اهلا ، ياريس .. واتمنى من الجميع ان يكون النقاش هادفا ، ولا يتعداه الى الى خلاف مرير ، يصل لحد التجريح بيننا جميعا ..
طالما انك استشهدت بحادثة الافك ..
فأسمح لي ، ان انسخ الرد الآتي ، وهو موضوع لي في منتدى علمي متخصص ، حيث طلبت مني احدى طالبات الماجستير مساعدتها في بحثها ، الذي يتناول هذه القضيه .. ثم قامت بعد ذلك بانزاله في ذلك المنتدىالمنتدى ، وهو موضوع طويل نوعا ما ، لذلك نعتذر منكم جميعا مقدما :13:
الاسره هي صورة التجمع الانساني الأول ، وهي اساس الانجاب والتطبيع الاجتماعي للجيل التالي ، وتحدث الصراعات الزوجيه بين كثيرا من الازواج ، واحيانا يكون الصراع مؤقت ، واحيانا يكتسب صفة الاستمراريه .
وحادثة الافك التي نحن بصددها ، من اسوأ انواع الاشاعات ، وقد حدثت لأم المؤمنين عائشه رضي الله عنها .
وقد اوذي النبي صلى الله عليه وسلم ، وتألم من ذلك الما شديدا ، وقد تأخر الوحي شهرا كاملا ، لكي نتعلم من ذلك ولا نتكلم عن شرف اي انسان ، او ننشر شيئا يسئ اليه او نتحدث عن عرضه ..
والم الرسول والم عائشه من هذه الفريه ، لايقاس بأي الم يمكن ان يتعرض له سواهما ، فالرسول القائد ، وزوجته ام المؤمنين ، فان ذلك الافك ، يستهدف هاتان الشخصيتان المهمتان ، وماينتج عنه من آثار وانعكاسات سيئه على الامه بكاملها .
كيف بدأت حادثة الافك :
كانت النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، يخرجن للغزوات ويشاركن الرجال في المعارك ، وخرجت السيده عائشه في الجيش ، وبعد ان انتصر المسلمون ، نزل الجيش ليستريح ، وذهبت هي رضي الله عنها ، لتقضي حاجتها ، وعندما عادت ، كان قد نودي للجيش بالرحيل ، وكان معها عقد لامرأه من نساء الانصار ، وبعد عودتها لاحظت ان العقد ليس معها ؟
فعادت لتبحث عنه ، وهذا يدل على اهمية رد الامانه ..
وعندما وجدته وعادت ، لم تجد الجيش .. وانطلق الجيش بالهودج وهم يعتقدون ان السيده عائشه بداخله .. ثم جلست لوحدها في الصحراء ، فقالت في نفسها سيفتقدونني ويعودون الي . ثم غلبها النعاس فنامت .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ترك في مؤخرة الجيش الصحابي الجليل صفوان بن المعطل ، ليرى اذا تخلف شخص او فقد متاعه .
فجاء الى عائشه ، فعرفها ، ثم اعطاها ظهره ، وناداها ليوقظها ، وقال انا لله وانا اليه راجعون ، فاستيقظت عائشه ، واناخ الجمل ، فركبت ، وهو لم يتكلم معها بكلمه ، وبعد ان وصلوا الى الجيش رآهما رأس النفاق عبدالله بن ابي بن سلول .. وبدأ يتكلم سرا بين المنافقين ، وبدأ يقول اين كانوا ؟ وماذا فعلوا ؟ وبدأت الاشاعه تنتشر وسط الجيش ، والاشاعات تنتشر بسرعه فائقه ..
وهنا يظهر بوضوح الاثر السئ للأطراف الخارجيه في زعزعة الأسر ، فكيف اذا كانت تلك الاطراف من المنافقين ، وكانت تلك الاسره ، اسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكانت عائشه رضي الله عنها ، لاتعلم بما حدث بعد رجوعها من الجيش
ثم مرضت ، ولم تعرف القصه الا بعد سبعه وعشرون يوما ..
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ، يدخل عليها وهو مهموم ، ولا تجد نفس الود الذي كانت تجده سابقا ، لان الاشاعه او الافك كان منتشرا بشكل كبير ، ومع ذلك فان الرسول صلى الله عليه وسلم ، لم يصدر اي عقوبه على من تكلم على زوجته العفيفه ، مع انه هو الزوج ، كما انه القائد ، وهو النبي .. ولم يستخدم سلطته كزوج في موضوع يخص الامه ، وهذا يدل على الحريه ويدل على العدل .
