أخوي بعد البحث والتحري وجدت هذا الموضوع ربما يفيدك في موقع الجزيرة الاقتصادي
هل يمكن للبنان الاستفادة من احتياطي الذهب لحل أزمته؟
بينما يغرق لبنان حاليا في تقلبات حادة في سعر صرف الدولار (بين ما هو أقل وأكثر من 30 ألف ليرة)، وما يرشح عنها من انهيارات بمختلف القطاعات، وقع لبنان اتفاقا على مستوى الموظفين فقط مع صندوق النقد الدولي لوضعه على سكة الإنقاذ.
وإذا استكملت المفاوضات وتكللت بالنجاح، رغم تشكيك خبراء في ذلك، فإن التقديرات ترجح إمكانية حصول لبنان على نحو 4 مليارات دولار (أي ربع قيمة احتياطي الذهب) مقابل تنفيذ شروط صارمة أبرزها: تحرير وتوحيد سعر صرف الدولار، والاعتراف بالخسائر المالية وإعادة هيكلة النظام المصرفي والقطاع العام، وتوزيع الخسائر بعدالة بين الأطراف المعنية، وضبط العجز والتقشف في الموازنة العامة، وتوفير شبكات حماية اجتماعية.
وفي الآونة الأخيرة، تعالت الأصوات المطالبة بضرورة التعامل مع احتياطي المركزي، والذهب ضمنا، كآخر ذخيزة متبقية، في حين يجد آخرون ألا جدوى من تمويل دولة تشكو من الهدر والإفلاس والفساد بلا خطة إصلاح شاملة.
وهنا، يحذر جورج قرم من مخاطر استخدام الذهب نظرا لرمزيته لبنانيا وعالميا وفي ظل عدم الثقة في القائمين على السلطات التشريعية والتنفيذية والنقدية، وقال إن الذهب هو نقطة القوة الوحيدة التي يملكها لبنان في أزمته، وأي عملية لرهنه أو بيعه تعني انهيارا شاملا.
ويعتقد أن أي إنقاذ "يجب أن يبدأ بلجنة تحقيق تدقق في حسابات المركزي وكل موجوداته، وعبر تغيير حاكمه رياض سلامة، الذي يستمر في وظيفته منذ 30 عاما". ويعتبر الوزير الأسبق أن اللجوء إلى الذهب هروب ممنهج من لبّ أزمة النظام النقدي "غير العقلاني".
ولفت إلى أن "المركزي كرّس على مدار عقود سعر صرف ثابتا (1507 ليرات مقابل الدولار) أدى إلى كارثة مالية ونقدية عبر الانتحار النقدي البطيء، في حين كان العالم يعتمد أنظمة سعر صرف عائمة، وهو ما يبرر فرادة النموذج اللبناني بأزمته المالية".
بيروت تمتلك ثروة من احتياطي الذهب هي جزء من أصول الدولة، يخزن بعضها في مصرف لبنان المركزي (رويترز)
كيف يمكن استخدام الذهب؟
وتوازيا، تطرح فيفيان عقيقي تساؤلات عن أماكن تخزين ذهب لبنان، وتخشى رهنه وحجزه إلى حين سداد سندات اليوروبندز كاملة، في وقت يمكن فيه النهوض بلبنان عبر تسييل جزء منه في مشاريع استثمارية منتجة.
وترى أن تأييد التصرف بالذهب في الأزمة يرافقه حذر شديد بكيفية تفسير ذلك من قبل النخبة الحاكمة، وقالت إن الذهب عبارة عن أصول مادية قيمة، و"وضعها بلا تصرف لا معنى له، علما أن عدم التصرف فيها سابقا كان له معنى لحمايتها، وتاليا أي مساس بالذهب يرتبط بما سنستعمله".
وتعتبر عقيقي أن استخدام الذهب "يجب أن يكون لتمويل قطاعات إنتاجية زراعية وصناعية وبنى تحتية، لا لتثبيت سعر الصرف أو تعويض الدائنين والمصارف، ويجب أن يكون في خدمة كل الأجيال الحالية والآتية، وبناء على رؤية وتصور للدولة، لا للتفريط به كما فرطوا بأموال المودعين".
وتدعو عقيقي للتفكير بكيفية رسملة مصرف لبنان، لأن السياسات النقدية التي يقوم بها هي أداة أساسية في توجيه الاقتصاد، في حين أن "ممارساته باللعب بالفائدة وطبع العملة لم تكن لخدمة المجتمع اللبناني، بل لخدمة أرباب المصارف ومراكمة أرباحها".
من جانبها، تذكر سابين الكيك أن التصرف بالذهب لا يتعلق بإرادة لبنان واللبنانيين وحدهم، بل هو رهن قرار مشترك مع جهات خارجية، وفي طليعتها واشنطن وصندوق النقد الدولي والدول القادرة على شرائه وتحمل عمليات نقله، مذكرة أن عددا من الدول مثل ألمانيا واجهت مصاعب كبيرة لاسترجاع ذهبها المحفوظ في أميركا.
وقالت إن نقل الذهب يستوجب إجراءات معقدة مرتبطة بالأطراف المعنية به وليس بالدولة التي تملكه فحسب، وأن خيار رهنه أهون من خيار بيعه، لأنه يكون بمثابة كفالة لا تتطلب نقله.
وترى أن إثارة ملف الذهب تشغل الرأي العام اللبناني بما هو غير منطقي للتحقق بالمدى المنظور، وأن مشكلة لبنان هي فقدان الثقة في نظامه المالي، والحل في تشغيل العجلة الاقتصادية وهيكلة القطاع المصرفي وإعادة إنعاشه واسترجاع أموال المودعين. إذ "لا معنى لأي حل إنقاذي لا يبدأ بإصلاح المصارف وتوظيفها خدمة للاقتصاد والمجتمع".
المصدر : الجزيرة