أن التكافؤ بالنسب بشكل عام من العوامل الأساسية لإنجاح الحياة الزوجية بعد توفيق الله، وكل ما كان التقارب في المستوى الديني والمادي والاجتماعي والفكري والثقافي والعلمي والعمري وفي العادات والتقاليد, كان ذلك أدعى لنجاح العلاقة بين الزوجين , وهذا في الأعم الأغلب , وكما لا يخفى على القارىء الكريم أن الزواج ليس هو علاقة بين فردين: الزوج والزوجة، بل هو علاقة بين أسرتين، بل ربما أكبر من ذلك، والنظر لمستقبل الأيام وما قد يُحدثه هذا الزواج من مشكلات لاحقة بين ذلك الخاطب ووالدته، أو أسرته من مشكلات المسلم في غنى عنها.
وكذلك بالتكافؤ يكون الحصول على ثمرة الزواج المتمثلة بالسكن الوارد في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةًوَرَحْمَةً} [الروم:٢١].
ولتحقيق شروط السكن والمودة والرحمة داخل بيت الزوجية، لابد من اعتبار بعض العوامل الأخرى غير الدين فالبيوت المسلمة السعيدة تقوم على أمور أخرى لتدعم التدين فيما يخص شئون الحياة، وإن كان شرطها الأول والأهم هو الدين وهو الإطار الذي يحكمها، ولكن لابد من عدم الغفلة عن الشروط الأخرى، وهذا مذهب الجمهور الذي يقول: (أنه يراعى في زواج المسلمة أربعة أشياء الدين والحرية والنسب والصنعة , فلا تزوج المسلمة من كافر , ولا الصالحة من فاسق وقيل هذا على سبيل الكراهة لا التحريم وخاصة مع عدم وجود البديل الصالح , ولا الحرة من عبد , ولا المشهورة النسب من الخامل , ولا بنت تاجر أو من له حرفة طيبة ممن له حرفة خبيثة أو مكروهة , فإن رضيت المرأة أو وليها بغير كفء صح النكاح) انتهى.
وإلغاء مثل هذا الشرط أو التغافل عنه يوقع في الغالب في مشاكل خطيرة قد تصل إلى حد الطلاق، فبالتكافؤ تقوي رابطة العلاقة بين الزوجين، وبالتوافق في الثقافة والتقاليد والعادات .. يشيع جو جميل من الانسجام والتفاهم بين الزوجين، وهذا هو معنى السكن الحقيقي الذي ذكره القرآن ونوَه به.
============================================================================== ====================
وأما الكفاءة في النسب، فهي معتبرة عند أكثر أهل العلم أيضاً وهو الأقرب للصواب ولها وجهة وتأثير، إلا أنهم يقولون إن الكفاءة في النسب حق للمرأة والأولياء فلهم اشتراطه، ولهم إسقاطه، وإذا أسقطوه صح النكاح ولم يبطل , ولكن هنا تنبيه مهم: وهو أن الكفاءة في الزواج معتبرة في جانب الزوج دون الزوجة، فلا بد أن يكون الزوج كفؤاً للمرأة ومماثلاً لها، ولا يشترط العكس.