logo

قديم 22-02-2020, 01:55 PM
  المشاركه #1
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 4,200
 



يدّعي الإنسان دائمًا أنه كبير العقل وافر الحكمة، ولكن يلدغ من نفس الجحر طوال عمره.
ركز معي:
ينشد الإنسان الكمال دائمًا، ويسافر لطلب اللذة، ويهرب من الألم كما تهرب الفريسة من الأسد.
ولكن:
يُقابل بكلمة سيئة أو تصرف أهوج فيثور غضبه
يفقد جزءًا من ماله فيحزن
يمرض ولده فيهتم ويضيق
واذكر مواقف أغضبتك أو أحزنتك أو أهمتك حتى الصباح ولن تنتهي .. فأنا أستطيع أن أعد لك 100 مصيبة في أقل من ساعة.
وهكذا ظن أنه خُلق ليركض خلف هذه المتع الصافية .. ولكنه يركض خلف سراب.
وسيكون شعوره كشعور الحكيم بن جدلان:
والله يقطع اللي لا صفا ما صفا كله
ولكنها حكمة لسانية لا حكمة عملية .. لأنه بهذا المنطق يدعو بالقطع على الدنيا كلها ..
وأعقل منه الحكيم علي التهامي في قوله:
طُبعت على كدر وأنت تريدها *** صفوًا من الأقذاء والأكدار
ومُكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
فهذا سرّ الحياة الذي من فهمه ارتاح ..
استمتع بالماء الكدر .. فأنت على خطر أن تفقد الماء من أصله .. وحينها ستبحث عن الماء الكدر لا محالة، ثم قد لا تجده، وقد تبذل أضعاف أضعاف الجهد لتعود إلى حالك الماضي الذي كنت تضيق به ذرعًا .. هذا لأن الدنيا ضربتك بالموت فرضيت بالسخونة.
مزمز لحظات الصفا -إن حدثت- فإنها نادرة، وما أحدثها الله سبحانه إلا لتذكرك بالجنة.
فإذا تكدر الصفاء فعش عيشة الراضي فذلك رأس مال الدنيا .. ومن حافظ على رأس ماله فما خسر شيئًا .. ولست أنهاك عن تطلب الكمال ومزيد اللذة والراحة .. لكن كن متقبلاً بأنها قد لا تحصل، وإذا حصلت فالأكثر أنها من قسم (اللي لا صفا ما صفا كله) وبأنها لا تدوم، فغروبها وشيك، وبأن المتعة الجديدة لابد أن تسلب منك متعة قديمة، فهذه ضريبتها، والأخطر من ذلك أن تنطبق علينا الحكمة القديمة (حرك تبلش) فننحدر من وضعنا المقبول إلى وضع أسوء، ثم نصرخ: أرجعوا لنا القديم، يا ليتنا من حجنا سالمين.


الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

ساحات الهوامير المفتوحة

 
 



الكلمات الدلالية (Tags)

والله

,

اللي

,

يقطع



أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



03:04 PM