logo



قديم 26-05-2023, 05:24 PM
  المشاركه #1
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 6,660
 



[ لقمان بن عاد]

اول من رجم الزاني وقطع يد السارق

قال وهب: فلما مات شداد بن عاد صار الأمر إلى أخيه لقمان بن عاد وكان أعطى الله لقمان ما لم يعط غيره من الناس في زمانه أعطاه حاسة مائة رجل وكان طويلاً لا يقاربه أهل زمانه.

وهب: قال ابن عباس كان لقمان بن عاد بن الملطاط بن السكسك ابن وائل بن حمير نبياً غير مرسل.

قال أبو محمد: لقيت عامة من العلماء يقولون أن لقمان وذا القرنين ودانيال أنبياء غير مرسلين وعامة يقولون عباد صالحين والله أعلم بذلك.

قال وهب: لقمان بن عاد هو الذي سمته حمير الرايش لأنه كان متواضعاً لله لم يكن متوجاً.

قال وهب: وكان لقمان بن عاد يدعو قبل كل صلاة ويقول:

أللهم يا رب البحار الخضر ... والأرض ذات النبت بعد القطر

أسألك عمرا فوق كل عمر

فنودي قد أجيبت دعوتك وأعطيت سؤالك ولا سبيل إلى الخلود واختر إن شئت بقاء سبع بقرات عفر في جبل وعر ولا يمسهن ذغروان شئت بقاء سبع نوايات من تمر - مستودعات في صخر لا يمسهن ندى ولا قطر وإن شئت بقاء سبعة نسور كلما هلك نسر عقب بعده نسر. قال: فكان ذلك إنه اختار سبعة نسور.

قال وهب: فيذكر إنه عاش ألفي سنة وأربعمائة سنة وهو صاحب لبد.

قال وهب: وكان لقمان يأخذ فرخ النسر من وكره فيربيه حتى يموت وهو يطير مع النسور ويرجع إليه.

قال وهب: وأعطى لقمان سؤله وأخوه شداد في ملكه وعاش معه

راً طويلاً وهو يدعو إلى الله، فلما مات شداد صار إليه الأمر فكان الناس يأتونه من أقاصي الأرض وأدانيها.

قال وهب: وإن عاد الأصغر بن قحطان كانوا أهل غدر ومكر وختر لا يأمن فيهم ابن السبيل ولا يطمئن فيهم جار ولا ينزل فيهم غريب ولا يثق بهم معاهد، وكان فيهم قبيل يقال لهم: بنو كركر بن عاد بن قحطان فعاشوا بأقصى اليمن فحاربهم جميع قبائل عاد وأعانهم عليهم وناصرهم بنو غنم بن قحطان وبنو غانم بن قحطان وبنو ظالم بن قحطان فغلبوا بني كركر. فإنما رأى بنو كركر بن عاد ما صاروا إليه من الذل بعد العز ومن الضر والجهد بعد النعمة شكوا ضر ما نزل بهم إلى سيدهم وصاحب أمرهم السميدع بن زهير فقال لهم: يا بني كركر كنتم أهل غدر ومكر لا يثق بكم قريب ولا بعيد ولا يأمنكم بغيض ولا حبيب أقرضتم الدهر قرضاً فرده إليكم فلم ترضوه. قالوا له: قد علمنا أنا فتحنا على أنفسنا بابا الموت فدلنا على باب الحياة؟ قال لهم: أما ها هنا فلا ولكن سيروا بنا إلى هذا الملك الحميري لقمان بن عاد فإن عنده رشداً وسداداً وصلاحاً للعباد يدعو إلى الله وإلى أبواب البر ومن دعا إلى الله أمن من الأذية واطمأن من لجأ إليه وطاب له وجه أمره ورضي عاقبته. قالوا له: لك الأمر فخذ بنا حيث شئت، قال لهم: يا بني كركر قدمتوني إلى أمر جليل وإن الله لا يرضى من أفعالكم شيئاً وأنه رأى ما فعلتموه منكراً فغيره، وأنشأ يقول:

من أضمر المكر وأبدى الغدرا ... يلقي مدى الأيام ضراً مر

لم يدر ما سر وما قد ضرا ... يعذل فيما قد لقيه الدهرا

ورحل بهم إلى لقمان بن عاد وقال:

سيروا بني كركر في البلاد ... أني أرى الدهر إلى فساد

قد قام من حمير ذو الرشاد ... لقمانها فقد هداه الهادي

يدعو لها النادي وأهل النادي ... من حمير السادة في العباد

فغير المنكر بالسداد ... يا حبذا من رائد مرتاد

دعو بني كركر كل عاد ... إلى مقام الفصل وال

فسار بهم السميدع إلى لقمان، وإن لقمان عرض عليهم الإيمان فآمنوا كلهم، فأنزلهم أرض العالية وتزوج منهم امرأة وهي سوداء بنت أمامة - وكانت جميلة - وكان لقمان غيوراً فأخذها فجعلها في كهف عظيم في رأس صخرة عالية لا يطيق أحد يطلع إليها إلا هو لطوله وتمامه، وكان يعبد الله في ذلك الكهف وكان له عيد يصلي بالناس فيه كل عام بالرجال والنساء فصلى ببني كركر وقد اجتمع النساء والرجال فبصر هميسع بن السميدع بن زهر إلى امرأة لقمان فهويها فقال: (معشر عاد والله إن لم تحتالوا لي حيلة أدرك فيها سوداء امرأة لقمان لأقتتلن لقمان ثم تأتي على آخركم حمير)، وكان جسوراً فتاكاً وعلموا أنهم إن لم يفعلوا ذلك يفعل ما قال، فاجمع أمر بني كركر على أن يحتالوا كيف يجمعون بينهما ولا يعلم كيف يجمعون بينهما ولا يعلم لقمان فقال رجل منهم - يقال له عامر بن مالك: أسأتم الجوار ونقضتم العهد فما أشبه أول أمركم بالآخر لا أمان بعد مكر ولا عذر بعد غدر ولا نقض بعد أصر، أطعتم غوياً عاهراً وعصيتم ناهياً آمراً أطعتم شيطانكم فكأني بكم وقد رمتكم العرب عن قوس واحدة فأحسن لقمان جواركم فكيف تخونونه في حريمه. فلم يلتفتوا إلى ما قال ومضوا فيما هم فيه من الحرام فقال عامر:

أفي كل عام سنة تحدثونها ... ورأي على غير الطريقة تعبروا

وإن لعاد سنة من حياضها ... سنحيا عليها ما حيينا ونقبر

وللموت خير من طريق تسبنا ... بهاجرهم فيما تسب وحمير

قال: فضربه الهميسع بن السميدع بن زهير فقال: يا بني كركر أراد دماركم فاقتلوه فقتلوه ثم إنهم أتوا لقمان فقالوا له: إنا خشينا الحرب فيما بيننا، ولكن إن رأيت أن تحبس سلاحنا عندك في هذا الكهف فإن تنازعنا لم يكن لنا سلاح نسفك به دماً ولا نقطع به رحماً. قال: افعلوا فأخذوا السلاح فجعلوا في وسطه الهمسيع بن السميدع وستروه به من كل جانب وأعطوه لقمان فطلع به الكهف، فلما خرج لقمان تكلم همسيع إلى سوداء امرأة لقمان وقال لها: أنا همسيع بن السميدع، وأخرجته ونال منها وأطعمته وسقته ثم ردته في السلاح، فلم تزل تعمل معه إلى أن رقد معها على سرير لقمان ثم تنخم ورمى النخامة إلى سمك الكهف وقد التصقت النخامة في سمك الكهف ثم أن لقمان أتى وقد أعيا فألقى بنفسه على سريره ثم رمى بصره إلى سمك الكهف فرأى النخامة فقال لامرأته: من بصق هذه البصقة؟ قالت: أنا. قال: ابصقي فبصقت فلم تدرك. ثم قالت له: أنا جالسة حين بصقتها، قال لها: اجلسي فجلست فبصقت فلم تدرك، قالت له: واقفة كنت، قال لها: قفي، فوقفت وبصقت فلم تدرك، فقال لها: من السلاح أتيت - ثم بادر إلى السلاح ففتحه واستخرج همسيع. فدعا بحمير فقال لهم: ما رأيكم في بني كركر؟ قالوا له: يا لقمان انف بني كركر بن عاد من أرض حمير فإنهم أهل غدر ومكر لا يزرعون فينا إلا الغدر ويحملونا الأحقاد ويورثونا الضغائن. فقال لقمان لعاد: اخرجوا من جواري. ثم طلع على الجبل وشد سوداء امرأته مع همسيع في السلاح الذي كان همسيع فيه، ثم رماهما من أعلى الجبل، ثم رماهما بالحجر ثم رماهما جميع من كان معه، فأول من رجم في الحد حد الزنا

