logo

قديم 16-08-2018, 09:14 AM
  المشاركه #1
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,535
 



بسم الله
منقول : قصة الفضل مع رجل أعرابي
قصة يرويها الأصمعي الذي خرج في جمع بصحبة الفضل بن يحيى البرمكي أمير المؤمنين إلى الصيد يوما بينما هم في البرية ، إذ شاهدوا رجلا راكبا على ناقة وهي تسرع به فقال الفضل: "إن صَدَق ضني فهذا الرجل قاصِد إلينا " ثم ضيق الفضل لِثَامَهُ (أي تنكر حتى لا ترى إلا عيناه فلا يعرفه الرجل القادم).
فلما إقترب الرجل من الفضل نزل عن ناقته وعَقَلها وقال " السلام عليك يا أمير المؤمنين " ودار هذا الحوار:
الفضل: وعليك السلام ولست بأمير المؤمنين (وهي إجابة بلاغية صحيحة يقصد بها الفضل مداعبة الرجل )
الأعرابي: السلام عليك أيها الوزير.
الفضل: وعليك السلام ، الان قاربت إجلس يا أعرابي من أين قَبِلْتَ؟
الأعرابي: من أرض قضاعة.
الفضل: ومن قصدت بالعراق؟
الأعرابي: هؤلاء البرامكة .
الفضل: يا أخا العرب البرامكة خلق كثيرون فمن قصدت منهم؟
الأعرابي: أطولهم باعا وأسمحم كفا وأظهرهم كرما .... الفضل بن يحيى (وهو لا يعلم أنه يخاطبه شخصيا)..
الفضل: يا أخا العَرَب إن الفَضْلَ جَليلُ القَدرِ لا يحضر مجَالِسهُ إلا العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء ..... فهل أنت عالم ؟
الأعرابي: لا
الفضل: أفقيه أنت؟
الأعرابي: لا
الفضل: أأديب أنت؟
الأعرابي: لا
الفضل: أعارف أنت بأيام العرب وأنسابها وأخبارها ونواديها؟
الأعرابي: لا
الفضل: يا أخا العرب لقد خدعت نفسك فبأي شئ يقصد مثلك الفضل في جلالته .
الأعرابي: والله ما قصدته من مسافة ثمانِمئة فرسخ إلا لإحسانه وبيتين من الشعر قلتهما فيه.
الفضل: إن بيتي شعر تَقصُدُ بهما الفضل لجليلان فأنشدنيهما فإن كانا جيدين أشرت عليك بذلك، وإن لم يكن شعرك حسنا أعطيتك من مالي وأرجعتك إلى دارك مسرورا..
الأعرابي أو فاعل أنت أيها الأمير؟

الفضل: نعم

الأعرابي:

ألم تر أن الجود من صـــلب ادم * تحدر حتى صار يملكه الفضـــــل
ولو أم طفل مضها جوع طفلهــا * فغدته باسم الفضل لاستطعم الطفل

الفضل: أحسنت يا أخا العرب .. فإن قال لك الفضل أنهما مسروقان فهل لك في غيرهما

الأعرابي: نعم أقول:

ملت توابع الفضل وزن نائله * ومل كتابه إحصاء ما يهـــــب
وإنه لولاك لم يمدح بمكرمـه * ثان ةلم يكتسب مجد ولا حسب

الفضل: أحسنت ولكن الفضل رجل متعنت بصير بالأشعار، وأخشى عليك أن يقول هذان مسروقان فماذا تقول؟
الأعرابي: عندئد أقول:

وما الناس إلا اثنان صب وباذل * وإني لذاك الصب والبادل الفضلُ
علـــي أن لي مثلا إذ ّكر الورى * وليس للفضل في سمـــــاحته مَثَلُ

الفضل: أحسنت فإن قال ممتحنا أنشدنا على الكنية لا على الإسم، فهل لك؟
الأعرابي: والله أقول ساعتئد:

ألا يا أبا العباس يا واحد الورى * يا ملكا خد الملوك له نــــعل
إليــــك تسير الناس من كل بلدة * فرادى وأزواجا كأنهم النحل

الفضل: أحسنت فإن قال لك هذان مسروقان فماذا تقول؟
ٍالأعرابي: إن قال ذلك وزاد في إمتحاني وتعنت علي، والله لأقولن فيه أربعة أبيات ماسبقني إليها عربي ولا أعجمي فأن قال لي مسروقات وليست لك، جعلت قوائئم ناقتي في بطن أمه ورجعت إلى قضاعة خائبا...
فنكس الفضل رأسه وقال أنشدني

الأعرابي:

ولائمة لا متك يا فضل بالعطــــا * فقلت هل يتفع اللــــوم في البحـــــر
أتنهين فضلا عن عطاياه للورى * من ذا الذي ينها السحاب عن القطر
مواقـــع جود الفضل في كل بلدة * كموقع مـــــاء المزن في مهمة قفــر
كأن وفود الناس من كل وجـــهة * إلى الفضل لاقوا عنده ليلة القــــــدر

فضحك الفضل حتى سقط على وجهه، ثم رفع رأسه وقال يا أخا العرب أنا الفضل فاطلب ما شئت ..
الأعرابي: أول حاجة أن تقيلني من عثرتي ( لأنه هدد بوضع قوائم ناقته في بطن أم الفضل)
الفضل: عفوت عنك فسل حاجتك..
الأعرابي: عشرة الاف درهم لأكيد بها عدوي وأسر بها صديقي...
الفضل: أعطوه عشرة الاف درهم.... وعشرة الاف لطول سفره.... وعشرة الاف لقصده إلينا.... وعشرة الاف يعود بها إلى أهله.... وعشرة الاف لقوائم ناقته!!!
فأخذ الأعرابي المال والدموع في عينيه وانصرف وهو يبكي .
الفضل: مم بكاؤك يارجل أستحقرت ما أعطيناك..
الأعرابي لا والله، ولكني أبكي على مثلك كيف يضمه ويأكله التراب ثم أنشد:

لعمرك ما الرزية فقد مال * ولا فرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شخـص * يموت لموته خلق كثيـــر

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

ساحات الهوامير المفتوحة

 
 



الكلمات الدلالية (Tags)

أعرابي

,

البرمكي

,

الكرم

,

الفضل

,

يحيى

,

رجل



أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



05:39 PM