بســــــــــم الله الرحمن الرحيـــــــــــم رسالة أضعها بين يديك،كتبتها بمداد الأخوة التي تجمعنا،وسطرتها على نقاء محبة تاّلفت عليها قلوبنا،يحف حروفها تناصح ويشد الأيادي المؤمنة بعيداً عن مجاملات لا تعرف إلى أغوار النفس سبيلاً فإليكـ ........ وأنت تنتظر في أيام عمرك،فإذا هي سنين قد امتدت حبالها تقلبت فيها بنعم مولاك وقضيت فيها ماشاء من مطالب دنياك وأخراك. السؤال :كيف أنت مع الفرائض ربك وما يقربك إليه زلفى ؟ أسارعت فيها، وسابقت الخطى إليها ؟ هذا هو الظن فيك . ولكن ... ما بالٍ فريضة عظم الله قدرها وأعلى شأنها وجعلها ركناً لدين ارتضاه لعباده وهي فريضة وجدت منك تكاسلاً،وتسويفاً مرةً بعد مره،وعاماً بعد عام وأنت ترى أمورها قد يُسَّرت بين يديك وماء الشباب يملأ محيَاك ومالك وأفر والمركب خفف وطأة العناء.....فلأي شي تبقى حبيس قيود التسويف وطريح فراش التكاسل؟! أم هي اليدان تعض ندماً يوم توقن أن لا تقديم ساعة ولا تؤخر. أخي الحبيب الكريم الفاضل ..........
كيف بك وأنت ترى وتسمع بأفواج الحجيج تأتي ملبية النداء من كل سهل ووعر،وكل بر وبحر ومن كل فج عميق، وأنت تردد معهم صيحاتهم" لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك
".... وفيهم الكبير الذي لم يقعده كبره والعاجز الذي تناسى عجزه والجموع الجمعاء الذين تحملوا من المشقات الطريق أثقالها من رجال ونساء.
ومن حبسهم العذر أسرى بدموع الحب والاشتياق لم يكن لهم ذات يد في القدوم فأرسلوا أعظم معاني الشوق مع إخوانهم. أخي الحبيب الغالي .......... كم ستأخذ منك أيام هذه الفريضة حتى تغط في سُبَات وتسويفك؟ وإنها إن تك سنين طوالاً لكان حقاً أن تجيب . كيف والأمر أيام لا يتجاوز عددها أصابع يديك في حين تظل في مطالب دنيا تكدح الشهور والسنين بلا ملل ولا تسويف !! هل ....متاع الدنيا وأضعافه يوازي عند قلب مؤمن ـــ حجاً مبروراً ليس لصاحبه جزاء إلا الجنة ؟ هل.... يوازي صفاء يطهر صاحبه من دنس ذنوبه فيعود منها كيوم ولدته أمه؟ هل.... يوازي أو يقارب أن يكون العبد في موقف يباهي به الله جل جلاله ملائكته..؟! فأعظم بتلك الهمم ! وحدث بها النفس وأنت تراها تتقلب بسعة مأواها وجمال مركبها وما أسبغ عليها من نعم علها تطرح التسويف وتعلو بهمة صادقة إلى تلك البقع الطاهرة . فيا حسرة على نفس أعرضت عن تلك الفضائل صفحاً،وقلبت لها ظهراً ..... أخي الحبيب ..... أخي في الله...... إن كؤوس التسويف لن تسقيك سوى ندامة وتتجرع مرارتها،وطرقها لن تهديك إلا إلى مزلات أقدام ترمي في مهاوٍ بعيد قعرها، وتغرق في لجج مظلمة . فادفع ذلك ببشاشة إيمان يملأ الفؤاد وبأن تعقد النية الصادقة والإرادة الجازمة تلبية لنداء الحج من عامك هذا. قد قال نبينا صلى الله عليه وسلم ((تعـجـلوا إلى الحـج فإن أحدكم لآ يدري ما يعرض له ))رواه أحمد وأعلم يا أخي الحبيب........ ان إسلامك الذي تحمل بين جنبيك يأبى مثل هذا التسويف. فقد روُي عن عمر أبن الخطاب رضي الله عنه ــ قال ((لقد هممت أن أبعث رجـالاً إلى هذه الأمصـار فينظروا كل من له جـدة "أي سعة من المـال" ولم يحج ليضـربـوا عليهم الجـزيـة،ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين )) وعن علي – رضي الله عنه – قال((من قدر على الحـج فتركـه ، فـلا عليه أن يمـوت يهـودياً أو نصرانياً)) فهذه رسالتي بين يدك .. أحببت فيها لك ماحببته لنفسي . أسأل الله أن يجعلنا جميعاً من المسارعين في الخيرات السابقين إلى أعلى الدرجات ، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اّله وصحبه وسلم