الفصل الرابع
في تلك الظروف الملتاعة وبينما ننتظر داخل السيارة وأريج العاصفة ينوح جأت سيارة الشرطة مسرعة توقفت على الفور بجانبنا .. وبشكل مفاجيء كانت من نوع جيب باترول .. نزل منها رجلاً عريض المنكبين طويل القامة وشواربه تبدو مناسبة لهيئته وشخصيته !!
أخذنا ندفع ابواب السيارة لاخباره بحقيقة وقوفنا .. وهو يقول لماذا تقفون هنا !
طلبنا على الفور المساعدة وبأن السيارة تعاني من عطل قد ضرب المحرك !
قمنا بفتح غطاء السيارة الكبوت .. وأخذ الشرطي ، يبحلق في أرجاء المكينة ... قال لنا لايوجد شيء واضح !!!
شغل السيارة !
قمنا بتشغيل السيارة له وكانت محاولة ناجحة !!
ليرد بقوله اين المشكلة وهو لايعلم أن العطل لايظهر إلا إذا تحركت على الطريق ..
بدأ يشك ذلك الرجل بنا وطلب منا أثبات الهوية وقام بتفتيش السيارة غير مبالي بالحرقه التي تعصف بنا لحضتها !!
كل شيء أصبح يتدهور تسللت من خلاله مجمل أفكارنا نحو ذلك الطريق المجهول !!
لم يجد شيء رجل الشرطة !!
أوضحنا له كل شيء وأن لايتركنا في هذا الظرف الصعب !!
تحرك أمامنا وبدأنا نتبعه ببطئ شديد دون توقف ..
ونحن نسير ونقطع عشرة من الكيلوات أنطلق الشرطي وتركنا نصارع موج العاصفة على الطريق .. والتي بدأت ملامحها تنحسر شيئاً فشيئاً والغيم يظهر في الأفق !!
وصلنا لمحظة وقود ونحن نستبشر بوجود تلك المحطة ..
عندما توقفنا لم يأتي لنا أحد وكان ذلك مثار للدهشة !! ..
اصطدمت نظرتي مع نظرة صديقي على منظر .. كان شنيعاً ونادر حدوثه وهو أن ثلاثة كلاب سود يحومون حول السيارة !!
كانت المحطة مهجورة بعهد قريب !!
لذنا بالهرب .. وأخذت الكلاب تنبح بصوت مزعج حتى أبتعدنا عن المحطة !!
تباً لذلك الطريق وتلك الرحلة !
ربما ألتصقت مشاعرنا بخيبة لا أستطيع التعبير لكم عنها ! ونحن نعد الكيلوات نحو المدينة المنقذه .. وهي تبعد عنا 20 كيلو متر فقط ..
كان الأزفلت الأسود ..يتحسن والغيم يظهر ورائحة المطر تنبعث ..
والسيارة تتقهقر وكأنها خيل عاصية لم تروض بعد ..
كانت نظرة نايف مسحوقه بالتعب الذي غمر عاطفته وهو ممسك بغمرة المقود ..
أما أنا فقد كانت أحزاني مختبئة خلف جدران الحرمان الذي يجهله القاريء !!
وأنا أنقل لكم صورة قد رحلت مع الموت الذي غيب أجمل الاصدقاء !!
ترى كيف كتبت لكم تلك القصة التي ما كانت إلا أن أختبئت في أركان الذكريات بعد أن تصورت في ذاكرتي المتعبة .. أنها ستفشل لامحالة ..
ويحي .. كيف كتبتها لكم .. بعد تلك السنين والجفون تتسع لعظيم الدمع !!
ونحن نستمر معكم بالسرد .. بدأ الرذاذ يهبط على زجاج السيارة ونحن نقترب للمدينة المنقذه "
وصلنا والحمد لله يانايف وصلنا ..
كان كل شيء موجود في تلك المدينة !
المحلات الكبيرة الورش المتناثرة .. الشقق المفروشة .. المطاعم .. البقالات ..
وبينما الماره يعبرون قبل وقت المغرب ..
توقفنا عند ورشة إصلاح كبيرة وأخبرناه بمعاناتنا وقام بفك القطعة اللعينة في غضون ساعة وهي متحلله بقطع صغيرة متناثرة تغرق بالبنزين في طاسة مفلطحة الشكل ..
أخبرنا المكانيكي البارع أن سبب التقطيع وجود رمل كثير في تلك القطعة وسببه تعبئة الوقود !!
لتطير إشارة سابقة .. قد لمحتها من أول محطة عبرنا بها على الطريق وسبب ذلك قاع خزان المحطة الذي جلب الرمل الأسود !!
حسبنا الله ونعم الوكيل "
.. كلمة قمت بترديدها أنا وصديقي بعد أن عرفنا السبب !
طبق المهندس كل القطع الصغيرة لتصبح السيارة بحالة ممتازة للغاية !
في تلك المدينة الرائعة سرقنا راحة الليل ونسائم مطر عليلة وعشاء جميل ونهاية سعيدة جعلتنا نغوص ونكمل الرحلة وننطلق من جديد ..
النهاية
لابد للأقدار والمصاعب .. أن تحيط بالانسان ولن يفلت منها مهما كان .. ومهما بعدت به الدنيا الراحله ..
شكر خاص للقاريء العزيز وللدعم الأشرافي والفني ..
محبكم الماسي
اللهم وحد كلمة المسلمين