⛔ الملحمة الكبرى مع النصارى .. ثم مع الدجال واليهود ⛔
# الملاحم الكبيرة :
أما بالنسبة للملاحم و المعارك الكبيرة:
فالملاحم: جمع ملحمة، والملحمة الوقعة العظيمة موضع القتال، سميت بذلك من اللحم لكثرة لحوم الى فيها.
وقد ورد من أسماء النبي ﷺ أنه نبي الملحمة، لأنه بعث بالجهاد والقتال في سبيل الله.
أخبر النبي ﷺ أن من خصائص هذه الأمة أن الله لا يجمع عليها سيفان، سيف من عدوها وسيف منها.
وإنما ممكن يجتاحها الأعداء من الخارج وهي تدافع، أو يحصل ال فيها من الداخل، والأعداء يتفرجون عليها.
فقال ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود:
لن يجمع الله على هذه الأمة سيفين، سيفاً منها وسيفاً من عدوها
[رواه أبو داود: 4303، وصححه الألباني صحيح الجامع: 5221].
أي: أن هذه الأمة في قتال بعضها لبعض في الفتن والملاحم لن يسلط عليها الكفار في وقت واحد مع القتال فيما بينها، إما أن تكون الفتنة من الكفار على المسلمين، أو من المسلمين فيما بينهم، وهذا يعني الحكم العام على الأمة.
لكن ممكن تحدث أشياء في أماكن معينة من الأرض، يعني: يكون بينهم قتال والكفار يقاتلونهم، لكن هذا ليس حكماً عاماً على الأمة. يعني من رحمة الله: لن يأتي وقت على الأمة كلها تتقاتل فيما بينها والكفار يقاتلونهم في ذات الوقت، لا يحصل!.
لكن ممكن يحصل مثلاً في مكان، في الأندلس -مثلاً- يمكن بينهم قتال أحياناً في آخر المدة والعدو يقاتلونهم –مثلاً-، يحدث في مكان معين محصور.
أما أن الله يسلط على الأمة عدو يجتاحها كالصليبيين أو كالمغول والتتر، التتر لما اجتاحوا العالم الإسلامي، أن العدو يجتاحها من أقصاها إلى أقصاها، وهم يقتتلون فيما بينهم من أقصاها إلى أقصاها، فهذا من رحمة الله لن يحدث.
والملاحم التي أخبر النبي ﷺ عنها في آخر الزمان هي بين المسلمين، وبين طائفتين معينتين محددتين من أهل الأرض، وهم اليهود والنصارى،
فالقتال الذي سيكون بيننا في آخر الزمان بيننا وبين اليهود والنصارى!
الملاحم الكبار التي أخبرنا عنها بيننا وبين اليهود، وبيننا وبين النصارى.
قد يقاتل أقوام آخرين، كما أن المسلمين والنصارى سيقاتلون عدواً من غيرهم ثم تحدث الملحمة بين المسلمين والنصارى،
لكن الملاحم الأساسية الرئيسية التي وردت في الأحاديث في الملاحم في آخر الزمان هي بيننا وبين هؤلاء الصليبيين من جهة، وبيننا وبين اليهود ومعهم الدجال من جهة أخرى، هذه هي الملاحم الأساس.
- الملحمة مع النصارى :
فأما بالنسبة للملحمة مع النصارى التي أخبر عنها النبي ﷺ عن ربنا بالوحي: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة: 120]، وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا [البقرة: 217].
وكان النصارى قد حاربوا المسلمين من قديم ووا "فروة بن عمرو الجذامي" لما أسلم، و"صفاقر" الأسقف لما شهد شهادة الحق، وحشدوا مائتي ألف في مقابل ثلاثة آلاف في معركة مؤتة، وقاتل المسلمون النصارى في معركة اليرموك، ثم جاءت الحملات الصليبية على دمياط المصرية، وعلى حلب، وحمص، والشام، ومذابح بيت المقدس، ثم أغاروا على بلاد الأندلس المسلمة، واستعملوا فيها السيف، وهكذا جاءت الحملات تترا، وتحالف النصارى مع التتر في بعض الأحيان، واستمرت الحملات الصليبية، وجاءت الحملات بجيوشها الجرارة، واستولوا على بيت المقدس في عام 493، ثم جاءت الحملة الصليبية الثانية، والثالثة 586، والرابعة 600، والخامسة 615، والسادسة 626، والسابعة 647، و897 سقطت غرناطة، ثم جاءت الحملات الصليبية على العالم الإسلامي، كما جاءت حملة نابليون في 219هـ.
