لقد برهنت التجربة أن العمل الذي يولد في الخيال، يمكن تحقيقه في الواقع الخارجي. كما برهنت التجربة على أن كل الإنجازات البشرية كانت في يوم من الأيام أحلاما عند أصحاب الخيالات الخصبة..
فلقد كان المصباح الكهربائي حلماً دغدغ خيال توماس أديسون ثم تحول الى حقيقة..
وكذلك فإن الطائرة كانت- هي الأخرى- حلما داعب فكر الأخوين "رايت"، ثم تحول إلى حقيقة..
وكان استغلال الطاقات غير الملموسة، حلما في رأس ماركوني، ثم تحول إلى جهاز الراديو، والتلفزيون.
وللعلم فإن ماركوني عندما أعلن أنه اكتشف وسيلة يستطيع بواسطتها إرسال رسائل عبر الهواء، ومن دون أية أسلاك، أو وسائل مادية، فقد اتهم بالجنون، وقام أصدقاؤه بحجز مكان له في مستشفى للأمراض العقلية..
وهكذا فإن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، كما أن أحلام اليوم ستكون حقائق الغد..
ويبدو أن الناس بشكل عام يعتمدون في إنجاز أمورهم اليومية على الخيال، حيث نرى أن يريد بناء دار، فإنه يكلف المهندس أن يرسم من خياله صورة للدار، كما يريدها أن تكون بعد إتمامها.. ثم يعطى هذا الخيال مكتوبا على ورق للعمال حتى ينجزوه له..
وبالطبع فإنه ليس مطلوبا استخدام الخيال على طريقة الأطفال، أي مقطوعا عن الأسباب والمسببات، بل المطلوب استخدامه كتصور لما يجب أن يكون عليه العمل مع كل يحيط به من واقعية. فليس المطلوب تصور وضع خال من كل تعقيد، أو مشاكل أو عقبات.. بل تصوره مع كل ما يحيط به.. وتذكر دائما أن الحلم العملي هو بشير الحضارة.. فبقوة الخيال نستطيع أن نخلق في أذهاننا المصير الذي نتمناه، ونحدد الاتجاه والهدف لبدء العمل، وللاستمرار فيه ولإنهائه.
من الطبيعي بعد أن تكون صورة ذهنية متكاملة للعمل بعد إنجازه، أن تعود إليها بين فترة وأخرى لتصحيح بعض المقاطع فيها..
كما أن من الطبيعي أن تضيف إليها، وتكملها. المهم أن تتحكم في خيالك، وتوجهه توجيها صحيحا، بحيث يضع لك الصورة، ثم يعود ويكملها، ويصحح الأخطاء فيها، وبذلك تحصل على طاقة روحية للتصحيح لا تقدر بثمن.
إن الخيال وحده قادر على تنظيف ما يترسب في ذاكرة الإنسان من تخوفات