خالفت لجنة الانضباط الكروية السعودية التوقعات التي راجت في الوسط الرياضي عن إيقاف وشيك للاعب النصرالأرجنتيني فيكتور فيقاروا على خلفية الكوع "اليتيم" الذي وجهه لـ
(الجزار الأزرق) اللاعب الهلالي رادوي، وعاقبه خليل جلال حكم مباراة النصر والهلال ببطاقة صفراء رغم استحقاقه البطاقة الحمراء، وهي المباراة الأكثر إثارة في الموسم الكروي السعودي والتي انتهت بخمسة أهداف مقابل ثلاثة للفريق الأزرق.
ويبدو أن لجنة الانضباط التي كثيرا ما تتخذ قراراتها الإيقافية من صيد كاميرات التلفزيون وضغط وسائل الاعلام - كل حسب ميوله - رأت أن النتيجة الكبيرة وغير المتوقعة والمؤلمة للنصراويين والتي حدثت للمرة الأولى في تاريخ الفريقين على مدى أكثر من أربعين عاما كافية، ولا تريد زيادة آلام النصراويين أكثر مما هي عليه، ولسان حالها يقول: (الخمسة تكفيهم) ولا ضرورة لإصدار عقوبات في حق اللاعب مادام الحكم قدّر أنه لا يستحق سوى البطاقة الصفراء.
لكن الذي لم يحدث في قرار اللجنة الأخير والذي تضمن إيقاف مدير الكرة الهلالي سامي الجابر لتطاوله على حكم المباراة، أربع مباريات، وتغريم النصر ماليا نتيجة تلقي لاعبيه ست بطاقات في المباراة، هو: نجاة الحارس الهلالي حسن من العقوبة بعد أن شاهد كل من في الملعب وخلف الشاشة هجومه على الحكم خليل جلال ودفعه بقوة حتي كاد يسقطه على الأرض.
ولو ذهبنا إلى القول إن مثل هذه العقوبات يمكن أن تبت فيها لجنة الانضباط، فإن الحادثة مرت دون عقاب، وخاصه أن أعمال بعض اللجان يشوبها التداخل في الاختصاصات والازدواجية في أعمال الاعضاء في أكثر من لجنة، في حين أن اللاعب الاتحادي محمد نور نال عقوبة الإيقاف مطلع النصف الثاني من دوري زين على خلفية عمل أقل عنفا مع مساعد الحكم في تلك المباراة التي جمعت الاتفاق والاتحاد.
وما فعله شبيه بما فعله الحارس الجزائري مع حكم مباراة مصر والجزائر في بطولة الأمم الإفريقية الأخيرة الذي هجم فيها على الحكم ودفعه في حالة مشابهة لما فعله ، وكلاهما في حالة انفعال وعُوقب الحكم في ذلك الوقت بإبعاده عن التحكيم في البطولة لعدم اتخاذه قرارا صارما بطرد الحارس، فهل يحدث ذلك لخليل جلال من لجنة الحكام السعودية للمحافظة على هيبة الحكم؟! وحتى لا يتجرأ لاعب آخر على غرار بالانقضاض على الحكم ودفعه بعنف.
وفي موضوع آخرحول لجان الكرة المثيرة للجدل ويتعلق هذه المره بلجنة المنشطات التي أصبحت حديث الوسط الاعلامي الرياضي والتي زين لها جهلها بالإجراءات التي يجب أن تمر بها العيّنات المأخوذة من اللاعبين وصولا إلى التدقيق النهائي للفحص في الوقوع في حماقة التسرع الكبرى، يبدو أن اللجنة انتشت بمباغتة الملاعب وأخذ العيّنات كإنجاز يُسجل لها وعابها قلة الصبر أو الجهل بالإجراءات أو الاثنين معا وأصدرت قراراتها في منتصف الطريق قبل التثبت النهائي لنوع العيّنة.
ويبدو أنها بهذه السرعة غير المدروسة توهمت أنها ستلقى ترحيبا وتسجل لنفسها مكانة في سرعة توجيه التهم بين لجان المنشطات في العالم، وأن كل شيء لديها تحت السيطرة وأنها المرشحة الاولى عالميا لإعطاء الدروس للغير في حُسن إدارتها ودقتها وسرعتها المتناهيه‼
وكانت أولى علامات الشكوك قد غزت الوسط الرياضي في سلامة إجراءاتها مع أول ضحايا اللجنة، خاصة باتهامها لإمام الوحداويين في الصلاة وحافظ كتاب الله الكريم اللاعب الخلوق علاء الكويكبي، وهو اللاعب الملتزم والذي يُفترض في هذه اللجنة أن تتوقف عند عيّنته بدقة متناهية على اعتبار أنه عُرف بالتزامه الديني وحُسن سلوكه خارج دائرة الشبهة.