ثم جاء ما يسمى بالاستعمار الفرنسي والبريطاني، وغير ذلك، وقامت دولة إسرائيل، أقاموا دولة اليهود، وفرقوا بلاد المسلمين.
المعارك مع النصارى هذه مستمرة معروفة على مر تاريخ المسلمين، معارك كثيرة لكن ستنتهي هذه المعارك بمعركة كبيرة هائلة أخبر عنها النبي ﷺ.
هذه الملحمة الكبيرة الهائلة جاءت في أحاديث منها:
حديث عوف بن مالك في صحيح البخاري قال: أتيت النبي ﷺ في غزوة تبوك، فسلمت فرد، فقال: أدخل، فقلت: أكلي يا رسول الله؟ قال: كلك، فدخلت، فقال: أعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر من هم؟ الروم النصارى فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية يعني راية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً [رواه البخاري: 3176].
سيكون بيننا وبين بني الأصفر في المستقبل هدنة، صلح على ترك القتال، بعد أن كان هناك قتال.
وفي رواية: ستصالحون الروم صلحا آمنا [رواه أبو داود: 4294، وصححه الألباني صحيح أبي داود: 2405] -يعني سيأتي علينا وقت مع الصليبيين سيكون بيننا هدنة وصلح آمن، ذا أمنٍ نأمن فيه ويأمنون فيه-.
وجاء في رواية لأبي داود: فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم من يكون : الهند، الصين !! عدو.. عدو من وراءنا !! الذي يكون!- فتنصرون، وتغنمون، وتسلمون، ثم ترجعون، حتى تنزلوا بمرج ذي تلول[رواه أبو داود: 4294، وصححه الألباني صحيح أبي داود: 2405] -مرج دابق إنه ذو تلول- أرض واسعة فيها نباتات كثيرة ترعى فيها الدواب، والتلول: كل ما اجتمع من الأرض من رمل أو تراب.
هذا المكان الذي يسمى مرج دابق قريب من الحدود السورية التركية اليوم، سينزل فيه عسكر المسلمين- ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً.
وسبب الغدر هذا أنه بعد الهدنة، بعد أن نقاتل نحن وإياهم عدواً آخر، في هذه الهدنة التي بيننا وبينهم سينزل المسلمون في مرج ذي تلول، أو في مرج دابق، هذا الموضع قرب بلدة حلب في سوريا اليوم المعروف، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب شوف كيف بداية المعركة ستكون بتحدي.. قضية تحدي فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب، فيقول: غلب الصليب الصليب هو الذي انتصر فيغضب رجل من المسلمينتأخذه الحمية، كيف يرفع الصليب ويقول: الصليب انتصر؟ فيدقه يأخذ الصليب يكسره فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة [رواه أبو داود: 4294، وصححه الألباني صحيح أبي داود: 2405].
يكون النصراني مفتخراً برفع الصليب، ويقول: غلب الصليب، فيقوم إليه رجل من المسلمين فيدقه.
وجاء في الحديث أن الروم يقومون إلى هذا المسلم فيونه، عند ذلك يبدأ الروم بجمع الجيوش ضد المسلمين.
وجاء في مستدرك الحاكم وصححه الذهبي: ويقول قائد المسلمين: بل الله غلب بل الله غلب وليس الصليب فيتداولانها بينهم، فيثور يعني صار الكلام إذن الآن مراده بين النصارى و المسلمين، الصليب غلب. الله غلب. الصليب غلب. الله غلب فيثور المسلم إلى صليبهم وهم منه غير بعيد فيدقه، ويثور الروم إلى كاسر صليبهم فيونه ويثور المسلمون إلى أسلحتهم، فيقتتلون يعني: مع الروم فيكرم الله تلك العصابة من المسلمين بالشهادة.
الذين كانوا في ذلك المكان من المسلمين، وقاتلوا الروم كلهم سيستشهدوا فيقول الروم لصاحب الروم الجيش النصراني سيقولوا لقائدهم وأميرهم كفيناك حد العرب.
وفي رواية للطبراني: كفيناك حد العرب وبأسهم، قضينا على العرب! كسرنا شوكة العرب، لكن هم يسمونهم العرب فيغدرون فيجتمعون للملحمة فيأتونكم تحت ثمانين غاية -أو راية- تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً [المستدرك: 8298، والطبراني في الكبير: 4231، وصححه الألباني مشكاة المصابيح: 5428].
يثور المسلمون إلى سلاحهم لما ي أخوهم الذي كسر الصليب، فيقاتلون الكفار لكن الله يشاء أن هؤلاء: طليعة المسلمين كلهم يوا، فيجمع النصارى الجيش لاكتساح المسلمين ويجتمعون.
