logo

قديم 10-04-2010, 10:03 AM
  المشاركه #1
مدينة الرس
رحمه الله
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 29,349
 



ناجي، وعدتك.. فهل خذلتك؟!



نجيب الزامل
«في ذكرى الفتى الصغير ناجي الأحمد الثالثة».

.. التباهي أمرٌ ممجوجٌ، ويعافه الناس ذوو الذائقةِ العادلة. ولكني أتباهى برسالةِ ناجي التي خصّني بها، كتبها وهو يعلم أنها رسالته الأخيرة في الدنيا، يعلم أنه سيموت، «وأظن أني لن أرى الفجرَ هذا اليومَ .. وعليك أن تعدني بفجر جديدٍ للمعاقين».

أتباهى لأنه أرسلها لي في لحظة الصدق الأخيرة، في أقرب مكاشفةٍ مع الحقيقةِ الخالدة، واختارني بقرارٍ لن يأتي بعده على الأرض منه قرار .. أتباهى لأنه أحسنَ الظنّ بي، أتباهى لأنه كان يقرأ لي: «وما كسبت صنعة الحرف إلا من تمليَّ في حروفك».. وحزنتُ كبرقٍ صعق بؤرة القلب، عندما وصلتُ لمقطع: «وقد شُخِّصتُ بمرض السرطان (الرحمة) المتأخر، ولن أستطيع بعد هذه الرسالة، إن أكملتها، كتابة أي شيء».

كانت لغة الرسالةِ من أرقى ما قرأت في جمالِ اللغة، وإتقان أدواتها، وفصاحة تعابيرها، ولفح العاطفة الذي يلسعُ القلبَ بالمباشرة الحارقة .. كان ناجي أديباً، شاعراً، رسّاماً، مفكراً، نحّاتاً تخرج في الثانوية، وسدَّتْ أمامه أبوابُ الجامعات والمعاهد. ثم كان بحثه عن العمل مأساة تُكتب بالإبر على مآقي البصر.. ألا يكفي أنه كتب: «وأن مديرَ إحدى الشركات دخلتُ عليه محرابه بعد طقوس المواعيد الجليلة، وإذا هو يتناولُ طعامَ الإفطار، فصرخ بوجهي كمن رأى شبَحاً: «اخرج، قطعتَ شهيتي عن الطعام (!!)» ..لأنه كان على كرسي متحرك!

فوضع ناجي قصيدة تدمي الصخرَ الأصمّ بعنوان «لستُ أنا المعاق».. وثارت في الإنترنت:

لا تبتئس قلبي.. ما ضروكَ إذ قالوا «مُعاقْ»

يوماً ستبهرُ كل هاتيك العقولْ

ستفيضُ كل قلوبهم بدم العَجَبْ

وسيُخبَرونَ عن اثنتين، «ناجي»، و«أمجادُ العربْ»

وبُعـَيْدَ أيامِ الجفاءْ

يوما سيدعوكَ الزمانُ إلى عناقْ

لا تكتئبْ قلبي..

عهداً سأدعو صامداً كل الخيولْ

«حيّ على السباقْ!»

كن واثقاً، سيفوزُ خيلـُكَ بالسباقْ

وسيُعجَبونَ لفعل جبارٍ عظيم..

وسيندمون لقولهم عنكَ: «المُعاقْ»!

يا إلهي.. يا إلهي لعلّ «ناجي» طيراً يغرّد في جنانك.

ماذا كان يريد ناجي؟ ما كانت وصية ناجي لي لأنقلها لأمتي؟

«أوصيك بمن تطلقون عليهم المعاقين .. فهم طبعاً معاقون، لا، ليس بما قدّرهُ اللهُ لهم، ولكن بما لم يقدِروا عليه، لأن الناسَ، المجتمعَ، النظامَ، حال دونهم ودون هذا الاقتدار. قبل أن أرحل الرحلة الأخيرة أودّ وأتضرع إلى الله أن أكون قد اخترتُ اليدَ الصحيحة لأضع بها أمنيتي الأولى والأخيرة: فهل تعطيني هذا الوعد؟».

فأعطيته.

بيني وبين ربي، أعطيته. وأنا أعرف أن المهمة ثقيلة، وأكتافي ضعيفة، ولكن «ناجي» لم يكن يحلم بكتفي، كان يريد أكتافَ الأمّة. أحاول ألا أتخلى أو أتحلل من وعدي لناجي، فعلتُ كل ما أستطيع، حتى في مجلس الشورى شاركني إخوتي من كل قلوبهم، وبعضهم لم يستطع أن يمسك دموعَه وأنا أخبرهم عن ناجي، وفي اليوم التالي جاءتني مذكرة من اللواء الركن الدكتور «محمد أبو ساق» صديقنا وزميلنا بالشورى، لأنه لم يستطع وقتها أن يكتب لثقل قلبه وذهنه بعواطف مختلطة أذهلته يوما كاملا. وفي الصباح كنت في برنامج «السعودية هذا الصباح» بالتلفزيون السعودي، وسألتني المقدمة الشابة المتأثرة «سميرة مدني»: «لمَ تجاهد في أن تمسك دموعك؟».. دموعي مفضوحة يا ناجي .. ولكن، لا تكفي الدموع.

