استقر ابو ريحان في مندناو وترك الدنيا بحالھا خلفھ
كان من الذين يرتادون المسجد القريب منھ
يشارك أھل القرية أفراحھم وأتراحھم
اندمج كلياً مع ذلك المجتمع رغم أنھ عاش طويلاً في مكان مختلف !!
لايھم فالمھم ھو الراحة النفسية التي وجدھا عند مجتمع طيب وزوجة حنون
كان من الجميل عدم حمل الزوجة والا لكانت حياة أبو ريحان ستكون صاخبة وغير ھادئة خاصة وھو متقدم في العمر
صحيح أنھ رياضي الجسد لكن العمر لھ دورھ ويحتاج في ذلك العمر للراحة الجسدية والصفاء الذھني وقد وجدھا في زوجتھ الفلبينية ومجتمعھ الجديد الذي يتعامل بلطف واحترام فيما بينھم البين
لم تؤثر عليھم الماديات ويعيشون ببساطة لايحملون الا ھم رزقھم اليومي وقد كفلھ اللھ لھم دون علمھم أو قوة منھم
زارھ أبنائھ الكبار والصغار في رحلة عائلية تكفل بھا أبنائھ الكبار وكانت من أجمل مايكون حسب كلام الأبناء حيث وجدوا بعض الاريحية والھدوء والتعايش مع الطبيعة والابتعاد قليلاً عن صخب المدن وضجيج المحركات التي أسرف فيھا الإنسان وجعل الكوكب عبارة عن كتل من الحديد والخرسانة والاسمنت ولقد انعكس ذلك على زيادة الاحتباس الحراري وأصبحت درجات الحرارة في بعض البلدان قاتلة وكل ذلك سببھ الإنسان وجشعھ فلم يحترم الكوكب الذي يعيش عليھ ولم يعير ذلك أدنى اھتمام
لذلك أرى أنھ يوماً من الأيام ستجف الأنھار وسينضب معين الماء وسيندم الإنسان بعد فوات الأوان
نعود لصاحبنا بطل قصتنا الذي باع تلك القبيلة الھمجية التي لم تراعي ضعفھ عندما كان في أمس الحاجة إليھا
كبر أبنائھ وتزوجوا من كل حدب وصوب وصاھروا أناس متعلمين وأصحاب ذوق بعيداً عن ھياط القبيلة ومايصاحبھا من تجمعات مزايدة كل منھم يقول أنا فارس بني خيبان
وأخيراً أصبح ابو ريحان جد بعد أن أصبح لديھ ثلاثة أحفاد
وبعد أن وصل عمرھ للرابعة والسبعين رأى أن يصطحب زوجتھ الفلبينيھ لرحلة الحج
فجھز التذاكر وأكمل جميع التصاريح وسافر في رحلة ميمونة وعاد سالماً غانم
وبعدھا بعام أحس بدنو الأجل بعد عارض صحي لمدة أيام فأخبر الزوجة الحنون بأنھ يريد رؤية أبنائھ وودعھا بكلام طيب وثناء معطر بجميل الكلام ووھبھا بعض المال الكافي لتعيش بأجمل حال لسنوات طوال
وعندما وصل أبنائھ كان أبو ريحان في ساعاتھ الأخيرة فقبلھم واحد تلو الآخر وطلب منھم مسامحتھ ان بدر منھ قبل ذلك مايعكر صفوھم وعلم الجميع أن أبيھم يودعھم ليرحل بعد ذلك لمولاھ وقد اطمأن أنھ بفضل اللھ أنجب رجال أبرار يعتمد عليھم
بكوا أيما بكاء على رحيل والدھم الذي ضحى كثيراً في سبيل تعليمهم وتنشئتھم على أفضل وجھ وقد كان أب رحيم بأبنائھ عطوف عليھم حتى أن اللقمة اذا رأى انھا طيبة يبدأھم بھا وھو يبتسم بكل رضى
مات بطل قصتنا بعد أن أكمل دورھ في الحياة على أكمل وجه
لم يكن يوماً أناني وانما رجل معطاء لكن لمن يستحق
رحل العم ابو ريحان وترك لنا سيرة عطرة يعلمھا من في السماء قبل من في الارض
رحمك الله يابو ريحان وأدخلك جنة الرضوان
.