فقال ﷺ في رواية مسلم: لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق هذه مر دابق التي سبق ذكرها فيخرج إليهم جيش من المدينة
ما المقصود بالمدينة؟
قال صاحب "مرقاة المفاتيح شارح مشكاة المصابيح": قيل: المراد بها حلب لأنها أقرب مدينة مسلمة لذلك التل، أو المكان الفسيح الذي ستحدث فيه المعركة.
وقيل: المراد بها دمشق لأنها مركز تجمع المسلمين الأساسي، فسطاط المسلمين في مدينة دمشق كما جاء في حديث آخر.
وأما المقصود بها المدينة النبوية قال الشارح: فضعيف، لأن المراد بالجيش الخارج إلى الروم جيش المهدي بدليل آخر، يعني: أن فيه نزول المسيح عيسى بن مريم، ولأن المدينة ستكون خرابا في ذلك الوقت، يعني: تصبح مهجورة، وخرج الناس إلى الشام للقتال. [مرقاة المفاتيح: 15/400].
هذا الجيش سيخرج إما من حلب، أو من دمشق، قال: فينهزم ثلث، الآن جيش المسلمين سيخرج إلى هذا المرج، إلى هذه الساحة للمعركة، وجيش الروم قد جاء في ثمانين راية تحت كل راية اثنا عشر ألفاً، فالمجموع 960 ألف.
ابن حجر ذكر قال: لعل المقصود ألف ألف يعني مليون، لكن ترك الكسر، يعني: لو قسمنا المليون على ثمانين راية سيكون في كل راية اثنا عشر ألف وكسور.
قال: لعل المقصود ألف ألف، ترك الكسر. [فتح الباري: 6/278].
هم تقريباً مليون مقاتل من النصارى.
هذه الملحمة الكبيرة الضخمة بيننا وبين النصارى، ويمكن تكون هي أكبر ملحمة على الإطلاق، يعني كما قال بعض الشراح: ما سبق أن المسلمين واجهوا جيش النصارى بمليون، عبر التاريخ، فهذه أكبر معركة، وآخر معركة.
ما الذي سيحدث؟
قال: فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذٍ، فإذا تصافّوا في مصافّة، مقابلة، صفوف، جيش مقابل جيش.
قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سُبوا -أو سَبوا- منا، نقاتلهم يعني سيكون في جيش المسلمين روم أسلموا، منضمين مع المسلمين، قبل المواجهة أول شيء يقوم عباد الصليب يقولون: أنتم العرب أو أنتم المسلمون غير الذي أصلهم منا، انحازوا وخلونا مع قومنا الذين أسلموا، نحن نريد أن نقاتل الروم الذين أسلموا.
سُبوا منا: قد أُخذوا سبياً في الماضي.
أو سبوا: يعني لما دخلوا مع المسلمين صاروا مسلمين، صاروا يجاهدون ويأخذون من السبي أيضاً. فإذن سَبوا أو سُبوا.
منا نقاتلهم أتركونا نقاتل بني قومنا الذين تركوا ديننا.
فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا يعني: صحيح أنهم أصلهم منكم، وأصلهم من الروم لكن لما أسلموا صاروا إخواناً لنا، ولا يمكن نتخلى عنهم، لا يمكن نتركهم ولا نسلمهم إليكم، المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه [رواه البخاري: 2442].
فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم تحدث المعركة، تقوم المعركة الكبيرة الضخمة جداً بين المسلمين والنصارى.
ماذا يحدث؟ قال: فينهزم ثلث لا يتوب الله عليه أبداً-مخذولين- وي ثلثهم أفضل الشهداء عند الله -فثلث جيش المسلمين سوف ينهزم، ناس عصاة فروا من الزحف، وارتكبوا كبيرة من السبع الكبائر لا يقدر الله لهم توبة، ولا يوفقهم للتوبة.
الثلث الثاني: سيون، وهؤلاء أفضل الشهداء عند الله.
قال: ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً [رواه مسلم: 2897]. الثلث الأخير من المسلمين هم الذين سينتصرون، وهؤلاء لن يفتنوا إلى أن يموتوا، لن يتأثر دينهم، ولن يتركوا دينهم حتى الموت، سيبقون عليه.
قال النووي : الأعماق ودابق موضع في الشام قرب حلب، وينهزم: أي يفر من القتال وهو من كبائر الذنوب، مخالفين قول الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال: 15-16].
جاء مزيد من التفاصيل عن هذه المعركة في سياق الحديث التالي:
روى مسلم رحمه الله عن يسير بن جابر قال: "هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجيرى": ليس له شأن ولا دأب.