لكن اللجنه المنتشية بصيد اللاعبين لم تفعل وأوقفته وشهّرت به قبل صدور قرارها من خلال التسريبات (غير المسئوله) للإعلام، بل بالغت في تعسفها ومنعته من الدفاع عن نفسه بحجة مزاجية لا مستند نظامياً فيها، بل إنها تلاعبت به حسب حديثه لقناة الإخبارية السعودية، وكأن اتهاما خطيرا على هذا النحو لا يهمها، وكأن الذي يهمها هو إصدار قرارات هوجاء ضاربة بعرض الحائط سمعة اللاعب وعائلته ومستقبله الكروي.
غير أن جهلها بالعمل الدقيق الذي يتطلب الأمانة أولا قبل الاحترافية أوقعها في شر تخبطاتها، فكان من ضمن ضحاياها اللاعب المصري الدولي المحترف في النصر، الذي يُوصف حاليا بالبطل المقدام حسام غالي الذي ناله من التشهير به ما نال غيره، لكنه اختلف عن الآخرين كونه محترفا دوليا يعرف حقوقه كاملة وقضية اتهامه تجاوز الاهتمام بها خارج الحدود، فالضحية هذه المرة ليس لاعبا محليا يجهل حقوقه أو (لم تقرأ عليه حقوقه ليتسنى له الدفاع عن نفسه).
فقد تحرك حسام صاحب الخبرة الدولية المتراكمة والمكتسبة من احترافه في أوروبا بما يشبه الانتفاضة، كما أن ناديه النصر والاتحاد المصري لكرة القدم وقفا معه في معاناته، ونجح حسام في مسعاه وتصدى للقرار (الأهوج) من اللجنة في التسرع في اتهامه قبل تحري الدقة وسلامة إجراءات الفحص وأثبت براءته بكل شجاعة بعد عمل دؤوب شمل الشرق الآسيوي والغرب الأوروبي حتى جاءت براءته من ألمانيا حيث المعامل المتقدمة بعد أكثر من شهرين من المعاناة وفقدان ناديه خدماته في مبارايات مهمة.
وربما تكون هذه البراءة التي جاءت بعد أيام سوداء عاشها اللاعب غالي وجماهيره العريضة في العالم العربي بمنزلة رصاصة في رأس لجنة المنشطات ومسمار في نعشها نتيجة تعسفها في التشهير باللاعبين دون جريمة مبينة ومثبتة إضافة إلى أنها درس لكل مَن يتهم ويثق ببراءته بالذهاب إلى أبعد مدى لإثبات سلامته من التهم.
ولعل قصة كفاح حسام غالي يستفيد منها الجميع ويُعاد النظر والفحص الدقيق لكل متضرر من قرارات اللجنة بعد أن تأكد للجميع توافر أركان الخلل في أحكامها.
واللافت ضمن مسلسل فقدان اللجنة توازنها المهني والمهاري والمعرفي ذلك البيان الطويل الذي أصدرته لجنة المنشطات بعد براءة غالي، والذي أخذ أياما من الإعداد له وسبقته بتنبيه مهم للرأي العام (إن هناك بيانا مهما سيصدر عن اللجنة) وترقب الجميع البيان المهم، وإذا به يصدر وبدا مملوءاً بالكلام المرقع والسرد التبريري الإنشائي المتشنج وتضمن عبارات التهديد والوعيد لكل مَن انتقدهم.
ومن الملاحظ أن البيان بصيغته التي صدر بها عكس غياب الحكمة والشجاعة في الاعتراف بقصور إجراءاتها وتسرعها في إعلان التهم وافتقد الاحترافية في التعامل مع (الزبائن) من أندية وإعلاميين، وحضور العنترية في عباراته، كما أظهر أيضا تواضع اللجنة حتي في الدفاع عن نفسها وكيفية إعداد التقارير الشفافة في مخاطبة الرأي العام وإقناعه بإجراءاتها.
يبقى القول: إن الثقة بسلامة إجراءات لجنة المنشطات من الأندية والجماهيرالسعودية باتت شبه معدومة ولا حل لهذه السقطة الكبرى للجنة إلا بحلها وتشكيل لجنة من أهل الحل والعقد والعلم والفن الاحترافي الذين يحسنون التعامل مع الأمانة التي أوكلت إليهم.
مع ملاحظة أن الحل لا يجنبها الملاحقة القانونية من المتضررين، كما يمكن أن تكون في محل المساءلة خارج الحدود من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا) ومن غيرها.
28-04-2010, 01:32 PM
