أقلب في عينيك دفاتري
وألمح في صفحات بريق الدمع
صور لآهاتي التي أقضت مضجعي
لقد حفضت فصول عشق
ومحوت فصولا
ورميتني دوما خلف جدار الجحود
وانكرت أني كنت يوما لك بسمة
وأبقيت في عينيك برقا ودمعا
فهلا حكيت الفصول التي قد محوت
وهلا صدقت وأنصفتني
مرصوفة طرقات الحي
مزروعة حواشيها
مكحلة العينين أرصفتي
منموصة حواجبها
على الخدين ماء عسجدي
يسقي مغزلة الجيد
تحتار وصف حديثها
وتعجب كيف أنها بقيت وحيده
لا تشتكي غير العنوسة
يحرقنا لهيب صفحتها
حين نسير حفايا
على قارعة الطريق المعتق
تتبسم هي حين ترانا
تظن أنا نرقص من طرب
فتزيد اقترابا
ونزداد احتراقا
بلا ورق
والحبر قد جف
ورأسي صار كالملهى
بنات الهوى كثر
لايسمعن لي سرا ولا جهرا
أقلب الطرف فيهن
أرى حسنا أرى ظرفا
رؤوس توارى فيها العقل واختمر
وأجساد منعمة غدت بلا حرس
وصوت فر منه الجان قد صدح
يؤز بسحره كل من حضر
وضاعت هنا كل الحروف
سراب غدت كل المعاني
وكل معرفة تجردت
وغدا الابتدا يسوغ
دون مسوغ عرف
هدمت منابر كنت أعرفها
وأطفأت أنوار كنت أتبعها
ضقت من قسوة حالي
وارتجلت قصائدي
صعدت مسرحا يهذي
وصحت أين العقل
أين الحرف والمعنى
كل العيون تسمرت نحوي
وما عاد يسمع في المكان
غير تلاحق الأنفاس
ألقيت سحري في مسامعهم
ثم انصرفت وفي يدي ورق
وفي اليد الأخرى حبر ومحبرة
وفي العقل أفكار منقحة
تطايرت أحلى معانيها
فقد صفد القلم
وفي زنزانة ألبس لونه الأحمر
كي يعدم
سقيتك من ماء العيون زلالا
وأسكنتك سويداء قلب ماعنك مال
فارتويت وصرت إيقونة الورود
وصار بستانك للعاشقين مزارا
فهبيني لحظة من وفاء
وانظري ... كيف غدا فؤادي ؟!!
و كيف الشوك قد أدماني ؟!!
إكليل من السكون يحملني
فوق بساط الليل
في ضوء نجمة كسلى
تلتحف حجاب المطر
ترتشف من حبيبات البرد
الساكن في جوف سحابة ثكلى
تطل نحوي نجمتي تغازلني
تلمع في عيني من جديد
مبللة ساحرتي بعطر الماء
حين تنشق غيمة عن أختها
وتهدأ الريح من حولي هنيهة
ويسكن خوف أغصان الشجر
فيعود للعش هدوءه
يشتاق لبسمة الصبح في ثغرها
وفي لحظة شك ثائرة
تشتكي صمت انتظار يرتجف
يتلاشى كل شئ
ويغيب خلف خيوط الصبح
حلم ليلتي الماطرة
لست أدري عن صاحب الخبر
أمشفق مما حل بي أم هو شامت
قال : باعتك بأبخس الأثمان
فبعها وأفق من سكرة الحب
واغسل فؤادك من آثار جراحها
فما كانت غير مخادعة
معسولة الفمي
نسجت حول قلبك الخالي
شراكها
فوقعت مكبلا هيمان
واستمرت تنفث سمها .. فتجرعته
وغدوت لعبة تعبث كيف شاءت بها
قاطعته .. وأقسمت عليه أن يفارقني
واستلقيت في بحر من الألم
تنزف أوردتي دما
ويذوب قلبي .. من شدة الكمد
لم أعد أرى شيئا .. ولا أسمع
غير أزيز ينشر أضلعي
ولهيب يحيطني .. أصلى به
و ذاكرياتي .. تنثر جمرها
أينما وليت يكويني
فمن ذا يكذب الخبر الذي صار يشقيني
ويطفئ نارا باتت في شراييني
صام عن الكلام لساني
ولم أعد أشتاق ساعة الشروق
فقد حل بعشقي غروب
بوم غاب الصفاء
وأظهر الغيم قلبا لعوب
لكن شيئا بقي
يجعل عيناي مفطرتان
وقلبي يخفق
وجروحي برغم النزف .. تبتسم