"إلا: يا عبدالله بن مسعود! جاءت الساعة! يا عبدالله بن مسعود! جاءت الساعة! يا عبدالله بن مسعود! جاءت الساعة!"
هذا الرجل لما رأى الريح الحمراء، قال: هذه الساعة قامت. منْ كان في الكوفة؟ الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود.
"فقعد" يعني عبدالله بن مسعود.
"وكان متكئا، فقال: إن الساعة لا تقوم، حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة". فكأن عبدالله بن مسعود يقول للرجل هذا: انتظر، انتظر، ليس الآن، في قبل قيام الساعة حدث مهم، وبما أنه ما حدث هذا الحدث، فإذن ليس الآن قيام الساعة! هذه ريح حمراء قد تكون عذاب، قد تكون ابتلاء، سلطها الله على أهل البلد.
قال: "إن الساعة لا تقوم، حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام"، الآن عبدالله بن مسعود يفسر هذا الكلام.
قال: "عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام"، عبدالله بن مسعود يصف المعركة، وأن فيها تجميع من الطرفين.
"قلت: الروم تعني؟
قال: نعم.
وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء"، كل طائفة ترجع إلى جيشها.
"كل غير غالب": يعني: لم حسمت المعركة.
"وتفنى الشرطة": شرطة المسلمين والطليعة التي أخرجوها كلهم يموتون يون في سبيل الله.
"ثم يشترط المسلمون شرطة للموت" كلهم تحالفوا على الموت، يخرج طليعة من جيش المسلمين فبايعوا على الموت.
"لا ترجع إلا غالبة" يعني: في هذا الهجوم، ولكن يستمر القتال.
"فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة": إذن هذه هي المجموعة الثانية من المسلمين أيضاً قد وا جميعاً.
"ثم يشترط المسلمون شرطة للموت، لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة. فإذا كان يوم الرابع ، نهد": أي نهض وتقدم.
"إليهم" أي: إلى النصارى.
"بقية أهل الإسلام": كل الجيش المسلم.
"فيجعل الله الدبرة عليهم": أي: على النصارى فيولون الأدبار ينهزمون.
"فيُون مةً": أو المسلمون يون مة.
"لا يُرى مثلها، -أو قال: لم ير مثلها- حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتاً" [رواه مسلم: 2899].
ستكون مة في النصارى، وذبح فيهم، لدرجة أن الجثث ستكون على مساحة شاسعة من الأرض، منتنة، لو الطائر مر من نتن الهواء بسبب نتن الجثث يخر ميتاً، من فساد الهواء الذي فوق الجثث المرمية على هذا المكان.
قال ابن المنير: "وأما قصة الروم فلم يجتمع إلى الآن، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد، فهي من الأمور التي لم تقع بعد. وفيه بشارة ونذارة، وذلك أنه دل على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش". [فتح الباري: 6/278].
وقال النبي ﷺ: إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة أين سيكون المقر العام للمسلمين؟ قيادة المسلمين العامة أين ستكون؟ قال: إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق من خير مدائن الشام [رواه أبو داود: 4300، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 2116].
الغوطة مكان معروف الآن في دمشق. في آخر الزمان سيكون بجانب المدينة هكذا أخبر. وأن فسطاط المسلمين سيكون في الغوطة.
مقر قيادة المسلمين سيكون في الغوطة إلى جانب مدينة دمشق في مكان البساتين، وسيكون مكان المعركة بقرب مدينة حلب، وأن هذه المعركة ستستمر أربعة أيام متواصلة لا يهدأ فيها القتال إلا بالليل، ليستريح الجيشان، وفيها أن الروم سينهزمون هزيمة منكرة لم يسمع بمثلها، وي منهم أعداد عظيمة ما سبق أن مثلها، وأن الله سينصر المؤمنين بعد أن يلاقوا شدة وبلاءً عظيماً، وتبلغ القلوب الحناجر، ويفر ثلث جيش المسلمين، ويستشهد الثلث، ويفتتح الثلث.
لما تنتهي هذه المعركة، وهذه الملحمة الضخمة الكبيرة جداً سيتوجه المسلمون إلى أقوى مدينة قريبة إلى هذا المكان للنصارى، وهي القسطنطينية.
ففي حديث أبي داود عن معاذ قال رسول الله ﷺ: عمران بيت المقدس خراب يثرب- وقلنا: أن الخراب لا يشترط في المباني، ولكن هجر البلد لسبب أو لآخر، منها أن المسلمين سيلتحقون بالشام لأن القيادة ستكون هناك، ومواجهة النصارى واليهود والدجال ستكون في الشام.
عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة -والملحمة عرفناها- وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال [رواه أبو داود: 4296، وحسنه الألباني في صحيح الجامع: 4096].
فكل واحدة من هذه الأمور علامة على وقوع ما بعدها وإن كان هناك مهلة.
حديث المعركة هذه يقول النبي ﷺ، حديث في صحيح مسلم: ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً، فيفتتحون قسطنطينية[رواه مسلم: 2897]، بعد معركة مرج دابق سيكون التوجه إلى القسطنطينية.
كيف سيكون فتح القسطنطينية؟
جاء في حديث مسلم الآخر أنه ﷺ قال: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟
قالوا: نعم يا رسول الله"، "هذه مدينة القسطنطينية". [شرح النووي على مسلم: 18/45] "بناها الملك قسطنطين مثلثة الشكل، جانبان منها على البحر وجانب في البر". [فيض القدر: 8/22].
قال ﷺ: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق [رواه مسلم: 2920].
بعض الشراح قالوا: هنا في وهم وخطأ في الرواية، والمقصود بنو إسماعيل وليس بنو إسحاق، لأن بنو إسماعيل هم العرب وبنو إسحاق هم الروم.
وقال بعضهم: إن المقصود أن هناك سبعون ألفاً من الروم المسلمين سيكونون مع الجيش الذي سيغزو القسطنطينية، فما المانع أن يكون الكلام مستقيماً.
والأصل عدم التغيير في الراوي الثقة؟ ما المانع؟ ألم يكن مع المسلمين في حرب النصارى ناس من الروم أسلموا وكانوا مع جيش المسلمين في معركة مرج دابق؟
فما المانع أن يكون سبعون ألفاً من بني إسحاق، من الروم، موجودين في جيش المسلمين الذين سيغزون القسطنطينية؟
فإذا جاؤوها نزلوا نزلوا بمكان خارج البلد فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر فقط! جيش المسلمين يردد هذه العبارة فيسقط أحد جانبيها الذي في البحر، ثم يقولون الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخريستسلم الجانب الثاني ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم، فيدخلوها.
الله سيلقي في قلوب الكفار في القسطنطينية الرعب، بمجرد التكبير والتهليل ستسقط البلد، سيلقى في قلوب أهلها الرعب فيستسلمون، ويفتحون البلد للمسلمين، قال: فيفرج لهم فيدخلوها، فيغنموا، فبينما هم يقتسمون المغانم.
وفي رواية: فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون القتال بالسيوف، وتعليق السيوف في أشجار الزيتون بعد المعركة أو بعد الفتح إذ صاح فيهم الشيطانالشيطان يصيح في من؟ بالمسلمين إن المسيح -يعني الدجال- قد خلفكم في أهليكم الآن هم متقدمين في القسطنطينية، وظهورهم، وأهاليهم وراء في الشام، في دمشق، فيقول لهم: المسيح طلع في أهليكم، قال: فيخرجون و ذلك باطل [رواه مسلم: 2897].
وفي رواية: فيتركون كل شيء ويرجعون [رواه مسلم:2920]، يتركون الغنائم ويرجعون إلى مقرهم، وعند ذلك يكون الدجال خرج فعلاً، إذن الشيطان أول ما تكلم وصرخ يكون كاذباً، فيرجع المسلمون فيخرج الدجال فعلاً، وسنعرف بعد ذلك في درس الدجال إن شاء الله تفاصيل قضية الدجال.
ورد في رواية لكن ضعيفة: يخرج إليهم روقة المسلمين أهل الحجاز [المعجم الكبير للطبراني:13697]، قال الهيثمي: فيه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، وقد ضعفه الجمهور[مجمع الزوائد:10387].
وأن الذي يخرجون هم من المدينة كما تقدم وأن المسلمين أصلاً سيكونون في الشام وليس في الحجاز. والروم سيكونون أكثر الناس في آخر الزمان لكن منهم هؤلاء المسلمون الذين دخلوا مع العرب المسلمين في جيش واحد. فهذا بالنسبة لفتح القسطنطينية بعد فتح الملحمة الكبير.
جاء في رواية عن عبدالله بن بسر أنه قال لبشر بن عبدالله بن يسار وكان من أصحاب عمر بن عبدالعزيز: "يا ابن أخي! إذا أدركت فتح القسطنطينية، فلا تدع أن تأخذ بحظك منها، فإن بين فتحها وخروج الدجال سبع سنين" [كتاب الفتن لنعيم ابن حماد:1320] هذا إسناده حسن لكنه ليس مرفوعاً، والمرفوع فيه ضعيف.