مان فقتلهما، ثم أخرج بني كركر من جواره. فقالوا له: يا لقمان إن أنت لم تشيعنا نتخطف في الأرض فسار معهم لقمان ليمنعهم من قبائل حمير، فبينما هو يسير إذ سمع رجلاً يقول لامرأة منهم: يا رجيم أين زوجك قالت له: يرعى غنمه وهذا عشي النهار

وهو وقت إيابه إلينا ولكن خذ ما تريد قبل أن يأتيك فزنى بها ولقمان يسمعهما ويراهما فهما كذلك إذ سمعت ثغاء الشاء فقالت له: هذه غنمنا. قال لها: خذي لي حيلة فأخذته فأدخلته تابوتاً لها وأقفلت عليه ثم أتى زوجها إلى حيه ثم أنهم رحلوا ليلاً فقالت له: إن حيلتي وجميع شأني في هذا التابوت فأحمله فحمله قال، وساروا ومعهم لقمان فهم يسيرون اذ ضيق البول على الذي في التابوت فبال فلما سال على رأس زوجها، قال لها: ما هذا الذي سال على رأسي من هذا التابوت؟ قال له: في التابوت اداوة الماء. قال لها: إنه مالح، ورمى التابوت عن رأسه فانكسر وثار الرجل هارباً يسعى في سند الجبل فثار في أثره زوج المرأة فأدركه وأخذه وجاء يدفعه يريد به لقمان وتعاوره من كان معه حتى أتى به لقمان فقال: يا لقمان إن هذا من شأنه كذا وكذا، فلما أصبح أمرهم لقمان بالنزول ونزلوا ثم قال: جيئوني بالرجل المأخوذ وبالمرأة فأتي بهما فأنكرا قول الرجل. فقال لهما لقمان: قد رأيتكما وسمعت كلامكما وعلمت كل ما فعلتما، قال له بنو كركر: الأمر لك يا لقمان احكم فيهما. قال لهم: حملوها ما حملت زوجها فأخذ الرجل فحمله في التابوت وشده بالحبال على رأسها، ثم قال لهم: دعوها تجول حتى تموت ويموت. فلم تزل تجول به حتى ماتت ومات على رأسها. وإن رجلاً أتى لقمان قال له: يا لقمان إن سارقاً يأتي رحلي فيدخل يده في خرق الخيمة ويسرق ما أصابت يده من الخيمة، فقال له لقمان: احرسه
ى إذا أدخل يده وسرق فخذ يده واقطعها. ففعل ذلك الرجل وإن السارق آتاه كما كان يفعل أول مرة فقطع رب الخيمة يده وذلك أن أول من حكم بالقطع في السرقة لقمان.

قال وهب: وإن لقمان اخرج بني كركر بن عاد من أرض حمير وردهم إلى قومهم عاد بن قحطان.

قال وهب: ورجع لقمان إلى مأرب ومعه لبد نسره الآخر وهو أطول النسور

عمراً.

قال أبو محمد عبد الملك بن هشام: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال: كان عمر لقمان بن عاد أربعة آلاف عام عاشت ستة نسور كل نسر خمسمائة عام وذلك ثلاثة آلاف عام وعاش لبد وكان آخرها ألف عام.

قال وهب: فلما كان اليوم الذي أصبح فيه لقمان مشرفاً على الموت فأراد أن ينهض فضربت عروق ظهره ولم يكن قبل ذلك يشتكي شيئاً منها فقال:

يا لقومي نعى إلي بموتي ... اختلاف النساء وحبل الوتين

ثم نظر إلى لبد وقد تطايرت النسور ولم يطير فلم يطق فقال له:

انهض لبد نهضاً شدد ... إذ لم يكن أبد الأبد

فأراك حين تطايرت ... تلك النسور فلم تعد

بشرت لقمان به ... ولعله لم يعتمد

قال: ثم أخذ لبداً بيديه ورمى به ليطير فسقط لبد وتطاير وتناثر ريشه

الموضوع الأصلي : اضغط هنا    ||   المصدر :

ساحات الهوامير المفتوحة

 
 
قديم 27-05-2023, 09:29 AM
  المشاركه #2
ابو سعود
كاتب مميز
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 25,540
 



موضوع رائع

اسمتعت بقراءته

يقال ان لقمان الحكيم
كان افريقيا
والله أعلم




قديم 08-06-2023, 05:02 AM
  المشاركه #3
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 6,660
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زينة الحياة
موضوع رائع

اسمتعت بقراءته

يقال ان لقمان الحكيم
كان افريقيا
والله أعلم

مشاركتك اروع

شكرا




قديم 08-06-2023, 07:14 AM
  المشاركه #4
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Feb 2021
المشاركات: 6,001
 



قصص العرب الاولين جميلة

فيها من العبر والحكم الشئ الكثير

ولكن يعيب العرب المكر والخداع والغدر

وحب الشهوات والمغازي رغم مافيهم

من الحكمة والدهاء !!



سود الله وجهش يا سوداء

………….. خنتي الحكيم والشرف لم تصوني

من بني كركر اهل مكر ودهاء

……………. من كان هم اهله فليس غريب تخوني




قديم 08-06-2023, 07:43 AM
  المشاركه #5
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 16,988
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سربال
قصص العرب الاولين جميلة

فيها من العبر والحكم الشئ الكثير

ولكن يعيب العرب المكر والخداع والغدر

وحب الشهوات والمغازي رغم مافيهم

من الحكمة والدهاء !!



سود الله وجهش يا سوداء

………….. خنتي الحكيم والشرف لم تصوني

من بني كركر اهل مكر ودهاء

……………. من كان هم اهله فليس غريب تخوني


القصص والتاليف موجودة في كتب العرب ويجب عزل التشريع عن القصص




قديم 08-06-2023, 05:35 PM
  المشاركه #6
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 6,660
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ولد-صبيا
القصص والتاليف موجودة في كتب العرب ويجب عزل التشريع عن القصص


شكرا لمشاركتكم ياكرام

نواصل معكم ياكرام




ملك الهمال بن عاد

المعروف بذي شدد ملك متوج

وأنه لما مات لقمان بن عاد صار الملك إلى أخيه الهمال بن عاد بن الملطاط ابن السكسك بن وائل بن حمير. والهمال بن عاد هو ذو شدد، فلما صار الملك إلى هم الذي شدد دخل إلى المغارة التي دفن فيها أخوه شداد بن عاد فأخرج التاج وتتوج به وكان لقمان غيبه في تلك المغارة لأنه لم يكن متوجا كان متواضعاً لله، فلما ولي الهمال بن عاد أخذ الملك أخذاً شديداً فولي ذلك

ل ويقفون الآثار حتى دخلوا المغارة التي فيها النعمان وأمه فأخذوهما وأتوا بهما إلى عامر ذي رياش فأخذهما ورجع فنزل قصر غمدان ولم يكن ينزل قصر غمدان إلا الملك الأعظم ولا ينزله إلا من استحق عندهم اسم تبع من ملوك حمير وحبس النعمان وأمه عنده في قصر غمدان، فلم يزل النعمان محبوساً فماتت أمه وشب الصبي واحتلم. فبينما النعمان ليلة من ذلك الزمان مع الحرس الذين كانوا يحرسونه وكانوا عشرة وفيهم رجل يقال له همدان بن الوليد بن عاد الأصغر بن قحطان، وكان يخدم السكسك جد النعمان، وكان يرق له سراً وكان أغلط الحرس في العلان فبينما النعمان في الحرس جالس إذ طلع القمر وقد خسف فبكى النعمان لما رأى القمر خاسفاً وقالوا له: مال الذي يبكيك؟ قال: أبكاني تقلب الدهر بأهله لن ينجو من غدر هذه الدنيا وعثراتها شيء في الأرض ولا في السماء. فلما كان في الليلة الثانية طلع القمر مشرقاً زاهراً فضحك النعمان فقالوا له: ما الذي أضحكك؟ قال لهم: لعل الذي أبكى يضحك، ثم قال لهم: أرى هذا الدهر يقيل واحداً عثرته فيدرك أمله وآخر

يمضي عليه فيستريح وأنا كما ترون لا يمضي علي فأستريح ولا يقيلني عثرتي فأبلغ أملي، وكان همدان بن الوليد رجلاً عاقلاً قد استمال إليه الحرس بعقله ولطفه يصرفهم كيف ساء، فقال لهم: إن في الكلام راحة تريدون أن أجيب عنكم النعمان؟ قالوا: نعم. فقال همدان: يا نعمان لعل أملك أقرب من أجلك، ثم نظر همدان إلى من حوله وتصحف وجوههم ليرى من يرضى قوله ومن يسخطه، فقالوا له: رضينا قولك يا همدان - فنظر النعمان إلى القمر في الليلة الثالثة وهو مشرق زاهر فأنشأ يقول:

اربد وجهك بعد حشن ضيائه ... وخسفت بعد النور والإشراق

هل كان هذا الشأن منك سجية ... أم خان عهدك غادر الميثاق

واراك بعد محلة مذمومة ... أمسيت مشرقاً على الآفاق

علَّ الذي أنشأ سناك بقدرة ... من بعد مهلكة يريح وثاقي

إن الزمان بصرفه متقلب ... بين الورى كتقلب الأخلاق

قال وهب: وإن همدان قال للذين معه ويلكم أن ذا رياش نكد جبار لن يرحم قريباً ولا بعيداً ولن تروا معه راحة ولكن قدموا في النعمان يداً فإن أدرك أمله ووفى لكم أفدتم وإن لم يكن هذا كنتم قد وفيتم لسلفه فأجابوه فقال لهم: يأتي كل رجل منكم غدا بجديدة ففعلوا ووضع النقب في وسط المجلس حتى خرجوا من خارج القصر وكان ذلك وقت رجوع ذي رياش إلى عمان خالفه إليها مالك بن الحاف بن قضاعة فأخرجوا النعمان من ذلك السرداب ليلاً وإن النعمان كان يرسل في وجوه بني وائل بن حمير وبني مالك ابن حمير وسائر بني قحطان، فأجابوه إلى القيام على ذي رياش. فجمع حمير ثم سار يريد ذا رياش وإن إذ رياش لقي مالك بن الحاف فهزمه ذو رياش - ومر مالك على وجهه يريد أرض برهوت قال طلبة لحق بأرض الحبشة ولما بلغ ذا رياش ومن معه من أهل صنعاء وأهل

العالية والهنبيق خروج النعمان بن يعفر في ديارهم وطوع الناس له فارقوا عسكر ذي رياش هاربين إلى ديارهم وذراريهم، ثم خرج عنه من كان معه من بني وائل بن حمير وهم: أعد حمير وتبعهم مالك بن حمير، فلما رأى ذو رياش أن جمعه قد افترق أكثره عنه وصار إلى النعمان جميع من معه، سار يريد حرم مكة عائذاً به. وسار النعمان في أثره فلقيه بالمشلل فقاتله فهزمه النعمان وأخذه أسيراً. وسار النعمان إلى مكة فأوفى نذره ورجع إلى غمدان بذي رياش أسير




قديم 13-06-2023, 11:23 PM
  المشاركه #7
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 6,660
 



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملح+
شكرا لمشاركتكم ياكرام

نواصل معكم ياكرام




ملك الهمال بن عاد

المعروف بذي شدد ملك متوج

وأنه لما مات لقمان بن عاد صار الملك إلى أخيه الهمال بن عاد بن الملطاط ابن السكسك بن وائل بن حمير. والهمال بن عاد هو ذو شدد، فلما صار الملك إلى هم الذي شدد دخل إلى المغارة التي دفن فيها أخوه شداد بن عاد فأخرج التاج وتتوج به وكان لقمان غيبه في تلك المغارة لأنه لم يكن متوجا كان متواضعاً لله، فلما ولي الهمال بن عاد أخذ الملك أخذاً شديداً فولي ذلك

ل ويقفون الآثار حتى دخلوا المغارة التي فيها النعمان وأمه فأخذوهما وأتوا بهما إلى عامر ذي رياش فأخذهما ورجع فنزل قصر غمدان ولم يكن ينزل قصر غمدان إلا الملك الأعظم ولا ينزله إلا من استحق عندهم اسم تبع من ملوك حمير وحبس النعمان وأمه عنده في قصر غمدان، فلم يزل النعمان محبوساً فماتت أمه وشب الصبي واحتلم. فبينما النعمان ليلة من ذلك الزمان مع الحرس الذين كانوا يحرسونه وكانوا عشرة وفيهم رجل يقال له همدان بن الوليد بن عاد الأصغر بن قحطان، وكان يخدم السكسك جد النعمان، وكان يرق له سراً وكان أغلط الحرس في العلان فبينما النعمان في الحرس جالس إذ طلع القمر وقد خسف فبكى النعمان لما رأى القمر خاسفاً وقالوا له: مال الذي يبكيك؟ قال: أبكاني تقلب الدهر بأهله لن ينجو من غدر هذه الدنيا وعثراتها شيء في الأرض ولا في السماء. فلما كان في الليلة الثانية طلع القمر مشرقاً زاهراً فضحك النعمان فقالوا له: ما الذي أضحكك؟ قال لهم: لعل الذي أبكى يضحك، ثم قال لهم: أرى هذا الدهر يقيل واحداً عثرته فيدرك أمله وآخر

يمضي عليه فيستريح وأنا كما ترون لا يمضي علي فأستريح ولا يقيلني عثرتي فأبلغ أملي، وكان همدان بن الوليد رجلاً عاقلاً قد استمال إليه الحرس بعقله ولطفه يصرفهم كيف ساء، فقال لهم: إن في الكلام راحة تريدون أن أجيب عنكم النعمان؟ قالوا: نعم. فقال همدان: يا نعمان لعل أملك أقرب من أجلك، ثم نظر همدان إلى من حوله وتصحف وجوههم ليرى من يرضى قوله ومن يسخطه، فقالوا له: رضينا قولك يا همدان - فنظر النعمان إلى القمر في الليلة الثالثة وهو مشرق زاهر فأنشأ يقول:

اربد وجهك بعد حشن ضيائه ... وخسفت بعد النور والإشراق

هل كان هذا الشأن منك سجية ... أم خان عهدك غادر الميثاق

واراك بعد محلة مذمومة ... أمسيت مشرقاً على الآفاق

علَّ الذي أنشأ سناك بقدرة ... من بعد مهلكة يريح وثاقي

إن الزمان بصرفه متقلب ... بين الورى كتقلب الأخلاق

قال وهب: وإن همدان قال للذين معه ويلكم أن ذا رياش نكد جبار لن يرحم قريباً ولا بعيداً ولن تروا معه راحة ولكن قدموا في النعمان يداً فإن أدرك أمله ووفى لكم أفدتم وإن لم يكن هذا كنتم قد وفيتم لسلفه فأجابوه فقال لهم: يأتي كل رجل منكم غدا بجديدة ففعلوا ووضع النقب في وسط المجلس حتى خرجوا من خارج القصر وكان ذلك وقت رجوع ذي رياش إلى عمان خالفه إليها مالك بن الحاف بن قضاعة فأخرجوا النعمان من ذلك السرداب ليلاً وإن النعمان كان يرسل في وجوه بني وائل بن حمير وبني مالك ابن حمير وسائر بني قحطان، فأجابوه إلى القيام على ذي رياش. فجمع حمير ثم سار يريد ذا رياش وإن إذ رياش لقي مالك بن الحاف فهزمه ذو رياش - ومر مالك على وجهه يريد أرض برهوت قال طلبة لحق بأرض الحبشة ولما بلغ ذا رياش ومن معه من أهل صنعاء وأهل

العالية والهنبيق خروج النعمان بن يعفر في ديارهم وطوع الناس له فارقوا عسكر ذي رياش هاربين إلى ديارهم وذراريهم، ثم خرج عنه من كان معه من بني وائل بن حمير وهم: أعد حمير وتبعهم مالك بن حمير، فلما رأى ذو رياش أن جمعه قد افترق أكثره عنه وصار إلى النعمان جميع من معه، سار يريد حرم مكة عائذاً به. وسار النعمان في أثره فلقيه بالمشلل فقاتله فهزمه النعمان وأخذه أسيراً. وسار النعمان إلى مكة فأوفى نذره ورجع إلى غمدان بذي رياش أسير

( ___ نتابع معكم ياكرام------)





عمان دعا همدان فقال له: هذا الملك لك ولأصحابك فما رأيك في ذي رياش؟ قال له همدان: حبس بحبس لا عدوان فقبل منه وأحسن إليه وإلى أصحابه وأنشأ يقول:

إذا أنت عافرت الأمور بقدرة ... بلغت معالي الأقدمين الأقاول

فأما حمام النفس تلقاه عاجلاً ... وأما تراث الملك عن ملك وائل

فهل يدفع النعمان أمراً يريده ... وهل يتقي شر الذي غير نازل

إذا لم يكن بد من الموت حتمة ... فما تغن عني خافقات الجحافل

إذا لم يكن للمرء بد من التي ... تبذ الأماني عاجلاً أو بآجل

ويصبح في الأهلين يوماً جنازة ... ويلحق حتماً بالقرون الأوائل

علام يداري الدهر والدهر جائر ... ويرضى بظلم من يد المتطاول

ولكن نباني الملك في درج العلا ... كنجم اعوجاج من فنا الملك وائل

يفوز سعيداً أو يلاقي منية ... ويمسي على الدنيا بعيد المناهل

فما المرء للأيام تخلق نفسه ... وهل كانت إلا حيضة للقوابل

ألا أيها الراضي بأيسر خطة ... صبرت على خسف من الذل نازل

قيامك في الدنيا حياة لأهلها ... وصبرك عنها * غير طائل

إذا لم يكن للمرء عزم يزينه ... ولب يرى عيب القوي المخاتل

له سطوة تكسو العزيز مذلة ... وتهدي حتوفاً للنساء الحوامل

له علل تعلو النجوم وسطوة ... تصم فيخشى طرقها كل جاهل

وللموت خير من لباسك ذلة ... تجاذب مأسوراً صليل السلاسل

محلاً يراه الزائرون شماتة ... هواناً لمقدام العشيرة باسل


ال وهب: كانت حمير إذا لقي بعضها بعضاً يقولون: ما حال اليتيم يريدون بذلك النعمان بن يعفر فيقول بعضهم لبعض: أصبح اليتيم معافراً للملك وذلك لبيت قاله وهو:

إذا أنت عافرت الأمور بقدرة ... بلغت معالي الأقدمين المقاول

قال وهب: فسمى بذلك المعافر بن يعفر بن سكسك بن وائل بن حمير.

