يا مَنْ ترى قلبي لجوء إلى الله
شعر - عبدالرحمن صالح العشماوي
إلى الصديق الذي عبَّر عن عميق حسرته بفقد ولده
قَدَرٌ، فخذْه بهمَّةٍ ويقينِ
واكبح جِمَاحَ تَلوُّعٍ وأَنينِ
اصبر على قَدَرِ الإلهِ فإِنّما
بالصبر يَهْدَأُ قلبُ كلّ حزينِ
وخُذِ البِشَارةَ من إلهكَ، إنها
للصابرين علامةُ التمكينِ
واخرجْ بنفسكَ من خنادقِ حسرةٍ
سيظلُّ منها القلبُ في تَوْهِينِ
أَحْسِنْ بربِّ الكونِ ظنَّك، إِنما
تُسْتَجْلَبُ التقوى بحسن ظنونِ
أمدُدْ يديك إلى السماءِ مناجياً
رَبَّاً، ينادي الخَلْقَ: مَنْ يَدعوني
قلْ: يا عظيمَ الشأنِ إني مؤمنٌ
راضٍ بأخْذِكَ مثلما تُعطني
يا من إليكَ النَّفْسُ تهرُبُ من لَظى
آلامها ومن الأسى المدفونِ
يا من ترى قلبي وتسمع نَبْضَه
أنتَ العليم بلوعتي وشجوني
يا حيُّ يا قيُّومُ، هَبْني رحمةً
واحفظْ عليَّ مع الكرامةِ ديني
قُلْها لربِّ الكون دَعْوَةَ صادقٍ
ممزوجةً بتلهُّفٍ وحَنينِ
يا ربِّ، أنتَ خلقتَني ورزقتني
ولأنتَ في الأحداثِ خيرُ معينِ
يا مَنْ يُحيط بكل شيءٍ علمُه
يا مَنْ إذا جار العِدَا يحميني
يا من يصدُّ سهامَ أعدائي التي
في الظَّهْر ساعةَ غفلتي ترميني
يا مَنْ يصدُّ الحاسدين، فَدونَهم
حُجبٌ من اللطْفِ الكريم ودُوني
يا من أعوذ به من الشيطان في
نومي وصَحْوي في جميع شؤوني
يا مَنْ ألوذ به إذا احتدم الأذى
فيريحني من كلِّ ما يُؤْذيني
يا مَنْ إذا ما احتجتُ قرَّب حاجتي
وإذا ضَلَلْتُ عن الهدى يُهديني
يا مَنْ له العِلْمُ المحيطُ ومَنْ به
نَصْرُ الضعيف ورحمة المسكينِ
يا من يقِّدر ما يشاءُ بعدلهِ
بالكاف - يُرسلُ أَمْرَه - والنُّونِ
يا خالق الإنسانِ حتى صار في
خَلْقٍ قويمٍ من سُلالةِ طينِ
يا خالقَ الأشياءِ من عَدَمٍ، فما
لسواكَ أصلُ الخلقِ والتكوينِ
(ياربّ)، قُلْها يا أخي متبتلاً
لترى طلائعَ فجركَ الميمونِ
(ياربّ)، قُلْها خاشعاً مُستسلماً
لترى بعيدَ مُنَاكَ مُلْكَ يمينِ
قُلْها -أخي- واسكُبْ عليها دَمْعَةً
فالهمُّ تغسلُه دموعُ عيونِ
(يارَبّ) أجملُ أحرفٍ يشدو بها
ثَغْرٌ، وأَعْذَبُ بَلْسَمٍ يَشْفيني
يا مَنْ ترى قلبي وتسمع َه
وترى خفايا سره المكنونِ
بك أنتَ لا بسواكَ قد علَّقتُه
ورضاكَ أنت هو الذي يُرضيني