وجاء عن عبدالله بن محيريز التابعي: بين الملحمة وخراب القسطنطينية وخروج الدجال حمل امرأة". [كتاب الفتن لنعيم ابن حماد:1477]. يعني: تسعة أشهر.
لو قال قائل: إن القسطنطينية قد فتحت وانتهت!
فيقال: إن الفتح الذي حصل غير الفتح المذكور في الحديث، الفتح الذي حصل كان فيه معارك، وإراقة دماء، واستعمال المدافع، وليس فيه ذكر كما ورد، والفتح الذي تكلم عنه الحديث بعده خروج الدجال، وفتح القسطنطينية الذي قام به محمد الفاتح مضت عليه عشرات السنوات الطويلة جداً وما خرج الدجال، فليس هو المقصود.
ثم إن فتح القسطنطينية الذي حدث قد أعقبه بعد ذلك أن القسطنطينية لا تحكم اليوم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، بل تحكم بأفكار كمال أتاتورك المرتدة العلمانية الخبيثة.
فالقسطنطينية ستبقى في وقت المعركة ستكون تحت سلطة النصارى، وسيستولي عليها المسلمون، وستسقط بالتكبير والتهليل.
هذا بالنسبة إلى الملحمة الأولى الكبيرة مع النصارى وسقوط القسطنطينية، بقي لهم روما، وستفتح بعد، لأنه قال: مدينة هرقل تفتح أولاً [رواه أحمد: 6645، وصححه الألباني السلسلة الصحيحة: 4] الحديث.
سقوط القسطنطينية سيعقبه بعد ذلك فتح روما.
هل فتح روما سيكون في عهد المسيح بن مريم؟ لأن القسطنطينية بعدها خروج الدجال، وبعد خروج الدجال سينزل فيه عيسى، وفي عهد عيسى تكون الأرض كلها مملوءة بالإسلام.
فمحتمل أن يكون فتح روما، هي بعد القسطنطينية.
لكن متى؟ الله أعلم! في عهد عيسى أو قبل عهد عيسى؟ الله أعلم، إنما بعد القسطنطينية سيبقى للنصارى روما، وهذه هي أعظم مدائنهم، وانتهى النصارى بذلك، يكون المسلمون قد أزاحوا القوة الكبيرة العظيمة في الأرض، وقضوا عليها، وأنهوا مدنهم، وقوتهم الدينية، وقوتهم العسكرية.
- الملحمة مع اليهود :
وبالتالي بقي الكلام عن اليهود.
عرفنا أن سقوط القسطنطينية سيتبعه خروج الدجال، وأن الدجال سيكون معه سبعون ألف يهوديٍ، وأنه هو نفسه يهودي، والمعارك بين المسلمين واليهود قديمة منذ أن بعث الله محمداً ﷺ، وما حدث في بني النضير وبني قريظة وبني قينقاع، وفي خيبر، وقال: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب[رواه مسلم: 1767].
في حديث مسلم: فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال لقتال منْ؟ الدجال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى بن مريم قلنا: أن المعسكر أو قيادة، مركز قيادة المسلمين في دمشق، في الغوطة، فلما يرجع المسلمون إلى مكانهم، ويسوون الصفوف للصلاة، في هذا الوقت عند الإقامة، إذا أقيمت نزل عيسى واضعاً كفيه على جناحي ملكين ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، وموجودة الآن المنارة البيضاء، وهي أحد مآذن الجامع الأموي بمدينة دمشق.
إذا نزل عيسى ، قال: فينزل عيسى بن مريم ﷺ فأمهم فإذا رآه عدو الله أي الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يه الله بيده فيريهم دمه في حربته [رواه مسلم: 2897].
الدجال إذا جاء، ومعه سبعون ألف يهودي، من يهود أصبهان، وهي مدينة في بلاد فارس موجودة الآن معروفة، سيحاصر الدجال واليهود الذين معه عيسى والمسلمين، ولكن الله سينصر المسلمين فيفتحون المدينة، ويهجمون على الدجال ومن معه.
وتقوم معركة كبيرة جداً بين المسلمين وبين اليهود الذين مع الدجال، قال ﷺ في هذه المعركة: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فأه، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود [رواه مسلم: 2922]. ولذلك يكثرون من زراعته الآن في بلاد فلسطين.
وعن ابن عمر، قال رسول الله ﷺ: ينزل الدجال في هذه السبخة وهي الأرض المالحة التي لا تنبت، والمراد خارج المدينة.