مع أني في اللجنة الاجتماعية بالشورى، إلا أن توصيةً فازتْ قدمها للجنتنا العضو الدكتور «أسامة علي ماجد القباني» لزيادة مخصصات الجمعيات التطوعية، وفازتْ بذات اليوم الذي دار اسم «ناجي» فيها بالقاعة، وشعرتُ ببركاتِهِ وروحُه ترفرف بالمكان، وتلقّى الإنسان المليء بعبقرية الخير «أسامة القباني»، التهنئة من الجميع، وقام بإرسال رسالةٍ إليّ وردتْ من الأمير «سلطان بن سلمان» إلى رئيس مجلس الشورى، يهنّئ بفوز توصيةٍ تحمل كل هذا الخير.

لم ينتشر مقالٌ حرَكياً كما انتشر مقالُ ناجي، ودار في كل الأمّة العربية، ناشطاتٌ توقدهن مديرة مدرسة الفكر بجدة أقمن أسبوعا كاملا لناجي، ووصلت رسالتهن إلى ملك البلاد، وأقيمت المؤتمرات بالكويت والبحرين والجزائر ومصر ولبنان وملقا وباريس باسم ناجي .. وأرى أشياء تتحقق، وإن كانت أقلّ كثيرا مما نأمل ونريد، بعد ناجي .. وكأن قوة ناجي ابتعثت بأقوى حركةٍ، وهو الذي كان مقعداً حركيا .. يا لكرمك يارب.

إن هذه المقالة في ذكرى ناجي، لا، ليست له، فهو لم يعد يحتاج إليها، إنها لكامل الأمّة، ولكامل من يسميهم حبيبنا ذو القلب الكبير «حمد القاضي» ذوي القدراتِ الخاصة.. ما أجملك يا أبا بدر!

أنقل وعدي لناجي ليس من كتفي لأكتافكم جميعا، بل كي نتكاتف جميعا لنحقق أمنية «ناجي» لذوي القدرات الخاصة: «مجتمعٌ يعيش به أصحابُ الإعاقاتِ، لا يعيشون عليه، لا يعيشون على هامشِهِ، لا يعيشون تحت ترفـّعهِ، ولا يعيشون تحت قهره!».

 
 
قديم 10-04-2010, 11:44 AM
  المشاركه #2
كاتبة مميزة
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 11,985
 



جميلٌ ظهور فجر جديد لأصحاب القدرات الخاصة كما أسماهم الفاضل : حمد القاضي
وعسى أن تستمر جميع أيامهم بذات الفجر الجديد والمتجدد دوماً

شكراً لك أخي سالم..ولعودتك هنا واتحافنا وافادتنا وامتاعنا باختياراتك المتميزة






قديم 10-04-2010, 12:00 PM
  المشاركه #3
كاتب قدير
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 12,542
 



اخي الكريم .. ناجي ,, هو احد افراد المجتمع الذي ناله من القهر والظلم الكثيررر ,,
احزن بشدة عندما ارى الغرب ,, من ليس لهم دين ولا ملة ويتهمون بهذه الفئة
ويولوها كل رعاية واهتمام ؟!!!
عجبا ,, السنا امة الحبيب ,, ومن امرنا عليه السلام بان يعطف الكبير على الصغير ؟؟
والقوي على الضعيف ؟!!
اتمنى ان تصل هذه الرسالة لكل قلب ,, حتى ننظر لهذه الفئة بكل حب ورعاية واهتمام ..
شكرا اخي على هذ المقال ... دمت بكل خير ,,




قديم 10-04-2010, 12:24 PM
  المشاركه #4
قلم هوامير المميز
تاريخ التسجيل: Mar 2007
المشاركات: 33,482
 



لقد وصلت رسالة ناجي رحمه الله لكل البشر .. صادحة .. مدوية .. مفادها أن المعاق حقا هو من تعطل عقله عن التفكير .. وانحسرت قدراته عن الإبداع والتجديد

شكرا ناجي فقد أيقظت العقول النائمة في عسل الكرسي الوثير ..

وشكرا لصاحب الشركة "الشره" والذي لولا عنجهيته وتخمته ! لما سطر لنا ناجي رسالته الخالدة..

مات الجسد وبقيت روح ناجي مع كل حرف نقرأه في ثنايا رسالته..







الكلمات الدلالية (Tags)

ناجي،

,

وعدتك

,

خذلتك؟

,

فهل



أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



02:35 AM