قال وهب: وإن المعافر بن يعفر سار يريد أرض بابا ولم يكن للتبابعة ملك أرض بابل هي من الأرض وينبوع الناس فسار النعمان وهو المعافر راجعاً وسار بذي رياش معه لئلا يفتق عليه من بعده فتقاً، فسار النعمان حتى أخذا أرض بابل توجه يريد خراسان حتى بلغ صحراء بر فنظر عامر ذو رياش إلى أفعى رقشاء قد خرجت إليه من تحت فرشه فمد يده فأخذ ذنبها والحرس ينظرون إليه فحركه فعركه حتى حميت وتلمظت وهم لا يدرون ما يريد ثم نصب ذراعيه ولدغته فمات مكانه وأعلموا بذلك النعمان فقال: سابقته في ميدان الموت فسبقني، أما والله لو كنت أصبت مثل هذا لأرحت نفسي منه به واروه، ثم مضى يأخذ البلدان ويتأدى إليه الخراج حتى أتى الفرات فعبره إلى أرمينية فأخذها وقتل من عانده من ملوكها ووجد فيها لوكاً شتى. ثم مضى فعبر قنطرة سنجة إلى أرض الشام فأباح من وجد فيها من الملوك، ثم قفل إلى البلد الحرام راجعاً فنزل بمكة فأصاب بها نفيلة بن مضاض الجرهمي وجرهم من قحطان وكان بها ملكاً بعد موت نابت بن إسماعيل فقدم بالبيت قدار بن إسماعيل وأمر نفيل بن مضاض بقصد مكة ورجع

ى غمدان ومات بها فكان عمره في الملك ثلاثمائة سنة.

قال وهب: وإن النعمان وهو المعافر بن يعفر مات فقال لبنيه وقومه: لا تضجعوني فينضجع ملككم ولكن ادفنوني قائماً فلا يزال ملككم قائماً.

قال أبو محمد: قال أسد بن موسى عن أبي إدريس إن في خلافة سليمان ابن عبد الملك بن مروان فتحت مغارة في اليمن فأصابوا فيها جوهراً كثيراً وذهباً وسلاحاً ووجدوا فيها مالاً جسيماً ووجدوا فيها سارية من رخام قائمة ختم رأسها بالرصاص فاعلم بذلك سليمان بن عبد الملك فأمر بقلع ذلك الرصاص فأصابوا في السارية شيخاً واقفاً وعلى رأسه لوح من ذهب فيه بالحميرية:

أنا المعافر بن يعفر بن مضر ... نسبي إلى ذي يمن مقر

أسمو بحر مضري حر ... من فتن بالبائع المحفز

باسق فرع وصميم سر

قال أبو محمد: لقيت الليث بن سعد وهو من أهل مصر وولاة المعافر، وذلك أن عمرو بن العاص افتتح بعسكر معافر في سبعين ألفاً لم يكن معهم أحد غيرهم خلا كلب في ألف رجل وبهرة في ألف رجل ومهرة في ألف رجل فزعم الليث أن الشعر منحول وذلك فعل بني أمية ينتصرون بهم لمضر.

قال وهب: حدثني كعب الأحبار قال سمعت أهل الكتب الأول والأخبار المتقدمون يقولون أن حمير في الأرض كالسراج المضيء في الليلة وإن الناس ليريدون هكذا وخفض يده ويريد الله بهم هذا: ورفع يده.

[ملك شداد بن عاد]

قال وهب: ثم استجمع أمر حمير وبني قحطان على شداد بن عاد ملطاط بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان.

قال وهب: لما ولي (شداد بن عاد) الملك جمع الجنود وكان امرءاً حازماً فسار

يدوس الأرض وبلغ أرمينية الكبرى فقتل فيها كل ثائر بها ثم عبر الفرات إلى المشرق فبلغ أقصاها لا أحد يقف له إلا هلك، ثم مضى على ساحل سمرقند إلى أرض التبت، ثم عطف على أرمينية فأمعن، ثم جاز إلى الشام وبلغ إلى المغرب فأكثر الآثار في المغرب حتى بلغ البحر المحيط يبني المدن ويتخذ المصانع فأقام في المغرب مائتي عام، ثم قفل إلى المشرق فأنف أن يدخل غمدان ومضى إلى مأرب فبنى به القصر العتيق الذي يسميه بعض الرواة (ارم بن العماد) فلم يدع باليمن دراً ولا جوهراً ولا عقيقاً ولا جزعاً ولا بأرض بابل وأرسل في الآفاق بجمع ذلك جواهر الدنيا من الذهب والفضة والحديد والقصدير والنحاس والرصاص، فبنى فيه وزخرفه ورصعه بجميع ذلك الجواهر وجعل أرضه رخاماً أبيض وأحمر وغير ذلك من الألوان وجعل تحتها أسراباً فاض إليها ماء السد فكان قصراً لم يبن في الدنيا مثله ثم مات شداد بن عاد بعد أن عمر خمسمائة عام فنقبت له مغارة في جبل شمام ودفن بها وجعل فيها جميع أمواله.

قصة المغارة التي فيها شداد بن عاد

والصعاليك الثلاثة حين دخلوها وما جرى عليهم

____74____





قديم 19-06-2023, 11:41 PM
  المشاركه #8
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 6,660
 



[quote=ملح+;47603276]( ___ نتابع معكم ياكرام------)





عمان دعا همدان فقال له: هذا الملك لك ولأصحابك فما رأيك في ذي رياش؟ قال له همدان: حبس بحبس لا عدوان فقبل منه وأحسن إليه وإلى أصحابه وأنشأ يقول:

إذا أنت عافرت الأمور بقدرة ... بلغت معالي الأقدمين الأقاول

فأما حمام النفس تلقاه عاجلاً ... وأما تراث الملك عن ملك وائل

فهل يدفع النعمان أمراً يريده ... وهل يتقي شر الذي غير نازل

إذا لم يكن بد من الموت حتمة ... فما تغن عني خافقات الجحافل

إذا لم يكن للمرء بد من التي ... تبذ الأماني عاجلاً أو بآجل

ويصبح في الأهلين يوماً جنازة ... ويلحق حتماً بالقرون الأوائل

علام يداري الدهر والدهر جائر ... ويرضى بظلم من يد المتطاول

ولكن نباني الملك في درج العلا ... كنجم اعوجاج من فنا الملك وائل

يفوز سعيداً أو يلاقي منية ... ويمسي على الدنيا بعيد المناهل

فما المرء للأيام تخلق نفسه ... وهل كانت إلا حيضة للقوابل

ألا أيها الراضي بأيسر خطة ... صبرت على خسف من الذل نازل

قيامك في الدنيا حياة لأهلها ... وصبرك عنها * غير طائل

إذا لم يكن للمرء عزم يزينه ... ولب يرى عيب القوي المخاتل

له سطوة تكسو العزيز مذلة ... وتهدي حتوفاً للنساء الحوامل

له علل تعلو النجوم وسطوة ... تصم فيخشى طرقها كل جاهل

وللموت خير من لباسك ذلة ... تجاذب مأسوراً صليل السلاسل

محلاً يراه الزائرون شماتة ... هواناً لمقدام العشيرة باسل


ال وهب: كانت حمير إذا لقي بعضها بعضاً يقولون: ما حال اليتيم يريدون بذلك النعمان بن يعفر فيقول بعضهم لبعض: أصبح اليتيم معافراً للملك وذلك لبيت قاله وهو:

إذا أنت عافرت الأمور بقدرة ... بلغت معالي الأقدمين المقاول

قال وهب: فسمى بذلك المعافر بن يعفر بن سكسك بن وائل بن حمير.