لا يدخل المدينة النبوية، لكن يطوف في الأرض ثم تكون النهاية أنه سيحاصر، آخر جولة الدجال سيحاصره المسيح بن مريم والمسلمين، قال: ثم يسلط الله المسلمين عليه، فيونه، ويون شيعته ومنْ هم شيعته؟ اليهود حتى إن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة أو الحجر، فيقول الحجر أو الشجرة للمسلم: هذا يهودي تحتي فأه[رواه أحمد: 5353]. قال الألباني : "إسناده حسن لولا عنعنة ابن إسحاق" [قصة المسيح الدجال: 1/23].
ويدل على أن هذا القتال بعد خروج الدجال -أيضاً- ما رواه ابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي قال: "خطبنا رسول الله ﷺ فكان أكثر خطبته حديثاً حدثناه عن الدجال وحذرناه" فذكر خروجه، ثم نزول عيسى له، وفي الحديث: قال عيسى بعد الانصراف من الصلاة التي أقيمت، والمسلمون محصورون وقد صلوا قال: افتحوا الباب، فيفتح ووراءه الدجال، معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساجقيل: هو الطيلسان الأخضر ونوع من الألبسة، قال: فإذا نظر إليه الدجال أي إلى عيسى ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً، ويقول عيسى : إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها لن تذوب قبل أن أضربك فيدركه عند باب اللد الشرقي فيه، فيهزم الله اليهود.
وهذا التجمع الثاني الذي كان على الأرض أمام المسلمين فيه فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق [رواه ابن ماجه: 4077]. والحديث صححه الألباني [صحيح الجامع: 7875].
واستدل الحافظ بن حجر في الفتح بهذا الحديث على كون قتال اليهود هذا سيكون بعد خروج الدجال ونزول عيسى. [فتح الباري: 6/610].
وقوله: "افتحوا الباب" أي: باب المسجد، واللد الشرقي في البلدة القديمة من بيت المقدس معروفة يدركه عيسى عندها.
والغرقدة: شجر ذو شوكٍ معروف في بيت المقدس.
وجاء عند أحمد أيضاً في حديث الكسوف أن النبي ﷺ قال في خطبة الكسوف بعد الصلاة: وأيم الله يحلف لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم، وإنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً آخرهم الأعور الدجال، ثم قال: وإنه سيظهر على الأرض كلهايطوف الأرض ويمسحها كلها إلا الحرم وبيت المقدس لن يستطيع الدجال اقتحام بيت المقدس وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيزلزلون زلزالاً شديداً، ثم يهلكه الله تبارك وتعالى وجنوده حتى إن جذم الحائط أو قال: أصل الحائط لينادي، أو يقول: يا مؤمنأو قال: يا مسلم هذا يهوديأو قال: هذا كافر فأه [رواه أحمد: 20190].
قال الحافظ بن حجر: إسناده حسن. [فتح الباري: 13/87]، وعلق الألباني على ابن خزيمة بتضعيفه [صحيح ابن خزيمة: 1397]. ونطق الحجر هنا نطقٌ حقيقيٌ، ولا شك في ذلك.
ورد حديث آخر ضعيف عند الطبراني: لتقاتلن المشركين حتى يقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن، أنتم شرقيه وهم غربيه [مسند الشاميين للطبراني: 638، وضعيف الجامع: 4656].
والأحاديث الصحيحة فيها مزيد من التفصيل أكمل من قضية شرق نهر الأردن وغرب نهر الأردن.
فإذا كانت هذه الملحمة مع اليهود، فسيشهدها عيسى بينما الملحمة التي مع النصارى ستكون قبل نزول عيسى.
فالمسلمون سيحضرون ملحمتين عظيمتين، يفتتحون فيها النصارى، ويقضون عليهم بواحدة، ثم يقضون على اليهود في الثانية مع عيسى ولعل فتح روما سيكون في عهد عيسى كما تقدم.
هذا بالنسبة للمعركة أو الملحمة الثانية التي ستكون ضد اليهود. المهدي، وسنتحدث في درس مستقل عنه أو أكثر، سيشهد قتال اليهود، و لعله يشهد فتح روما أيضاً لأنها ستكون بعد قتال اليهود.
- معركة هرمجدون التي يتكلم حولها اليهود :
وجاء عند بني إسرائيل في كتبهم، ذكر معركة يقال لها "هرمجدون"، هذه المعركة يطنطنون حولها كثيراً خصوصاً في هذه الأيام.
