logo

قديم 02-10-2022, 09:43 AM
  المشاركه #1
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,859
 



عن أبي يعلي شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الإمام الترمذي في صحيحه.

في توجيه نبوي رائع وفي أسلوب تربوي رشيد يضع الرسول صلوات الله وسلامه عليه اللبنة الأولى في تكوين الفرد الصالح وبناء المجتمع الفاضل الذي تظلله الفضيلة وتغمره السعادة وتنتظم أفراده المحبة والأخوة و.

انها تربية الإسلام المجيدة التي تعتني بالفرد تعتني بسلوكه وأخلاقه تعتني بنزعاته ورغباته وبميوله واتجاهاته فتوجهه الوجهة الصالحة التي تكفل له السعادة في الدنيا والراحة في الآخرة وتجعل منه عضواً نافعاً في المجتمع وإنساناً مثالياً يعيش بين إخوانه وأقرانه عيشة السعداء الشرفاء الذين يعرفون ما لهم وما عليهم فلا يظلمون.

ولا يعتدون ولا يحاولون أن يسلكوا الطريق الملتوية التي يزينها لهم الشيطان. وهكذا في إيجاز وروعة يقسم النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى قسمين ويجعلهم صنفين اثنين: صنفا عرف غاية وجوده في هذه الحياة فجد واجتهد وكافح وناضل وحاسب نفسه على ما قدمت من أعمال فزجرها عن الشر ودفع بها نحو الخير وسما بها إلى درجات الكمال .

وهذا الصنف من البشر هم الصفوة هم الأخيار الأطهار هم العقلاء الذين أدركوا سر هذه الحياة فتزودوا من دنياهم لآخرتهم ووقفوا عند حدود الله فكفوا جوارحهم عن الآثام والموبقات وابتعدوا عن المحرمات والشهوات ونظروا إلى الدنيا نظرة البصير العاقل الواعي المتدبر الذي لم يؤثر فيه عواصف المدنية ولا أساليبها الماكرة الخادعة وهناك أدركوا حقارة الدنيا الفانية فاقبلوا على الآخرة بصدق وإخلاص وإيمان ويقين واجهدوا أنفسهم في طاعة الله فكانوا من السعداء الأبرار.

والصنف الآخر هم الذين أخطأوا الفهم الصحيح للحياة ولم يدركوا سر وجودهم فيها فساروا مع أهوائهم وعاشوا لشهواتهم وظنوا الحياة خالدة لهم فلم يعرفوا من الدنيا إلا التمتع باللذائذ والشهوات ولم يدركوا منها إلا كما يدرك الحيوان الأعجم من العيش في سبيل الطعام والشراب والشهوة ولسان الحال عندهم:

إنما الدنيا طعام

وشراب ومنام

فإذا ما فات هذا

فعلى الدنيا السلام

هؤلاء هم الذين يسيرون على أهوائهم لا يفكرون في حساب ولا عقاب ثم يطمعون في رحمة الله مع أنهم لم يقدموا لآخرتهم شيئاً لقد عاشوا لشهواتهم لا يعرفون سر للحياة وهؤلاء حقاً هم الخاسرون النادمون الذين فرطوا في جنب الله فأساؤوا إلى أنفسهم وأوردوها موارد الهلكة فيالهم من بلهاء. وتتحلى بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم: في قوله الكيس من دان نفسه جملة خبرية من الضرب الابتدائي والغرض من الخبر تحرك الهمة إلى ما يلزم تحصيله والكيس مبتدأ وخبره الاسم الموصول من، ونفسه مفعول به لدان وجملة دان نفسه صلة الموصول.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم «بعد الموت» كناية عن الدار الآخرة والاستعداد لها بصالح الأعمال فما بعد الموت إنما هي الآخرة ويوم الحساب وبعد ظرف زمان والموت مضاف إليه.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «تمنى الأماني» فيه من المحسنات البديعية ما يسمي بجناس الاشتقاق وفي قوله: الكيس من دان نفسه وقوله والعاجز من اتبع نفسه بين هاتين الجملتين من المحسنات البديعية ما يسمى المقابلة. وفي قوله صدر الحديث الكيس فهو العاقل الحليم الرشيد والكياسة هي الرزانة وفي قوله دان نفسه أي حاسب نفسه والديان المحاسب الذي يجازي العباد على أعمالهم وفيها من الحرص عليهم ما فيه وبعد الموت أي عمل الآخرة والمراد انه عمل صالحاً ينفعه بعد موته ويؤنسه في وحشة قبره وفي قوله العاجز أي الضعيف في التفكير للعواقب وهي كناية عن التقصير والتهاون.

وفي قوله اتبع نفسه أي سار وراء شهواته وأرضى العنان لنزواته فهو ممن تتبع هواه ولا يطيع أمر الله واتباع الهوى سبب للضلال وتمنى الأماني أي اشتهى على ربه أن ينال الجنة مع تقصيره في الواجبات وانهماكه في المعاصي والموبقات والجنة إنما تكون للعاملين المخلصين.

رزقنا الله وإياكم الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل.

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

ساحات الهوامير المفتوحة



 
 
قديم 02-10-2022, 09:53 AM
  المشاركه #2
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: May 2020
المشاركات: 7,249
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوكادي 2030
عن أبي يعلي شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الإمام الترمذي في صحيحه.