قال وهب: وإن المعافر بن يعفر سار يريد أرض بابا ولم يكن للتبابعة ملك أرض بابل هي من الأرض وينبوع الناس فسار النعمان وهو المعافر راجعاً وسار بذي رياش معه لئلا يفتق عليه من بعده فتقاً، فسار النعمان حتى أخذا أرض بابل توجه يريد خراسان حتى بلغ صحراء بر فنظر عامر ذو رياش إلى أفعى رقشاء قد خرجت إليه من تحت فرشه فمد يده فأخذ ذنبها والحرس ينظرون إليه فحركه فعركه حتى حميت وتلمظت وهم لا يدرون ما يريد ثم نصب ذراعيه ولدغته فمات مكانه وأعلموا بذلك النعمان فقال: سابقته في ميدان الموت فسبقني، أما والله لو كنت أصبت مثل هذا لأرحت نفسي منه به واروه، ثم مضى يأخذ البلدان ويتأدى إليه الخراج حتى أتى الفرات فعبره إلى أرمينية فأخذها وقتل من عانده من ملوكها ووجد فيها لوكاً شتى. ثم مضى فعبر قنطرة سنجة إلى أرض الشام فأباح من وجد فيها من الملوك، ثم قفل إلى البلد الحرام راجعاً فنزل بمكة فأصاب بها نفيلة بن مضاض الجرهمي وجرهم من قحطان وكان بها ملكاً بعد موت نابت بن إسماعيل فقدم بالبيت قدار بن إسماعيل وأمر نفيل بن مضاض بقصد مكة ورجع

ى غمدان ومات بها فكان عمره في الملك ثلاثمائة سنة.

قال وهب: وإن النعمان وهو المعافر بن يعفر مات فقال لبنيه وقومه: لا تضجعوني فينضجع ملككم ولكن ادفنوني قائماً فلا يزال ملككم قائماً.

قال أبو محمد: قال أسد بن موسى عن أبي إدريس إن في خلافة سليمان ابن عبد الملك بن مروان فتحت مغارة في اليمن فأصابوا فيها جوهراً كثيراً وذهباً وسلاحاً ووجدوا فيها مالاً جسيماً ووجدوا فيها سارية من رخام قائمة ختم رأسها بالرصاص فاعلم بذلك سليمان بن عبد الملك فأمر بقلع ذلك الرصاص فأصابوا في السارية شيخاً واقفاً وعلى رأسه لوح من ذهب فيه بالحميرية:

أنا المعافر بن يعفر بن مضر ... نسبي إلى ذي يمن مقر

أسمو بحر مضري حر ... من فتن بالبائع المحفز

باسق فرع وصميم سر

قال أبو محمد: لقيت الليث بن سعد وهو من أهل مصر وولاة المعافر، وذلك أن عمرو بن العاص افتتح بعسكر معافر في سبعين ألفاً لم يكن معهم أحد غيرهم خلا كلب في ألف رجل وبهرة في ألف رجل ومهرة في ألف رجل فزعم الليث أن الشعر منحول وذلك فعل بني أمية ينتصرون بهم لمضر.

قال وهب: حدثني كعب الأحبار قال سمعت أهل الكتب الأول والأخبار المتقدمون يقولون أن حمير في الأرض كالسراج المضيء في الليلة وإن الناس ليريدون هكذا وخفض يده ويريد الله بهم هذا: ورفع يده.

[ملك شداد بن عاد]

قال وهب: ثم استجمع أمر حمير وبني قحطان على شداد بن عاد ملطاط بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان.

قال وهب: لما ولي (شداد بن عاد) الملك جمع الجنود وكان امرءاً حازماً فسار

يدوس الأرض وبلغ أرمينية الكبرى فقتل فيها كل ثائر بها ثم عبر الفرات إلى المشرق فبلغ أقصاها لا أحد يقف له إلا هلك، ثم مضى على ساحل سمرقند إلى أرض التبت، ثم عطف على أرمينية فأمعن، ثم جاز إلى الشام وبلغ إلى المغرب فأكثر الآثار في المغرب حتى بلغ البحر المحيط يبني المدن ويتخذ المصانع فأقام في المغرب مائتي عام، ثم قفل إلى المشرق فأنف أن يدخل غمدان ومضى إلى مأرب فبنى به القصر العتيق الذي يسميه بعض الرواة (ارم بن العماد) فلم يدع باليمن دراً ولا جوهراً ولا عقيقاً ولا جزعاً ولا بأرض بابل وأرسل في الآفاق بجمع ذلك جواهر الدنيا من الذهب والفضة والحديد والقصدير والنحاس والرصاص، فبنى فيه وزخرفه ورصعه بجميع ذلك الجواهر وجعل أرضه رخاماً أبيض وأحمر وغير ذلك من الألوان وجعل تحتها أسراباً فاض إليها ماء السد فكان قصراً لم يبن في الدنيا مثله ثم مات شداد بن عاد بعد أن عمر خمسمائة عام فنقبت له مغارة في جبل شمام ودفن بها وجعل فيها جميع أمواله.

قصة المغارة التي فيها شداد بن عاد

والصعاليك الثلاثة حين دخلوها وما جرى عليهم



تكمله -- حياكم الله




قال وهب: قال أبو محمد عبد الملك بن هشام، حدثنا زياد بن عبد الملك البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي عن عبيد بن شرية الجرهمي قال: حدثنا شيخ من أهل اليمن بصنعاء عام الردة وكان معمراً عالماً بملوك حمير وأمورها قال لنا: كان باليمن رجل من عاد بن قحطان وهو عاد الأصغر وأما عاد الأكبر فلم يبق منهم أحد. قال الله تعالى: {فهل ترى لهم من باقية} وإن هذا الرجل العادي كان يقال له الهميسع بن بكر وكان جسوراً لا يهاب أمراً وكان يعرف بذلك، وكانت الصعاليك تقصده من آفاق الأرض، وكان أكثر طلبه المغارات يطلبها في جبال اليمن وعمان والبحرين وأنه آتاه رجل فاتك من عبس وآخر من خزاعة وكانا

صعلوكين جسورين فقالا له: يا هميسع احملنا من أمرك على ما تريده فانا نبلغ مرادك، فمضى معهما الهمسيع حتى أتى بهما جبلاً وعليه غابة فيها ثعابين لا ترام الهميسع أمام الصعلوكين قد أتى الجبل مراراً وحده وكان إذا عاين الثعابين يجزع فيرجع فلما آتاه الصعلوكان جسر بهما وقال: الق رأسك بين اثنين ولو غم إلى الأذنين ثم أخذ سيفه وزناده ومشاعله وزاده وسار بهما حتى وصل إلى الجبل ولم يزل يترايا لهم الثعابين وتهرب حتى بلغ باب كهف عظيم وكأن الجبال على أكتافهم عظماً وثقلاً، ودخلت قلوبهم وحشة عظيمة وسمعوا من داخل الكهف دوياً عظيماً وخيمنة وعلى بابا الكهف نقش بالحميري فقالا له: اقرأ يا ميسع فقرأه فإذا هو مكتوب هذين البيتين:

لا يدخل البيت إلا ذو مخاطرة ... أو جاهل بدخول الكهف مغرور

إن الذي عنده الآجال حاضرة ... موكل بالذي يغشاه مأمور

فغاب الخوف والجزع على الخزاعي في أول أمره ثم أن الجزع أيضاً على العبسي فاستدرك نفسه العبسي وثبت فقال الخزاعي: يا هميسع قد عاش في الدنيا كثير ممن لم تبلغ نفسه هذا المبلغ - ثم ولى العبسي عن صاحبه


باً. فقال الهميسع: نمضي في هذا الكهف أم لا؟ فقال له: نعم. فسارا في الكهف حيناً، فإذا حيات يصفرن عن يمين وشمال ورياح تجري عليهما من داخل الكهف، وسمعا دوياً من داخل الكهف، فقال العبسي: لقد حملت نفسك على مكروه يا هميسع أعلى يقين أنت من هذا الكهف؟ فقال له الهميسع: ما تيقنت إلا ما رأته عيني، والرجاء فقال له: افعلي شك أنت هارش الثعابين وأبيع مهجتي ببخس يا هميسع لقد بعت نفسك من دهرك أبخس ثمن وهميسع في ذلك لا يلوي إلى كلامه وهو يسير داخل الكهف حتى وقف به على بابا آخر أعظم من الباب الأول وأهول وأشد وحشة وزاد عليهم الدوى والحسيس والهينمة وعلى ذلك الباب بالخط الحميري. فقال له

العبسي: اقرأ يا ميسع! فقرأه فإذا هو:

انظر لرحلك لا يساق فإنه ... حتم الحمام إلى العرين يساق

يا ساكني جبلي شمام لعله ... يوفي بما أجنبتما الميثاق

قوموا إلى الإنسي أن محله ... يدعو إلى يوم الفراق فراق

قال: فولى العبسي هارباً عنه وناداه الهميسع فلم يلتفت إليه، وولى وهو يوقل: قاتل الله أخا عاد ما أجسره! قال: فهم الهميسع أن يفر ثم حمل نفسه على الأصعب ومضى حتى بلغ إلى باب هو أعظم هولاً وأشد وحشة وعليه نقش بالقلم الحميري فقرأه الهميسع فإذا فيه مكتوب:

قد كان فيما قد مضى واعظ ... لنفسك البينة المسمعه

إن جهل الجاهل ما قد آتى ... وكان حيناً قلبه في دعه

فدخل الباب الثالث فسمع دوياً عظيماً كالرعد وهده عظيماً، فبينما


كذلك إذ برز إليه تنين أحمر العينين فاتح فاه فلما رآه الهمسيع رجع هارباً إلى خلفه، فسكن حس التيني فوقف العادي وقال في نفسه: قدر رآني ولو كان حيواناً لم يدعني وما هو إلا طلسم فرجع له ثانية حتى ظهر له، فسار نحوه فسمع له دوياً عظيماً فهرب فأقبل يسمع الدوى فإذا هو في رجوع التنين كما قاله في إدباره فعلم إنه طلسم فأخذ حذره من صدمته وأقبل يمشي قليلاً قليلا ويخفف وطأ قدميه حتى وضع قدمه في موضع فتحرك التنين ودوى، فأخذ قدوماً كان معه فحفر على الموضع حتى ظهرت له سلاسل على بكرات. فأجنه الليل فأسرع الخروج من الكهف وجمع حطباً من الغيضة وأضرمها ناراً وبات عند بابا الكهف، فلما غشيه ظلام الليل سمع بكاء وحنيناً داخل الكهف فلم يزل ينظر ويرتقب وينظر حتى نظر إلى نار عظيمة خارجة إليه من داخل الكهف، فلما رآها لم يبرح من موضعه حتى غشيته فصبر لها فلم تؤلم فيه شيئاً ثم أتته أخرى ثانية أكبر من الأولى فصبر لها

كذلك، فلما مالت عنه أخذ مقياس النيران التي أضرمها وأقبل يضرب بها حيطان الكهف يميناً وشمالاً حتى سمع نداء من داخل الكهف يهتف: يا هميسع لا حاجة لنا في دخولك. فأقام حتى أصبح فدخل باب الكهف إلى أن وصل إلى البابا الذي رأى فيه التنين، ثم حفر على بقية حد التنين حتى قلعه وسقط التنين، فسار إليه فقلع عينيه فإذا هما ياقوتتان حمراوان لا قيمة لهما، وسار حتى انتهى إلى بابا هو أعظم هولا وأشد وحشة فلما هم أن يفتحه سمع دوياً عظيماً وبدا له أسد عظيم فرجع أيضاً إلى خلفه فرجع عنه الأسد بدوي عظيم فحفر على موضع حركته كما صنع بالتنين حتى أبطل حركته وقلع عينيه فإذا هما ياقوتتان حمراوان لا قيمة لهما، ثم دخل الباب فإذا هو بدار عظيمة وفيها بيت في وسطه سرير من ذهب شيخ على رأسه لوح


ب معلق وسقف البيت مرصع بأصناف اليواقيت وعلى رأسه في الحائط لوح من ذهب فيه مكتوب (أنا شداد بن عاد عشت خمس مائة عام وافتضضت فيها ألف بكر وقتلت ألف مبارز وركبت ألف جواد من عتاق الخيل) وتحته مكتوب:

من ذاك يا شداد عاد أصبحت ... آماله مهزومة الأقدام

يا من رآني إنني لك عبرة ... من بعد ملك الدهر والأعوام

فكأنني ضيف ترحل مسرعاً ... وكأنني حلم من الأحلام

احذر تصاريف الزمان وريبه ... لا تأمنن حوادث الأيام

هلا يضرك من كلامي مرة ... يا ساكن الغيضات والآجام

قال ثم ملت إلى الركن الذي عن يمينه فإذا هو سرير من ذهب وعليه جاريتان فوق رأسهما في الحائط لوح من ذهب أو قال من عاج فيه مكتوب (أنا حية وهذه لبة بنت شداد بن عاد أتت إلينا أزمان فيها الطارف والتليد على عبيدنا صاعاً من بربصاع من در فلم نجده - فمن رآنا فلا يثق بالزمان وليكن على بيان فإنه

يحدث العز والهوان) - قال فأخذ الهميسع الألواح وما بالبيت من در وجوهر وياقوت وخرج.

[ملك لقمان بن عاد]

قال وهب: فلما مات شداد بن عاد صار الأمر إلى أخيه لقمان بن عاد وكان أعطى الله لقمان ما لم يعط غيره من الناس في زمانه أعطاه حاسة مائة رجل وكان طويلاً لا يقاربه أهل زمانه.


-78-




قديم 08-07-2023, 10:11 AM
  المشاركه #9
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 6,660
 



[quote=ملح+;47629507]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملح+
( ___ نتابع معكم ياكرام------)





عمان دعا همدان فقال له: هذا الملك لك ولأصحابك فما رأيك في ذي رياش؟ قال له همدان: حبس بحبس لا عدوان فقبل منه وأحسن إليه وإلى أصحابه وأنشأ يقول:

إذا أنت عافرت الأمور بقدرة ... بلغت معالي الأقدمين الأقاول

فأما حمام النفس تلقاه عاجلاً ... وأما تراث الملك عن ملك وائل

فهل يدفع النعمان أمراً يريده ... وهل يتقي شر الذي غير نازل

إذا لم يكن بد من الموت حتمة ... فما تغن عني خافقات الجحافل

إذا لم يكن للمرء بد من التي ... تبذ الأماني عاجلاً أو بآجل

ويصبح في الأهلين يوماً جنازة ... ويلحق حتماً بالقرون الأوائل

علام يداري الدهر والدهر جائر ... ويرضى بظلم من يد المتطاول

ولكن نباني الملك في درج العلا ... كنجم اعوجاج من فنا الملك وائل

يفوز سعيداً أو يلاقي منية ... ويمسي على الدنيا بعيد المناهل

فما المرء للأيام تخلق نفسه ... وهل كانت إلا حيضة للقوابل

ألا أيها الراضي بأيسر خطة ... صبرت على خسف من الذل نازل

قيامك في الدنيا حياة لأهلها ... وصبرك عنها * غير طائل

إذا لم يكن للمرء عزم يزينه ... ولب يرى عيب القوي المخاتل

له سطوة تكسو العزيز مذلة ... وتهدي حتوفاً للنساء الحوامل

له علل تعلو النجوم وسطوة ... تصم فيخشى طرقها كل جاهل

وللموت خير من لباسك ذلة ... تجاذب مأسوراً صليل السلاسل

محلاً يراه الزائرون شماتة ... هواناً لمقدام العشيرة باسل


ال وهب: كانت حمير إذا لقي بعضها بعضاً يقولون: ما حال اليتيم يريدون بذلك النعمان بن يعفر فيقول بعضهم لبعض: أصبح اليتيم معافراً للملك وذلك لبيت قاله وهو:

إذا أنت عافرت الأمور بقدرة ... بلغت معالي الأقدمين المقاول

قال وهب: فسمى بذلك المعافر بن يعفر بن سكسك بن وائل بن حمير.

قال وهب: وإن المعافر بن يعفر سار يريد أرض بابا ولم يكن للتبابعة ملك أرض بابل هي من الأرض وينبوع الناس فسار النعمان وهو المعافر راجعاً وسار بذي رياش معه لئلا يفتق عليه من بعده فتقاً، فسار النعمان حتى أخذا أرض بابل توجه يريد خراسان حتى بلغ صحراء بر فنظر عامر ذو رياش إلى أفعى رقشاء قد خرجت إليه من تحت فرشه فمد يده فأخذ ذنبها والحرس ينظرون إليه فحركه فعركه حتى حميت وتلمظت وهم لا يدرون ما يريد ثم نصب ذراعيه ولدغته فمات مكانه وأعلموا بذلك النعمان فقال: سابقته في ميدان الموت فسبقني، أما والله لو كنت أصبت مثل هذا لأرحت نفسي منه به واروه، ثم مضى يأخذ البلدان ويتأدى إليه الخراج حتى أتى الفرات فعبره إلى أرمينية فأخذها وقتل من عانده من ملوكها ووجد فيها لوكاً شتى. ثم مضى فعبر قنطرة سنجة إلى أرض الشام فأباح من وجد فيها من الملوك، ثم قفل إلى البلد الحرام راجعاً فنزل بمكة فأصاب بها نفيلة بن مضاض الجرهمي وجرهم من قحطان وكان بها ملكاً بعد موت نابت بن إسماعيل فقدم بالبيت قدار بن إسماعيل وأمر نفيل بن مضاض بقصد مكة ورجع

ى غمدان ومات بها فكان عمره في الملك ثلاثمائة سنة.

قال وهب: وإن النعمان وهو المعافر بن يعفر مات فقال لبنيه وقومه: لا تضجعوني فينضجع ملككم ولكن ادفنوني قائماً فلا يزال ملككم قائماً.

