناس في المساجد كل يوم خمس مرات، الغني والفقير، والأمير والمأمور، والصغير والكبير، جنبًا إلى جنب، فيشعرون بالمواساة والمحبة والمودة، ويتفقد بعضهم بعضًا، وفي نهاية الأسبوع يكون لخطبة الجمعة الأثر البالغ في نفوسهم.


وفي المساجد تُعْقَدُ حِلَقُ العِلمِ التي خَرَّجَت الآلاف من العلماء، وطلبة العلم من شتى البقاع، وكذلك حلق تحفيظ القرآن الكريم، والدروس والمحاضرات، والكلمات،.. ونحوها.


وبيَّن سبحانه أن من أعظم الجرائم صد الناس عن بيوت الله والسعي في خرابها، وأن الجزاء في ذلك خزي في الدنيا، وعذاب عظيم في الآخرة، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم [البقرة: 114].


والمساجد أحب البقاع إلى الله. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا»[22].


قال النووي رحمه الله: أحب البلاد إلى الله مساجدها لأنها بيوت خصت بالذكر، وبقع أسست للتقوى والعمل الصالح، فالمساجد مواضع نزول رحمة الله وفضله، والأسواق على الضد منها[23].


وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ»، وذكر منهم: «وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ»[24].


والمساجد بيوت الله من دخلها فقد حل ضيفًا على ربه، فلا قلب أطيب، ولا نفس أسعد من رجل حل ضيفًا على ربه، وفي بيته، وتحت رعايته. روى أبو نعيم في حلية الأولياء من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ، وَتَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ كَانَ الْمَسْجِدُ بَيْتَهُ بِالرَّوْحِ وَالرَّحْمَةِ، وَالْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ، إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ إِلَى الجَنَّةِ»[25].


وهذه الضيافة تكون في الدنيا بما يحصل في قلوبهم من الاطمئنان والسعادة، والراحة، وفي الآخرة بما أَعَدَّ لهم من الكرامة في الجنة. روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ»[26].


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.







قديم 05-08-2018, 05:33 PM
  المشاركه #3
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



أجر بناء المساجد

قال الله تعالى: ] إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ(. قال القرطبي رحمه الله: "قوله (إنما يعمر مساجد الله) دليل على أن الشهادة لعمار المساجد بالإيمان صحيحة؛ لأن الله سبحانه ربطه بها وأخبر عنه بملازمتها، وقد قال بعض السلف: "إذا رأيتم الرجل يعمر المسجد فحسنوا به الظن" انتهى .
فمن بنى مسجدا لله يبتغي به وجه الله مبشر له بالجنة؛ فعن عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ قال: عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى [أي حين أراد أن يبني] مَسْجِدَ الرَّسُولِ r إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ: ((مَنْ بَنَى مَسْجِدًا -قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ:- يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ)) متفق عليه . وفي رواية مسلم عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَرَادَ بِنَاءَ الْمَسْجِدِ فَكَرِهَ النَّاسُ ذَلِكَ؛ فَأَحَبُّوا أَنْ يَدَعَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ [أي في عهد النبي r] فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: ((مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ)). قَوْله: (فِي الْجَنَّةِ) فيه بشارة عظيمة لباني المسجد لله تعالى، وهي دخول الجنة، قال ابن حجر: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى دُخُولِ فَاعِلِ ذَلِكَ الْجَنَّةَ, إِذْ الْمَقْصُودُ بِالْبِنَاءِ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهُ, وَهُوَ لَا يَسْكُنُهُ إِلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ. (الفتح).
وفي قوله (مسجدًا) منكرًا فيه بشارة أخرى لمن لا يتمكن من بناء المسجد بانفراده، فالتنكير فيه لِلشُّيُوعِ؛ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَبِير وَالصَّغِير". ويؤيده ما رواه ابن ماجه وغيره عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: ((مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)). قال البوصيري: إِسْنَاده صَحِيح وَرِجَاله ثِقَات.
قَوْله (كَمَفْحَصِ قَطَاة) حَمَلَ أَكْثَر الْعُلَمَاءِ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ; لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي تَفْحَصُ الْقَطَاة عَنْهُ لِتَضَع فِيهِ بَيْضَهَا وَتَرْقُد عَلَيْهِ لَا يَكْفِي مِقْدَاره لِلصَّلَاةِ فِيهِ .
ولكن لا مانع من حمله على ظاهره فيكون المعنى أَنْ يَزِيدَ فِي مَسْجِدٍ قَدْرًا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ تَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَة هَذَا الْقَدْر، أَوْ يَشْتَرِكُ جَمَاعَة فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ فَتَقَعُ حِصَّة كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْقَدْر . وَهَذَا كُلّه بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجِدِ مَا يَتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ, وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ, لأن قوله (بنى) يشعر بوجود بناء على الحقيقة، ويؤيده قوله في رواية أم حبيبة ((من بنى لله بيتا)) أخرجه سَمْوَيْهِ فِي فَوَائِدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (قاله الحافظ).
وأبدى الحافظ ابن حجر فائدة أخرى من قوله (مسجدًا) وهي أنه يدخل فيه حتى موضع السجود مجازًا، وهو ما يسع الجبهة، قال ابن حجر بعد ما ذكر قول الأول في معنى قوله r (مسجدًا): "لَكِنْ لَا يَمْتَنِعُ إِرَادَة الْآخَر [أي موضع السجود] مَجَازًا, إِذْ بِنَاءُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ, وَقَدْ شَاهَدْنَا كَثِيرًا مِنْ الْمَسَاجِدِ فِي طُرُقِ الْمُسَافِرِينَ يُحَوِّطُونَهَا إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَهِيَ فِي غَايَةِ الصِّغَرِ وَبَعْضُهَا لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قَدَرِ مَوْضِعِ السُّجُودِ . وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي الشُّعَبِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَة نَحْو حَدِيث عُثْمَان وَزَاد : قُلْت وَهَذِهِ الْمَسَاجِدُ الَّتِي فِي الطُّرُقِ ؟ قَالَ نَعَمْ . وَلِلطَّبَرانِيّ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِرْصَافَة وَإِسْنَادُهُمَا حَسَن". انتهى كلام ابن حجر .
وفيما تقدم بشارة أي بشارة! فمن لم يتمكن من بناء المسجد بانفراده فعليه أن يساهم في بنائه بقدر ما يستطيع، ومن لم يستطع المساهمة -أيضًا- يحاول أن يرتب مكانًا مناسبًا في الطرقات يتمكن المسافر من أداء الفريضة فيه، فيشمله الوعد بإذن الله تعالى، المهم أن يخلص العمل، ويقدم على قدر استطاعته، فالمجال مفتوح أمام الجميع، ولكن يتنبه لقضية الإخلاص لله تعالى، فلا يبني المسجد رياء ولا مباهاة وفخرًا، وإلى هذا أشير في الحديث (مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا)، لأن قبول العمل متوقف على إخلاص صاحبه. وكان السلف يشددون على قضية الإخلاص، قَالَ اِبْن الْجَوْزِيِّ مَنْ كَتَبَ اِسْمَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي يَبْنِيه كَانَ بَعِيدًا مِنْ الْإِخْلَاصِ. (فتح الباري)
بناء المساجد يعتبر من الصدقة الجارية التي يجري أجرها للعبد بعد ما ينقطع عمله بالموت، أخرج مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: ((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ، إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ)). روى البزار (1/149) من حديث أنس مرفوعًا: ((سبع يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره، من علم علمًا، أو أجرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجدًا، أو ورث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته)). حسنه الألباني في صحيح الجامع (ح3602).
ولابن ماجه (ح242) وابن خزيمة (ح249) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((إن مما يلحق المؤمن من حسناته بعد موته، علمًا نشره، أو ولدًا صالحًا تركه، أو مصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته تلحقه بعد موته )).
ومما يدل على فضل بناء المساجد وأهميته في الإسلام أن أول عمل قام به r بعد أن وطئت قدماه الشريفتان المدينة النبوية هو بناء المسجد، لأنه موضع صلة بين المسلم وبين ربه، وله رسالة شاملة في الإسلام، وأن المسجد أعظم شيء في الإسلام، فرسالة المسجد هي عبارة عن صورة مصغرة عن رسالة الإسلام. النبي e عندما وصل إلى (قباء) في طريقه إلى المدينة أسس فيها أول مسجد بني في الإسلام، وبعد أن أقام فيها أياماً سار إلى المدينةِ، فأدركتْه صلاةُ الجمعة في بني سالم بن عوف، فبنى مسجداً هناك، حيث أقام أول جمعة في الإسلام، ثم واصل سيرَهُ إلى المدينة فلما وصلها كان أول عمل يقوم به هو بناء مسجده e ، بل شارك r بنفسه في البناء فكان ينقل اللبن ترغيبًا وتشويقًا للمسلمين . ففي البخاري: "فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ eفِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ، وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ e ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ ، حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ e بِالْمَدِينَةِ ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ –منهم سعد بن زرارة-، وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ eحِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ :" هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ " ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ e الْغُلَامَيْنِ ، فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: لَا بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً،حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا،ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِداً، وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ e يَنْقُلُ مَعَهُمْ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ، وَيَقُولُ -وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ-:"

هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ خَيْبَرْ هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ
وَيَقُولُ:"
اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَهْ فَارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ

ومما يبين فضل بناء المسجد هو الدور المنوط بالمساجد في الإسلام، قال تعالى:]فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ (.
والرفــع مادي ويتمثل في بناء المساجد وتنظيفها، ومعنـوي وهو عمارتها بالعبادة والذكر وإقامة حلقات العلم.
فالمسجد في عهده e لم يكن مكانا لإقامة الصلوات والجمعات فقط، بل كان منطلق أنشطة كثيرة-تكاد تعجز عنها مؤسسات وهيئات ودوائر عدة تتولاها في زماننا هذا- : كان المسجد يبرم فيه كل أمر ذي بال؛ من عقد اجتماعات، واستقبال الوفود، وحلقات العلم والذكر وحفظ القرآن، وتنطلق منه بعوث الدعوة وسرايا الجهاد، وتداوي المرضى وحبس الأسرى، وتوزيع المال... إذًا فلم يكن المسجد معبدًا أو مقرًّا للصلاة وحدها، بل كان شأنه شأن الإسلام نفسه متكاملاً في مختلف جوانب الدين والسياسة والاجتماع... فللمسجد دور مهم في حياة المسلمين وحضارتهم المنبثقة من الوحي، فهو مصدر إشعاع علمي، ومدرسة أخلاقية تربوية، ومكان عبادة، فخرَّج المسجد الفطاحل من العلماء الذين حفظوا الدين، وذبّوا عن حريمه، فكانوا ينفون عنه انتحال المبطلين، وتحريف الغالين، المسجد أول مدرسة شعّ عنه هذا النور الذي جاء به عليه الصلاة والسلام للعالمين، وانتشر حتى بلغ أرجاء المعمورة، فيوم أن أغلق المسلمون المسجد إلا أوقات معينة، وحسبوه محلاً لأداء الصلوات فقط، فتحوا أبوابًا كثيرةً للجهل والأمية إلى نفوسهم، وبدأ الرباط الوثيق بين الجماعة المسلمة من حول المسجد يتفكك ويتقطع إلى أوصال لا يعرف بعضها بعضًا، وتلك خسارة لا يعوضها ناد من النوادي، ولا الجامعات والمعاهد، ولا المحاكم وصالات المؤتمرات والمحاضرات، ولا ميادين الاحتفالات، فالمسجد جامعة حضارية له أصوله الموغلة في تاريخ الإسلام، وإن أردنا أن نسترجع ما فقدناه بتهاوننا بالمسجد فعلينا أن نخلص ما بيننا وبين الله سبحانه وتعالى في عمارة المسجد، وندعم المسجد بما دعم به الرسول e والمسلمون الأوفياء من بعده من تجريد المسجد لله، وتخليصها من البدع والشركيات: ]وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً(، فالمسجد باختصار هو مركز الحياة الحقيقي لدى المسلمين، وهو الذي بعث هذه الأمة وانتشلها من وهدة التخلف والجهل، وهذا ما شهد به الأعداء يقول الكاتب الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب):"المسجد مركز الحياة الحقيقي عند العرب".-ويقصد بالعرب المسلمين- ويدلل الكاتب لقوله فيقول: "... فالعرب يتّخذون من المسجد محلاًّ للاجتماع، والعبادة، والتعليم، والسكن عند الاقتضاء، وملاجئ للغرباء، ومراجع للمرضى، لا للعبادة فقط كبيَع النصارى ... ومن توابع المساجد على العموم: حمامات، وفنادق، وأصابل، ومشاف، ومدارس، وهكذا يتجلّى اختلاط الحياة الدينيّة بالحياة المدنية عند المسلمين...".




قديم 05-08-2018, 05:35 PM
  المشاركه #4
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



الترغيب في بناء المساجد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام:
لازلنا في إتحاف المسلم لما في الترغيب و الترهيب من صحيح البخاري و مسلم، و الباب اليوم الترغيب في بناء المساجد في الأمكنة المحتاجة إليها:

(( عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول:ُ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ))
[ البخاري، مسلم، الترمذي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي ]
أيها الإخوة الكرام:
كما أنتم تعلمون و كما أنتم تشاهدون معركة الحق و الباطل معركة أزلية أبدية، فإما أن تبني مسجداً، و إما أن تبني ملهى، المسجد يدعو إلى الله و أماكن اللهو تدعو إلى الشهوة، فهناك شهوة و هناك عقل، يوجد دنيا و يوجد آخرة، يوجد خير و يوجد شر، و الإنسان لابد له من عمل يعرض على الله، و الناس الآن في غفلة شغلتهم دنياهم و طعامهم و شرابهم و معاشهم و أولادهم و تجارتهم، لكن هذه اللحظة التي نفارق فيها الدنيا متصورة لكن لا يعيشها الإنسان، لو عاشها لارتعدت فرائصه، مغادرة الدنيا من كل شيء إلى لا شيء، من بيت فخم إلى حفرة تحت الأرض، من زوجة و أولاد إلى وحشة ما بعدها وحشة، فهذه المغادرة من الدنيا إلى الآخرة تحتاج إلى إعداد كبير، الذي يرقى بك عملك الصالح، فيا أيها الإخوة الكرام حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح، و الله الذي لا إله إلا هو ينبغي ألا تغمض عينيك إلا و أنت قلق عن العمل الذي قدمته بين يديك يوم القيامة، تسمع أزمة قلبية حادة عمره اثنين و ثلاثين سنة، سبحان الله في هذه الأشهر الستة أكثر من سبعة أو ثمانية أشخاص في الثلاثين من عمرهم جاءتهم أزمة قلبية حادة أودت بهم، الإنسان إلى أين سيذهب ؟ ذهاب من دون رجوع، كيف كان؟ هل هو مستعد للقاء الله ؟ هل تاب من ذنوبه و آثامه ؟ هل في رقبته مال حرام ؟ هكذا، فلابد من أن نستعد لهذه الساعة، و النبي عليه الصلاة و السلام يقول:

(( عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ))
[ الترمذي، ابن ماجه]
مرة ثانية أيها الأخوة:
التفكر بالموت شيء، و أن تعيشه شيء آخر، الذين أصابتهم أمراض حادة و كانوا على مشارف مغادرة الدنيا يعلمون علم اليقين ما معنى مفارقة الدنيا، الإنسان حينما يوقن أنه سيغادر كل اللذائذ التي استمتع بها في الدنيا لا شيء تذهب أدراج الرياح، تبقى المسؤولية، فمن هو البطل الذي هيأ لنفسه مكانة عند الله باستجابته و طاعته ؟ إذاً بعد أن تؤمن الإيمان الذي يحملك على طاعة الله ينبغي ألا تبحث عن شيء، بحثك عن عمل صالح يصلح للعرض على الله، من أبرز هذه الأعمال الصالحة: أن تبني لله مسجداً لأنه لا كيان بلا أرض، الجامعة تحتاج إلى بناء، التطبيب و الناس يحتاج إلى مستشفى، تعليم الطلاب يحتاج إلى بناء، الدعوة إلى الله تحتاج إلى مسجد، قال تعالى:

﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18)﴾
[ سورة الجن: الآية 18]
بآخر الفصل حديث لعلي أستبق ذكره. خير البلاد مساجدها، و شرها أسواقها.