في توجيه نبوي رائع وفي أسلوب تربوي رشيد يضع الرسول صلوات الله وسلامه عليه اللبنة الأولى في تكوين الفرد الصالح وبناء المجتمع الفاضل الذي تظلله الفضيلة وتغمره السعادة وتنتظم أفراده المحبة والأخوة و.

انها تربية الإسلام المجيدة التي تعتني بالفرد تعتني بسلوكه وأخلاقه تعتني بنزعاته ورغباته وبميوله واتجاهاته فتوجهه الوجهة الصالحة التي تكفل له السعادة في الدنيا والراحة في الآخرة وتجعل منه عضواً نافعاً في المجتمع وإنساناً مثالياً يعيش بين إخوانه وأقرانه عيشة السعداء الشرفاء الذين يعرفون ما لهم وما عليهم فلا يظلمون.

ولا يعتدون ولا يحاولون أن يسلكوا الطريق الملتوية التي يزينها لهم الشيطان. وهكذا في إيجاز وروعة يقسم النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى قسمين ويجعلهم صنفين اثنين: صنفا عرف غاية وجوده في هذه الحياة فجد واجتهد وكافح وناضل وحاسب نفسه على ما قدمت من أعمال فزجرها عن الشر ودفع بها نحو الخير وسما بها إلى درجات الكمال .

وهذا الصنف من البشر هم الصفوة هم الأخيار الأطهار هم العقلاء الذين أدركوا سر هذه الحياة فتزودوا من دنياهم لآخرتهم ووقفوا عند حدود الله فكفوا جوارحهم عن الآثام والموبقات وابتعدوا عن المحرمات والشهوات ونظروا إلى الدنيا نظرة البصير العاقل الواعي المتدبر الذي لم يؤثر فيه عواصف المدنية ولا أساليبها الماكرة الخادعة وهناك أدركوا حقارة الدنيا الفانية فاقبلوا على الآخرة بصدق وإخلاص وإيمان ويقين واجهدوا أنفسهم في طاعة الله فكانوا من السعداء الأبرار.

والصنف الآخر هم الذين أخطأوا الفهم الصحيح للحياة ولم يدركوا سر وجودهم فيها فساروا مع أهوائهم وعاشوا لشهواتهم وظنوا الحياة خالدة لهم فلم يعرفوا من الدنيا إلا التمتع باللذائذ والشهوات ولم يدركوا منها إلا كما يدرك الحيوان الأعجم من العيش في سبيل الطعام والشراب والشهوة ولسان الحال عندهم:

إنما الدنيا طعام

وشراب ومنام

فإذا ما فات هذا

فعلى الدنيا السلام

هؤلاء هم الذين يسيرون على أهوائهم لا يفكرون في حساب ولا عقاب ثم يطمعون في رحمة الله مع أنهم لم يقدموا لآخرتهم شيئاً لقد عاشوا لشهواتهم لا يعرفون سر للحياة وهؤلاء حقاً هم الخاسرون النادمون الذين فرطوا في جنب الله فأساؤوا إلى أنفسهم وأوردوها موارد الهلكة فيالهم من بلهاء. وتتحلى بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم: في قوله الكيس من دان نفسه جملة خبرية من الضرب الابتدائي والغرض من الخبر تحرك الهمة إلى ما يلزم تحصيله والكيس مبتدأ وخبره الاسم الموصول من، ونفسه مفعول به لدان وجملة دان نفسه صلة الموصول.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم «بعد الموت» كناية عن الدار الآخرة والاستعداد لها بصالح الأعمال فما بعد الموت إنما هي الآخرة ويوم الحساب وبعد ظرف زمان والموت مضاف إليه.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «تمنى الأماني» فيه من المحسنات البديعية ما يسمي بجناس الاشتقاق وفي قوله: الكيس من دان نفسه وقوله والعاجز من اتبع نفسه بين هاتين الجملتين من المحسنات البديعية ما يسمى المقابلة. وفي قوله صدر الحديث الكيس فهو العاقل الحليم الرشيد والكياسة هي الرزانة وفي قوله دان نفسه أي حاسب نفسه والديان المحاسب الذي يجازي العباد على أعمالهم وفيها من الحرص عليهم ما فيه وبعد الموت أي عمل الآخرة والمراد انه عمل صالحاً ينفعه بعد موته ويؤنسه في وحشة قبره وفي قوله العاجز أي الضعيف في التفكير للعواقب وهي كناية عن التقصير والتهاون.

وفي قوله اتبع نفسه أي سار وراء شهواته وأرضى العنان لنزواته فهو ممن تتبع هواه ولا يطيع أمر الله واتباع الهوى سبب للضلال وتمنى الأماني أي اشتهى على ربه أن ينال الجنة مع تقصيره في الواجبات وانهماكه في المعاصي والموبقات والجنة إنما تكون للعاملين المخلصين.

رزقنا الله وإياكم الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل.
جزاك الله خيرا




قديم 02-10-2022, 10:22 AM
  المشاركه #3
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Sep 2020
المشاركات: 467
 



اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد



قديم 02-10-2022, 10:24 AM
  المشاركه #4
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: May 2020
المشاركات: 7,249
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هاي تك
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد
صل
------------------------------








أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



01:37 PM