قال أبو محمد: قال أسد بن موسى عن أبي إدريس إن في خلافة سليمان ابن عبد الملك بن مروان فتحت مغارة في اليمن فأصابوا فيها جوهراً كثيراً وذهباً وسلاحاً ووجدوا فيها مالاً جسيماً ووجدوا فيها سارية من رخام قائمة ختم رأسها بالرصاص فاعلم بذلك سليمان بن عبد الملك فأمر بقلع ذلك الرصاص فأصابوا في السارية شيخاً واقفاً وعلى رأسه لوح من ذهب فيه بالحميرية:

أنا المعافر بن يعفر بن مضر ... نسبي إلى ذي يمن مقر

أسمو بحر مضري حر ... من فتن بالبائع المحفز

باسق فرع وصميم سر

قال أبو محمد: لقيت الليث بن سعد وهو من أهل مصر وولاة المعافر، وذلك أن عمرو بن العاص افتتح بعسكر معافر في سبعين ألفاً لم يكن معهم أحد غيرهم خلا كلب في ألف رجل وبهرة في ألف رجل ومهرة في ألف رجل فزعم الليث أن الشعر منحول وذلك فعل بني أمية ينتصرون بهم لمضر.

قال وهب: حدثني كعب الأحبار قال سمعت أهل الكتب الأول والأخبار المتقدمون يقولون أن حمير في الأرض كالسراج المضيء في الليلة وإن الناس ليريدون هكذا وخفض يده ويريد الله بهم هذا: ورفع يده.

[ملك شداد بن عاد]

قال وهب: ثم استجمع أمر حمير وبني قحطان على شداد بن عاد ملطاط بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان.

قال وهب: لما ولي (شداد بن عاد) الملك جمع الجنود وكان امرءاً حازماً فسار

يدوس الأرض وبلغ أرمينية الكبرى فقتل فيها كل ثائر بها ثم عبر الفرات إلى المشرق فبلغ أقصاها لا أحد يقف له إلا هلك، ثم مضى على ساحل سمرقند إلى أرض التبت، ثم عطف على أرمينية فأمعن، ثم جاز إلى الشام وبلغ إلى المغرب فأكثر الآثار في المغرب حتى بلغ البحر المحيط يبني المدن ويتخذ المصانع فأقام في المغرب مائتي عام، ثم قفل إلى المشرق فأنف أن يدخل غمدان ومضى إلى مأرب فبنى به القصر العتيق الذي يسميه بعض الرواة (ارم بن العماد) فلم يدع باليمن دراً ولا جوهراً ولا عقيقاً ولا جزعاً ولا بأرض بابل وأرسل في الآفاق بجمع ذلك جواهر الدنيا من الذهب والفضة والحديد والقصدير والنحاس والرصاص، فبنى فيه وزخرفه ورصعه بجميع ذلك الجواهر وجعل أرضه رخاماً أبيض وأحمر وغير ذلك من الألوان وجعل تحتها أسراباً فاض إليها ماء السد فكان قصراً لم يبن في الدنيا مثله ثم مات شداد بن عاد بعد أن عمر خمسمائة عام فنقبت له مغارة في جبل شمام ودفن بها وجعل فيها جميع أمواله.

قصة المغارة التي فيها شداد بن عاد

والصعاليك الثلاثة حين دخلوها وما جرى عليهم



تكمله -- حياكم الله




قال وهب: قال أبو محمد عبد الملك بن هشام، حدثنا زياد بن عبد الملك البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي عن عبيد بن شرية الجرهمي قال: حدثنا شيخ من أهل اليمن بصنعاء عام الردة وكان معمراً عالماً بملوك حمير وأمورها قال لنا: كان باليمن رجل من عاد بن قحطان وهو عاد الأصغر وأما عاد الأكبر فلم يبق منهم أحد. قال الله تعالى: {فهل ترى لهم من باقية} وإن هذا الرجل العادي كان يقال له الهميسع بن بكر وكان جسوراً لا يهاب أمراً وكان يعرف بذلك، وكانت الصعاليك تقصده من آفاق الأرض، وكان أكثر طلبه المغارات يطلبها في جبال اليمن وعمان والبحرين وأنه آتاه رجل فاتك من عبس وآخر من خزاعة وكانا

صعلوكين جسورين فقالا له: يا هميسع احملنا من أمرك على ما تريده فانا نبلغ مرادك، فمضى معهما الهمسيع حتى أتى بهما جبلاً وعليه غابة فيها ثعابين لا ترام الهميسع أمام الصعلوكين قد أتى الجبل مراراً وحده وكان إذا عاين الثعابين يجزع فيرجع فلما آتاه الصعلوكان جسر بهما وقال: الق رأسك بين اثنين ولو غم إلى الأذنين ثم أخذ سيفه وزناده ومشاعله وزاده وسار بهما حتى وصل إلى الجبل ولم يزل يترايا لهم الثعابين وتهرب حتى بلغ باب كهف عظيم وكأن الجبال على أكتافهم عظماً وثقلاً، ودخلت قلوبهم وحشة عظيمة وسمعوا من داخل الكهف دوياً عظيماً وخيمنة وعلى بابا الكهف نقش بالحميري فقالا له: اقرأ يا ميسع فقرأه فإذا هو مكتوب هذين البيتين:

لا يدخل البيت إلا ذو مخاطرة ... أو جاهل بدخول الكهف مغرور

إن الذي عنده الآجال حاضرة ... موكل بالذي يغشاه مأمور

فغاب الخوف والجزع على الخزاعي في أول أمره ثم أن الجزع أيضاً على العبسي فاستدرك نفسه العبسي وثبت فقال الخزاعي: يا هميسع قد عاش في الدنيا كثير ممن لم تبلغ نفسه هذا المبلغ - ثم ولى العبسي عن صاحبه


باً. فقال الهميسع: نمضي في هذا الكهف أم لا؟ فقال له: نعم. فسارا في الكهف حيناً، فإذا حيات يصفرن عن يمين وشمال ورياح تجري عليهما من داخل الكهف، وسمعا دوياً من داخل الكهف، فقال العبسي: لقد حملت نفسك على مكروه يا هميسع أعلى يقين أنت من هذا الكهف؟ فقال له الهميسع: ما تيقنت إلا ما رأته عيني، والرجاء فقال له: افعلي شك أنت هارش الثعابين وأبيع مهجتي ببخس يا هميسع لقد بعت نفسك من دهرك أبخس ثمن وهميسع في ذلك لا يلوي إلى كلامه وهو يسير داخل الكهف حتى وقف به على بابا آخر أعظم من الباب الأول وأهول وأشد وحشة وزاد عليهم الدوى والحسيس والهينمة وعلى ذلك الباب بالخط الحميري. فقال له

العبسي: اقرأ يا ميسع! فقرأه فإذا هو:

انظر لرحلك لا يساق فإنه ... حتم الحمام إلى العرين يساق

يا ساكني جبلي شمام لعله ... يوفي بما أجنبتما الميثاق

قوموا إلى الإنسي أن محله ... يدعو إلى يوم الفراق فراق

قال: فولى العبسي هارباً عنه وناداه الهميسع فلم يلتفت إليه، وولى وهو يوقل: قاتل الله أخا عاد ما أجسره! قال: فهم الهميسع أن يفر ثم حمل نفسه على الأصعب ومضى حتى بلغ إلى باب هو أعظم هولاً وأشد وحشة وعليه نقش بالقلم الحميري فقرأه الهميسع فإذا فيه مكتوب:

قد كان فيما قد مضى واعظ ... لنفسك البينة المسمعه

إن جهل الجاهل ما قد آتى ... وكان حيناً قلبه في دعه

فدخل الباب الثالث فسمع دوياً عظيماً كالرعد وهده عظيماً، فبينما


كذلك إذ برز إليه تنين أحمر العينين فاتح فاه فلما رآه الهمسيع رجع هارباً إلى خلفه، فسكن حس التيني فوقف العادي وقال في نفسه: قدر رآني ولو كان حيواناً لم يدعني وما هو إلا طلسم فرجع له ثانية حتى ظهر له، فسار نحوه فسمع له دوياً عظيماً فهرب فأقبل يسمع الدوى فإذا هو في رجوع التنين كما قاله في إدباره فعلم إنه طلسم فأخذ حذره من صدمته وأقبل يمشي قليلاً قليلا ويخفف وطأ قدميه حتى وضع قدمه في موضع فتحرك التنين ودوى، فأخذ قدوماً كان معه فحفر على الموضع حتى ظهرت له سلاسل على بكرات. فأجنه الليل فأسرع الخروج من الكهف وجمع حطباً من الغيضة وأضرمها ناراً وبات عند بابا الكهف، فلما غشيه ظلام الليل سمع بكاء وحنيناً داخل الكهف فلم يزل ينظر ويرتقب وينظر حتى نظر إلى نار عظيمة خارجة إليه من داخل الكهف، فلما رآها لم يبرح من موضعه حتى غشيته فصبر لها فلم تؤلم فيه شيئاً ثم أتته أخرى ثانية أكبر من الأولى فصبر لها