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَحَبُّ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا))
[ مسلم]
الأسواق ترغب في الدنيا و قد لا تملك ثمن هذه السلعة، لأن السير في أسواق راقية جداً و لا تملك ثمن هذه السلعة الجميلة تنشأ مشكلة الشعور بالحرمان، و إذا معك زوجتك فعندك في المساء قتال معها، هذا الفستان أعجبها و أنت لا تملك ثمنه، و البضاعة معروضة بشكل رائع جداً، بشيء مغرٍ أما أسعارها باهظة فوق طاقة أصحاب الدخل المحدود، فتجد الإنسان يأتي مع زوجته إلى المسجد و يعودان إلى البيت على وفاق تام، لأنها سمعت حقوق الزوج و واجبات الزوجة، و سمع هو حقوق الزوجة و واجبات الزوج، فكل واحد من الطرفين سعى لإرضاء الله عن طريق إكرام الطرف الآخر، هذه من ثمار المجيء إلى المسجد، أما من ثمار المجيء إلى الأسواق لابد من مشكلة لأن ما كل شيء تراه عينك تملك ثمنه جيبك، و طوبى لمن اكتفى بحاجاته الأساسية، الحاجات الثانوية لا تنته، و الحياة الدنيا أربابها و الذين يعيشون للدنيا يخترعون كل يوم سلعة جديدة و جهازاً جديداً، صعب أن تمسك الفرشاة و تفرشي أسنانك الآن يوجد فرشاة معها حركة ذاتية، محرك و بطارية، خذ من الدنيا ما شئت و خذ بقدرها هماً، كل ميزة تتملكها يقابلها هم حينما يصيبها العطب، فهذا القول رائع جداً.
خذ من الدنيا ما شئت، و خذ بقدرها هماً، و من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه، أخذ من حتفه و هو لا يشعر.
أحياناً إدارة الأعمال الكبيرة جداً، إدارة الأموال الكبيرة جداً، تحتاج إلى طاقة قد لا يملكها الإنسان تنعكس أزمة قلبية في نفسه، هذا من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه، أخذ من حتفه و هو لا يشعر، لكن أعمال البر سبحان الله لها أثر كبير جداً، أنا لا أريد أن أبقى في مضمون الكلمة فقط، أريد أن أوسع المعنى، بناء مسجد، بناء ميتم، بناء ثانوية شرعية، تأليف كتاب دعوة إلى الله، عمل خيري، مساعدة أيتام، مساعدة طلاب علم، لا بد لك من عمل صالح يصلح للعرض على الله، أنا أتمنى على كل واحد منا أن يسأل نفسه سؤالاً محرجاً، ماذا فعلت اليوم من أجل الجنة ؟ ماذا فعلت اليوم من أجل الدار الآخرة ؟ ما العمل الذي أبتغي به وجه الله و لا أريد ثناء و لا مديحاً و لا شكراً و لا تعقيباً و لا هدية لوجه الله ؟ هذا الذي يبقى، و ذكرت لكم إنه من أجمل ما فسر به المفسرون قوله تعالى:

﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)﴾
[ سورة الرحمن ]
أي أنشأنا جامعة عملاقة مكلفة ثلاثة آلاف مليون عند قيام الساعة تصبح هباء منثوراً، أسسنا جسور، أسسنا طرق، مثلاً أقمنا مستشفيات:

﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)﴾
ما الذي يبقى و لا يفنى ؟ عمل صالح ابتغي به وجه الله، أي من أعظم هذه الأعمال أن تُنشِئ كياناً بدعوة إلى الله، أي مسجد أو تدريس أو معاونة طلبة علم أو معاونة دعاة إلى الله، و الدنيا مفعمة بالأعمال الصالحة، و الله الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، بإمكانك أن تفعل كل شيء، بل إن الله لا يكلفك فوق طاقتك، يكلفك اختصاصك، إن آتاك الله مالاً أنفق من هذا المال، إن آتاك الله علماً أنفق من هذا العلم، إن آتاك الله جاهاً أنفق من هذا الجاه، إن آتاك الله حكمة وفق بين الناس، لا يوجد إنساناً لا يملك شيئاً، أي هذا رزق:

﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾
[ سورة البقرة: الآية 3]
يوجد شخص عنده قدرة على الإقناع، و عنده قدرة على التوفيق بين الناس، هذا إذا أصلح بين الناس وصل إلى أعلى درجات الجنة، و الذي طبب المسلمين و أخلص لهم يصل إلى الجنة، و الذي باعهم سلعة جيدة مقبولة معقولة يصل إلى الجنة، كل اختصاص و كل حرفة و كل ميزة و كل هوية تصلح أن تكون سبباً للجنة، يقول عليه الصلاة و السلام:

((مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ))
[ البخاري، مسلم، الترمذي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي ]
و أنا أذكركم بقصة لعلكم سمعتموها مني كثيراً، رجل من أهل اليسار، من أهل الغنى أراد إنشاء مسجد في أحد أحياء دمشق الجنوبية المكتظة بالسكان و ليس فيها مسجد، كلف أحد أخوانا الكرام أن يبحث له عن أرض مناسبة، و الرجل من الأغنياء الكبار، وجد أرضاً مناسبة، مساحتها مناسبة، شكلها مناسب، صاحبها آذن مدرسة ورثها قبل أسابيع و لا يملك من الدنيا غيرها، و دخله محدود جداً و عنده أربعة أو خمسة أولاد، يشكو الفقر و الحاجة و الفاقة، و الأرض مناسبة جداً فتم الاتفاق على شراء هذه الأرض من هذا الوريث، و جاء بهذا المحسن الكبير ليرى الأرض و ليدفع الثمن، فجاء بهذا المحسن و رأى الأرض و أعجبته، و الثمن مقبول و جيد و معقول ووقع الشيك بمليوني ليرة، هذا الآذن قال له: أين البقية لماذا ليس ثلاثة ملايين و نصف ؟ قال له: البقية عند التنازل، قال له: أي تنازل ؟ قال له: حينما تتنازل لنا في الأوقاف أدفع لك بقية الثمن، قال له: و ما علاقة الأوقاف بهذا ؟ قال له: نريد أن نجعلها مسجداً، عندما قال له مسجد، ارتعد و قال له: أعطني الشيك و مزق الشيك، قال له: أنا أولى منك أن أقدمها لله، لا يعقل أن أبيعك أرضاً تقدمها أنت لله مسجداً، أنا أولى أن أقدمها لله منك، يقول هذا المحسن بحياتي ما صغرت أمام إنسان كما صغرت أمام هذا الآذن، و استحيا من الله أن يأتي من يشتريها و يجعلها لله مسجداً، أنا أتمنى أنه يجب أن يكون لك عملاً تبتغي به وجه الله، الإنسان أحياناً عنده كل شيء له أجر لا يتحرك دون أجر، لا يتكلم كلمة من دون نسبة، كم لنا نسبة ؟ لا يستطيع أن يتحرك حركة إلا ليحسب كم له من هذه ؟ لا، لا يوجد، إذا لا يوجد شيء لا يتحرك، هذا أفقر إنسان يوم القيامة، أفقر إنسان يوم القيامة الذي لا يتحرك إلا بأجر، الله عز وجل خلقنا لنربح عليه، خلقنا ليعطينا شيئاً لانهائياً مقابل شيء بسيط.
إذاً:
(( مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ))
الآن يوجد عندنا حديث آخر، هذا المسجد يمكن أن يبنى و يتأسس، طبعاً هناك من يدفع مالاً، هناك من يأتي بالمواد، هناك من يبني، أحدهم يقول لك أنا سوف آخذ منك نصف أجرة لأنه بيت الله، و النصف الثاني محسوب صدقة عند الله عز وجل، إنسان سيأخذ فقط سعر المواد معنى هذا أن أجرته محسوبة صدقة عند الله عز وجل، إنسان يقدم المواد و أجرته، أحدهم قدم ماله، و الآخر قدم جهده، و الآخر قدم ماله و جهده، أنشأنا مسجداً إنسان قدم جهاز تكبير صوت مثلاً جهاز إنارة، جهاز مولدة، أي المسجد بناء يحتاج إلى عشرات بل مئات الأشياء، مرافقه من أجهزته، كله داخل في البناء، الله عز و جل كما قلت قبل قليل خلقنا لنربح عليه، أي حركة تتحركها لك فيها أجر، الآن الصيانة و الفرق بيننا و بين بعض البلاد المتقدمة مادياً، نحن لا يوجد عندنا صيانة أبداً، يبنى البناء بعد حين يتداعى، يوجد إهمال شديد لا يوجد تنظيف، أحياناً تجد محلاً تجارياً تزييناته مكلفة ملايين، اللوحة التي في مدخله لا تنظف، أمطار و غبار إلى أن تغدو سوداء اللون و لا يفكر صاحب المحل أن ينظفها، موضوع الصيانة و التنظيف هذا جزء من الحضارة، تدخل أحياناً إلى بناء منشأ منذ أربعين سنة تتوهم أنه من يومين انتهى من الصيانة، و أنا أقول لك هذه قضية حضارة، قضية رقي، أي الذي يقدر أن يتم كل حاجاته مجددة، بالتنظيف و العناية و المتابعة و الصيانة و الإصلاح، و النبي الكريم قال:

(( أصلح دنياك و اعمل لآخرتك))
أي مشكلة بالبيت تحتاج إلى نقطة زيت في الباب، يزقزق الباب و كلما يزقزق البيت يصرخ بأولاده و يشتمهم، فالمشكلة هذه من ثلاث سنوات و كل يوم يوجد مشكلتين ثلاثة، أيقظتني، فتحت الباب، فضع له زيتاً و انتهى، أحياناً يكون الباب ليس له دافع و الدنيا برد وشتاء كذلك أغلق الباب يريد دافعاً و انتهى الأمر، لو إنسان فكر أن يصلح حياته هذه ليست من الدنيا هذه من الدين، تحل مشكلة، تجد شخصاً كل مشكلة لها عنده حل، هذا استطراد، لكن الصيانة مهمة جداً، تجد مسجداً مهملاً، أساس بنائه جيد لكنه مهمل، و هذا يحتاج إلى جهد، فهذا الذي ينظف، يعتني، يلمع البلور، يلمع الثريات، يغسل السجاد، أحياناً يأتي إنسان يرتدي بذلة كحلية اللون يركع و يسجد يجد بقعتين بيضاوتين على ركبتيه، معنى هذا أن السجاد منذ شهرين لم ينظف، أما إذا كان منظفاً و مغسولاً تجد السجاد له لمعة، أي الأولى أن تكون بيوتنا نظيفة جداً أم بيت الله ؟ بيت الله، الآن هؤلاء الذين ينظفون، هؤلاء لهن عند الله أجر لا يعلمه إلا الله، فالنبي عليه الصلاة و السلام:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجلاً أَسْوَدَ أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ؟ فَقَالُوا: مَاتَ قَالَ أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أَوْ قَالَ قَبْرِهَا فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا))

[ البخاري، مسلم، أبو داود، ابن ماجه، أحمد ]
أرأيت إلى هذه الأخلاق، هذا الإسلام، أي بحسب مقاييس المجتمع أما عند الله تكون هذه المرأة عند الله في مكانة علية، لكن بمقياس المجتمع أدنى رتبة الذي يعمل في تنظيف الطرق أليس كذلك ؟ ما قولك أن أبا الأنبياء نبي كريم أوحى الله إليه و إلى ابنه أن:

﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾
[ سورة البقرة: الآية 125]
إذاً تنظيف المساجد من أعظم الأعمال، مرة أخ من إخوانا جاء والده من مصر، حضر خطبة الجمعة و اضطر لقضاء حاجة في أثناء الخطبة فقال لي: غير معقول ! كأنه ببيت، المرافق في مسجدكم كأنها في بيت من شدة النظافة، فبفضل من ؟ بفضل عدد من الأخوة الكرام لهم مكانة كبيرة عند الله تبرعوا لتنظيف هذه المرافق بأيديهم، بأغلى المواد، فتنظيف المسجد شرف عظيم.
هناك نقطة دقيقة جداً يتوهم إنسان أن أعظم عمل الدعوة إلى الله، أن تلقي درساً تلقي خطبة، هذا عمل، من أدراك أنك إذا نظفت المسجد بإخلاص قد تفوق الذي يتكلم، من أدراك ؟ قيمة العمل عند الله ليست بالوجاهة لكن ببذل الجهد، فالنبي عليه الصلاة و السلام ذهب إلى قبرها و صلى عليه و هذه من خصوصيات صلى الله عليه وسلم، لا يوجد صلاة على إنسان مدفون، الصلاة على إنسان فوق الأرض لا تحت الأرض لكن لكرامتها عند الله ولم يقتدِ الصحابة في هذا ولم يبنَ حكم شرعي إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام تولى بنفسه الصلاة عليها وهو في القبر وغضب غضباً شديداً لأن أصحابه لم يلموه بموتها.
وفي حديث آخر ونحن في المساجد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إِلا الصَّلاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ))
[البخاري، مسلم، الترمذي، أحمد، النسائي، ابن ماجة، مالك، الدارمي ]
يعني أجر الصلاة في المسجد خمساً وعشرين ضعفاً كأجر الصلاة في البيت أو في السوق أي في محله التجاري، وإذا كنت تنتظر إقامة الصلاة فأنت في صلاة، أحياناً في بعض المساجد تقام صلاة الظهر بعد عشرين دقيقة من الأذان، والفجر بعد ثلاثين دقيقة، والمغرب بعد خمس دقائق، إنسان دخل مع أذان الظهر وصلى السنة وهو ينتظر إقامة الصلاة هذا الوقت هو من الصلاة، فانتظار الصلاة من الصلاة.
وفي رواية أخرى:

(( اللهم تب عليه ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه))
كيف يؤذي الإنسان في المسجد ؟ أنا يوم الجمعة لفت نظر وأنا لا أعرفهم من بعض الأخوة أو بعض من ارتادوا هذا المسجد، أو بعض من لم يكن لهم عهد بمسجد، تكلموا بصوت مرتفع وكأنهم في الطريق والناس جميعاً يصلون هذا بعيد بعد الأرض عن السماء، عن أن يكون في مستوى بيت الله، كل الأخوة يصلون وحديثهم مسموع بصوت مرتفع فشوش على الحاضرين صلاتهم، هذا نوع من الأذى، أحياناً يأتي أخ يصلي مع اثنين في الحرم والدرس قائم ويقول الله أكبر بصوت مرتفع ويشوش على الدرس هذا نوع من الأذى، شخص آخر يصلي مقتدياً بإمام وقد تكون الصلاة سرية أو جهرية يقرأ الفاتحة بصوت مرتفع يعني غلاظة ما بعدها غلاظة شوش على الكل صلاتهم يعمل موجات موجات ترتفع موجة وتنزل موجة، ما هذا ؟ خشوع لا والله ليس بخشوع لو خشع قلبه لخشعت جوارحه، النبي الكريم نهى عن هذا، وهذا الرجل إذا رفع صوته ليس له، أحياناً يأتي مع ابنه الصغير والله أنا أحب الصغار وأتمنى على كل أب أن يأتي بأولاده أما دون السنتين، زوجته ضغطت عليه وقالت له خذه معك هذا ليس موضوع طلب علم والطفل ما نظف...
هذا مكان السجود ما قولك أليس هذا إيذاء شديد ! والله بضع عشرات من الإخوان في هذا المسجد يأتون ويحضرون الماء ويغسلون أيضاً هذا إيذاء، أيام تأتي أخت كريمة وأنا أتمنى أن كل أخت أن تأتي إلى المسجد، لكن معها خمسة أو ستة أولاد تتركهم يركضوا و يلعبوا معهم بسكويت و غيره هذا غير معقول، نحن انزعجنا جداً من هذا الشيء، عملنا ترتيب أن أخت كريمة تبرعت تعمل درساً للصغار، عملنا المصلى العلوي و كل سيدة معها أولاد تدفع أولادها للمصلى و هي تسمع الدرس، هذا شيء جميل لأن بعض النساء وجدوا الفرصة ممتازة، عندها استقبال تضع أولادها بالجامع و تذهب، أليس هذا كله إيذاء للمسجد، نحن قلنا التي معها أولادها نقبل لها أولادها و لكن ليست هي بالاستقبال و زوجها عنده سهرة و ليس عندهم مشكلة إلا الأولاد فوضعوهم بالجامع و ذهبوا، هذه مشكلة كبيرة جداً، دقق بالحديث:

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيه))
[ البخاري، مسلم، النسائي، الترمذي، أبو داود، أحمد، ابن ماجه، مالك، الدارمي ]
هذا بيت الله، حتى لو أن الإنسان حمل قشة من المسجد له أجر، بيت الله أي الله عز وجل قال:
((إن بيوتي في الأرض المساجد، و إن زوارها هم عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارنا و حق على المزور أن يكرم الزائر ))
فأنت عنصر خدمي بالجامع، للخدمة، عنصر نظيف، صوت منخفض و رفع الصوت من المنكرات، و الله أعرف أناساً يتكلم في المسجد و هو ممتلئ بالمصلين و كأنه في فلاة، مرتاح، فهذا لا يعظم شعائر الله:

﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾
[ سورة الحج: الآية 32]
أنا سوف أدقق مرة أخرى على كلمة: و في رواية((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ)) يؤذي فيه: إذا أذى، هناك إيذاء بالصوت، هناك إيذاء مع أولاده الصغار، إيذاء باللغو في المسجد، هذا كله إيذاء، أو بعدم تنظيف المسجد، أو ترك شيء من بقايا الطعام بالمسجد، من بضع سنوات أو أكثر، من اثنتي عشرة سنة تقريباً كان عندنا إحياء بالمسجد ينتهي الإحياء تجد المكدوس و الأكل و الشرب نظل شهراً و نحن ننظف المسجد، هكذا، أي بالحرمين برمضان الكل يأكلون و لكن تمراً و قهوة و تُمد ملاءات من البلاستيك و تقام بأقل من دقائق شيء جميل جداً، كلما كنت لطيفاً بالمسجد و كلما كنت نظيفاً وأنيقاً تكون أقرب إلى الله عز وجل:

(( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَال: خَلَتْ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ))
[مسلم، أحمد ]
يعني الزموا دياركم تكتب آثاركم، أعادها ثانيةً، فقالوا: ما يسرنا أنا تحولنا، وفي رواية لهذا الحديث أخرى إنّ لكم بكل خطوة درجة
أخ جاء من دوما راكب ساعة من الزمن هذا بالأجر يتساوى مع أخ إلى جوار المسجد ؟ لا والله، يوجد مشقة بالغة فكلما كان مكانك أبعد كان أجرك أكبر، مكانكم تكتب آثاركم، وليس معنى هذا أن الإنسان يبيع بيته المجاور للمسجد ويسكن بعيداً هذا ليس وارد، بيته قريب نعمة، بيته بعيد له أجر، والله جبار خواطر، لا يوجد إنسان عند الله ليس له شيء حتى لو كان بيتك بعيداً.
أيها الأخوة:
المشقة في الإسلام لا يمكن أن تكون مطلوبةً لذاتها، أما إذا فرضت علينا مرحباً بها، قد يأتي الصوم في أشهر الصوم في أشهر الحر الشديد وقد لا تتوقع أن يدوم الصيام سبعة عشر ساعة والحر خمسة وأربعين، يوجد مشقة مرحباً بهذه المشقة لأن العبادة فرضتها، قد تطوف حول البيت في الحج بمشقة بالغة، وقد ترمي الجمار بمشقة بالغة هذا كله لك أجر عليه كبير انطلاقا من أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً قابعاً في الشمس فقال عليه الصلاة والسلام وسأل عن حاله قالوا: نذر أن يبقى في الشمس قال: امروه فليتحول إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه.
إذا الله يسر أمر، يسر ركوب، يسر طائرات، مواصلات، إذا إنسان يوجد عنده في البيت ماء فيجة فأراد حتى يكسب أجر حمل التنك من مكان بعيد وعبء وجاء بها إلى البيت هذا مجنون، المشقة لا تطلب لذاتها أما إذا فرضت عليه مرحباً بها.
يوجد قاعدة أساسية كل إنسان يحرم نفسه بلا مبرر النبي عليه الصلاة والسلام بلغه أن بعض أصحابه أراد أن لا يتزوج تقرباً إلى الله، وبعضهم الآخر أراد أن لا يأكل اللحم تقرباً إلى الله، وبعضهم أراد أن يقوم الليل تقرباً إلى الله فجمعهم وقال:

((عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ ؟ فَقَال بَعْضُهُمْ: لا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي))
[ البخاري، مسلم، النسائي، أحمد ]
الإسلام واقعي، الإسلام متوازن، الإسلام وسطي، جمع بين الدين والدنيا، وبين الدنيا والآخرة، وبين حاجات الجسد وحاجات الروح، وبين حاجات العقل، يوجد في الإسلام غذاء للعقل العلم، غذاء للروح القرب، وغذاء للجسم، قال تعالى:

﴿مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾
[ سورة الأعراف: الآية 32]
أنت ليس مكلفاً أن تعيش الحرمان في التقرب إلى الله إلا أنه حينما أمرك الله أن تصوم هذه مشقة أرادها الله، والمشقة الإلهية التي أرادها الله متناسبة مع حاجة الإنسان قال تعالى:

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾
[ سورة البقرة: الآية 286]
في حالات معينة الإنسان يفطر في السفر أو في المرض.
وفي حديث آخر:

(( عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى فَأَبْعَدُهُمْ وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ))
[ البخاري، مسلم ]
يقول عليه الصلاة والسلام:

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ))
[ مسلم، أحمد، ابن ماجة ]
المؤمن الضعيف على العين والرأس، إنسان بيته قريب نعمة، بيته بعيد له أجر، من أروع ما قرأت أن النبي عليه الصلاة والسلام بلغه أن صحابيين وقعا في أسر مسيلمة الكذاب، مسيلمة الكذاب سأل الأول أتشهد أني رسول الله، قال: ما سمعت شيئاً فقتله، سأل الثاني أتشهد أني رسول الله فشهد له أنه رسول الله، بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فماذا قال عنهما ؟ قال: أما الأول فقد أعز دين الله فأعزه الله، وأما الثاني فقد قبل رخصة الله، والثاني ليس آثم، الله رخص له إذا أكره على الكفر نجاةً بحياته سمح له أن ينطق بالكفر فقال له النبي: وإن عادوا فعد ولا شيء عليك.
انظر إلى عظمة الإسلام يوجد حد أدنى وحد أعلى، الحد الأعلى حد البطولة هذا تخييري لا قصري، والأدنى مسموح والأعلى مأجور، أنت في بحبوحة كبيرة لك أن تقلد أولي العزم.
عالم أحد حكام المغول أراد أن يتحدى علماء المسلمين فجمعهم وجاء بلحم خنزير وأمرهم أن يأكلوا فمن لم يأكل فقتله، يوجد عالم جليل ورع وقور من شدة محبة الناس له وتقديرهم له استطاعوا دون أن يعلم هذا الملك أن يضعوا له بدل لحم الخنزير لحم ضأن فلو أكله فلا شيء عليه، فلم يأكل وقال: هذا عند الناس لحم خنزير وقتله الملك. كم هو ورع خاف على سمعة العلم، قال: هذا عند الناس لحم خنزير فإذا أكلت سقط العلم في أعينهم ولم يأكل وقتل.
يوجد مواقف تحتاج إلى عزيمة، مرة الحسن البصري يبدو أنه تكلم كلام أزعج الحجاج فقال الحجاج لمن حوله: والله يا جبناء لأروينكم من دمه فجيء به ليقتله فجاء بالسياف، ومد النطع، وكل شيء جاهز لقتله، والحجاج وما أدراكم... قال: إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها، الحجاج مخيف ضرب الكعبة بالمنجنيق وصلب أحد الصحابة... لما جيء بالحسن البصري ورأى الأمر كله واضح حرك شفتيه بتمتمات لم يسمعها أحد فإذا بالحجاج يقف له ويقول له: أهلاً بأبي سعيد وقال له: أنت سيد العلماء ومازال يدنيه من مجلسه حتى أجلسه على سريره وسأله واستفتاه وضيفه ثم ودعه إلى باب القصر، السياف صعق أين قتله والخادم أيضاً، فتبعه الخادم وقال له: يا أبا سعيد لقد جيء بك لغير ما فعل بك فماذا قلت بربك ؟ قال: قلت لربي يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي في وحشتي اجعل نقمته علي برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم.
الأمر بيد الله، قلوب العباد بيد الله، أنت مع الله إذا كنت مع الله كان عدوك معك يخدمك، وإن لم تكن مع الله تطاول عليك أقرب الناس إليك.
أيها الأخوة:
أنا أتصور أن صلاة الجماعة في المسجد لها فوائد كبيرة جداً، أحد هذه الفوائد أنك تلتقي بأخيك، الجماعة رحمة، أخوك قد يأخذ بيدك إلى الله وقد تأخذ بيده، قد ينصحك وقد تنصحه، قد تحل عنده مشكلتك وقد تحل عندك مشكلته، قد يكون متألق تألقه يطفي على أخيه روحانيةً عجيبة.
صدقوا أيها الأخوة يحدثونني أخوان لا أعرف ؟ ولكن شيء متكرر أخ مثلاً تأخر ولم يبقَ وقت فوقع في حرج يا ترى يأتي إلى المسجد أم لا يأتي يذهب ويصلي العشاء فقد يجتمع مع إخوانه ويشعر براحة ما سمع من الدرس ولا كلمة ولكن دخل بيت الله عز وجل والتقى مع إخوانه فشعر باحة، أنا أتمنى أن يكون تعارف بينكم، هذا في تقصير والله شديد يكون أخ من أخوانا فرضاً له اختصاص نادر ثمان سنوات أنا لا أعلم أنه يحضر عندنا، ونحن نبحث عن هذا الاختصاص ولمصلحته، نبحث عن هذا الاختصاص في الطب النادر ولا نجد وهو يحضر هنا منذ ثمان سنوات وهذا تقصير.
يجب أن نعرف بعضنا، قد يكون أخ يشكي البطالة ويوجد أخ آخر عنده فرصة عمل فكلما تعرفنا إلى بعضنا أكثر هذا يرضي الله أكثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن يكون هناك تواصل بيننا، فلا يكفي أن تأتي إلى المسجد وتجلس في زاوية فقط، لا تعرف أحد ولا أحد يعرفك هذا خلاف السنة، إذا التقيت مع أخوك اسأله عن اسمه من هو؟ عمله، اختصاصه، بيته، أولاده، تأخذ فكرة، يمكن أن تخدمه أو يخدمك والحياة فرص أحياناً، قد يكون أخ عنده ضائقة مادية شديدة وعمله واقف وأخ بحاجة إلى صاحب مصلحة هو يتقنها ولكن لا يعرفه، يبحث خارجاً عن شخص يغشوه ويأخذوا منه سعر عالي جداً ويسيئوا له، لا يوجد مانع كل ما التقيت مع أخ تتعرف عليه سؤال بسيط قال تعالى:

﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾
[ سورة المائدة: الآية 2]
والعجيب أن الطرف الآخر غير المؤمن يتعاونون تعاوناً مذهلاً، تعاوناً غير معقول، وأنت أولاً أن تتعاون مع إخوانك، أخ فتح محل جديد يجب نحن أن نتعامل معه نشتري منه، إلا يوجد منزلق بالمناسبة أيام يتوهم هذا الأخ أن هؤلاء الأخوان كلهم دراويش ويحبونه ويحبوا الله فإذا أنا ربحت زيادة مسموح، هنا صار عندنا مشكلة كبيرة جداً، أما أنه لا يفاصلك يستحي أن يساومك، يستحي أن يقول لك هذه البضاعة غالية تستغل هذه الناحية وترفع السعر معنى هذا أنك أنت جئت لتستغل إخوانك.
أنا والله أتألم ألماً شديداً إذا أخ فتح مصلحة وما لبيناه كلنا، كلنا نشتري من عنده يشعر أنه منتمي إلى جامع، يوجد ترابط، تعاون، أنا والله شهد الله في كل حياتي لا يمكن أن يكون أخ عنده مصلحة وأبحث عن غيره لأن هذه خيانة، أخ ملتزم إذا ربح منك ويدفع زكاة ماله وينفق ماله على أولاده وزوجته وفقط المنهج تعطي آخر يشرب الخمر بربح منك أو متفلت أو لا يدفع زكاة ماله لا يجوز.
والحقيقة الذي يشدك إلى الجامع لك أخوان طيبين، أنا مصر على هذا لو أنت عرفنا مصلحتك عندك حرفة، محل الألمنيوم، محل نجارة، وأنت مؤمن مستقيم وستكرم الأخوان، تعارفوا على بعضكم وتعاونوا، ما الذي يمنع أن كل أخ يعرف أخين ثلاثة ؟ النبي قال: تآخيا اثنينِ اثنين.
الحد الأدنى أخ ما جاء إلى الدرس أخبره هاتفياً، أزوره لعل مريض، لعل عنده مشكلة، لعل عنده مشكلة مع زوجته، يصلح بينهما، كبر عليه أن يطلبها على الهاتف، وهي كبرت عليها أن لا يأتي ويأخذها، هو جالس في قلعته وهي في قلعتها والأمر يتفاقم ويوجد تغذية سيئة جداً، يأتي الأخ الثالث يزور بيت الحمي يبين لهم فضائل صهرهم ويقنعهم أنه يجب أن ترجع وهكذا الأصول.
قد يكون له مشكلة مالية مع زوجته، اجتماعية، مشكلة مع ابنه، قضية محتار بها، وأنا أتمنى وأنا قلت هذا مئات المرات أن يتآخى الأخوان اثنينِ اثنين، والحد الأدنى واحد، واثنين أفضل، ثلاثة أفضل، أربعة أفضل، فكلما التقيت مع أا أسأله عن اسمه، عمله، اختصاصه، سكنه، هذا سؤال طبيعي إذا التقى المؤمنان يقول الأول ما اسمك ؟ ما اسم أبيك ؟ من أين أنت ؟ هذا شيء أشد بالمودة:

(( عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ لا أَعْلَمُ رَجُلاً أَبْعَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ وَكَان لا تُخْطِئُهُ صلاةٌ قَالَ: فَقِيلَ لَهُ أَوْ قُلْتُ لَهُ لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ ؟ قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّ))
[ مسلم، أبو داود، ابن ماجه، أحمد، الدارمي]
أنت فكر، أنت حينما تتجه إلى بيت الله:

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ))
[ مسلم، أبو داود، الترمذي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي]
أنت ارتديت ثيابك و خرجت من منزلك و ركبت سيارة عامة باتجاه جامعك، هل تدري أن هذا طريق الجنة ؟

((عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا طَلَبَ))
[ الترمذي، النسائي، ابن ماجه، أحمد، الدارمي]
يوجد ملاحظة أخيرة لعلكم تأخذونها أنتم على بعض الأحاديث: أي معقول بكل خطوة باتجاه المسجد تمحى خطيئة ؟ بعقلية الإنسان من يعطيك على كل حرف تحكيه، قعدت مع ابنه سجل لك حديثاً مع ابنه، وجهت ابنه ساعة من الزمن فأعطاك على كل حرف مليون ليرة، لا أحد يصنع ذلك، لكن الله غني، الله يصنعها، قد تجد يوم القيامة لقمة وضعتها في فم زوجتك تجدها كجبل أحد يوم القيامة، الله على كل شيء قدير، هذه الفكرة غير مقبولة في عالم البشر، شخص قال له: ضع أموالك عند فلان، هذا صاحب دين و جيد، وضع أمواله، أعطاه عشرة ملايين فربحوا خمسة ملايين، جاء صاحب المحل أعطى خمسة أخرى لمن قال له ضعهم عند هذا، هل هذا معقول ؟ بعالمنا ليست معقولة، أما عند الله معقول، ممكن أن يعطيك عطاءً كبيراً لعمل قليل و لكنه مخلص تبتغي به وجه الله، فصدق حينما تأتي بيت الله بنية طلب العلم، بنية تدعيم الحق أحياناً، مثلاً أنت جعل الله على يدك هداية خمسة و دعوتهم إلى الدرس و قد جاؤوا أين الذي دعانا ؟ فلم يجدوه، يأخذوا عليه يا ترى أليس هو مقتنع بالدرس ؟ لماذا إذاً دعانا للدرس ؟ إذا أنت دعيت أخاً للجامع فمجيئك أصبح فرضاً، لأنك إذا تخلفت زعزعته، فشك بمصداقيتك، لماذا لم نرك ؟ و الله كنت مشغولاً، لو أنت تفقدتهم بأول فترة و قال لك و الله كنت مشغولاً هل تقبلها منه ؟ لا بل توبخه، ماذا مشغول هل يوجد عمل مع طاعة الله عز وجل فأنت عندما تقصر بعد حين زعزعت ثقة الناس فيك، و أضعفت من مصداقيتك، و أحياناً تلتقي بإخوانك هذا شيء رائع، أحياناً تسمع الدرس رائع، أحياناً تدعم الحق، لو فرضنا تُكلِم بأشياء تعرفها جميعها أنت بمجيئك دعمت الحق، فلذلك مثلما قلنا في البداية: خير البلاد مساجدها و شرها أسواقها.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾
[ سورة المنافقون: الآية 9]
يقول لك أحدهم أنا قبل الدرس بربع ساعة جاءه ضيف، و الله يوجد أخوة لطفاء جداً يقولوا له: تفضل نحن يوجد عندنا مدعوين لسهرة، يظن أن هناك عشاء، يأتي به إلى الجامع، فيظهر أنه لا يوجد شيء فقط درس علم، أي نوع من الطرفة يأتي به، أما أنا أعمل نظاماً بحياتي هذه أوقات الدروس مقدسة، لا أقترب منها أبداً، أعتذر من أي إنسان يريد أن يبعدني عنها، أو أحاول أن أقنعه أن يأتي إليها.
والحمد لله رب العالمين




قديم 05-08-2018, 05:35 PM
  المشاركه #5
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



