مقال في صحيفة الاقتصاديه ( معليش ياغالي حول موضوعك)
تيم هارفورد من لندن
ستحصل دائرة الأرصاد الجوية الوطنية في المملكة المتحدة على جهاز كمبيوتر بقيمة 1.2 مليار جنيه استرليني للمساعدة على أنشطة التنبؤ. هذه كمية كبيرة من السيليكون. كان ردي الغريزي، متى نحصل نحن الاقتصاديون على مثل هذا الكمبيوتر؟
قد يتذمر الناس من توقعات الطقس، لكن في كثير من الأماكن نأخذ دقتها أمرا مسلما به. عندما نسأل هواتفنا عن طقس الغد نتصرف كما لو أننا نتطلع من خلال نافذة إلى المستقبل. لا أحد يعامل أحدث التوقعات من بنك إنجلترا أو صندوق النقد الدولي باعتبارها نافذة على أي شيء.
يعود بعض السبب في ذلك إلى أن السياسة تعترض الطريق. فيما يتعلق بمسألة "بريكست"، مثلا، التوقعات المتطرفة من الجانبين جذبت الانتباه، في حين أثبت خبراء التنبؤ المستقلون من التيار السائد أنهم إلى حد كبير هم الذين كانوا على حق. قلة من الناس هي التي توقفت من أجل الثناء على المحاسبين الاقتصاديين المختصين في حساب التكاليف.
قد يحتج الاقتصاديون أيضا على أنه لا أحد يطلب منهم توقع النشاط الاقتصادي غدا أو حتى الأسبوع المقبل؛ يطلب منهم وصف احتمالات العام المقبل أو نحو ذلك. صحيح أن بعض التقويمات تقدم تنبؤات جوية بعيدة المدى استنادا إلى أساليب سرية أو غامضة أو كلاهما - لكن المحترفين يعدون هذه المحاولات مضحكة.
لكن علينا أن نتوقف عن تقديم الأعذار. يستحق الاقتصاديون جوائز قليلة مقابل التنبؤات. أجرى براكاش لونجاني، من صندوق النقد الدولي، عدة تقييمات للتنبؤات السائدة ووجد أنها من المحتمل بشكل بائس ألا تتنبه لإمكانية الركود. الاقتصاديون لا يجيدون النظر إلى المستقبل، حتى أن معظمهم يجادل بأن التنبؤ ببساطة ليس من شأنهم. تنبؤات الطقس جيدة، وتتحسن طوال الوقت. هل بإمكاننا نحن الاقتصاديون أن نفعل الشيء نفسه إذا كان لدينا جهاز بقيمة مليار، أو ملياري دولار، أم هل هناك شيء آخر ينقصنا؟
يبدو أن السؤال يستحق الاستكشاف بالنسبة إلي، لذلك تناولت كتاب أندرو بلوم الأخير، "آلة الطقس"، لفهم ما يفعله علماء الأرصاد الجوية بالفعل وكيف يفعلون ذلك. أدركت بسرعة أن التنبؤ بالطقس مرتبط ارتباطا وثيقا بالخريطة بطريقة لا ترتبط بها التوقعات الاقتصادية.
دون الرغبة في التبسيط المفرط لعلم الأرصاد الجوية الرائع، فإن أحد أجزاء اللعبة واضح ومباشر: إذا كانت السماء تمطر إلى الغرب منك وتهب الرياح من الغرب، فيمكنك أن تتوقع هطول أمطار قريبا. تبدأ تنبؤات الطقس بملاحظات الطقس: كلما زادت الملاحظات، كان ذلك أفضل.
في خمسينيات القرن الـ19، استخدمت مؤسسة سميثسونيان في واشنطن العاصمة تقارير من مشغلي التلجراف لتجميع الأمطار الغزيرة المحلية في خريطة الطقس الوطنية. بعد أكثر من قرن ونصف القرن من الزمان، لا يزال الاقتصاديون يفتقرون إلى خرائط عالية الدقة وعالية التردد للطقس الاقتصادي، على الرغم من أننا بدأنا نرى كيف يمكن أن تكون ممكنة، والاستفادة من البيانات من الأقمار الصناعية والمدفوعات الرقمية.
من الأمثلة على ذلك محاولة - نشرها في عام 2012 - فريق كبير من الاقتصاديين لبناء محاكاة لسوق الإسكان في واشنطن العاصمة كنظام معقد. يبدو هذا بعيدا عن الفهم الكامل للاقتصاد، لكن لاحظ أن خريطة سميثسونيان الورقية كانت بعيدة جدا عن توقعات الطقس المناسبة أيضا.
يمكن أن يتوقع خبراء الأرصاد الجوية أن لديهم نظرية أفضل للظروف الجوية مقارنة بالاقتصاديين فيما يخص الاقتصاد. تم بيان كل ذلك في عام 1904 من قبل عالم الرياضيات النرويجي، فلهلم بييركنيس، الذي نشر "مشكلة التنبؤ بالطقس"، وهو بحث أكاديمي يتحدث عن حركة كتل الهواء. إذا كنت تعرف الكثافة والضغط ودرجة الحرارة والرطوبة وسرعة الهواء في ثلاثة أبعاد، وأدخلت النتائج في صيغ بييركنيس، فستكون في طريقك لتنبؤات جوية محترمة – فقط إذا تمكنت من حل تلك المعادلات المعقدة من الناحية الحسابية. قوة المعالجة اللازمة للقيام بذلك وصلت بعد عدة عقود.
القطع المفقودة، إذن، هي بيانات أفضل بكثير وأكثر تفصيلا وتكرارا. نظرية أفضل أيضا، ربما - رغم أنه من اللافت للنظر أن كثيرا من الانتقادات للتيار الاقتصادي السائد يبدو أنها لا تهتم كثيرا بالبيانات عالية الدقة وعالية التردد. بدلا من ذلك، هم يقترحون استبدال إحدى النظريات الواسعة بنظرية واسعة أخرى: تؤكد آخر نظرية رأيتها على "تكلفة الطاقة في الطاقة". لست متأكدا من أن هذا هو الطريق إلى التقدم.
يتمتع متنبئو الطقس بميزة أخرى: عادة التحسن المستمر في مواجهة الملاحظات المتكررة. تنبؤات كل صباح هي فرضية يتم اختبارها. كل مساء يتم تأكيد هذه الفرضية أو دحضها. إذا قدم الاقتصاد دروسا يومية مماثلة، فقد يكون الاقتصاديون أسرع في التعلم. كل هذه العناصر مرتبطة. إذا كانت لدينا بيانات أكثر تفصيلا فقد نضع نظريات أكثر تفصيلا، وننشئ خريطة اقتصادية من الأسفل إلى الأعلى بدلا من الأعلى إلى الأسفل. وإذا كانت لدينا آراء واستجابات أكثر تواترا، يمكننا اختبار النظريات في كثير من الأحيان، ما يجعل الاقتصاد ذا طابع تجريبي أكثر وأقل أيديولوجية.
لكن هل يريد أحد حقا إنفاق مليار جنيه على محاكاة اقتصادية تتنبأ بدقة بالطقس الاقتصادي الأسبوع المقبل؟ ربما حدود التنبؤ الاقتصادي دلالة على حدود مهنة الاقتصاد. أو ربما تكون المشكلة فعلا صعبة الحل.