قوله: (جنح الليل) بكسر الجيم وضمها الظلام، معناه طائفة من ظلام الليل.
قوله: (أو أمسيتم) أي دخلتم في المساء.
قوله: (فكفوا صبيانكم) أي امنعوهم من الخروج في هذا الوقت.
قوله: (فإن الشياطين تنتشر حينئذ) أي جنس الشيطان،
ومعناه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذ -والله أعلم-.
قوله: (فخلوهم). أي لا تمنعوهم من الدخول والخروج، وفي رواية: (فحلوهم).
قوله: (وأوكوا) الوكاء: هو ما يشد به رأس القربة.
قوله: (وخمروا) من التخمير وهو التغطية.
قوله: (ولو أن تعرضوا) أي إن لم يتيسر التغطية بكمالها فلا أقل من وضع عود على عرض الإناء.
قوله: (وأطفئوا مصابيحكم) جمع مصباح، وذلك لأجل الفأرة، فإنها تضرم على الناس
بيوتهم، وأما القناديل المعلقة في المساجد والبيوت فإن خيف منها أيضاً فتطفأ وإلا فل2.
شرح الحديث:
هذا حديث عظيم، بين النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه الآداب الجامعة لمصالح الدنيا
والآخرة؛ قال النووي-رحمه الله-: "هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير،
والآدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب
التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان، وجعل الله -عز وجل- هذه الأسباب أسبابا
للسلامة من إيذائه فلا يقدر على كشف إناء، ولا حل سقاء، ولا فتح باب،
ولا إيذاء صبى وغيره؛ إذا وجدت هذه الأسباب"3.
وقال ابن حجر: "قال ابن الجوزي: إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة
لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالباً، والذكر الذي يحرز منهم
مفقود من الصبيان غالباً، والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به،
فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت. والحكمة في انتشارهم حينئذ أن حركتهم في
الليل أمكن منها لهم في النهار؛ لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره،
وكذلك كل سواد. ولهذا قال في حديث أبي ذر: فما يقطع الصلاة؟ قال:
"الكلب الأسود شيطان " أخرجه مسلم.