ولمتؤثر فيه تلك الاشاعه المغرضه ، صلى الله عليه وسلم .
ثم بعد ان مرضت عائشه رضي الله عنها استأذنت منه صلى الله عليه وسلم ان تمضي فترة مرضها في بيت ابيها ، فأذن لها .
وعندما يكون الافك او الاشاعه تنال من الزوج وهو هنا الزعيم وهو هنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ينقسم الناس .. وفعلا انقسم الناس الى عدة اقسام .. فمنهم لايصدق ولا يكذب ولا يدافع .. ومنهم اقليه ترفض وتكذب .. ومنهم من يروج الاشاعات وهم المنافقون .
وكانت عائشه رضي الله عنها ، امضت ثلاث ليال بلا نوم ، وكأن كبدها سينفطر من شدة البكاء .
وحادثة الافك حادثه خطيره ، انقسم فيها الصحابه ، لان الظروف التي صاحبتها ، وخبث المنافقين ، الذين استغلوا تلك الظروف في نشر تلك الاشاعه او ذلك الافك المبين ، ادت الى تشكك البعض ثم الانقسام .
والرسول صلى الله عليه وسلم ، بشر لايعلم الغيب ، ومن الطبيعي على اي بشر
ان يتأثر ولو قليلا ، بما يسمع ، لكنه شهد لها صلى الله عليه وسلم ، في اوج الازمه ، انه لم يرى منها الاخيرا .
وهنا يبرز دور الزوج المثالي ، والواثق ، والقوي ، والذي لايتخلى عن زوجته ، واسرته ، في اول منعطف ، مهما بلغ حجمها ، وحجم من يسوق لها .
وعندما اتي الرسول صلى الله عليه وسلم الى عائشه ، قال : ( ياعائشه ان كنت بريئه ، فسيبرئك الله ، وان كنت قد اذنبتي فأستغفري الله ، فان الله يغفر للعبد اذا اذنب وتاب ) .
ثم نظرت السيده عائشه الى اباها وامها وقالت لهم :
( افلا تجيبون رسول الله ) ؟ فقالوا ( والله لاندري بما نجيب رسول الله )
فقالت والله ارى ان امرا استقر في نفوسكم ، فان قلت لكم ، واعترفت بشئ لم افعله ، صدقتموني ، وان قلت لكم لم افعله لم تصدقوني ، والله لااجد لي ولكم ، الا قول ابا يوسف .. ونسيت اسمه مما هي فيه ، وهو : يعقوب عليه السلام . وقالت :
( فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون ) .
ثم قبل ان ينهض الرسول صلى الله عليه وسلم من مجلسه ، قالت :
( اللهم اني اعلم انك ستبرئني ) .
براءة السيده عائشه من فوق سبع سموات :
وبينما ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم عندها ، اذا بالوحي ينزل ، ويضحك النبي ، ويقول ياعائشه ، ابشرك ، برأك الله عز وجل . ، فقال ابو بكر وعمر ، قومي لرسول الله اشكريه ، فقالت لا والله لااقوم الى رسول الله ولا اقوم اليكما ، ولا اسجد الا لله عز وجل ، هو الذي برأني ، فسجدت شكرا لله عز وجل ، ثم نزلت الآيات :
( ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خيرا لكم لكل امرئ منهم مااكتسب من الاثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم )
كيف نستفيد من دروس حادثة الافك في بناء التماسك الاجتماعي :
بالتحلي بخلق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وباتباع سنته ، والنظر الى طريقته هو وزوجته السيده عائشه رضي الله عنها في التصرف حيال هذا الامر الجلل ، وترشدنا الحادثه الى عدة عوامل لبناء التماسك الاجتماعي ، والمحافظه عليه :
ا- حفظ اللسان ، وعدم الخوض في اعراض الناس والشك فيهم .
2- محاربة الاشاعات المغرضه وعدم نشرها .
3- عدم الاستماع الى الاشرار والسيئين من البشر .
4- عدم التشرذم والانقسام .
5- عدم التدخل في شئون الآخرين
5- التوكل على الله .
6-ضرورة التحلي بالصبر والاناة عند المحنه ، وعدم التسرع .
7-عدم الحكم المسبق على الآخرين قبل ظهور الحقيقه .
8- الوقوف مع من تمر به محنه ، حتى لو وجد اعتقاد بانه مخطئ .
انتهى .