فضل بناء المساجد وعمارتها في الإسلام

نستقي من هذا الحديث النبوي الشريف أن من بنى مسجدا فتح منفذا لنسمات الجنة، ونفحات الفردوس، كيف لا يكون للمساجد هذا الجلال، وهي مأوى أفئدة المؤمنين، وملتقى المصلين، ومن فوق منارتها تعلو أصوات المؤذنين، ينادون إلى الهدى والصلاح، وفي محرابها يقوم نواب الأنبياء، يتلون كتابه ويدعونه متعبدين خاشعين، ولربهم متضرعين، يرجون ثوابه، ويخشون عقابه، ومن منابرها تتساقط الحكم والمواعظ في آذان المؤمنين.
وعليه، فإن مما يثير الإعجاب في هذه الشريعة الغراء، هي أنها توجه الإنسان وتهديه إلى مواطن الخير والصلاح على أتم وجه وأكمل صورة، ومن أعجب ذلك هداية اتخاذ المساجد وبنائها وذلك لما تنطوي عليه من الأسرار الحضارية واللطائف الثقافية والاجتماعية.
من هنا نقول، إن الأمر باتخاذ المساجد ينطوي على مقاصد نبيلة، جمع فيها ربنا جل وعلا لعباده المؤمنين خيري الدنيا والأخرة، فقد جعلها محلا لذكره وعبادته، يذكر فيها اسمه تعالى، وتعلى فيها كلمته، ويتقرب فيها المسلمون إليه بشتى أنواع العبادات، لذا فهي من أحب البقاع وأطهر الأصقاع، شرفها الله على سائر الأماكن، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها»(2) ففيها تتطهر النفوس والأبدان من أدران الذنوب والعصيان، وتحصل فيها الراحة والأمن والأمان، فهي أطهر البقاع وأنقاها، فيها يتعارف المسلمون، ويتآلفون ويتعاونون، ويتزاورون ويتراحمون، ومن مناراتها يؤذن خلفاء بلال، وتتكرر كلمات التوحيد.
ومهما يكن من أمر، فإن فضل بناء المساجد من الأعمال الجليلة التي يؤجر عليها المسلم بحيث من شيد مسجدا خالصا لله في الدنيا بنى الله له مثله في الجنة، فما أعظم كرم الله  وفضله! وما أدراك ما بيت في الجنة! فطوبى لمن هيأ لنفسه بيتا ليس كباقي البيوت، ولو وزنت تلك البيوت ذهبا لما وصلت مكانة البيت المُعَد في الجنة، باعتباره سرمديا أبديا، ليس كبيت الدنيا أيامه معدودة والراحة فيه محدودة، فعن عمرو بن عبسة أن رسول الله قال: «من بنى مسجدا يذكر الله فيه، بنى الله له بيتا في الجنة»(3).
نعم، إن أحب البقاع إلى الله المساجد، فإليها تهبط الملائكة، وتتنزل الرحمات، وتغشى أهلها السكينة، وتحل عليهم البركات، فيها يتعارف المسلمون، وتقوى الصلة والمودة والرحمة بينهم، فيها تربت الأجيال المسلمة، وتعلمت أصول الإيمان والإخلاص في العبادة لله، فامتلأ قلبها وتعبأ محبة وإنابة ورغبة ورهبة، وخوفا ورجاء، وإخلاصا وتوكلا، وذلا وتعبدا، فيها تقام مجالس العلم والذكر، لتعليم الدين، وحفظ القرآن الكريم، ودارسة سيرة سيد المرسلين، ويتلقى فيها الناس التربية والأخلاق، ومعرفة الحلال من الحرام، فهي مراكز العلم والتعلم، ومكان التشاوروتبادل الآراء، ومأوى أفئدة المؤمنين وملتقى المصلين.
فإذا كانت المساجد أحبَّ البلاد إلى الله ومن أشرفَ أماكن ذكره وعبادته وضيافته، صار من المحتم علينا تعظيمها بتكثير أعداد المصلين وتنظيفها وتطييبها وتنزيها عن الروائح والنجاسات والقاذورات، لأن خدمتها وصيانتها حث عليها الشرع ورتب عليها الأجر والثواب.
بل أمر سبحانه بتطهيرها من أرجاس الشرك والكف، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتعظيم وإجلال وإكبار، وكل شيء أضافه الله عز وجل إلى نفسه فاعلم أنه يدل على العظمة والمهابة، فقال سبحانه وتعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(4). فالمساجد بيوت الله لا يعبد فيها سواه، كما حث على تعميرها بالطاعات والقربات، من ذكر وتسبيح وتهليل بالعشي والابكار، وذلك لتزيين القلوب، وتنظيفها من حظ الشيطان، وكل هذا لسعادة الإنسان في الدارين، فقال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ(5) وتوَعَّد سبحانه من منع فيها ذكره أو سعى في خرابها بالخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة فقال عزمن قائل: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(6).
ومما يزيد الأمر جلاء ورفعة ومهابة، هو أن أول عمل قام به أثناء هجرته إلى المدينة المنورة بناؤه لمسجد قباء، فكان ينقل الطوب بيديه الشريفتن ويقول: «اللَّهُمَّ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ”» (رواه البخاري ومسلم).
وبناء على هذا، فإن الإسلام رغَّبَ في بناء المساجد، وحث على عمارتها، وجعل ذلك علامة من علامات الإيمان، فقال سبحانه في محكم كتابه: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ. (التوبة: 18).
ومما ورد في فضل عمارة المساجد قوله في الحديث المروي عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «من غدا إلى المسجد، أو راح، أعد الله له في الجنة نُزُلاً، كلما غدا، أوراح».
إذا فعمارة المساجد لها معنيان: أولها: عمارة المساجد بإقامتها وترميمها وصيانتها، وبالمشاركة في تشييدها ولو بمبلغ قليل، فالمؤمن مأجور ولو كانت مشاركته كمَفْحَصِ قَطَاةٍ لبيضها.
وثانيها: عمارتها بالصلاة، والذكر والدعاء، وإقامة دروس العلم، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم.
من هنا نتساءل فنقول: ما قيمة الحياة إذا خلت من السعي المشكور والعمل المبرور؟ وماغناء أيامها المعدومة وساعاتها المحدودة؟ إذا لم يقدم المرء بين يديه، أو يخلف من ورائه ما يُذْكر به ويُشكر عليه، وقد أحسن أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال:
دقــَّـات قــلبِ المرء قائــلــةٌ لــه
إن الحياة دقــائــقٌ وثــوانــي
فاعمَل لنفسك قبلَ الموت ذِكْرَهـا
فالـذِكْر للإنسان عمرٌ ثـانـي
من هذا المنطلق جرت عادة الأخيار من أبناء هذه الأمة المسلمة، أن يتقربوا إلى ربهم ويفيدوا أبناء دينهم ووطنهم، ببناء المساجد ينفقون عليها الجزيل من مالهم ويرجون بتشييدها المثوبة عند خالقهم، ولعل هذا العمل في طليعة الأعمال التي يثبت أثرها وتدوم ثمرها، مع ما أعد الله للقائمين بهذا العمل من تكريم عظيم يوم لقائه، وحسبنا قوله في الحديث المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: «من بنى مسجدا ولو كمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِها، بنى الله له بيتا في الجنة».وعلى هذا الأساس انبرى كثير من المحسنين من أبناء هذه الأمة لتشييد المساجد بدافع الرحمة التي قذفها الإيمان في قلوبهم، والرغبة في مثوبة الله لهم، وألا ينقطع عملهم بعد موتهم، مستحضرين قوله في الحديث المروي عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». ومستحضرين كذلك قوله فيما رواه عنه أَبِو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ».
وبهذا نخلص إلى أن بناء المساجد يعد من الوقف في سبيل الله، والوقف من أكثر الصدقات وأعظمها أجرا وثوابا، فهو يمتازعن الصدقات بدوام أثره، وعظيم منافعه، فأثره دائم متصل إلى يوم القيامة، فما أحوجنا في زماننا هذا إلى نفحات المساجد نتطهر عندها ونتعبد، ونتسامى في شعورنا ونتعالى، ونجتمع فيها وحولها ونتلاقى، حتى ندخل إليها طالبين زادا ومددا، ونخرج منها بنفوس مهذبة، وعقول منيرة، وقلوب مرتاحة مطمئنة، فاللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذين يعيدون للمسجد وظيفته ومهابته وحيويته، آمين آمين والحمد لله رب العالمين.