كذلك، فلما مالت عنه أخذ مقياس النيران التي أضرمها وأقبل يضرب بها حيطان الكهف يميناً وشمالاً حتى سمع نداء من داخل الكهف يهتف: يا هميسع لا حاجة لنا في دخولك. فأقام حتى أصبح فدخل باب الكهف إلى أن وصل إلى البابا الذي رأى فيه التنين، ثم حفر على بقية حد التنين حتى قلعه وسقط التنين، فسار إليه فقلع عينيه فإذا هما ياقوتتان حمراوان لا قيمة لهما، وسار حتى انتهى إلى بابا هو أعظم هولا وأشد وحشة فلما هم أن يفتحه سمع دوياً عظيماً وبدا له أسد عظيم فرجع أيضاً إلى خلفه فرجع عنه الأسد بدوي عظيم فحفر على موضع حركته كما صنع بالتنين حتى أبطل حركته وقلع عينيه فإذا هما ياقوتتان حمراوان لا قيمة لهما، ثم دخل الباب فإذا هو بدار عظيمة وفيها بيت في وسطه سرير من ذهب شيخ على رأسه لوح


ب معلق وسقف البيت مرصع بأصناف اليواقيت وعلى رأسه في الحائط لوح من ذهب فيه مكتوب (أنا شداد بن عاد عشت خمس مائة عام وافتضضت فيها ألف بكر وقتلت ألف مبارز وركبت ألف جواد من عتاق الخيل) وتحته مكتوب:

من ذاك يا شداد عاد أصبحت ... آماله مهزومة الأقدام

يا من رآني إنني لك عبرة ... من بعد ملك الدهر والأعوام

فكأنني ضيف ترحل مسرعاً ... وكأنني حلم من الأحلام

احذر تصاريف الزمان وريبه ... لا تأمنن حوادث الأيام

هلا يضرك من كلامي مرة ... يا ساكن الغيضات والآجام

قال ثم ملت إلى الركن الذي عن يمينه فإذا هو سرير من ذهب وعليه جاريتان فوق رأسهما في الحائط لوح من ذهب أو قال من عاج فيه مكتوب (أنا حية وهذه لبة بنت شداد بن عاد أتت إلينا أزمان فيها الطارف والتليد على عبيدنا صاعاً من بربصاع من در فلم نجده - فمن رآنا فلا يثق بالزمان وليكن على بيان فإنه

يحدث العز والهوان) - قال فأخذ الهميسع الألواح وما بالبيت من در وجوهر وياقوت وخرج.

[ملك لقمان بن عاد]

قال وهب: فلما مات شداد بن عاد صار الأمر إلى أخيه لقمان بن عاد وكان أعطى الله لقمان ما لم يعط غيره من الناس في زمانه أعطاه حاسة مائة رجل وكان طويلاً لا يقاربه أهل زمانه.


-78-

( نتابع )




أبو محمد: أن ذلك الكتاب لمكتوب فيها اليوم - قال: وإن الرائش ذا مراثد رجع إلى اليمن ونزل غمدان ومات، فكان عمره في الملك مائة عام وخمسة وأربعين عاماً، والله أعلم.

[ملك الصعب ذي القرنين]

وولي بعده ابنه الصعب ذو القرنين بن الحارث الرائش ذي مراثد بن عمرو الهمال

ذي مناح بن عاد ذي شدد بن عامر بن الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام ابن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام.

قال وهب: رفع الحديث إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إنه قال (حدثوا عن حمير فإن في أحاديثها عبراً).

قال وهب: وولي الملك الصعب ذو القرنين بن الحارث الرائش ذي مراثد بن عمرو الهمال ذي مناح بن عاد ذي شدد تجبراً لم يكن في التبابعة متجبر مثله ولا أعظم سلطاناً ولا أشد سطوة وكان له عرش من ذهب صامت مرصع بالدر والياقوت والزمرد والزبرجد، وكان يلبس ثياباً منسوجة من الذهب منظومة دراً وياقوتاً وكان عظيم الحجابة. قال: فبينما هو في ذلك المكان إذ رأى رؤيا كأن آتياً آتاه فأخذ بيده وسار به حتى رقي به جبلاً عظيماً منيفاً لا يسلك فيه سائر من هول ما رأى إذا شرف على جهنم وهي تحته تزف وأمواجها تلتطم وفيها قوم سوط تتخطفهم النيران من كل جانب. فقال له الصعب: من هؤلاء؟ قال له: الجبابرة فاخلع يا صعب رداء الكبر وتواضع لله يعطك عزاً أعظم من عزك وهيبة أجل من هيبة الكبر وعزاً أعظم من عز



---- 91 ---




قديم 08-07-2023, 10:22 AM
  المشاركه #10
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 6,660
 



[QUOTE=ملح+;47692337][quote=ملح+;47629507]


( نتابع )




أبو محمد: أن ذلك الكتاب لمكتوب فيها اليوم - قال: وإن الرائش ذا مراثد رجع إلى اليمن ونزل غمدان ومات، فكان عمره في الملك مائة عام وخمسة وأربعين عاماً، والله أعلم.

[ملك الصعب ذي القرنين]

وولي بعده ابنه الصعب ذو القرنين بن الحارث الرائش ذي مراثد بن عمرو الهمال

ذي مناح بن عاد ذي شدد بن عامر بن الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام ابن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام.

قال وهب: رفع الحديث إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إنه قال (حدثوا عن حمير فإن في أحاديثها عبراً).

قال وهب: وولي الملك الصعب ذو القرنين بن الحارث الرائش ذي مراثد بن عمرو الهمال ذي مناح بن عاد ذي شدد تجبراً لم يكن في التبابعة متجبر مثله ولا أعظم سلطاناً ولا أشد سطوة وكان له عرش من ذهب صامت مرصع بالدر والياقوت والزمرد والزبرجد، وكان يلبس ثياباً منسوجة من الذهب منظومة دراً وياقوتاً وكان عظيم الحجابة. قال: فبينما هو في ذلك المكان إذ رأى رؤيا كأن آتياً آتاه فأخذ بيده وسار به حتى رقي به جبلاً عظيماً منيفاً لا يسلك فيه سائر من هول ما رأى إذا شرف على جهنم وهي تحته تزف وأمواجها تلتطم وفيها قوم سوط تتخطفهم النيران من كل جانب. فقال له الصعب: من هؤلاء؟ قال له: الجبابرة فاخلع يا صعب رداء الكبر وتواضع لله يعطك عزاً أعظم من عزك وهيبة أجل من هيبة الكبر وعزاً أعظم من عز







لملك فاختر لنفسك أي المقامين أحب إليك. قال: فلما أصبح برز للناس بعد الحجابة وتواضع وانبسط بعد العز والقسوة وجلس بين الناس ودخل قلبه وحشة خوفاً من الله ثم أمر بالعرش فاخرج، ثم قال: أيها الناس اهتكوا ولكل يد ما أخذت فهتك العرش وانتبه الناس ثم رمى بثوبه فتخطفه الناس، ثم قال: أيها الناس إن الله الجبار يبغض الجبارين، قهر الموت من ادعى إنه ندره وأذل الملك من ادعى إنه ضده واستأثر بالبقاء بعد ذهابه الإملاء.

قال وهب: ثم إنه رأى في الليلة الثانية كأنه نصب له سلم إلى السماء ورقى عليه،

فلم يزل يرقى حتى بلغ إلى السماء فسل سيفه ثم علقه مصلتاً إلى الثريا ثم أخذ بيده اليمنى الشمس وأخذ القمر بيده اليسرى ثم سار بهما وتبعته الدراري والنجوم، ثم نزل بهما إلى الأرض، فلم يزل يمشي بهما وتبعته النجوم في الأرض، فأفاق. فلما أصبح خرج إلى الناس هائماً لا يدري ما هو فيه فاستنكر الناس أمره.

قال وهب: ولما كانت الليلة الثالثة رأى كأنه جاع جوعاً شديداً وظهر إلى الأرض فصارت له غذاء فأقبل عليها يأكلها جبلاً وأرضاً حتى أتى عليها كلها، ثم عطش فأقبل على البحار يشربها بحراً بحرا حتى أتى على السبعة الأبحر، ثم أقبل على المحيط يشربه فلما أمعن فيه إذا هو بطين وحمأة سوداء لم تسغ له بما آتاه فترك ثم أفاق من نومه فلما أصبح هام وحار فيما رأى وغاب عن الناس لما به. فقال الناس: يوماً يظهر ويوماً يحتجب.

قال وهب: فلما نام في الليلة الرابعة رأى كأن الأنس والجن آتوه من

92





قديم 08-07-2023, 11:14 AM
  المشاركه #11
عضو هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 18,721
 



خلنا من لقمان

الزنا من الفواحش المحرمة عند الله
قال تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ )

لايوجد رجم في القران الكريم







الكلمات الدلالية (Tags)

لقمان

,

إإختلفت

,

وقيل

,

الاقوال

,

الزاني

,

حوله

,

صالحا

,

عبدا



أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



10:32 AM