ويتكلمون عن معركة هرمجدون، وبعض المسلمين مع الأسف يساق وراء كلام الكفار وحاول أن ينزل الأحاديث على ما عند هؤلاء، مع أن أكثر ما عندهم هراء، وكذب، وافتراءات، وأشياء مزورة، ومحرفة، ولا يمكن الاعتماد عليها.
لكن المقصود أن كتب النصارى واليهود فيها كلام عن معركة هرمجدون، والمقصود بها طبعاً "تل مجيدو" وهو تل معروف في أرض فلسطين، لأن هار: تعني بالعربية جبل، مجدون: هو الوادي "مجيدو"، وهذا المكان يبعد 55 ميلاً عن تل أبيب و 20 ميلاً شرق حيفا، و15 ميلاً من شواطئ المتوسط.
يعتقد اليهود والنصارى أن جيوشاً من مائتي مليون جندي سيأتون إلى مجدو للبدء بخوض الحرب النهائية. ويحاول اليهود الآن إقناع النصارى، وأثاروا أشياء في أمريكا، وفي غيرها وعند الإنجليكانيين، وهناك مدرسة أو مذهب يتبعه أكثر عشرات الملايين يوقنون بهذه الفكرة، أنه ستقع معركة بين المسلمين وبين اليهود والنصارى المتحالفين، هرمجدون، وأن المسيح سينزل وينصرهم بزعمهم، وأن المسيح لن ينزل حتى تقوى إسرائيل ليتمكن النصارى معها من اكتساح المسلمين. ويحاولون أن يفسروا أشياء في التوراة المحرفة والإنجيل المحرف على هذا.
فهناك نصوص عندهم، ويكون في ذلك اليوم يوم مجيء جوج على أرض إسرائيل، ويقول السيد الرب أن غضبي يصعد وغيرتي في نار سخطي، وفي ذلك اليوم يكون رعش عظيم في أرض إسرائيل، ويرعش أمامي سمك البحر، وطيور السماء ووحوش الحقل. إلى آخره.
واستدعي السيف عليه في كل جبالي يعني كلام عن معركة وعن زلزلة ستكون كبيرة وأن جيش الرب سيأتي.
والتلمود الذي فسر به الحاخامات القدامى نصوص التوراة ذكروا فيه: "قبل أن يحكم اليهود نهائياً لا بد من قيام حرب بين الأمم يهلك خلالها ثلثا العالم ويكون سبع سنين، يكون الأسلحة التي اكتسبوها بعد النصر".
بعض اليهود كتبوا في فهمهم لهذا: إننا نقرأ في شريعة الأنبياء أننا مختارون من الله لنحكم الأرض وقد منحنا الله العبقرية كي نكون قادرين على القيام بهذا العمل، إن كان في معسكر أعدائنا عبقري فقد يحاربنا ولكن القادم الجديد لن يكون كفؤ لأيدٍ عريقة في أيدينا" إلى آخره مدحاً في أنفسهم.
بالنسبة للنصارى، عندهم نصوص ينسبونها إلى المسيح : "إذا سمعتم بحروب، وأخبار حروب، فلا تقلقوا فأنه لابد أن يكون هذا, ولكن لا يكون المنتهى إذ ذاك, ستقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتكون مجاعات، وأوبئة، وزلازل في أماكن شتى، وهذا أول المخاض، ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع" ثم عبارات أخرى فيها ذكر كلمة "هرمجدون" : "ها أنا آتي كلص طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عريانا يجمعهم إلى الموضع الذي يدعى بالعبرانية هرمجدون".
فإذن في اعتقاد مشترك بين اليهود والنصارى أن الخلاص سيأتي على يد المسيح الذي سينزل وأنه سيقودهم في المعركة.
هذه الأشياء التي يذكرونها في كتبهم لا يمكن الوثوق بها إطلاقاً، ولا الاعتماد عليها أبداً، والله قد أخبرنا أنهم سيكونون أعداء لنا إلى قيام الساعة، وأن المسلمين سينتصرون على النصارى في معركة بمفردهم، وعلى اليهود بمعركة بمفردهم.
هل ينزل المسيح على حلف بين اليهود والنصارى في هرمجدون؟ هذا الكلام لا يمكن الوثوق به نهائياً. ولذلك لا عبرة بما يروجه هؤلاء اليوم، ولا بمن انخدع به من أبناء المسلمين، وبنى عليه كلاليَ، وبنى عليه علاليَ وقصوراً، وألفوا كتاب هرمجدون، وكلام رجم بالغيب، تخرص! عندنا الأحاديث الصحيحة تشرح كيف ستكون النهاية بيننا وبين اليهود والنصارى والحمد لله على نعمه!
- من موقع الشيخ / محمد بن صالح المنجد .
…