قديم 05-08-2018, 05:36 PM
  المشاركه #6
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



من شارك في بناء مسجد هل يكون له أجر (من بنى مسجدا)؟

السؤال : أرغب في بناء مسجد في الدور الأول ببيتنا وذلك بعد التأكد من الرضاء التام لإخوتي بأن أحصل عليه سواء بدلا أو بمقابل مالي, ولكن إذا أرادوا الاشتراك معي في البناء والتجهيز , هل سأحصل على الأجر كاملا؟ , أي أجر بناء المسجد ابتغاء بناء الله بيتا لي في الجنة؟


الجواب :
الحمد لله
بناء المساجد وإعمارها وتهيئتها للمصلين ، من أفضل أعمال البر والخير التي رتب عليها الله تعالى ثوابا عظيما ، وهي من الصدقة الجارية التي يمتد ثوابها وأجرها حتى بعد موت الإنسان .
قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) التوبة/18
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ بَنَى مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ) رواه البخاري (450) ومسلم (533) من حديث عثمان رضي الله عنه .
وروى ابن ماجه (738) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ ، أوْ أَصْغَرَ ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) صححه الألباني .
والقطا طائر معروف ، ومَفْحص القطاة : موضعها الذي تبيض فيه ، وخصصت القطاة بهذا لأنها لا تبيض في شجر ولا على رأس جبل ، إنما تجعل بيتها على بسيط الأرض دون سائر الطيور، فلذلك شبه به المسجد . ينظر : حياة الحيوان للدميري .
قال أهل العلم : وهذا مذكور للمبالغة ، أي ولو كان المسجد بالغا في الصغر إلى هذا الحد .
ومن شارك في بناء مسجد كان له من الأجر على قدر مشاركته ، وله أجر آخر على إعانته غيره على البر والتقوى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : شخصان أو ثلاثة أشخاص أو أكثر اشتركوا في بناء مسجد هل يكتب لكل واحد منهم أجر بناء مسجد ، أم أقل من ذلك؟
فأجاب : هل قرأت إذا زلزلت؟ ماذا قال الله في آخرها؟
السائل: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) [الزلزلة:7].
الشيخ: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) [الزلزلة:7-8] كل واحد له أجر ما عمل ، لكن يكون له أجر ثان من جهة ثانية وهي التعاون على البر؛ لأنه لولا اجتماع هؤلاء كل واحد أتى بقليل ما قام البناء ، فنقول : له أجر عمله وله أجر المساعدة والمعاضدة ، مثال ذلك : رجل أنفق مائة ريال صدقة له أجرها ، أنفق مائة ريال في بناء مسجد ، هذه النفقة صار فيها نفع من وجهين : أولاً : العمل ، يعني : أجر هذه الدراهم ، والثاني : المساعدة حتى يتكون المسجد ، لكن إذا تبرع هذا الرجل للمسجد بعشرين ألفاً ، وهذا بعشرين ريالاً ، فلا يمكن أن نقول : هم سواء ، كل له أجر البناء كاملاً، هذا لا يمكن.
انظر يا أخي! الثواب حسب العمل ، نقول : هذا له أجر عمله على قدر ما أنفق وله أجر التعاون على إقامة هذا المسجد " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (230/ 21).
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إذا تبرع شخص بمبلغ من المال عنه وعن أهله في بناء مسجد مع جماعة فهل تعتبر صدقة جارية لكل شخص منهم؟
فأجابوا : "بذل المال في بناء المسجد أو المشاركة في بنائه من الصدقة الجارية لمن بذلها أو نواها عنه إذا حسنت النية وكان هذا المال من كسب طيب" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/ 237) .
فإذا شاركك إخوانك بالأرض أو في بناء المسجد فلجميعكم الأجر والثواب .
وهذا السؤال يتفرع عنه سؤال آخر ، وهو أيهما أفضل : بناء مسجد صغير أو الاشتراك في مسجد كبير ؟
وللشيخ ابن عثيمين رحمه الله فتوى في ذلك نضعها هنا للفائدة :
سئل رحمه الله : إذا كان بعض الناس يرغب في بناء مسجد بمبلغ من المال فأيهما أفضل : أن يشارك غيره في بناء مسجد كبير يضمن عدم الحاجة إلى هدمه وتوسيعه خصوصاً مع تزايد السكان ، أم يبني مسجداً صغيراً بدون مشاركة مع أحد؟
فأجاب : "الأفضل الأول ؛ لأن المبنى الصغير ربما يكون من حوله قليلين ثم يزيدون وحينئذ يهدم ويعاد مرة ثانية ، لكن إذا كان أهل المسجد الصغير مضطرين إليه أكثر من ضرورة أهل المسجد الكبير فهم أولى لدفع ضرورتهم ، لكن مع التساوي : المشاركة في المسجد الكبير أحسن ؛ لأنه أضمن ، فصار في المسألة تفصيل : إذا كان أهل المسجد الصغير مضطرين إلى هدمه وبنائه [أي الآن] فهو أفضل من المشاركة ، وإذا كانوا غير مضطرين أو كانت الضرورة واحدة في هذا وهذا فالمشاركة في الكبير أفضل " انتهى من "اللقاء الشهري" (24/ 18).
وذهب بعض العلماء إلى أن حديث (مفحص القطاة) على ظاهره ، وأن المراد بذلك ما لو اشترك جماعة في بناء مسجد ، بحيث كان نصيب كل واحد منهم مفحص قطاة ، بنى الله له بيتاً في الجنة ، وفضل الله تعالى واسع .
وانظر : "فتح الباري" شرح حديث رقم (450) .
والله أعلم .




قديم 05-08-2018, 05:37 PM
  المشاركه #7
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



ما هو فضل من يصرف من ماله الخاص على إدامة مسجد من مساجد الله؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أثنى الله سبحانه على من يعمر مساجده فقال: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ. {التوبة:18}.
وإن من عمارة المساجد إقامتها، وترميمها وتعاهدها وصيانتها، ويدخل هذا الفعل أيضا في الصدقة الجارية، ولو كانت المشاركة بمبلغ قليل، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
ومن فضل الإنفاق على المساجد وتعميرها والمساهمة في استمرارها وبنائها ماورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
قال السندي في شرحه لابن ماجه: وقَوْله: كَمَفْحَصِ قَطَاة. هُوَ مَوْضِعهَا الَّذِي تُخَيِّم فِيهِ وَتَبِيض لِأَنَّهَا تَفْحَص عَنْهُ التُّرَاب، وَهَذَا مَذْكُور لِإِفَادَةِ الْمُبَالَغَة فِي الصِّغَر وَإِلَّا فَأَقَلّ الْمَسْجِد أَنْ يَكُون مَوْضِعًا لِصَلَاةِ وَاحِدٍ. وَفِي الزَّوَائِد: إِسْنَاده صَحِيح وَرِجَاله ثِقَات. انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَحَمَلَ أَكْثَر الْعُلَمَاءِ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي تَفْحَصُ الْقَطَاة عَنْهُ لِتَضَع فِيهِ بَيْضَهَا وَتَرْقُد عَلَيْهِ لَا يَكْفِي مِقْدَاره لِلصَّلَاةِ فِيهِ... وَقِيلَ بَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ, وَالْمَعْنَى أَنْ يَزِيدَ فِي مَسْجِدٍ قَدْرًا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ تَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَة هَذَا الْقَدْر، أَوْ يَشْتَرِكُ جَمَاعَة فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ فَتَقَعُ حِصَّة كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْقَدْر. انتهى .
وفي الصحيحين أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ.
قال النووي في بيان عظمة هذا الثواب: يَحْتَمِل قَوْله: مِثْله، أَمْرَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : بَنَى اللَّه تَعَالَى لَهُ مِثْله فِي مُسَمَّى الْبَيْت, وَأَمَّا صِفَته فِي السَّعَة وَغَيْرهَا فَمَعْلُوم فَضْلهَا أَنَّهَا مِمَّا لَا عَيْن رَأَتْ وَلَا أُذُن سَمِعْت وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر . الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ فَضْله عَلَى بُيُوت الْجَنَّة كَفَضْلِ الْمَسْجِد عَلَى بُيُوت الدُّنْيَا. انتهى .
وقد سبق بيان فضل بناء المساجد وتعميرها في الفتاوى الآتية أرقامها:
10427، 35601، 50965.
والله أعلم.









قديم 05-08-2018, 05:38 PM
  المشاركه #8
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



فضل بناء المساجد - نبيل العوضي - سبحان الله







قديم 05-08-2018, 05:39 PM
  المشاركه #9
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



فضل بناء المساجد أجر عظييييم جدا الشيخ عائض القرني






قديم 05-08-2018, 05:39 PM
  المشاركه #10
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



اجر من ساهم في بناء مسجد ولو بالقليل (الصدقه الجاريه)







قديم 05-08-2018, 05:40 PM
  المشاركه #11
قلم الساحات المميز
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 10,080
 



أجر المشتركين في بناء مسجد للشيخ ابن عثيمين رحمه الله







قديم 05-08-2018, 08:21 PM
  المشاركه #12
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 1,972
 



جزاك الله خير وكثر امثالك






الكلمات الدلالية (Tags)

لاتعوض

,

لتشارك

,

مساجد

,

بأرخص

,

بناء

,

سعر

,

صورة

,

فرصة




تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



09:04 AM